أرشيف

علي سيف: السلفيون والحوثيون والحراك سينقضون على السلطة   

علي سيف حسن – رئيس منتدى التنمية السياسية لـ " المستشار نت "

السلفيون والحوثيون والحراك مهيؤون للانقضاض على السلطة والخارج سيتعامل مع الأمر الواقع..!؟

حوار خاص من فارس غانم

انسداد الأفق السياسي في المشهد اليمني لا يعني الانهيار. فالشركاء في منظمات المجتمع المدني والكيانات الاجتماعية المراقبة للأحداث قد تخرج برؤية للإنقاذ بعيدة عن السلطة والمعارضة. ربما لا يبدو ذلك في الوقت الراهن، لكن حوار" المستشار نت " مع رئيس منتدى التنمية السياسية يجعلنا على مقربة من ذلك، فعلي سيف حسن ابن البيئة السياسية الراهنة، لكن حالة التمرد الموسوم بها وأدت إلى فصله من التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري تحت مبرر التخابر مع الولايات المتحدة الأمريكية حفزت فيه روح التمرد الرافضة للأدلوجيا والسلطة التي بات على مقربة منها،لكنه على خلاف معها . ينصح الرجل القريب من المؤسسات الدولية السلطة والمعارضة بترشيد الخطاب و يرسل رسائل معلنة للمؤتمر وللمشترك وللرجل الأول في البلد للخروج من أزمة وطنية خطيرة ومملة .

إلى ما ذا ترجع انسداد المشهد السياسي اليمني في ظل افتراق أطراف المعادلة السياسية في السلطة والمعارضة رغم خطورة الأزمة ؟

الانسداد حالة استثنائية والاتفاق المطلق أيضاَ حالة استثنائية، الطبيعي في ظل نظام قائم على التعددية السياسية هو إدارة الاختلاف وتنوعه، وبالتالي أرى أن الواقع بمشاكله وتحدياته وبالاختلاف بوجهات النظر في كيفية التعامل مع هذه التحديات يفترض التنوع ويجعل من الصعب جداً الوصول إلى اتفاق كلي، لكن في نفس الوقت لا بد أن لا يقود إلى حالة الانسداد الحالية كما هو واقع فعلاً،السبب المباشر لحالة الانسداد هو وصول أحزاب مجلس النواب الممثلة في البرلمان : الحزب الحاكم والأحزاب الأخرى إلى حالة فشل وعدم القدرة على الاتفاق، عبروا عن ذلك من خلال الالتفاف على تأجيل الانتخابات. لم يكن اتفاق على حل مشاكل وإنما باعتباره خلافاً غير قادرة على مواجهته، اليوم الوضع أكثر سوءاً قضايا الاختلاف بين أحزاب مجلس النواب الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة هي اليوم أكثر سعة وهما أكثر بعداً عن بعضهم البعض، وإذا ما أخذنا الخبرة التاريخية اليمنية في هذا المجال، فأقول أنه دائماً بعد التوقيع على اتفاق ينتقل الطرفان إلى المواجهة كما حدث بعد التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق في عمان قبل حرب 1994م. هذه هي الخبرة أو التجربة التاريخية.

لكن الوضع مختلف اليوم على الأرض فما هو الحل؟

صحيح الأمور تغيرت ولم يعد بمقدور أي من أطراف أحزاب مجلس النواب أن يقود مواجهة ضد الآخر وبالتالي عليهم وعلينا جمعياً مساعدتهم في ترشيد حالة الاختلاف فيما بينهم، الأمور تجري والاختلاف كبير وما نحن بحاجة إليه ليس السعي وراء الاتفاق، ولكن السعي وراء تجنب المواجهة وترشيد إدارة الاختلاف. كيف؟

هذا الترشيد يبدأ بالاعتراف أنهم مختلفون والبحث عن وسائل لحل الصراع وحل الاختلاف بطرق سلمية وهو ما نلجأ إليه إذا لم يستطيعوا التوصل إلى حالة من ترشيد الاختلاف فإن القوى المتحفزة في الساحة اليمنية ممثلة بالحوثيين في شمال الشمال والسلفيين في الوسط والحراك في الجنوب، هم جاهزون لوراثة هذه المنظومة الحزبية التقليدية مجتمعة، وبالتالي هم الأكثر حضوراً في الشارع وهم الأكثر فعلاً وهم الأكثر تأثيراً، وهم يختلفون كلياً مع المنظومة في السلطة والمعارضة، هم بديل جاهز للطرفين ،فإما على أحزاب مجلس النواب أن يتفقوا على ترشيد الاختلاف فيما بينهم أو إدارة الاختلاف بصورة رائدة وناضجة أو أن ينتظروا بدائل أخرى ستأتي بها القوى الفتية المتحفزة .

