فضاء حر

النقابات والجمعيات المهنية بين مهامها المهنية والحقوقية والتوظيف السياسي

يمنات

د. عمر العودي

النقابات والجمعيات المهنية تلعب دورًا محوريًا في حماية حقوق العاملين في مختلف القطاعات المهنية التي تعتبر الدينمو المحرك لعجلة التنمية من خلال المشاركة في الانتاج المادي والخدمي، حيث تعمل في الحانب الحقوقي على تحديد مستويات الحد الادنى للمرتبات والأجور بما يتناسب مع الجهود المبذولة في المهنة وطبيعة العمل ودرحة المخاطر الصحية او غيرها، وسواء كانت ذهنية أو بدنية، وكذلك مع مراعاة مخاطر العمل التي قد يتعرض لها المنتسبون لهذه القطاعات.

هذه المؤسسات ليست مجرد أدوات لتحسين الأوضاع المادية للعاملين، بل هي أيضًا جهات رقابية تسعى إلى ضمان جودة الأداء المهني وتطوير المهارات والخبرات لدى أعضائها. وذلك من خلال ممارسة مهامها الرقابية المهنية، تساهم النقابات والجمعيات المهنية في تحويل القطاع المهني من قطاع انتاجي للخدمات والمنتجات الى تنمية الإبداع المهني وزيادة إنتاجية القطاعات التي تمثلها.

هذا الإبداع والإنتاجية ينعكسان بشكل مباشر على جودة الخدمات المقدمة، سواء كانت إنتاجية أو خدمية، مما يعود بالنفع على المجتمع ككل.

وبالإضافة إلى ذلك، تلعب هذه المؤسسات دورًا وقائيًا من خلال حماية المجتمع من المخاطر التي قد تنتج عن ممارسة المهنة من قبل أشخاص غير مؤهلين أو يفتقرون إلى الخبرات الكافية.

تتمتع النقابات والجمعيات المهنية بسلطة منح وإلغاء تراخيص مزاولة المهنة كحق مهني مشروع لها دون سواها الذي صادرته السلطات الحاكمة في اليمن، وعوضا عن ذلك البستها دورا سياسيا يخدم السلطة ويبعدها عن دورها الحقيقي المناط بها قانونيا وعلميا، وتجلى ذلك في انقسام القيادات النقابية وسيطرة الحزبية على قيادة النقابات، وافشلت جميع الجهود التي كان يمكن ان تلعبه النقابات في حماية منتسبيها، اذ ان هذه القيادات المسيسة أصبحت هي حجر العثرة امام مطالب وحقوق منتسبي النقابات.

ونطالب من منتسبي القطاع المهني النضال من اجل تاسيس نقابات وجمعيات مهنية حقيقية لا تعطي ولاءها الا للمهنة، ولا تخضع للتوظيف السياسي وتعمل كجهة مهنية مستقلة في النشاط والقرار، حيث انه تم الغاء دورها دون وجه حق وافقدها دورها القانوني والعلمي، الذي كان يسمح لها بأن تضمن أن الممارسين للمهنة لديهم المؤهلات والخبرات اللازمة.

كما تقوم هذه المؤسسات بإعادة تقييم القدرات المهنية بشكل دوري من خلال امتحانات صارمة عند تجديد تراخيص مزاولة المهنة لتبين الاهلية المهنية من عدمها في كل وقت من حياة صاحب المهنة، مما يضمن استمرار تحسين مستوى الممارسين وعدم الاعتماد فقط على الشهادات الأكاديمية.

لذلك من المهم ان يعمل منتسبي القطاع المهني على ان تستعيد النقابات والجمعيات المهنية وتفرض رؤيتها المهنية على جميع النخب السياسية والاجتماعية وتستعيد دورها وتنتزع قوانين تنظم عملها وتمنع مصادرة دورها وتحويلها الى احدى الاوراق السياسية التي تلعب دورا عكسيا ضد حقوق القطاع المهني، و دون أن تتحول إلى أدوات سياسية يتم التلاعب بها من قبل أصحاب النفوذ.

يجب أن تظل هذه المؤسسات مستقلة وقادرة على أداء مهامها بحيادية وتنتزع حقوق منتسبي القطاع المهني التي تقرها جميع قوانين ودساتير اللعالم من مرتبات ومستحقات وظيفية وفقا لقانون الوظيفة العامة، وللجميع دون تمييز او عنصرية، مع التركيز على تحسين أوضاع العاملين وضمان جودة الخدمات المقدمة للمجتمع.

بهذه الطريقة، يمكن للنقابات والجمعيات المهنية أن تستعيد ثقة المجتمع فيها و ان تكون قوة دافعة للتقدم والتنمية في المجتمع، مع الحفاظ على حقوق ومصالح العاملين في مختلف القطاعات.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى