أرشيف

الدكتور القاهري ل«يمنات»: الوضع في اليمن أشبه برجل مريض ومقيد يحفظه الرئيس في الإنعاش

شبه الدكتور «محمد القاهري» الوضع في اليمن برجل مريض ومقيد يحفظه الرئيس في الإنعاش حتى ينهي فترته أو يجري تقييما أخيرا لسيناريو التوريث. لكن -وبحسب الدكتور القاهري نفسه- لأن أي رجل مريض بالتعريف غير منتج فان الرئيس والأغلبية المؤتمرية في البرلمان دون فائدة للشعب ويستحسن بالشعب والمعارضة تغييرهما بأسرع ما يمكن. وانتقد حزب الإصلاح الذي تأبط شر حرب 94 وخصومة الحوثيين وومن يسمون بالانفصاليين الآن وسيندم على ذلك لاحقاً لان هؤلاء على حق. وحتى لو لم يكونوا على حق فإنهم من الشعب ولا يليق بأي حزب مستنير خصومتهم بينما هو معني بتمثيلهم وحمايتهم.

 

جاء ذلك في حوار ضاف مع الدكتور القاهري أجراه معه «يمنات» عقب النشاط الملحوظ في كتاباته التحليلة للوضع في اليمن، والتي تتفق مع ثقافة وتخصص الرجل، فهو بحسب سيرته الذاتية حاصل على الدكتوراه في الاقتصاد من فرنسا، وحاصل على ماجستير في الادارة العامة – تقييم البرامج الحكومية – من كندا، ومهتم بحقل تفاوت المعلومات والنظريات السلوكية في العلاقات الاجتماعية. ويقيم حاليا في كندا وقد أجرى «يمنات» معه الحوار التالي:

 

* الأخ الدكتور القاهري بصفتك متابعا للشأن اليمني كيف تقرأ المشهد السياسي الراهن؟

 

في تقديري الوضع يستقر أكثر فأكثر على حالة الرجل المريض كسيناريو مرجح حتى الآن من بين سيناريوهات أخرى يمكن أن نفكر بها مثل إصلاح الآلية الانتخابية وفوز المشترك أو حدوث انقلاب عسكري أو تطور حروب محلية لإسقاط السلطة. ولأنك تستخدم كلمة مشهد فاني أشبه الوضع برجل مريض ومقيد يحفظه الرئيس في الإنعاش حتى ينهي فترته أو يجري تقييما أخيرا لسيناريو التوريث. لكن لان أي رجل مريض بالتعريف غير منتج فان الرئيس والأغلبية المؤتمرية في البرلمان دون فائدة للشعب ويستحسن بالشعب والمعارضة تغييرهما بأسرع ما يمكن. 

 

* عندما تتحدث عن حروب محلية، حرب صعدة توقفت أخيرا فهذا السيناريو مستبعد، أليس كذلك؟

 

لا أدري كيف ترون أن هذه الحرب توقفت. أنا لن أرى ذلك إلا إذا وقف الرئيس وعبد الملك الحوثي أو صالح هبرة أمام ميكرفونات الصحافة أو في اجتماع يحضره شهود ووسطاء وقالوا نعلن إيقاف الحرب نهائيا بموجب الأسس التالية. وسواء كانت تلك الأسس هي اتفاقية الدوحة أو أية نقاط أخرى تم التراضي حولها. كل ما حدث هو في نظري إيقاف جولة من الحرب من طرف الرئيس ضمن ترتيبات خاصة به (للانتخابات مثلا) وستعود الحرب من جديد حسب هذا التصور الذي تسنده التجارب السابقة.