أنت تدعو لترشيد الاختلاف ولكن التمترس هو سيد الموقف الآن حول موقفي الحوار حول اتفاق المبادئ أوتهيئة المناخ السياسي للحوار في ظل إلغاء قمع الناشطين السياسيين في الجنوب وعدم التضييق على الحريات الصحفية والتلويح بالحرب.. الخ؟

كل هذه الأشياء موجودة وهذا واقعنا وهذا واقعنا اليمني وهي موجودة في الأمس وموجودة اليوم، وستظل موجودة في المستقبل لأن الواقع اليمني هكذا، لسنا في السويد ولا في الدنمارك، نحن في اليمن بكل مكوناتها وقساوتها وشحتها، ستظل هذه القضايا قائمة طالما اليمن بدون وظيفة وبدون دور، فسنظل نحن اليمنيين نتصارع ونتنافس ونتصادم حول ما تبقى من بقايا موارد بشرية مستنزفة وحول ما تيسر من منح ومساعدات دولية. هذه حلقة مفرغة لن تنتهي إلا بصراع، لأنه كل ما شحت هذه الموارد زاد الصراع حدة، فبالتالي نحن والطرفين بحاجة عن بحث عن دور عن وظيفة عن عمل لهذا الواقع لليمن. في الوقت الحالي لا أحد يفكر بهذا و الكل يدور حول آليات السياسة كله صراع وكله تناقض وكل الحديث لا أحد بدأ يتحدث أو ينتقل بالحديث حول موضوع السياسة ولا يمكن حتى الوصول لحل حقيقي بأدوات السياسية دون رؤيا لمواضيع السياسة، أنا أعتقد الوعي النهائي لدى أطراف المنظومة السياسية بضرورة البقاء واستحضار التهديدات الخطيرة القادمة من الشارع للكل، ستفرض عليهم حتمية الخروج من حالة التمترس والبحث عن وسائل راشدة وموضوعية لإدارة الاختلاف، أنا لست مع الإصرار على التوافق المطلق على كل القضايا ولكن "مسب الديمقراطية" واسع وفيه من الأدوات والوسائل التي تعالج كل الحالات، ما نحن نحتاج إليه هو فقط أن يمدوا أياديهم إلى مسب الديمقراطية للبحث عن الوسائل اللازمة لإدارة الاختلاف وليس لإدارة التوافق.

ألا تعتقد أن ترشيد وإدارة الاختلاف في ظل مسب الديمقراطية بحاجة لتدخل طرف ثالث خارجي أو داخلي للوصول إلى ذلك؟

أنا أعتقد أنه ما زال من المبكر الحديث عن طرف ثالث خارجي لأن الطرف الثالث الداخلي جاهز وهو القوى الفتية.

أنا أقصد طرف ثالث غير داخلي غير القوى الفتية ؟

لا توجد في العالم جمعيات خيرية ولا مراكز لفعل الخير مستعدة تقود الحمقى إلى الطريق السليم، لا أحد يقود طرف أحمق إلى الطريق السليم، إذا كانت الأطراف المحلية وبالذات أحزاب مجلس النواب لا تستطيع أن تقود هي بنفسها وأن تصل إلى رؤية واضحة لترشيد خلافاتها، فلا أحد سيدعمها، لكن إذا كان لديهم رؤية واضحة ويريدون مساعدة الآخرين لتنفيذ هذه الرؤيا حينها يمكن العالم أن يتدخل لتنفيذ ما يروه أنهم بحاجة إلى تنفيذه لكن إذا كانت ليست لديهم رؤية أصلاً لا أحد يبصر أحد في السياسة ولا أحد يقدم عمل خير لأحد هذه المصالح.

لكن هناك قلقاً دولياً من تدهور الأوضاع في اليمن في ظل إهمال لعامل الزمن و تدهور للأوضاع على الأرض؟

سيقدم أحداً ما قادر على الفعل، ويقدم رؤيا يقول أنا هنا حاضر والعالم سيتعامل معه.

إذاً الأطراف الفتية هي القادمة؟

بالتأكيد الأطراف الفتية المتحفزة لا أحد يحيي من في القبور.

