أرشيف

متقاعدون يفترشون الأرض ويلتحفون الأصفار

وجوه أثقلها الهم والتعب تحمل رفضا واستنكارا لا حدود لهما.. هو المشهد الذي نراه في مكتب التأمينات والمعاشات في عدن وفي معظم مكاتب البريد، مشهد يجسده المتقاعدون الذين صدموا بخبر سقوط أسمائهم أو تحولت أرصدتهم صفراً أو رواتبهم انخفضت أو في مكتب التأمينات أو في مكتب البريد سقطت سهواً..

التقينا بعضا ممن يشكون ما حدث في مكتب التأمينات فكانت حصيلة الأسئلة في السطور التالية

الأخت "رجاء صالح أحمد شاوس" من منطقة كريتر – عدن ، راتبها 22 ألف ريال تقول لقد تعبت وهي تحاول أن تجد بصيصاً من الأمل بأن تحصل على كل مستحقاتها ضمن المستحقات للأجور التي صرح بها رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح بأن الجميع مستحق ، لقد تفاجأت الأخت رجاء برصيدها "الصفر" ولكنها حاولت أن تتقدم بتظلم إلى الأخ وكيل المحافظة الذي أعطاها رسالة للاستفسار عن مستحقاتها ، في ذلك اليوم كان مدير التأمينات والمعاشات موجوداً في مكتب الوكيل وطلبت منه أن يحل هذه المشكلة ولكن الأخت رجاء عندما ذهبت في اليوم التالي إلى مكتب مدير التأمينات تفاجأت بأن قضيتها لم تجد أي حل خاصة وأن هناك العديد من الأسماء التي لم تسقط ولكن رصيدهم فارغ.

 الحجة سعدة عبد حسان افترشت الأرض  ووضعت يدها على خدها وهي تفكر بحالها، تحدثت إلينا قائلة "لقد أتيت وأقدامي تؤلمني .. كلما أذهب إلى البريد يقولون لي لا يوجد فلوس، مع أن الاسم موجود في الكشوفات، أنا أستلم معاش زوجي المتوفى قائد عبد الله غالب وكنت أنتظر أن أستلم هذه المستحقات التي وجه بها لنا الرئيس ولكن ما باليد حيلة..

الخالة سعدة لم تكن تعرف ما يدور حولها وتجلس منعزلة عن الآخرين تفكر بحالها وتحاول أن تمسح بأناملها المتشققة وجع قدميها وترطب حلقها ببصيص من أمل حين رأت الدكتور يحيى الشعيبي يتفقد الأوضاع في مكتب التأمينات .

أما الأخ "طه عبد القادر هاشم" راتبه 28 ألف ريال.. فاسمه رآه في صحيفة الأيام ضمن الأسماء المستحقة وحين ذهب إلى البريد قيل له رصيدك صفر .. وهذه العبارة كثرت أمام نوافذ البريد صفر.. صفر ..

أما الأخت نعمة ثابت من سكان منطقة البريقة أتت وهي تعتقد بأنهم سوف يوضحون لها حقيقة الشيك الذي أعطي لها بلا رصيد من قبل البريد لكي تراجع مكتب التأمينات لكنها وجدت نفسها في دوامة لم تستطع الخروج منها ولم تفهم حقيقة الأمر.

  وأما محمد فضل أحمد لم يكن يدري ابنه حسين حين أتى لكي يستفسر عن حقيقة المبلغ الصفر ليفاجأ هو الآخر بأن اسم والده نشر في الصحيفة وقد أتى عدة مرات إلى التأمينات لكي يعرف أين ذهب رصيد الاستحقاق من شاشة الكمبيوتر الذي نصب أمام نافذة البريد الذي اتجه إليه وكذلك مكتب التأمينات.

الجميع مندهش لفتلك الأصفار التي صارت تلازمهم منذ أن نشرت أسماء المستحقين للأجور، البعض منهم قد يئس من تلك المواقف الروتينية والتي تبدأ من نافذة البريد حيث يقول المحاسب اذهب إلى التأمينات للاستفسار ليواجه بٍِِروتين آخر من مسئولي مكتب التأمينات "اذهب إلى البريد العام".

  شدنا منظر الحجة نعمة عبد الله التي أتت من محافظة لحج باحثة في الكشوفات عن رصيدها ، وتجلس بقربها الحجة خديجة محمد فرج ، تسكن في منطقة المعلا كحانت صامتة تحدق بالوجوه الداخلة والخارجة باحثة عمن يبشرها بالخير ، لكن لا أحد يأتي لها بالبشرى بأن تلك الأصفار صارت أرقاماً..

واحد وعشرون ألف ريال هو راتبها ، قالوا لها لا يوجد لك مستحقات فجلست جانباً تملأ قلبها الحيرة، تحاول أن تفهم حقيقة ما يحدث أمامها ولكن دون فائدة..

زكية خالد فارع رصيدها موجود وكذلك اسمها في كمبيوتر التأمينات ولا يوجد في مكتب البريد وغيره الكثير من الناس الذين يحملون نفس المعاناة ليظل نفس السؤال الذي يفرض نفسه هو "أين الرصيد" هذا سؤال لا يجد إجابة.

محمد عبد الله ناجي كان يعمل زوجها المتوفى في شركة النفط ، قد تفاجأت كما تفاجأ إخوانها وأخواتها الآخرين بالأصفار ، فذهبت إلى مدير التأمينات لتحصل على تعليمات برسالة خطية منه يستفسر بها الأخ / مدير مكتب البريد العام عن رصيدها وكانت قد ذكرت بالرسالة المبلغ الذي تريد أن يصرف لها وهو عشرون ألف ريال لتُفاجأ بأن مدير مكتب البريد يقول بأن الرصيد صفر .. لقد تحجج مدير مكتب التأمينات بأن شركة النفط هي المسئولة عن الهيكل في هذه الاستحقاقات.. واتضح لنا في مكتب مدير التأمينات أن هنالك لعبة واضحة تستهدف أولئك الناس كبار السن الذين لا يستطيعون تحمل تلك الهموم والمتاعب ولا تلك الإجراءات غير المبررة التي دفعت بكثير من أولئك المتبقين إلى أن يمزقوا دفاتر المعاش

زر الذهاب إلى الأعلى