أرشيف

نص بيان اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي بمناسبة مرور30 عاما على قيام الحزب

  بسم الله الرحمن الرحيم

ايتها الاشتراكيات.. أيها الاشتراكيون في اليمن.. ياجماهير شعبنا اليمني العظيم بحلول يوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2008 يكون الحزب الاشتراكي اليمني قد أكمل ثلاثين عاماً على قيامه في 14 أكتوبر 1978، وأنها لمناسبة وطنية كبرى حافلة بالجلال والعظمة، مفعمة بالمجد والشموخ، ومكللة بأزهى الاشراقات التاريخية للكفاح الوطني والاجتماعي للشعب اليمني، وبقدر ما تمثل الذكرى الثلاثين لقيام الحزب مناسبة عزيزة على أفئدة الاشتراكيات اليمنيات والاشتراكيين اليمنيين، فإنها تحظى بتقدير ملايين اليمنيين من الرجال والنساء، ممن خبروا في الحزب الا شتراكي اليمني نصيراً صلباً لهم، ومكافحاً لا تلين له قناة من أجل انتصار قضاياهم، وداعيةً حازماً لضمان حقوقهم، وتمكينهم من الفوز بشروط العيش الكريم والحياة اللائقة بانسانيتهم. لقد تأسست الأحزاب والمنظمات التي تكون منها الحزب الاشتراكي اليمني فيما بعد على قاعدة التمسك بقيم الحرية والعدالة والتقدم، ومنذ أن ظهرت هذه الأحزاب والمنظمات الى الوجود منتصف ونهاية العقد الخامس والسنوات الأولى من العقد السادس من القرن الماضي، انخرطت من فورها في أتون الصراع المحتدم من أجل التحرر الوطني، في جنوب البلاد من الاستعمار البريطاني والكيانات العشائرية السلاطينية التابعة له، ومن أجل التخلص من الاستبداد الملكي لنظام بيت حميد الدين في شمال البلاد، ولم تحل ظروف الانقسام السياسي المفروضة آنذاك على اليمن بين هذه الأحزاب والمنظمات وبين أن تدمج في مجرى حركتها الكفاحية بين التحرر الوطني والانعتاق السياسي والاجتماعي، وبالتالي استطاعت أن تكسب هذه الحركة أبعاداً وطنية وإنسانية شاملة، وأن تجعلها جزءا ً فعالاً وأساسياً من حركة النهوض القومي في المنطقة العربية وفي العالم، بما تحمله من أهداف التحرر من الا ستعمار الأجنبي، وبناء الدولة الوطنية المستقلة، السائرة على طريق التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تصب في خدمة شعوبها. لقد وضع الاشتراكيون الاُول أنفسهم في الصفوف الأولى لقوى ثورة 26 سبتمبر 1962 في شمال اليمن، وخاضوا معارك الدفاع عن النظام الجمهوري الوليد سياسياً وعسكرياً ببسالة نادرة لايزال التاريخ يذكرها لهم بأنصع وأروع صفحاته، وفي طور من أطوار النهوض الوطني فجرت الجبهة القومية لتحر ير جنوب اليمن المحتل الثورة المسلحة من على قمم جبال ردفان الشماء في 14 أكتوبر 1963، واستطاعت في غضون أربع سنوات من الكفاح المجيد أن تجبر أعتى قوة استعمارية عالمية عرفها التاريخ من تفكيك قاعدتها العسكرية في عدن، والرحيل عن جنوب اليمن بدون شروط، والتسليم بحق شعبه في تقرير مصيره بحرية كاملة، وتحقيق استقلاله الناجز في 30 نوفمبر 1967. إن استقلال جنوب الوطن وتوحيده وقيام دولة كاملة السيادة في ربوعه، تلتزم بثبات في صيانة حقوق المواطنة المتساوية لأبنا ئها وتكرس سياساتها وتوجهاتها في خدمة القطاعات العريضة من جماهير الشعب، وتثابر على انجاز مهام البناء الد اخلي التقدمي، قد شكل نموذجاً ملهماً للقوى الوطنية الديمقراطية في شمال الوطن، وعزز خياراتها في مواصلة النضال من أجل استعادة المضامين الوطنية والديمقراطية لثورة 26 سبتمبر 1962، وإكساب نظامها الجمهوري المحتوى المجسد لإرادة ومصالح جماهير الشعب، ووضع سياساته وتوجهاته على نحو كامل في خدمة القضايا الوطنية والاجتماعية لجماهير الشعب. إن التكامل النضالي للنظام الوطني في جنوب الوطن والحركة الوطنية الديمقراطية في شماله قد أفضى إلى توحيد المجرى الموضوعي لحركة التطور على كامل الساحة اليمنية، دافعاً بالمشاريع الصغيرة التي تجسد مرحلة ماقبل الدولة وماقبل الوطن نحو النكوص والتمرغ في وحل الهزيمة، وغدا المشروع الوطني الديمقراطي، هو مشروع المستقبل الذي يستقطب موافقة وتأييد قطاعات شعبية واجتماعية واسعة وجدت في الآفاق الموحدة لثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر تعبيراً عن أهدافها ومصالحها الحيوية. وعلى قاعدة المشروع الوطني الديمقراطي اليمني بما ينطوي عليه من آفاق تقدمية قرر التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية الحاكم في الجنوب والأحزاب الوطنية الديمقراطية الخمسة المعارضة في الشمال، الارتقاء بوحدة نضالها وأهدافها إلى مستوى أعلى يجسد وحدة أداة الثورة اليمنية والشروع في إنجاز مهام برنامج واحد لتغيير اليمن وتطويره. وعندما نضجت هذه القناعات، كأن التاريخ النضالي للشعب اليمني علي موعد مع لحظة استثنائية ناصعة أعلن فيها عن قيام الحزب الاشتراكي اليمني، كأداة موحدة للثورة اليمنية وكحامل سياسي للمشروع الوحدوي الديمقراطي اليمني قبل إثنى عشر عاماً من إعلان الوحدة ذاتها. لقد ورث الحزب الاشتراكي اليمني عن الأحزاب والمنظمات المكونة له تقاليدها النضالية وتوجهاتها الوطنية الديمقراطية، وهويتها الاجتماعية الضاربة أطنابها في أوسع الفئات والشرائح التي يتكون منها المجتمع اليمني على إمتداد الساحة اليمنية كلها، وواصل التزامها بقيم الحرية والعدالة والتقدم، لقد أناط الحزب الاشتراكي اليمني بنفسه مسؤولية انجاز مهام الانبعاث الوطني، وسعى لإيجاد أوسع التحالفات الاجتماعية والشعبية لإنجاز هذه المهام، وخلال مسيرته السياسية خارج الحكم وداخله اجترح مآثر وطنية كبرى وحقق نجاحات منقطعة النظير.