هل تتوقع أن تتعامل الأطراف الدولية مع هذه القوى؟

مع الواقع، من هو في الساحة وقادر على فعل شيء، سوف يتعاملون معه بالتأكيد.

هل تدرك القوى السياسية في السلطة والمعارضة عامل الزمن وتطورات الأحداث على الأرض؟

لديهم قطيعة بينهم وبين الزمن، لا يعون ذلك، وبينهم قطيعة حادة.

كيف تقرأ التقارير الدولية التي تحذر من صوملة اليمن في ظل تفاقم الأزمة؟

هذه نواقيس خطر تعلنها القوى الخارجية والداخلية وكلنا نعيها في الداخل والخارج، لكن السؤال هو ليس ما يجب على الأطراف الممثلة في مجلس النواب أن تقوم به، بل ما تستطيع فعلاً أن تقوم به، ما الذي يستطيع المؤتمر الشعبي فعلاً أن يقوم به ، وليس ما يجب أن يقوم به، ما الذي يستطيع أن يقوم به حزب الإصلاح والحزب الاشتراكي والحزب الناصري وحزب البعث، كل هذه الأحزاب لديها من الثقالات والعوائق والكوابح الكثيرة جداً، مما تجعل ممكنات الفعل لديها محدودة، وبالتالي فباعتقادي أن ما هم بحاجة إليه الآن هو حالة من الحوار فيما بينهم لمعرفة حدود ومقدرة كل طرف على الفعل وبالتالي تكون المطالبة في إطار هذه المطالبة وليس خارجها، لأنه عندما تأتي الطلبات والتمترس خارج القدرة الفعلية لكل طرف على الفعل تصل الأطراف إلى طريق مسدود.

الطريق المسدود سببه الاختلاف حول مشاريع مختلفة للخروج من الأزمة بدءاً من التمترس بشكل الوحدة الحالي والدعوة للانفصال أو فك الارتباط أو تغيير شكل النظام السياسي وخيار الفيدرالية؟

كل الأشكال التي تتحدث عنها هي أشكال وحدوية، والوحدة ليست في أزمة لكننا نحن اليمنيين في أزمة وليست الوحدة، الوحدة حالة طبيعية ، حالة أرقى من الحالات التي جربناها في السابق، اليمن عرفت التشطير والجنوب عرفت ما قبل التشطير إمارات، ولم تكن كل من الحالتين أفضل مما نحن فيه اليوم، وبالتالي فأنا اعتبر الوحدة حالة ارتقاء طبيعي ولكن نحن بحاجة إلى إدارة الوحدة، ولن نستطيع إدارة لا وحدة ولا انفصال بدون دور وظيفي لليمنيين واليمن، لليمن كإقليم ولليمنيين كبشر، كقوى اجتماعية، بدون دور وظيفي نتبادل فيه المصالح والمنافع مع العالم، نشغل فيه عن بعضنا البعض بدل الانشغال يبعضنا البعض، اليمنيين مشغولين ببعضهم سواء كان ذلك في ظل الوحدة الاندماجية أو الوحدة الفيدرالية أو الحكم الملحي أو الانفصال، طالما نحن لسنا مشغولين عن بعضنا البعض في إنتاج بعمل وبدور وبوظيفة ما، سنظل ننشغل ببعضنا البعض وبالتالي نتنازع حول ما تيسر من مساعدات ومنح وحول ما تبقى من موارد مستنزفة.

هذه الموارد التي تشير إليها على وشك النضوب سواء في قطاع النفط أو حتى المياه كيف يمكن معالجة المخاطر في ظل سلطة تتمترس حول المركزية؟

نفترض أن أحد الأطراف متمترس أكثر من الآخر، رغم أن كل الأطراف متمترسة لكن في آليات الديمقراطية توجد حلول على من ينافس المؤتمر الشعبي العام أن يدخلوا أياديهم في مسب الديمقراطية لمعالجة التمترس، كل البناء الديمقراطي مبني على حل أساسي، الشارع هو الحكم، طالما كل الأطراف تخشى الشارع ولا تحتكم للشارع ولا تجرؤ النزول إلى الشارع فهي تترك الشارع متاحاً ومباحاً للقوى الفتية وستظل أسيرة الغرف المغلقة.

