أرشيف

الأكثر دكتاتورية

يتعلق العنوان أعلاه بنظام الاقتراع المعمول به في اليمن. وهناك ثلاث قواعد قرار يعمل بها لاتخاذ قرارات جماعية وهي قاعدة الإجماع، وقاعدة الأغلبية البسيطة وقاعدة الدكتاتورية. ويوافق هذه القواعد ثلاثة أنظمة اقتراع هي الأوسع استخداماً. حيث يوافق نظام التمثيل التناسبي (أو القائمة النسبية) قاعدة الإجماع ويوافق نظام الأغلبية المطلقة ذو الدورتين قاعدة الأغلبية البسيطة ويوافق نظام الأغلبية النسبية قاعدة الدكتاتورية، خاصة في حالة اليمن أين تنعدم شروط موضوعية هي التي تحد من دكتاتوريته في التجارب الأخرى كما ستأتي الإشارة. فيما يلي وصف موجز لهذه الأنظمة* ثم مقارنة لكلفتها كقواعد قرار.

> نظام الأغلبية النسبية المعمول به في اليمن

يعرف كنظام اسمي أحادي ذي دورة واحدة. حيث أن كل مقعد في البرلمان يمثل دائرة انتخابية واحدة يتنافس فيها أشخاص ويجري الاقتراع في دورة واحدة ليفوز بالمقعد المرشح الحاصل علي اكبر نسبة أصوات بالمقارنة مع بقية المرشحين حتى وان كانت تلك النسبة أقل من نصف الأصوات الصحيحة (أغلبية نسبية وليس مطلقة). ويؤخذ على النظام شقلبة التأييد السياسي بإعطاء الأحزاب نسبة مقاعد تختلف عن نسبة الأصوات التي منحها إياها الناخبون. الجدول (1) يقترح مثالًا توضيحيا نفترض فيه أن لدينا 5 مرشحين يتنافسون في دائرة انتخابية على أصوات 9000 مقترع. وبنسبة مشاركة 65٪ من المسجلين سيكون عدد الأصوات المدلى بها فعلاً 5850 وبافتراض أن هناك 50 بطاقة ملغية فان الأصوات الصحيحة هي 5800 صوت.  

Sample Image
ونلاحظ من الجدول، العمود 3، أن المرشح الفائز حصل على 38،79٪ فقط من الأصوات وهي أقلية وسيذهب إلى البرلمان  ليمثلها بينما سقط نهائياً بقية المرشحين ومعهم أغلبية 61،21٪ من المقترعين لن يكونوا ممثلين في البرلمان. وهذا أول بعد لدكتاتورية هذا النظام ويفسر حصول الأحزاب الكبيرة علي نسبة مقاعد اكبر من نسبة الأصوات التي يمنحهم إياها الناخبون، والعكس يحدث مع الأحزاب المتوسطة والصغيرة.

> نظام الأغلبية المطلقة 

وهو من نفس نوع النظام السابق إلا انه يشترط للفوز الحصول على أغلبية (نصف+1) على الأقل من عدد الأصوات الصحيحة. ولذلك يشترط دورتي اقتراع. فإذا تعذر حصول أي من المرشحين علي تلك الأغلبية في الدورة الأولى أعيد الاقتراع في دورة ثانية يتنافس فيها المرشحان الأكثر أصواتا في نتائج الدورة الأولى أي (أ و ب) في الجدول. ويدعوا المرشحون المقصيون ناخبيهم للتصويت لصالح (أ  أو ب) حسب تقارب التوجهات السياسية. ويفوز بالمقعد المرشح الذي حصد أكثرية الأصوات بينما يخسر الآخر. وهكذا على الأقل سيكون أكثر من نصف ناخبي الدائرة ممثلين في البرلمان الأمر الذي يعني تخطي عتبة الدكتاتورية.