 

* إذا سنستمر مع احتجاجات في الجنوب وحرب في شمال الشمال وهدوء في الوسط. ترى إلى أين يتجه بنا نظام 17 يوليو؟

 

الوضع سيئ للغاية اقتصاديا وأمنياً ومسدود الأفق بسبب إفساد عملية الانتخابات. وظواهر المقاومة الجماعية هذه أو الحلول الفردية الأخرى مثل الهجرة، وهي محاولات طبيعية لمغادرة الوضع السيئ. ولو استمرت عُقَد المرض والقيد المشار إليها سابقا فستقود إلى تآكل المجتمع لينتهي إلى فترة انحطاط ونسيان شبيه بما قبل 1962 في الشمال، وان كنا أفضل حظا الآن بفضل تراكم الخبرات في تنظيم المجتمع ومقاومة انحراف الحكم وبفضل الانفتاح والتطور التكنولوجي الذي يسمح بتدفق بعض المعلومات إلى الأفراد والتنظيمات مما يحسن من ثقافتهم ورؤيتهم للواقع والمخارج الممكنة منه.

 

* يرى بعض المراقبين أن تجربة المشترك متميزة على المستوى العربي والشرق أوسطي ما تقييمك لهذه التجربة؟

 

لا ادري ما عناصر التميز التي يأخذها هؤلاء بعين الاعتبار. التميز الذي قد أراه ربما في جانب المعلومات. أي أن في جوهر فكرة المشترك تحسن في المعلومات بفضل وجود قادة حسني الثقافة مثل علي صالح عباد وجار الله عمر ومحمد الرباعي وياسين سعيد نعمان ومحمد المتوكل وحميد الأحمر وقادة وسطيين آخرين. لكن ذلك التحسن أولى ولم يثمر بعد في ميدان النتائج السياسية. فالمشترك كغيره من المعارضات العربية ظل واجهة فقط، وما انفك يخسر الانتخابات، حيث أن أحزابه مجتمعة خسرت حوالي ثلثي مقاعدها في البرلمان منذ 93. وستستمر في خسارة الانتخابات إذا استمرت بالعمل بنفس الطريقة وإذا لم تقبل بصفقة جانبية مع السلطة مقابل بعض المقاعد. فضلا عن ذلك عجز المشترك عن تحرير أعضائه من القمع والأسر. فباعوم والقرني والخيواني وغيرهم لم يشهروا السلاح ويهددوا حياة المواطنين كي يتم وضعهم وراء القضبان وكان يمكن للحكومة الاكتفاء بمحاكمتهم دون حبس والرد على حجتهم بالحجة وعبر ترسانة الإعلام الضخمة التي تستخدمها، لكن السلطة تلعب على المعارضة والشعب ووضعت هؤلاء خلف القضبان لتجري الانتخابات الهزلية. والمشكلة هي أن المشترك لم يفعل من تحريرهم قضية مركزية بينما هي كذلك. 

 

* طيب ما سبب هذه الخسارة وما العمل لتجنبها؟

 

لم تتح لي الفرصة لإجراء بحث دقيق في الأسباب. لكن للوهلة الأولى يبدو أن جزءا من الأسباب يرجع إلى أن التميز المشار إليه في المعلومات يظل جزئيا. ولذلك لا شك فشل المشترك في أكثر مهامه حيوية للشعب، أي منع استخدام السلطة للمال العام والإعلام ضد المعارضة والشعب والعجز عن حماية الاحتجاجات الشعبية وعن فرض اللامركزية كحل. بل ظل المشترك يتردد على اجتماعات الحوار مع السلطة متغافلا عن تحول الرئيس إلى صاحب بسطة يعبث بالمال العام في شراء الذمم وبوسائل الإعلام العام في تضليل الجمهور. فقد تمكن الرئيس حتى من شراء ممثلي المعارضة في لجنة الانتخابات بسبب كبر الإغراء الذي ينسي أكبر (النزهاء) أنفسهم وسيسمح حتى بشراء الحلاج وماريا تيريزا لو كانا حيين يرزقان ومعنيين بالانتخابات اليمنية.

 ومن ناحية أخرى يبدو لي أن هناك أسباب تنظيمية واجتماعية، فحزب الإصلاح هو اكبر مكونات المشترك ولكن بقدر ماله من حسنات له أخطاء، فهو مثلا يتمسك بالإسلام وتلك ميزة مهمة جدا قد تحفز أعضاءه على مناهضة الرشوة ولكنه الأكثر تقليدية من بين أحزاب المشترك ويتسبب لذلك في عرقلة بعض خطوات تقدم المشترك.