ألاحظ أنك مركز في حديثك على الأحزاب الممثلة في مجلس النواب رغم وجود قوى أخرى منها قيادات المعارضة في الخارج ولها نفوذ في الداخل؟

هي امتداد وتحاول أن تلحق الشارع والقوى الفتية في الجنوب ولكن في ثقافتها وفي تاريخها وفي قدرتها على الحركة هي ليست أفضل حالة من القوى الممثلة في أحزاب مجلس النواب هي امتداد طبيعي لها. ليس لديهم جديد.. الجديد هو في الشارع لنكون واضحين.

القوى الفتية المتحفزة في الجنوب كانت ممثلة بكيانات مختلفة وفجأة توحدت تحت سقف واحد يدعو للانفصال وفك الارتباط والعودة إلى ما قبل 22 مايو 1990م؟

التعدد هو الطبيعي. الجنوب مجتمع مثله مثل كل المجتمع اليمني مجتمع متعدد وبالتالي الاختلاف في الرأي لمعالجة الوضع في الجنوب هو أمر طبيعي، الغير طبيعي هو التوحد، وهو التوحد نحو الأسهل، الأسهل نظرياً و قولاً. الذي لا يحتاج لإبداع،التعدد كان محتاج إلى إبداع فكري وسياسي ونظري لتطوير وصياغة رأي وحلول ومخارج متعددة لكن التوحد حول موقف و احد هذا التفكير فطري غريزي لا يحتاج إلى أي إبداع، وبالتالي وجدوا هذا المطلب النهائي الكلي وذهبوا إليه دون التفكير بمعطيات الواقع واحتمالاته ومتاحاته ولهذا أنا أسميه الكسل السياسي والكسل الفكري الذي فقط يتعامل مع كليات ومطالب كلية غير قادرة على الإبداع.

اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص ليس بحاجة إلى انفصال ولا فيدرالية وبحاجة إلى إبداع دور، صياغة دور للإقليم الذي اسمه الجنوب وللبشر الموجودين في هذا الإقليم، ما هو الدور الذي يقدموه، كيف بالإمكان أن يكونوا واجهة اليمن نحو العالم؟

ما دمت تتحدث عن ما هو المطلوب من دور الإقليم في الجنوب هل تعتقد أن الإقليم الأكثر قوة في صعدة يمكن أن يقوم بدوره؟

لا ، هناك فرق كبير جداً جداً بين الحراك في الجنوب والحراك في الشمال في صعدة، الحراك في الجنوب هروبي يذهب إلى الانكفاء والاعتكاف والانتصار على الآخر هي حالة هروبية، الحراك في صعدة هجومي ،وهو يذهب إلى أخذ حصته من الكعكة الكبيرة المركزية، هو لا يريد الخروج عن المشروع السياسي الحالي وإنما أقصى ما يسعى إليه هو انتزاع أكبر حصة من السلطة المركزية أن يكون له دور ونفوذ في السلطة المركزية.

السلطة المركزية اليوم يضعف دورها وتسعى إلى التوريث وهناك أطراف متحفزة إسلامية تسعى لوراثة ا لنظام منها القاعدة والسلفية؟

القاعدة مشروع آخر، هو مختلف كلياً وليس لديه مشروع دولة، هو لديه مشروع تدميري،السلفيون لديهم مشروع دولة، السلفيون هم من يسعون إلى وراثة النظام وليس القاعدة، القاعدة لديها نظرة تدميرية وليست بنائية، لكن السلفيين هم من ينافسون الحوثيين في وراثة النظام. الحراك الجنوبي حالة هروبية حالة خلاص -خلصوا بذاتهم إلى أي مكان يذهبون لا يهمهم. القاعدة حالة تدميرية فقط لا تمتلك رؤية بنائية.

القاعدة تعتبر الجنوب اليوم أرضاً خصبة لنشاطها ؟

يمكن ترى فيه ملجأ ومأمناً لها ولكن ليس للعمل في الجنوب لأنه لا يوجد في الجنوب ما يمكن تدميره،ولكن كمأمن للعمل في السعودية ومناطق أخرى أي أنها منفذ لهم.

لست متفق معك ولذلك بماذا تفسر غموض حادثة اختطاف البعثة الطبية التي أعلن عن مقتل 3 منهم بينما مصير الستة مجهول في عملية مجهولة في إطار اللعب بالأوراق المختلطة؟

اعتقد أن ما حدث في صعدة أكثر من بسيط فتحول نتيجة لمعرفة الأطراف التي فعلت هذه الفعلة بضخامة وخطورة ما وقعوا فيها فتحول إلى هذا الوضع، لا أعتقد أن هذا كان مدروساً بكل هذه الدراسة والتصورات وأنه سيكون بهذا الوضع ولكن تخوف من قاموا بهذا الأمر جعلته بهذا الغموض، فشل السلطات الرسمية في الوصول إلى الفاعلين وإلى اكتشاف الغموض من وراء هذه العملية سيضعها في موقع محرج جداً وإذا ما نجح "الحوثيون" بتقديم رؤية أو معلومات واضحة هذا سيبرر أول علاقة عملية وتعامل عملي بين الحوثيين وجهة دولية.