> نظام اقتراع الأغلبية ذو التمثيل التناسبي (القائمة النسبية)

وهو نظام جماعي تتنافس فيه قوائم حزبية إما مغلقة (يختار المقترعون القائمة فقط) أو تفضيلية (يختارون القائمة مع التصويت للأسماء التي فيها مما يعطي ترتيباً لشعبية المرشحين يساعد في توزيع المقاعد عليهم)، وهو النظام الأوسع انتشاراً، وميزته هي التمثيل التناسبي أي أن عدد المقاعد التي تحصل عليها قائمة تتناسب وعدد الأصوات التي منحها إياها الناخبون. كما انه منصف للأحزاب الصغيرة لأنه يسمح بتجميع أصواتها المتناثرة في مختلف أرجاء البلاد لتحولها إلي مقاعد. وان كان يقصي القوائم التي تحصل علي عدد أصوات اقل من حد ادني معين: 3٪ في تجربة المملكة المغربية مثلاً و 5٪ في تجارب أخرى. كما أن التنافس بقوائم يستبعد الأشخاص الذين يتقدمون كمستقلين.

وهناك عدة طرق لتوزيع المقاعد بين القوائم الفائزة، منها قاعدة القاسم الانتخابي وأكبر بقية المتبعة في مثالنا التطبيقي بواسطة الجدول 2. والقاسم الانتخابي هو عدد الأصوات الصحيحة التي يساويها المقعد الواحد في البرلمان، ونحصل عليه بقسمة إجمالي عدد الأصوات الصحيحة المدلى بها في كل البلاد على عدد مقاعد البرلمان الـ301. ثم يؤخذ به لحساب المقاعد التي تمثلها عدد أصوات كل قائمة. ويتم ذلك في مرحلتين. في الأولى نقسم إجمالي عدد الأصوات التي حصلت عليها القائمة (عمود 2 من الجدول 2) علي القاسم الانتخابي (عمود 3) ويعطينا هذا عدد المقاعد مع كسور (عمود 4). لكن لان المقعد لا يتجزأ فإننا نأخذ فقط العدد الصحيح للمقاعد (عمود 5)، مما يترك بقية غير موزعة من الأصوات والمقاعد (الفرق بين العدد الصحيح للمقاعد المحسوبة في المرحلة الأولى «أي إجمالي العمود 5» وعدد مقاعد البرلمان :301 – 297 = 4 مقاعد). هنا تأتي المرحلة الثانية ونحسب فيها البقايا (عمود 6) بضرب القاسم الانتخابي في العدد الصحيح للمقاعد وطرح الناتج من إجمالي عدد أصوات القائمة في العمود 2. ثم نرتب البقايا تنازلياً لنستنفذ الـ4 مقاعد غير الموزعة  بإضافتها إلى القوائم التي لها اكبر البقايا بواقع مقعد لكل منها. وقد ذهبت هنا لكل من الاشتراكي ثم المؤتمر ثم المستقلون ثم  الإصلاح.  ويقدم العمود 8 العدد النهائي للمقاعد التي حصلت عليها كل قائمة.

Sample Image

ويقرأ الجدول 2 بسهولة، فقد شرحناه جزئياً عند شرح طريقة احتساب المقاعد. كما ان اعمدته مرقمة وتتضمن عناوينها تعاريف لمحتويات الخانات الدنيا او لكيفية حسابها. فعندما نرى في العمود الرابع (=2/3)

ويقرأ الجدول 2 بسهولة، فقد شرحناه جزئياً عند شرح طريقة احتساب المقاعد. كما أن أعمدته مرقمة وتتضمن عناوينها تعاريف لمحتويات الخانات الدنيا أو لكيفية حسابها. فعندما نرى في العمود الرابع (=2/3)، فان ذلك يعني أن الأرقام في العمود هي حاصل قسمة أرقام العمود 2 علي أرقام العمود 3، ماعدا أرقام العمود 2 فهي معطاة من نتائج فرز الأصوات في انتخابات 93.

وقد أخذنا كتلة المستقلين كقائمة للتمكن من بناء الجدول (بينما المستقلين مستبعدين في النظام) وفي حالة اعتماد النظام سيتقدمون كقائمة أو سينضمون إلى قوائم أخرى. كما استبعدنا من الحساب  بقية الأحزاب الصغيرة التي حصل كل منها علي اقل من 2٪ من إجمالي الأصوات في البلاد.

العمود الأخير يقدم معلومة مهمة وهي الفرق بين عدد المقاعد التي حصلت عليها القوائم بتطبيق نظام القائمة النسبية على انتخابات 93 والعدد الذي حصلت عليه فعلا بواسطة النظام المتبع حالياً. ونترك للقراء استنتاج أي النظامين أفضل.