إن انتزاع الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967، وانتصار الدفاع عن صنعاء في معركة السبعين يوماً أواخر 1967، ومطلع 1968، يسجلان مجداً وطنياً رائعاً كان مناضلو الحزب وقادته وكوادره في طليعة هذه الأمجاد، وكان مناضلو الحزب قادة هذا الكفاح وصناعه،وفي معمعمة المعارك الوطنية الكبرى قدم الحزب قافلة طويلة من ألمع قادته وأصلب أعضائه ثمناً مجزياً لطرد الاستعمار والإطاحة بالإستبداد، ونيل حرية الوطن بجدارة التضحيات وجلال الاستشهاد، فهو حزب المناضلين والشهداء بدون منازع. غير أن المأثرة الكبرى للحزب الاشتراكي اليمني تجسدت في المكاسب والانجازات التي شهدتها مرحلة البناء الداخلي بعد طرد الاستعمار وركائزه المحلية من جنوب الوطن، حيث وحد 22 سلطنة وإمارة ومشيخة في دولة وطنية واحدة، يسودها القانون وتصان في ربوعها حقوق المواطنة المتساوية، وفي ظل الدولة الجديدة نُبذت كل أشكال التمييز الاجتماعية والعنصرية والقبلية، واستعاد الفقراء والمظلومون شعورهم بكرامتهم وإنسانيتهم، ورفع نير الاحتقار والتعالي عن الفئات المهمشة، واطبقت معايير صارمة لضمان التساوي في الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية لجميع المواطنين، ولأول مرة في منطقة الجزيرة العربية تلتزم الدولة بحماية المرأة وضمان حقوقها وتوفير الشروط الضرورية لتوسيع مشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية على قدم المساواة مع أخيها الرجل، وتحريم الممارسات الإستعبادية وأعمال الدعارة، وكل أشكال المعاملة المهينة التي كانت من نصيب النساء.