في ظل هذا الوضع تواجه اليمن تحديات اقتصادية مخيفة تهدد المستقبل اليمني في ظل فساد مستشر يتجاهل نضوب واستنزاف للموارد الحالية نفط -مياه- غاز- والقروض فكيف يمكن النهوض بالتنمية؟

هذا هو التحدي الحقيقي لدينا نوعان من الاستهلاك هناك نهب مرئي، ونهب غير مرئي، نحن نتحدث بالفطرة عن ما هو مرئي، نرى شحة بل ونضوب للموارد الطبيعية في مقابلة كثافة سكانية وانفجار سكاني وما بينهما فساد يجعل تأثير هذين العاملين أكثر حدة، هذان المشهدان المرئيان عندما يكون تصورنا عن أنفسنا تصور ينتقل إلى العالم بأننا مجرد كتلة بشرية منفلتة في ظل شحة وانعدام موارد، هذا يؤدي إلى حالتين، قد يؤدي بنا بالإصابة بالشلل الفكري والذهني دون البحث عن مخارج ويؤدي بالعالم إلى الشعور بحالة من الفزع من هذه الكثافة البشرية ولهذا نتحول إلى مجرد طرف يتعامل مع مانحين تتصارع فيه حول ما تيسر من مساعدات وهبات، وما نتصارع عليه من بقايا موارد هذا التصور خطير وسلبي جداً عن ذاتنا وعن رؤية الآخرين عنا.

وما هو الحل ؟

هناك إمكانيات غير مرئية وهو الدور والوظيفة للإقليم وللموقع ، لدينا موقع استراتيجي مهم جداً وموروث مهم جداً، ما الذي نستطيع أن نقدمه للعالم من خلال هذا الموقع، دعنا نلقي نظرة على الخارطة اليمنية، في الجهة الشرقية من اليمن حضرموت وهذه منطقة هامة جداً كمعبر آمن لنفط الخليج إلى دول العالم، عائد اليمن من هذا المعبر الآمن سيكون أكثر بكثير من عوائد النفط اليمنية، عندما يكون لدينا حصة بسيطة من موارد نفط العالم إذا مر عبر أنابيب النفط وخزن فيها في حضرموت وأعيد تصديره للعالم، ستكون حصتنا وفائدة اليمن من هذا أكثر بكثير من عائدات النفط اليمنية كلها، وسيعطي أهمية إستراتيجية لليمن، ولكن ماذا نعمل للخوف والهواجس الأمنية ما ذا تريد منا السعودية وماذا يريد منا الخليج يريد منا اقتطاع حضرموت و منفذ إلى البحر.

كيف يمكن ذلك في ظل المخاوف المتبادلة؟

الحلول كثيرة ولكن أهمها كما تعمل كل دول العالم هو تأسيس شركة مختلطة يمنية-خليجية- دولية. تتولى وتحصل على إدارة وتشغيل أنابيب النفط وحمايتها لا يمكن أن يحصل تآمر من كل هؤلاء في العالم على اليمن وإذا كان هناك أناس قلقون جداً، نستضيف من ضمن الشركات شركة روسية، وبالتالي لا يمكن أن يتفق العالم كله على التآمر على هذا الجزء، حينها في هذه الحالة وفرنا مصلحتنا ومصلحة الخليج ، وحققنا مصالح العالم، وحققنا قبل ذلك وذاك مصلحة اليمن، دوراً وموارد وأهمية . نمر قليلاً إلى عدن هذا المثلث الاستراتيجي الهام هذا هو بوابة الخليج إلى إفريقيا ممكن يكون تخزين ومصانع تجميعية لكل الشركات العالمية الباحثة عن السوق الإفريقية على الجانب الآخر لدينا في المرتفعات وفي العمق اليمني موروث ديني وتاريخي وتراثي لكل الأديان، ممكن تنشيط سياحة دينية غير عادية والعالم مستعد يدفع. انظر إلى الجزر والشواطئ اليمنية ساحرة مازالت قادرة على جذب سياحة غير عادية من كل دول العالم، والعالم مستعد يدفع من أجل هذه السياحة، نحن لدينا الكثير، دور كبير نستطيع أن نقدمه ونعوض الموارد المباشرة مثل النفط والغاز، أي أن لدينا دوراً للمواقع وللبشر، دور للتفاعل بين الموقع وبين استثمار المواطنين فهذا الدور كله يمكن أن نلعبه، بس له مدخل واحد، يوجد عسكريان مفترسان يقفان على بوابة هما "الإرهاب والفساد" لتدمير هذا البلد، متفقان مع بعض جالسان في البوابة، إذا لم نزيحهم من بوابة المدخل هذا مدخل الدور لا يمكن أن يتم هذا الكلام.