والواضح هو عدم التناسب بين عدد المقاعد وعدد الأصوات التي حصل عليها المؤتمر بالذات بواسطة النظام القائم. حيث حصل علي 32 مقعدا زيادة عما يعطيه فعلا مجموع أصوات ناخبيه. تلاه حزب الإصلاح في الحصول علي 9 مقاعد زيادة. وقد أتت هذه الزيادات علي حساب الأحزاب الصغيرة والمستقلين. وخسارة المستقلين بالذات ترجع لأنهم تقدموا فرادي وكل واحد منهم مثل حجما صغيرا معرضا للخسارة بسبب، من بين أشياء أخرى، الافتقار لميزات التنسيق.

> المفاضلة بين أنظمة الاقتراع وفقا لكلفتها كقواعد قرار.

يتم الأخذ هنا بمفهوم الكلفة الاقتصادي لتقييم قواعد القرار أو أنظمة الاقتراع المذكورة ومن ثم الإجابة على السؤال: أي نظام نختار؟

زيادة علي العمود الأخير في الجدول 2 فان الشكل 1 يساعدنا في الاختيار. وأستسمج القراء عذرا إقحام هذا الشكل المعقد والاصطلاحات الرياضية لكن حاجة إبراز المعلومات اقتضت ذلك. 

في الشكل** لدينا إحداثي سينات يمثل عدد المقترعين الذي يذهب من واحد إلى كامل العدد (ن). ولدينا إحداثيي صادات: ص1 على يسار القارئ ويمثل سلماً لكلفة الدكتاتورية و ص2 على يمين القارئ ويمثل كلفة البحث عن إجماع أو توافق.  ثم لدينا منحنيي تكلفة : م1 ويمثل دالة تكلفة الدكتاتورية بالنسبة لعدد المقترعين، وم2 ويمثل  دالة تكلفة التوافق.

Sample Image
  

ونقرأ الشكل بالطريقة المعتادة في الرياضيات. فعندما نقف في نقطة قريبة من 1 (النقطة ن1 مثلا)  فان عدد المقررين سيكون صغيرا (وربما شخص واحد – أي دكتاتور) وبالتالي فان التكلفة المهيمنة هنا هي تكلفة الدكتاتورية. وإذا انطلقنا من (النقطة  ن1) نحو الأعلى فإننا سنقابل منحنى كلفة الدكتاتورية في نقطة عالية جدا (النقطة 2). بينما سنقابل منحنى كلفة البحث عن توافق في نقطة منخفضة (النقطة 3). وبموجب نظام الاقتراع المعمول به في اليمن سنجد حالات فوز كثيرة تتم بأقل من 50٪ من الأصوات الصحيحة. أي أن القرار يتخذ بعدد يقع حوالي النقطة ن2 التي تقابلها كلفة دكتاتورية عالية أيضا (النقطة 4) على منحنى كلفة الدكتاتورية. وتعرف كلفة الدكتاتورية هنا كضرر يلحق بالمجتمع وقد يتمثل بمصادرة الممتلكات أو الحريات أو الأمن،،الخ.

وحيثيات الضرر هي أن الدكتاتورية أهدى إلي فرض الخطأ منه إلى إقرار الصواب. وبكلمات أخرى، الدكتاتور أكثر عرضة للخطأ من أي مقرر آخر لان المورد النادر في عملية اتخاذ القرارات هو التركيز أو العناية (Attention) وليس حتى المعلومات بدرجة أساسية. فالواحد منا يقفل أزرار قميصه كل يوم دون خطأ لأنه يعرف موقع الأزرار وكيفية قفلها، فليس لديه مشكلة معلومات. لكن لو طلب منه قفل الأزرار بشكل أسرع فسوف يرتكب خطأ ما، والسبب هو أن السرعة عنت خفض وقت العملية وبالنتيجة خفض التركيز اللازم لان التركيز دالة طردية في الزمن. وسيحدث نفس الخطأ لو زاد عدد الأزرار مع بقاء وقت العملية  ثابتاً.

