أرشيف

الوطن السعودية :لنسحق التطرف الذي يعيق الحضارة

يؤكد الحريق الذي حدث أول من أمس في خيمة نادي الجوف الأدبي أن المتطرفين ما زالوا مصرين على استخدام العنف والتخريب لتحقيق أهدافهم ومنع وعرقلة كل ما يخالف رغباتهم. وما يوضح إدراكهم بأن الفعل الذي يرتكبونه ما هو إلا عمل جنائي إجرامي، أنهم يمارسون عبثهم بسرية تامة كي لا يكتشف أمرهم أحد.. ويرسلون رسائل التهديد من أرقام مجهولة لا يعرف صاحبها كي يظلوا متخفين عن الأنظار، فأي قضية تلك التي يتحول المدافعون عنها إلى مجرمين متخفين يرتكبون الجرائم ويخفون آثارهم كي لا يتعرف عليهم أحد؟

هذه السلوكيات التي لا تصدر إلا عن أناس غير أسوياء، تشير إلى أن الفاعلين غير أسوياء.. فلا حجة منطقية لدى من يقوم بإحراق منبر ثقافي سوى أنه يريد فرض رأيه وحده فقط وبالطريقة التي تعجبه، ويريد أن يلغي الأصوات الأخرى كلها. ومن أسوأ الأمور التي يمكن أن تحدث هو استخدام العنف لفرض الرأي بدل الحوار العقلاني للوصول إلى الأهداف. ولو أتينا للأمر من وجهة نظر دينية، فالإسلام تأسس على الحوار ولم يتأسس على العنف والتخريب.. تؤكد ذلك الحوارات والأحداث التي جرت في زمن البعثة النبوية وأيام الصحابة في صدر الإسلام.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم ظل يدعو المشركين بالحسنى إلى الإسلام ولم يخاطبهم إلا بلغة الرقي والسماحة، إلى أن بادروا هم باستخدام العنف معه ومع المسلمين الأوائل، وما زاده ذلك إلا صبرا وإصرارا على الاستمرار لإبلاغ رسالة الإسلام.. وشتان ما بين سلوكه صلى الله عليه وسلم وسلوك من أحرقوا خيمة أدبي الجوف. وما أسوأ من يدّعون التدين والاقتداء برسول الهدى وهم أبعد الناس عن سلوكياته.

ما حدث في الجوف قد يحدث في أي مكان من المملكة، ولأنهم أحرقوا في المرة الأولى ولم يُردعوا بقسوة فقد كرروا فعلتهم، ولذلك فالحل الوحيد مع هؤلاء وأمثالهم هو تطبيق القانون ومعاملتهم كمجرمين، فجريمتهم لم تأتِ بدون تخطيط، بل هي فعل جنائي مع سبق الإصرار والترصد.. وهم من دون شك خططوا وتحينوا الفرصة لارتكاب الجريمة ومن ثم نفذوها بعيدا عن أنظار الناس كي لا يفتضحوا.

الجريمة التي حدثت لا يجب أن تمر بسهولة وبدون عقاب صارم وقاس، ولا بد من سحق التطرف الذي يعيق حركة التنمية ويعطل الحضارة ويسعى لتكريس الظلام وحجب النور عن وطن عظيم يسابق الزمن في تحقيق المنجزات، ويتجه بإنسانه وعطاءاته للوصول إلى العالم الأول، ذلك العالم الذي لا مكان فيه للمتشددين الذين لا يعرفون سوى لغة التخريب والعنف.

زر الذهاب إلى الأعلى