ما هي إمكانية إزاحتهم في ظل وجودهم في رأس الدولة؟

إمكانية إزاحتهم أن نعي بأهمية الدور وبأن نعي خطورة هذين الحارسين في البوابة.

المشكلة هناك من يستثمر هذين العائقين كفزاعتين لتهديد المصالح الإقليمية والدولية؟

هذا سيؤدي إلى طريق مسدود، الوعي السياسي والوعي الجمعي عليه أن يعي بأهمية هذا الدور، إن هاتين الفزاعتين أصبحتا بحاجة إلى وفاق وطني، وهنا أقول علينا الانتقال من أدوات السياسة إلى فعل السياسة عبر توافق وطني حول هذا الرأي، أنه لا بد لنا من دور في مواجهة الفساد والإرهاب وبالتالي إذا اتفقنا على هذا الدور ستصبح قضية الإدراة والحكم المحلي والحكم غير المحلي وكل الأشكال ذات معنى، لأنه متوجد وظيفة وسننشغل عن بعض بدل ما ننشغل ببعضنا البعض.

هذا يحتاج إلى تسوية تاريخية كما قال الدكتور ياسين سعيد نعمان فما هي التسوية من وجهة نظرك؟

هي تحتاج إلى تسوية تاريخية أو تسوية إستراتيجية سمها ما سميت ولكن لا بد أن يكون موضوع التسوية هو الدور وليس فاعلية السياسة، دور اليمن واليمنيين، ما هو دورنا وما هي وظيفتنا قبل التفكير بالآليات لأنه الاقتصار على ا لتفكير بالآليات لن يوجد حلاً.

هل الحوار الوطني الذي تسير به أحزاب اللقاء المشترك مع كتل اجتماعية مختلفة يلبي هذا الدور؟

هل الحوار الوطني فقط مطلوب عندما تختلف أو تفترق المعارضة مع السلطة وأما هو مطلب يومي ووظيفة يومية للأحزاب يفترض أنه يقوم بها المؤتمر أو الأحزاب الموجودة في مجلس النواب يقوم بهذه الوظيفة باستمرار هذه هي الحالة الطبيعية حالة التصالح بينهم وبين الشارع وحالة الحوار الوطني حالة إزالة القطيعة بينهم وبين الشارع، هذه قضية طبيعية لا علاقة بين الحوار الوطني والعمل اليومي المطلوب من الأحزاب، وبين الحوار والتحاور فيما بينهم هذا شيء وهذا شيء آخر.

وماذا عن دور الشركاء الأوروبيين في الداخل؟

قبل أن أتحدث عن الشركاء الأوربيين دعني أعود إلى الدور ستجد حالة غريبة جداً ، نحن في الأصل دولة بحرية والجغرافيا تقول أننا دولة بحرية والتاريخ يقول أننا دولة بحرية، لدينا قطيعة تاريخية بيننا وبين البحر، الخارطة تؤكد هذا والتاريخ يؤكد هذا، ما نحن محتاجون إليه هو مصالحة استراتيجيه بين اليمنيين والبحر لكي يصبح وضعنا طبيعياً مع البحر، تصور عندما نتحدث مع مواطنين في الخوخة عن العاملين فيما يقولون لك لا (هدم دنقل)، فالبتالي هناك تقاطيع ثقافية وقيمية وسلوكية واقتصادية تجعلنا لا نستفيد من البحر إطلاقاً، لا يوجد نشاط اقتصادي بحري حتى على مستوى المواطنة العادية ولذلك الاصطياد محدود، لذلك نحن محتاجون إلى مصالحة تاريخية بينا وبين البحر ثقافيا واقتصادياً وتاريخياً، هذا هو المخرج الاستراتجي لا يمكن لليمن أن تظل في حالة انفصام التاريخ ضد البحر والجغرافيا مع البحر. تاريخ دولة برية وجغرافية دولة بحرية لا بد من انسجام وتطبيع بين تاريخنا وجغرافيتنا.