لقد شيد الحزب الاشتراكي اليمني تجربة رائدة هي الأولى من نوعها في المنطقة العربية، تجلت معالمها الرئيسية في توفير التعليم المجاني والتطبيب المجاني لكل فئات السكان وتوطيد الأمن العام والاستقرار المعيشي ولأول مرة تنجح دولة عربية في إجتثاث الأمية بصورة كاملة، لقد نفذت دولة الاستقلال التزاماتها بصرامة في حماية السيادة الوطنية، وتوفير العمل لكل القادرين عليه من الرجال والنساء، وأوصلت التعليم الى كل مناطق البلاد ووفرت رعاية عالية للفنون والثقافة، وأتاحت حق التمتع بها لكل فئات السكان، وقلصت الفوارق الاجتماعية إلى أضيق نطاق، ويفخر الحزب الاشتراكي اليمني بأنه بنى جهاز دولة حديثة يتمتع بالكفاءة والنزاهة معاً، ولم يسمح للفساد المالي ولأداري باختراق هذا الجهاز، مطبقاً معايير صارمة في الرقابة والمحاسبة، وضمان تكافؤ الفرص، وتوطيد معاني الانتماء الوطني والوطنية الحقة. وكانت دولة الاستقلال في جنوب الوطن سنداً قوياً للقضايا العربية العادلة وداعماً مهماً لقوى الثورة الفلسطينية، ومناهضته للسياسات العدوانية وكل ما يهدد سلام واستقرار العالم، وقد حظي دورها على الصعيدين العربي والدولي باهتمام يفوق امكانياتها المادية، وهو الدور الذي كان ينبع من التزام مبدئى بالقضايا القومية والإنسانية العادلة.

إن الحزب الاشتراكي اليمني، وهو يقود هذه التجربة ظل يسترشد بالإماني والتطلعات العظيمة للشعب، والتي من أجلها قامت ثورة 14 أكتوبر، وبذل الشهداء أرواحهم، وتكبد المناضلون المشقة والعناء وإنطلاقاً من التزامه الراسخ بقضايا الشعب وحقه في القضاء على ظروف التخلف وإنجاز التحولات الاقتصادية والاجتماعية، ووضعها في خدمة المصالح الحيوية للغالبية العظمى من الشعب لم يتوقف الحزب الاشتراكي اليمني عن تقييم السياسات والتوجهات التي رسمها ونفذها، وكان يعيد النظر فيها بين وقت وآخر في ضوء ما ينجم عنها من آثار ونتائج، وقد أفضت هذه المراجعات إلى تصحيح العديد من السياسات والإجراءات، والاعتراف بالأخطاء وانتقادها علناً، والبحث عن بدائل أخرى ترشحها المصالح والحاجات الحيوية للشعب، باعتباره هدف التنمية ووسيلتها، لقد أدت هذه المراجعات المسئولة إلى إحداث نقلة نوعية في التفكير وفي الممارسة، فيما عرف بمرحلة التجديد النظري والتطبيقي، التي انتقل إليها الحزب بعد أحداث 13 يناير1986 المأساوية، ورداً على أسئلة وإستخلاصات التقييم لتلك المرحلة أدخل الحزب تعديلات جوهرية عميقة على أولوياته وتوجهاته البرنامجية معززاً الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي بدأ بتنفيذها بإحداث الإصلاح السياسي الأكبر، المتمثل بإعلان مشروعية التعددية الحزبية والسياسية والاعتراف بالآخر، وحرية الصحافة، وطرح الديمقراطية كمنهج لإدارة الدولة والمجتمع، ووسيلة لمعالجة الصراعات، بما يمكن أن تقود إليه من تعايش وتوازن المصالح، وتحقيق التداول السلمي للسلطة. لقد قادت عملية التجديد النظري والتطبيقي إلى طرح مهمة تحقيق الوحدة اليمنية كأولوية وطنية وسياسية، ومن أجل أن يغدو تحقيقها واقعاً ملموساً طرح الحزب الاشتراكي اليمني تصوراً إبداعياً لمضامين المشروع الوحدوي، يقوم على الجمع بين القواسم المشتركة لتجربتي الشطرين، واعتماد الممارسات الديمقراطية كنظام شامل لإدارة البلد، ومعالجة آثار الصراعات السياسية للفترة السابقة، وإلغاء السياسات الاقصائية، والأجهزة المكلفة بممارسة القمع السياسي الداخلي، ووفقاً لمفردات المشروع الوحدوي الديمقراطي شهدت الساحة اليمنية ازدهارا هائلاً لحرية الصحافة وحق التعبير بأشكاله المختلفة، ونشوء حراك حزبي وسياسي متعاظم شكلت جميعها ملامح حقيقية لربيع الديمقراطية في اليمن خلال أعوام 90-1994. وفيما كانت القوى السياسية والاجتماعية اليمنية تقبل بنهم كبير على ممارسة حقوقها الديمقراطية كان الشريك الآخر في إعلان الوحدة يتبرم من الممارسات الديمقراطية الجديدة، ويظهر تراجعه عن المضامين الديمقراطية في الاتفاقيات الوحدوية، وعجزه عن تقبل الحلول الإبداعية للمشاكل التي طرحتها الوحدة، وخاصة فيما يتعلق ببناء دولة للمؤسسات والقانون تستند إلى مؤسسات حديثة، وظل هذا الشريك يتمسك بأساليب العمل القديمة التي اعتادها، ولم يكن قادراً على التخلي عنها، الأمر الذي دفعه نحو تنظيم أعمال الاغتيالات السياسية ضد قيادات وأعضاء الحزب الاشتراكي اليمني، والتحالف مع الجماعات الإرهابية وتشجيع ودعم العنف، وبالتالي تعطيل آليات البحث عن الحلول الناجعة لمشكلات الدولة الجديدة، وصولاً إلى عسكرة الأزمة، واستخدام السلاح كأداة لتسوية الخلافات السياسية و الفكرية، وبدون أي اعتبار لقيم الإخاء الوطني، وعدم الإكتراث بما تحتاجه الوحدة من رعاية وصيانة شن الشريك الآخر في الوحدة حرب صيف 1994، متخذاً من ساحة الشطر الجنوبي ساحة لها، ومنزلاً أعنف ضربات التنكيل بالحزب الاشتراكي اليمني الشريك في الوحدة.