والمكافئ لزيادة عدد الأزرار مع بقاء الوقت ثابتاً في حالة اتخاذ القرارات هو زيادة حصة الفرد من القرارات مقارنة مع حصته من الوقت. ويحدث ذلك في حالة الدكتاتور لأنه يحول اختصاصات الآخرين إلى طاولته دون إمكانية لتحويل تركيزهم إلي دماغه. فيسير نحو الخطأ المؤكد مع أعراض أخرى في سلوكه مثل الفضاضة والعدوانية. كذلك الخيارات التي تبقى أمام الدكتاتور للتعامل مع عبء القرارات كلها سيئة. منها أن يقيد إيقاع المجتمع كي يتناسب تدفق القرارات مع طاقته الفردية. من وجوه عديدة كان ذلكم الخيار السائد لدى الإمام يحيى. ومنها آن يلجأ إلى الهروب من القرارات. وأيام مجلس الرئاسة أثار علي سالم البيض مسألة تهرب الرئيس صالح من الاجتماعات بينما العلة الأولى للاجتماعات هي اتخاذ القرارات. و«التقفاز» ظاهرة  أخرى ملحوظة عند الرئيس ومن أمثلتها إطلاق اللجان والمبادرات الميتة، والسفريات المفاجئة إلى المحافظات أو إلى الخارج بالتزامن مع طفور الأزمات، أي في لحظات تتطلب اتخاذ قرارات. ونتيجة كل ذلك هي ترك المشاكل  تستفحل والجموح بالمجتمع إلى المخاطر. والتوصية الوحيدة  هنا هي أن تجنبوا الدكتاتورية مهما شق الأمر.

الوسيلة لتجنب الدكتاتورية حسب الشكل هي زيادة عدد المشاركين في القرار. إذ كلما زاد عدد المشاركين (كلما اقتربنا من النقطة (ن) في الشكل) كلما هبط منحنى كلفة الدكتاتورية ليذهب إلى الصفر. لكن إلى أي مدى يمكن ذلك؟ إذ نلاحظ انه كلما اتجهنا يمينا نحو النقطة (ن)  كلما تصاعد منحني كلفة أخرى هي كلفة البحث عن توافق. وهذه بدورها تعرف ككلفة تعاملات: تواصل  وتنسيق وتفاوض وتنظيم (أو كلفة مراضاة وتنازلات في التعبير الشعبي). وقد تنتج عن عدم استقرار القرار والاضطرار لمراجعته. مثال ذلك أن  تسقط حكومة تحالف بانسحاب احد المتحالفين لأنه لم يعد راضيا عن القرارات مما يضطر للدعوة إلى انتخابات جديدة.

الحل إذا هو البحث عن توازن. ويتحقق التوازن حسب الشكل عندما يتقاطع منحنى كلفة الدكتاتورية مع منحنى كلفة البحث عن توافق في النقطة (ت). فهذه النقطة تمثل أدنى حد لتكلفة الدكتاتورية يمكن الحفاظ عليه دون رفع تكلفة البحث عن توافق أو العكس. ومن باب التوصيات من الحري بالمجتمع اختيار نمط اقتراع  يحافظ على مستوى التكاليف حول نقطة التوازن هذه. ومن حسن الحظ انه لو انطلقنا من نفس هذه النقطة وأسقطنا خطاً عمودياً عل محور السينات الذي يمثل عدد المقترعين فإنه سيتقاطع معه في نقطة قريبة جداً من العدد الذي يمثل الأغلبية البسيطة، أي ((نصف ن)+1). وعليه فان التوصية المنطقية هي أن يتم الأخذ بنظام الاقتراع ذي الدورتين الانتخابيتين الذي يوافق قاعدة الأغلبية البسيطة.