 

* عفوا في كلامك حروز فلم أفهم التقليدية والعرقلة.

 

التقليدية لا تعني بالنسبة لي التمسك بالدين أو لبس العمامة أو العقال، وإنما الارتكاز على معلومات قديمة في قراءة وحل المشاكل الجديدة. ويظهر خطر التقليدية بشكل ملموس في أن يفهم صاحبها الأشياء بعد فوات الآن، وهو حال الإصلاح الذي تأبط شر حرب 94 وخصومة الحوثيين والانفصاليين الآن وسيندم على ذلك لاحقاً لان هؤلاء على حق. وحتى لو لم يكونوا على حق فإنهم من الشعب ولا يليق بأي حزب مستنير خصومتهم بينما هو معني بتمثيلهم وحمايتهم. أيضا التقليدية تؤدي إلى أن ننظر لمصلحة اليمن من زاوية غير صحيحة ترجح الفساد في نهاية المطاف وهو موقف الإصلاح الذي ظل يحتفظ بأواصر مع عناصر التحالف التقليدي الحاكم بموجبها مثلا رشحت قياداته  الرئيس في 94 و99 و2006 وهذا يبدد ثقل الإصلاح السياسي لصالح المشترك والشعب ويجعله يلعب مع الفريق الخصم. فضلا عن ذلك التقليدية تؤدي إلى انفصام تنظيمي وأخلاقي فبينما نجد قواعد الإصلاح الفقيرة وعناصره المستنيرة تنبذ الرشوة نجد بعض القيادات التقليدية تعطي فرصة للفساد من خلال مواقفها الانتخابية ومن خلال مبدأ الحذر والاستقرار السياسيين «طاعة ولي الأمر». كما هناك عقد تقليدية من المرأة تمنع الإصلاح من العمل بكامل طاقته.

 

* طيب، عن اللامركزية التي ركزت عليها في كتاباتك، عجيب أن لا نرى إجماع بين الأكاديميين حولها، الدكتور عبد الله الفقيه مثلا يرى أنها ستطلق يد الإقطاع من جديد.

 

لا أدري ما هي مبررات عبد الله الفقيه. لكن لو قال لك شخص أن بوسعه عمل الخبز بدون عجين فسوف تعرض عنه. ولا يمكن تحسين الحكم بدون تحسن في المعلومات. وميزة اللامركزية هي أن تسمح للتحسن في المعلومات. عموما أن يعبر عن نفسه في دواليب الحكم بينما المركزية تلغي عموما ميزة التحسن.

 

* هل من الممكن أن توضح أكثر؟

 

يعني لو سمحت لجاهل بحكم كل اليمن فسيخرب كل اليمن ولو سمحت له بحكم جزء فقط فسيبقى الجزء الآخر صالحا لان لدينا مدن ومناطق معلوماتها متقدمة. فماذا ستختار تخريب الكل أم إصلاح الجزء؟ أنا اختار إصلاح الجزء كي يساعد الجزء الآخر لاحقا طالما ومن الصعب إصلاح الكل الآن. فسنة الله هي اختلاف الأشخاص والجماعات والمناطق الجيوغرافية ومن الحكمة استغلال ميزات الاختلاف المفيدة لا التوقف عند جوانب الاختلاف السلبية إن وجدت. بالإضافة إلى ذلك توجد معالجات لمشاكل الاختلاف او التنوع تعتمد على آليات تتاح بيسر للتواصل والتنسيق.   