لقد كانت حرب صيف 1994 حرباً إجرامية بالمعايير الوطنية والاجتماعية والأخلاقية، وفيها حشد المعتدون كامل عدتهم من آلات القتل والدمار، واستثاروا كل نوازع التخلف الضاربة أطنابها في علاقات الثارات، وثقافة العنف والكراهية، وجندوا الموروثات الاجتماعية المتخلفة لشحذ نوازع القتل والنهب، وغطيت تلك الحملة العسكرية البشعة بسحب كثيفة من الأكاذيب والإفتراءات والإدعاءات الهمجية، لقد حشدوا تاريخ التخلف كله ضد حاضر اليمنيين ومستقبلهم، ولم يكن الحزب الاشتراكي اليمني وحده هو الذي مني بالهزيمة، لقد ضُرب المشروع الوحدوي الديمقراطي في الصميم، وانقضت قوى التخلف على التشكيلات الجنينية لدولة القانون والمؤسسات، وانتهكت قيم الإخاء الوطني ومظاهر السلم الاجتماعي، ونُهبت المحافظات الجنوبية بأكملها، حيث أثبت المتفيّدون أنهم لم يفشلوا سياسياً فحسب، بل وأفلسوا أخلاقياً عندما كرسوا قيم الحروب البدائية في حرب تخاض نهاية القرن العشرين. وخلافاً لما تدعيه سلطة 7 يوليو عن حماية الوحدة، فإنها قد ضربت مئآت الأمثلة عن أن تلك الحرب حركتها مصالح النهب والفيد، وأهواء الاستئثار بالسلطة، وتحويل المشروع الوطني الديمقراطي الوحدوي إلى مشروع شخصي وعائلي، وعلى نحو فائق الدلالة رفضت سلطة 7يوليو كل الدعوات الموجهة إليها لتصفية آثار الحرب وتحقيق المصالحة الوطنية، وهبت تكرس بكل قوتها عنجهية الغلبة، مبيحة الممتلكات العامة والخاصة في المحافظات الجنوبية للاستيلاء والنهب من قبل متنفيذها، حيث نهبت المؤسسات الانتاجية العامة تحت غطاء الخصخصة، واستولى المتنفذون على أراضي الاستثمار والأراضي الزراعية، وجرى تصفية جهاز الدولة الجنوبية السابقة وتسريح موظفيها من المدنيين والعسكريين بصورة انتقامية مخالفة للقانون، ومحاولة الغاء التاريخ السياسي للجنوب وطمس معالمه النضالية الوطنية، وتسفيه الخبرات الإدارية المكتسبة، وتحقير القيم الثقافية هناك دون اعتبار لكونها جزءاً من الموروث الحضاري للشعب اليمني، وإحياء الثأرات القبلية وإعادة فرض السلطات المشيخة المعادية للدولة بقوة السلطة ذاتها، وطرد عشرات الآلاف من عمال القطاع العام رجالاً ونساءً بدون حقوق وقطع أرزاقهم وابتزاز المثقفين والموظفين وإجبارهم على التخلي عن قناعاتهم، والتلفع بالنفاق والرياء، والإطاحة بالتقاليد المدنية التي سادت الجنوب وخاصة مدينة عدن، وإشاعة الفساد على نحو لم يسبق له مثيل على كامل الساحة اليمنية، وإعادة الممارسات القمعية الأمنية. وباختصار لقد أطاحت سلطة 7 يوليو بالوحدة السلمية الطوعية وحولتها إلى ضرب من الضم والإلحاق، ووضعت البلاد كلها تحت نير التخلف الاجتماعي والاستبداد السياسي والإفلاس الأخلاقي، معيدة البلاد القهقرى إلى عهود كانت قد ولت، أو هكذا كنا نعتقد.

