أرشيف

مأساة يمنية  بين حدود السعيدة والشقيقة

العروبة والجيرة وعلاقة الدم والدين والإخوة والنسب كلها تُرمى في بئر سحيق في وادي الدواسر بالمملكة العربية السعودية .. سفيان محمد عبد 37 سنة، يروي قصة من فصول مأساة مروعة تدور أحداثها كل يوم وكل ساعة في تلك الجبال والوديان من أرض جزيرة العرب.. هناك فيما بعد الخط الفاصل بين الفقر والغنى وقصص مفزعة.

سفيان تسلل الحدود السعودية بعد أن ضاقت به السبل في أرض الكآبة – عفواً – (السعيدة) ، فيمم وجهه نحو الشمال في سفر نحو المجهول، واستقل سيارة مهرب مع مجموعة من رفاقه، وكما قال سفيان "استقلينا سيارة شاص موديل 2007 في الصندوق الخلفي وكنا أربعة ، اثنان من محافظة مأرب وشخص يدعى نبيل من محافظة تعز وأنا من إب ، وفي الطريق تعرضت لنا سيارة جيب من سلاح الحدود.. صدمها السائق ورفض التوقف ومضى مسرعاً متجاوزاً المطبات والحفر بسرعة جنونية، قذفت باثنين من رفاقنا اللذين هما من محافظة مأرب إلى خارج السيارة في خبت مقفر، عرفنا فيما بعد أنهما وجدا جثتين هامدتين ، وبقينا أنا ونبيل متشبثان بصعوبة بالسيارة ولكن هذا التشبث سرعان ما انهار فسقط نبيل ثم سقطت أنا ، وقد مرت من جانبنا سيارة حرس الحدود ولم تلتفت إلي ، واستمرت تطارد السيارة وفقدت الوعي وعندما عاد لي الوعي كان الظلام يخيم على الصحراء ، وكانت في جيبي ولاعة كلما شاهدت سيارة أولعها إشارة لطلب الغوث، وبعد عناء ودعاء وخوف من ثعابين الصحراء. مر من جواري مواطن سعودي بسيارته واقترب مني فاستعطفته وتوسلت إليه أن ينقذني وأخبرته أن لا ذنب لي سوى أني دخلت أرضهم أطلب الرزق ولقمة العيش التي لم أعد أجدها في بلادي، فرحمني الرجل وهو يشاهد معاناتي وحملني واتجه بي إلى مدينة محايل وأنزلني أمام بقالة وقال لي لا أستطيع أن أعينك أكثر من هذا، فخلي أصحابك اليمانية يعينونك وتركني مبطوحا أمام البقالة وبقيت أصيح واستغيث حتى جاء يمنيون وأسعفوني إلى المستشفى وهناك وجدت زميلي نبيل ، كان قد أسعفه البدو وقد انكسر عموده الفقري وهو يصيح أسعفوني إلى بلادي يعالجوني أهلي، فتم ترحيله على سرير، أما أنا فلا أملك شيئاً ولم أتلق أي علاج وأخذوني إلى محكمة الدواسر وأجبروني على التنازل وحملوني إلى منفذ البقع وهناك حملني المواطنون على أكتافهم إلى داخل الجمرك ولم يعرني أحد أي اهتمام ولم يعملوا لي أي محضر حتى تبرع فاعل خير بإيجار سيارة إلى صعدة ومن ثم إلى إب ، وها أنا معاق .. فلعنة الله على الفقر.

صحيح أن من حق الدوريات السعودية أن تحمي حدودها لكن عليها  أن تفرق بين المجرمين والمهربين وبين العامل الذي يبحث عن كسرة الخبز، عليهم أن يتذكروا أن عمر بن الخطاب أوقف العمل بحد السرقة في أعوام الجوع.. وعليهم على الأقل عندما يرون أن رصاصهم أصاب أحد هؤلاء أن يسعفوه على الأقل إلى المستشفى كجانب إنساني.

زر الذهاب إلى الأعلى