كيف يمكن أن يساعدنا الآخر في العالم للخروج من الأزمة كمانحين أو شركاء ؟

أقول إن العالم ليس جمعية خيرية ودعنا هنا نفرق بين المانحين والشركاء، فعندما نتحدث عن مانحين كانت هناك في العالم دول نامية تتعامل مع المانحين مثل أفغانستان وباكستان والصومال وكوسوفو، وغيرها وهي الدول التي لديها مشاكل، وبالتالي فإن علاقة المانحين هنا هي علاقة استثنائية وعلاقة المانحين تعتمد على ظروف المانح ووضعه الاقتصادي وغيره، عندما حدثت تلك الأزمة العالمية للأسعار، ماذا قال العالم المتقدم للعالم النامي، قالوا السبب إن الهنود أصبحوا يأكلون ثلاث وجبات بينما كانوا يأكلون وجبتين وأن الصينيين يشربون قلص حليب وأن اليمنيين يأكلوا رزاً أكثر من الألمان، لأنهم مانحون يتعاملون كمانحين، أنت لو تقدم مساعدة لأصدقاء هل ستمن عليهم أن ينقصوا الأكل أن يخففوا من الصرف . أنا أقول إن المشكلة ليس التعامل مع المانحين هذه حالة استثنائية ولن تحل مشكلة أي دولة وسيؤدي دائماً إلى خراب، أنا أبحث عن الانتقال من إدارة الفقر وإستراتيجية إدارة الفقر أو مهارة إدارة الفقر التي تمارسها الحكومة، اليوم ومن علاقة اليمن بالمانحين إلى إستراتيجية إدارة التنمية والعلاقة بين اليمن وشركائها وهذا لن يحصل إلا بتطوير دورنا . ماذا نقدم للعالم اليوم، المانحين ليس مجرد ناس خلفونا ونسونا ويصرفون علينا، هذا شيء غير مقبول إطلاقاً ، وبالتالي علينا إعادة صياغة علاقتنا مع العالم، مع الغرب مع الأوروبيين، مع الأمريكان إلى دور شركاء، ولا نستطيع أن نقوم بدور الشركاء إلا إذا قمنا بدور سوي وعلى المستوى الوظائف والوظيفة على مستوى الإقليم. بدون دور سنظل مجرد متلقفين للمساعدات والمنح وهذا حسب صدقاتهم وإذا كان مزاجهم مريحاً ووضعهم الاقتصادي مريحاً قدموه، وإذا كان لديهم مشاكل وأوضاعهم الاقتصادية صعبة يخفضوه وسيفرضون شروطهم في هيكلة الاقتصاد المحلي، وأعطيك مثالاً بدل أن اليوم بأن الحجم الحكومي اليوم أقل بكثير من حجم الدولة اليمنية التي يجب أن تكون، هناك حديث عن ضرورة تخفيض عدد الموظفين الحكوميين هذا تفكير بيروقراطي ساذج، نحن نريد توسيع وظيفة الدولة على مستوى اليمن كلها وبالتالي لن تكفي الوظيفية الحالية لا بد من دور للدولة على مستوى اليمن بكل امتداداتها في هذه الحالة ستجد أن الحجم الوظيفي الحالي أقل بكثير من المستوى المطلوب، ولكن لا بد أن يكون هناك دور لليمنيين حتى يستطيعوا أن يجدوا لهم دولة قادرة على هذا.

هناك تقارير صحفية تشير إلى الغرب أنه سلم ملف اليمن للملكة العربية السعودية للخروج من الأزمة الحالية؟

أنا لا أدري ما هو اليمن الذي سلم ملفه أو رفع ملفه أو قدم ملفه وكأنه على الرف علينا أن ندرك أنه هذه اليمن بتاريخها ودورها ومكوناتها الجغرافية والبشرية وهي اكبر من أن تسلم من واحد إلى واحد و يتحاذفون بملفها.

ولكن السعودية لها تأثير على الداخل اليمني؟

السعودية لها تأثير ولكن مش إلى درجة أنها تسلم للسعودية والسلام عليكم. اليمن أكبر من ملف يتناقل بين موظفي سفارات أو مكاتب مخابرات، اليمن بلد له تاريخه من المهرة إلى ميدي بكل مكوناته الاجتماعية والسياسية والثقافية والتاريخية.