وماذا بعد؟ أيتها الاشتراكيات.. أيها الاشتراكيون ياجماهير شعبنا اليمني العظيم إن هزيمة المشروع الوحدوي الديمقراطي الحداثي في 7 يوليو 1994ليس نهاية التاريخ، وإنما هي جولة في سياق المعركة الطويلة بين التقدم والتخلف، بين الحق والباطل، ولاريب أن الجميع يشهد هذه الأيام علامات عديدة على اقتراب موعد رحيل سلطة القهر والغدر، إذ يمثل الحراك الجنوبي السلمي الرافض لنتائج حرب صيف 1994، وتعاظمه باضطراد ظاهرة كفاحية نبيلة، تنطوي على مرحلة جديدة من النهوض الشعبي العارم. إن تصفية آثار الحرب ووضع نهاية حاسمة لنهج الحروب الداخلية ومعالجة القضية الجنوبية بكل مفرداتها كمدخل للاصلاح الوطني الشامل وتنفيذ حزمة كاملة من الاصلاحات السياسية والدستورية والاقتصادية، وتنفيذ مشروع وطني متكامل لبناء دولة القانون الحديثة، وتعزيز النهج الديمقراطي بإجراء اصلاحات انتخابية جادة تسمح بتحقيق التداول السلمي للسلطة، وإقامة شراكة وطنية حقيقية تحول دون أي نوع من الإستئثار الشخصي أو العائلي بالسلطة، ومحاربة الفساد وتصفية أوكاره، وتوجيه السياسات الاقتصادية نحو خدمة المصالح الحيوية لجماهير الشعب ..الخ هي القضايا الحيوية التي ينبغي أن تؤطر النضالات الشعبية على إمتداد الوطن كله.

إن الحزب الاشتراكي اليمني لايزال مدعواً كما كان الحال في السابق لأن يحتل موقعه الحقيقي في قلب المعركة الوطنية ضد التخلف والإستبداد إلى جانب شركاء الحياة السياسية في اللقاء المشترك و القوى السياسية الوطنية الأخرى المناهضة لسلطة 7 يوليو، وفي معمعمة هذه المعركة على أعضاء الحزب ونشطائه أن يجسدوا القيم السلوكية الرفيعة والسجايا الأخلاقية النبيلة التي رباهم عليها حزبهم، وأن يظلوا كما كانوا على الدوام مثالاً للإخلاص والتفاني وحب الشعب والارتباط العميق بقضاياه.

إن الذكرى الثلاثين لقيام الحزب الاشتراكي اليمني لهي مناسبة عزيزة على أفئدة الاشتراكيات والاشتراكيين وعلى وجدان الوطنيين عموماً، فلتكن احتفالاتنا بهذه المناسبة فرصة لإنطلاق المبادرات الكفاحية الشخصية والاجتماعية، ولحظة للتأمل الواعي بظروف المرحلة وبمهامها، وإبتداع الأشكال والأساليب النضالية الجديدة.

 أيتها الاشتراكيات.. أيها الاشتراكيون إننا على مفترق طرق، وتلك هي صورة اليمن الجديد الديمقراطي والمتآخي تلوح في الأفق إن مستقبلنا يبدأ الآن.

صادر عن: اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني

صنعاء 13-8-2008

زر الذهاب إلى الأعلى