 

* بحكم تخصصك الاقتصادي كيف ترى الوضع الاقتصادي اليمني في ضوء التقارير الاقتصادية الدولية؟ وما هو مستقبل تلقي المساعدات في ظل فساد مستشري وتراجع هامش الحريات والحقوق ؟

 

كنت قد أشرت سابقا إلى تآكل الوضع وانزلاقه إلى الانحطاط وهذا ينطبق على الوضع الاقتصادي. فكل مؤشرات الاقتصاد سواء تلك المتعلقة بالتوازنات الكلية: ميزانية الدولة، الدين العام وسعر لفائدة، سعر الصرف وميزان المدفوعات، ارتفاع أسعار المستهلك والبطالة، أو بحوافز الاستثمار أو بالإنتاجية أو حتى بتوفر الغذاء أو بتفشي الفساد والجريمة، كلها مؤشرات في وضع خطر. ووضع اقتصادي كهذا يؤدي إلى تآكل المجتمع. وأحد أخطر جوانب التآكل هو فقدان المجتمع لأفراده. فالفقر وقلة الثروة والخوف من الغد يؤدي إلى حروب والى هجرات يفقد المجتمع فيها الكثير من أبنائه. وهناك تآكل آخر لا يحس به المجتمع. فقد تجد من يقول لك معلقا على حالة الفقر كالتي نعيشها: «اهوه الناس عايشين ولا داعي للنظرة السوداوية.» ولكن نقص الغذاء والسكن والتطبيب وتسهيلات النقل،،، الخ التي يعاني منها جيل يجعل أفراده يفقدون مثلاً كذا سنتيمتر من متوسط الطول وكذا كيلوجرام من الوزن المتوسط وكذا سنة من العمر المتوقع. وكل ذلك تآكل يعني في نهاية المطاف اضمحلال القدرات البدنية والذهنية لأفراد الجيل ومن ثم انخفاض إنتاجيتهم ومن ثم إعادة إنتاج حالة الفقر وهكذا. وأنا أأسف لهذه النظرة السوداوية ولكن من واجبنا جذب انتباه المجتمع إلى المخاطر التي تعترضه.

أما بالنسبة للمساعدات الخارجية فهي من التفاصيل. ولا ترتبط فقط بمهارات التفاوض وباحترام الحقوق والحريات وإنما بدرجة اندماج الاقتصاد بالنظام العالمي أي بحجم تبادلاته التجارية والتكنولوجية والثقافية. وذلك الاندماج ضعيف بسبب ضعف الاستثمار المحلي والإنتاجية واضمحلال حجم الاقتصاد. ونحن حجم تبادلنا ضعيف ومختل البنية. فمن ناحية حجم الناتج المحلي للفرد صغير وحصته من التبادل ستكون صغيرة. ومن ناحية ثانية، ترتكز الصادرات على القطاع الواحد أي النفط والذي يؤدي إلى اندماج عابر لجيب تقليدي في الاقتصاد وليس كل الاقتصاد. ومن ناحية ثالثة، أكثر ما نستورده هو القمح وذلك لا يدل على الاندماج وإنما على الفقر وبدائية الاقتصاد. والتبادلات الثقافية ضعيفة مع تدهور وضع السياحة وضعف المنظمات غير الحكومية التي تعمل كمستقبل للمساعدات الخارجية وإهمال المنح الدراسية وضعف إجادة السكان للغات الأجنبية وعدم اقتنائهم مصنفات ثقافية وفنية أجنبية، الخ. وبالتالي فان تحسن هذه المؤشرات قاعدة لتحسن مستويات الحريات وحقوق الإنسان أيضا ومن ثم المساعدات المشروطة بها.

 

* في الآونة الأخيرة تصاعد الخطاب السياسي بين السلطة والمعارضة وتوقف الحوار بشأن الانتخابات مع إعداد المشترك لحوار واسع بشان كل القضايا ترى ما اثر ذالك على مسرحية الانتخابات ؟ وهل ستجرى في موعدها؟

 