نظام القائمة النسبية هو الأفضلية الثانية من وجهة نظر الشكل. فلأن أي قرار سيتخذ بعدد مقترعين يقع حتما علي يمين النقطة ((نصف ن)+1) فانه سيرفع من كلفة البحث عن توافق. ولكن القوى السياسية في اليمن التي تطالب به كأفضلية أولى محقه. فمن جهة هناك ما يسوغ القبول بهكذا كلفة، فالبحث عن توافق مدرسة تتعلم فيها أطراف اللعبة السياسية فن التفاوض والاستماع للآخر والانصياع لضرورات الشراكة والتعاون. ومن جهة أخرى، وان كان نظام القائمة النسبية يمثل قاعدة الإجماع من حيث أن كل أصوات الناخبين ممثلة بمقاعد في البرلمان فإنه فيما يتعلق بتشكيل الحكومة شديد الاقتراب من نظام الأغلبية البسيطة. يرجع ذلك  إلى أن ظاهرة التأييد للقوى السياسية  في أوساط الناخبين تتبع إحصائيا التوزيع الطبيعي. أي أن التأييد في ظل ظروف سياسية طبيعية سيذهب عموما بحوالي 50٪ لما سيصبح سلطة و50٪ لما سيصبح معارضة (والحمقى فقط سيرددون أن الشعب كله يؤيد المؤتمر ويرفض المشترك او العكس). ولن تتشكل حكومة إلا بفارق تأييد لن يبتعد كثيرا عن قاعدة (النصف+1). ولا يلبث هذا الفارق أن يذهب إلي القوة الأخرى في دورة انتخابية قادمة مع تبدل أمزجة وتطلعات جزء من الناخبين، وهذا ما يشرح تداول السلطة بسلاسة في الديمقراطية الحقيقية. وبالتالي يمكن اتباع  نظام القائمة النسبية كأفضلية أولى لتجنب تكلفة إعادة الانتخاب في دورة ثانية في نظام الأغلبية المطلقة. وحتى كلفة عدم استقرار القرار في نظام القائمة النسبية والاضطرار لمراجعته (بإجراء انتخابات مبكرة مثلا) تقابلها ميزة مهمة هي أن الشعب يحصل على فرص متكررة أو متقاربة لمحاسبة ومعاقبة الساسة إن أخطأوا مما يؤدي إلى تهذيب سلوك هؤلاء الساسة وكبح أي نزوع إلى التسلط والفيد. 

والتوصية الأهم هي أن يتم نبذ نمط الاقتراع المعمول به حالياً لأنه الأكثر دكتاتورية  وكلفة خاصة  في حالة اليمن، إذ يفتقر لمقومات موضوعية هي التي تحد من مساوئه في الديمقراطية المتقدمة. فعوامل الرأسمالية المتطورة والنظام البرلماني والفيدرالية مثلا تلعب دورا في تحقيق تداول السلطة في فترات قصيرة رغم استخدام هذا النظام (كما في حالة كندا) وذلك عكس الحال عندنا. كذلك حدث عندنا أن زيد الطين بلة بتمديد فترة عهدة  النواب من 4 إلى 6 سنوات مما خفض تكرار فرص الحساب أو تداول السلطة.  فضلا عن ذلك يفرز هذا النظام مستويات من الدكتاتورية. ففي مستوى الدائرة يتم  كما أوردنا تمثيل الأقلية (أحيانا اقل من ثلث المقترعين) . وفي البرلمان تظل أغلبية  المؤتمر مجوفة. فالوقائع تثبت أنها  تتحرك  يمنة ويسرة  بإشارة شخص واحد خارجها (هو الرئيس) مما يجعل نمط الاقتراع المتبع أداة  دكتاتورية مضاعفة، فلو أتاح ثقلا اكبر للمعارضة لما حدث ذلك.

هناك عامل أخير وهو أن ارتفاع كلفة الدكتاتورية المميزة لهذا النظام لن يعني في حالة اليمن انخفاض كلفة التوافق. ذلك انه إذا لم يكن الدكتاتور مؤدلجاً وخطيبا مؤثراً فإنه سيفتقر للخطاب الإيديولوجي كوسيلة قليلة الكلفة لحشد لتأييد السياسي وسيستعيض عنه  بصرف المال  العام  لشراء الذمم و«للمحارشة» بين المعارضين وتلك كلفة فساد تضاف إلى كلفة الدكتاتورية.

مراجع.

* لتعاريف أنظمة الاقتراع يمكن الرجوع إلى أية موسوعة حرة.

** نجد استخداماً مشابهاً للشكل عند :

Guttman, Joel M. (1998)"Unanimity and majority rule: the calculus of consent reconsidered" , European Journal of Political Economy, 14 (2), p.189-207, May 1998.

زر الذهاب إلى الأعلى