هذه الجغرافيا بكثافتها البشرية أصبحت تشكل خطراً على جيرانها في الخليج؟

أعرف أن دور الخليج والسعودية هام وكبير وواسع ولكن ليس بالتعامل كونه ملفاً ولكنه دور مهم وهم يشعرون بأهمية اليمن وتأثيرها ففي الثقافة الخليجية وبالذات في المملكة العربية السعودية هناك مقولة تاريخية اعتقد أنها تحكم علاقة اليمن بالمملكة على مدار التاريخ تقول: "خيركم وشركم هو من اليمن". هذا يعني أن اليمن أكبر من مجرد ملف، دور اليمن هام جداً جداً ومؤثر جداً جداً بالنسبة لدول الخليج وبقية دول العالم، لكن عندما لا يرون في اليمن إلا مجرد انفجار سكاني وموارد شحيحة منتهية فهذا يستحضر الشر، وبالتالي يتعاملون معنا على أساس درء المفسدة تجنب شرنا، علينا أن نقول لهم لا نحن لسنا مجرد مصدر للشر، بل مصدر الخير، ومن مصلحتنا ومصلحتهم أن نبحث عن مصدر الخير، بس علينا نحن أن نعيد صياغة الرؤى التي تجعلهم ينتظرون خيرهم من اليمن، وهو بالدور الذي تحدثت عنه سابقاً.

هناك من يتحدث عن وجود مبادرة مصرية سعودية للخروج من الأزمة اليمنية؟

أنا أعتبر ذلك مجرد تهيئات أكثر منه واقع أولاً مصر لديها من المشاكل الكثير ولا أعتقد أن لديها القدرة أو الاستعداد لذلك اليمن لا يستطيع أحد من خارجه أن يقوم بدور إلا اليمنيين أنفسهم إذا خدموا أنفسهم صح واتفقوا على الدور الصح سوف يقنعون العالم ويقنعون الخليج أنه لا تفكروا بشركم من اليمن بل بخيركم من اليمن ونحن بحاجة إلى إقناع العالم بأننا قادرون على تقديم هذا الدور.

في ظل فطيعة اليمنيين مع الزمن.. هل تعتقد أن مقومات الانفصال قد تكون واردة؟

– أنا لا أرى هناك في مقومات الانفصال بل مقومات في تحلل الدولة، تحلل الدولة اليمنية كلها وبالتالي تشكل كيانات مختلفة واجتماعية إلى أن تتشكل دولة جديدة ولكن ليس انفصال.

في هذه اللحظة تصر السلطة على تعميق الشرخ النفسي والاجتماعي باحتفائها بعيد النصر في 7/7 ضد دولة الجنوب والجنوبيين؟

هذا ربما يقودنا إلى حالة الوصول إلى نهاية هذا المسار، مسار التفكير الضيق سيوصل إلى طريق مسدود، وبالتالي من رحم هذا الطريق المسدود سيولد شيء جديد مبني على ضرورة الإحساس بضرورة البقاء واعتقد أن جميع الأطراف تعي ذلك.

حالة التهور واضحة عبر استعراض القوة؟

هي حالة ضعف وليست قوة، الضعف الناتج عن حالة الشلل غير قادرة عن خلق بدائل.

رسالة يوجهها علي سيف لمكونات الحراك الجنوبي؟

مستقبلكم في دور ذلك الجزء من اليمن الذي أسمه الجنوب، وتفعيل دوركم في ذلك الإقليم وليس فقط في حالة الهروب والخلاص.

وأخرى لحالة التمترس المذهبي في صعدة؟

حان الوقت للانتقال من مربع التمترس العسكري إلى مربع الملعب السياسي.

وثالثة لغطرسة القوة التي تنتهجها السلطة؟

الغطرسة هي نتاج إحساس بالضعف. القوي أكثر استرخاء وأكثر اطمئنان وأكثر تعامل مع الآخر.

ورابعة لأحزاب اللقاء المشترك ؟

ليس معنا غيركم وليس معكم غير الشارع فاطمئنوا إلى الشارع وأخرجوا إليه.

هل الشارع اليمني مهيأ أم مربك؟

أكثر من مهيأ وحالة الارتباك هي بسبب أن الأطراف التي تتنازعه غير ديمقراطية وهو بحاجة إلى قوى ديمقراطية توجهه التوجه الصحيح .

 

زر الذهاب إلى الأعلى