ليس لدي معلومات في الموضوع والذي أراه هو فقط وفق قالب تحليلي. ووفق هذا القالب فان الانتخابات ستتم لأنها لمن في السلطة ضرورية للإبقاء على زمام المصالح الشخصية وستجري بموعدها أو بتأخير ما وستنافس السلطة فيها نفسها أو ستغري بعض الحزبيين للمشاركة كمستقلين . وما يهمني ليس إجراء الانتخابات أو لا وإنما الواقع الذي ستفرزه. فالمصالح العامة لا مكان لها لدى شخوص السلطة، فلا برامج لهم ولم نرهم قط ينفذون برامج انتخابية وفي مقدمتهم الرئيس الذي لم ينفذ من برنامجه شيئا حل مشاكل الناس لذلك زادت المشاكل الاقتصادية والأمنية والسياسية منذ إعادة انتخابه. وقياسا على ذلك فان الانتخابات النيابية بالنتائج المعتادة ستدشن مرحلة معاناة أقسى لأنها تكرس وضعا ضد مطالب المصالح العامة وسيعمق الفساد والفوضى بدلا عن تقديم الحلول. وبالتالي بدون ضمانات بفوز المعارضة بالانتخابات فان الأفضل مقاطعتها لان المشاركة فيها تعطي شرعية لسلطة ستذبح الشعب ولغرض الانتخابات فقط تحتال عليه بشراء الذمم وبالتظليل والترهيب.

 

* وماذا ستقول للأجانب والمحليين الذين ينصحون بالاستمرار بمسلسل الانتخابات؟

 

من ناحية، قد لا يعرف الأجانب عن اليمن أكثر مما اعرفه أنا عن سطح القمر كي يفتون في مسائل الانتخابات وغيره وبالتالي فان مبادراتهم تأتي  من باب حسن النوايا والمحاولة فقط.

من ناحية ثانية، الأجانب معنيون بمصالح ناخبي حكومات بلدانهم وليس بمصالح الناخبين اليمنيين. ومصالح ناخبي بلدانهم من اليمن تجارية بحته وتقتضي بشكل عام أن لا يكون هناك اعتراض على الحكومة بغض النظر عن الوسيلة لإنهاء ذلك الاعتراض وقد تكون شراء الذمم أو التجهيل أو القمع المفرط. ونحن نرى انظمه عتيقة ديكتاتورية لا يتم نصحها بالانتخابات طالما والناس لا يعترضون عليها والمصالح التجارية للأجانب مستمرة معها. لكن نحن اليمنيين لنا مصلحة في الاعتراض على الحكومة لأننا نفتقر للموارد المادية وجزء من الحلول لمشاكلنا الاقتصادية يرتبط بتنظيم المجتمع أي بالسياسة ودور الدولة. وبالتالي من الطبيعي أن نعترض، المهم هو أن يتم الاعتراض بصورة فعالة تؤدي إلى تداول السلطة وليس إلى إنفاق الجهد والوقت سدى.

 

* ودعوة المشترك لمؤتمر وطني واسع ما مدى فرص نجاح هذه الخطوة في إحراز تقدم يخدم البلد ؟ وهل هذه الخطوة كافية في نظرك؟

 

لا ادري إن كانت صيغة المؤتمر الوطني هي الأكثر فعالية. فهي شبيهة بوثيقة العهد والاتفاق. والمشكلة مع هذه الصيغ أن تخرج بمقترحات توفيقية لا تملك المعارضة أساسا وسائل وقدرات تنفيذها. وبالتالي فإن حظ هذه المقترحات هو أن تظل في الأدراج. وقد يكون  خطرها اكبر من نفعها. إذ تصرف انتباه المشترك بعيدا عن الخطوات الفعالة مما يوفر هدنة للسلطة لتلعب أوراقها الخاصة. فمثلا وسيلة وقدرة تنفيذ أية مقترحات ترتبط بتداول السلطة. وخطوات وصول المشترك إلى السلطة تمر عبر الاندماج بالحركة الشعبية في الجنوب وصعدة لان باب الانتخابات أغلق. لكن المشترك تحرج من الاندماج بهذه الحركات بينما لا مكان للحرج، فهؤلاء من الشعب ومطالبهم مشروعة والأولى الاندماج بهم ونبذ السلطة المتهمة بالعنف وبنهب الأراضي والنفط وبعناصر فساد أخرى عديدة. وبالتالي بإهمال الاندماج بهذه الحركات والذهاب لوليمة الحوار غير الفعالة حسب مصير وثيقة العهد فان المشترك يخدم السلطة من حيث أن لا يدري وعلى حساب سمعته. فالسلطة لن تقدم له شروطا كافية لخوض الانتخابات. فإذا قاطع الانتخابات ألصقت به أسوأ العيوب. وإذا خاض الانتخابات بدون شروط خسر مزيدا من المقاعد ومن الرصيد أمام الجمهور وفي الحالتين يكون قد خسر الحركات الشعبية وترك السلطة تنفرذ بها من اجل تمرير الانتخابات كخطوة فقط لإطالة أمد حالة الرجل المريض. 

 

* يعلل المشترك حاجة البلد لمؤتمر وطني  نتيجة التطورات السياسية الطارئة على المسرح السياسي اليمني لم يعد مشروعه للإنقاذ المطروح في 2006 ملبيا للحاجة ما تعليقك على ذلك؟

 

فعلا ذلك المشروع فيه الكثير من النواقص باعتباره صيغة توفيقية. ولكن المشكلة ليست هنا فكل مشروع قابل للتحسين، المشكلة هي أن أي مشروع مهما كانت جودته لن يرى النور بدون وسائل تنفيذ يوفرها تداول السلطة. وبالتالي بعد انجاز أولوية بناء المشروع يجب الانتقال إلى بناء وسائل التنفيذ أو بناء الاثنين في وقت واحد. وكانت هذه الوسائل قد انبنت بصورة الحراك في الجنوب وصعدة لكن المشترك خالفها وعاد لصياغة المشاريع من جديد. أي ليس هناك تصعيد في جهد المشترك. ولأنه ليس لنا تواصل مع المشترك فلن ندرك مبررات خطواته . وبالتالي نكتفي بالهدرة وقد تكون خارج الموضوع لان المعنى يظل في بطن الشاعر أي المشترك. 

 

* في ضوء متابعتك للنظام الحاكم لليمن الشمالي وحاليا لليمنيين ما هو تشخيصك لهذا النظام: شمولي، قبلي، طائفي أم كل هؤلاء؟

 

هو كل هؤلاء. ولكن المشكلة ليست هنا فلكل نظام تعقيداته التي تفرض عملا على المعنيين به. المشكلة هي في عدم زيادة جرعات التفكير والجهد وعدم استغلال الفرص من طرف قوى المعارضة في سبيل تحسين شروط ومخرجات النظام أو تغييره كلية. وذلك أمر ممكن في تقديري.

 

* أقدم النظام على تشكيل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ترى لماذا أنشأت وفي هذا الموعد بالضبط؟ وما دلالة التوقيت برأيك ؟

 

هذا نظام تقليدي وعندما تضيق به الحال يلجأ إلى الوسائل التقليدية التي يجيدها. لكن هيئات كهذه هي وبال على أصحابها لأنها تقوم على الجهل بأشياء كثيرة. وآمل من أصحابها أن ينتبهوا لخطورة الجهل وان يبدأوا من الرأس أي بتعرية وقمع رذائل الحكام فإذا استقام الحكام تبعهم المحكومون.

 

* يرى البعض أن المملكة السعودية أكملت سيطرتها على اليمن بهذه الهيئة. هل هذا صحيح ؟

 

لا علم لي. ولكن سيكون حمقا أيضا من السعوديين أن يحرصوا على السيطرة على اليمن.

البلد تطحنها حروب أهلية من إنتاج النظام  وبطالة تتسع ومجاعة محققة فيما النظام مشغول بالفضيلة ترى أي فضيلة يتحدثون عنها لا تحرم الفساد والإفساد ؟

هذه علامات عصور الانحطاط. ومن علامات الحمق تجاوز تبة الفقر والفساد و«النصع» على وهم خلفها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى