أرشيف

فضائح «ويكيليكس» تتوالى.. وأوباما سيبحث تداعياتها مع رؤساء دول وحكومات

تواصل تسريبات وثائق «ويكيليكس» مفاجآتها لليوم الخامس على التوالي، في وقت تسعى الدبلوماسية الأميركية للاستمرار في محاولة السيطرة على تبعات هذه التسريبات. وأمس صرحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي اتصلت بعشرات من القادة الأجانب بعد تسريبات «ويكيليكس»، بأنها تنوي متابعة هذا المسعى طوال «أسابيع».

وقالت كلينتون لصحافيين يرافقونها السبت في طريق عودتها إلى واشنطن: «أريد متابعة اللقاءات (حول هذا الموضوع) في الأسابيع المقبلة»، موضحة أن وسائل الإعلان لم تطلع بعد على عدد كبير من الـ250 ألف برقية دبلوماسية أميركية.

وأوضحت كلينتون أيضا أن الرئيس باراك أوباما أصدر «توصيات» إلى إدارته في شأن المسؤولين الذين يتعين الاتصال بهم، مشيرة إلى أن قضية «ويكيليكس» مدرجة أيضا على «لائحة» المواضيع التي يناقشها شخصيا مع رؤساء دول وحكومات.

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية تتحدث مع الصحافيين في الطائرة التي تقلها إلى واشنطن بعد جولة في آسيا الوسطى والبحرين.

وقد طرح عليها خلال تلك الجولة كثير من الأسئلة حول التسريبات.

ووصفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تسريبات «ويكيليكس» بأنها «هجوم على العالم»، وأعربت عن أسفها لرئيسة الأرجنتين كريستينا كيرشنر والرئيس الباكستاني آصف علي زرداري على مضمونها.

وبعد تسريبات كشفت انتقادات لأداء القوات البريطانية في أفغانستان، قالت كلينتون إنها «تكن احتراما وإعجابا كبيرين للجهود الهائلة» التي تبذلها القوات البريطانية في هذا البلد.

وبغض النظر عن الفضيحة التي أثارها نشر البرقيات، اعتبرت كلينتون من جهة أخرى أنها أتاحت إظهار حجم العمل التحليلي والاستخباراتي الذي تقوم به الدبلوماسية الأميركية.

وقالت كلينتون: «بطريقة ما، يمكن أن يكون ذلك مطمئنا على الرغم من التشديد على بعض العبارات».

وفي شأن التسريبات الجديدة، فقد قالت مذكرات دبلوماسية أميركية نشرها موقع «ويكيليكس» أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة كان يرى في 2007 أن فرنسا لم تقبل فعليا يوما بالاستقلال الجزائري، وتحاول تصفية حساباتها مع الجزائر عبر دعم المغرب. كما رأى بوتفليقة أن الفرنسيين، ونظرا لتاريخهم الاستعماري في المغرب، لا يستطيعون لعب دور بناء في النزاع في الصحراء الغربية.

وجاءت تصريحات الرئيس الجزائري التي وردت في مذكرات نشرتها صحيفة «لوموند» مساء أول من أمس خلال لقاء مع فرانسيس فراغوس تاونسند مستشارة الرئيس الأميركي جورج بوش للشؤون الأمنية.

من جهة ثانية، قدم وزير المالية الأفغاني استقالته بسبب برقية أميركية مسربة أوردته يصف الرئيس حميد كرزاي بأنه «جل ضعيف»، وقال إن العلاقات مع السفارة الأميركية في كابل تضررت.

وأبلغ وزير المالية عمر زخيلوال مؤتمرا صحافيا أنه لم يستخدم مطلقا كلمة «ضعيف» لوصف كرزاي، وأنه قال إن السفير الأميركي، كارل إيكنبري، كان قد «استخدم اسمي لتدعيم رأيه في رئيسنا». وقال: «أرى أن هذا يفتقد المهنية بشدة… أرى أن هذا ينطوي على قدر هائل من عدم الاحترام… أرى أن هذا يفتقر إلى الدبلوماسية بشدة». وأضاف: «هذا لا يترك ثقة بيني وبين السفير».

غير أن الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، شكك بشدة في صحة البرقيات الدبلوماسية الأميركية التي سربها موقع «ويكيليكس» والتي كشفت انتقادات شديدة وجهت إليه وإلى إدارته التي وصفت بأنها شديدة الفساد.

وتعليقا على البرقيات الدبلوماسية، قال كرزاي في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني في كابل: «لا نعرف ماذا نفعل بهذه الحكاية، هل يجب تصديقهم أم لا… أميل إلى عدم التصديق».

وكشفت سلسلة من البرقيات الدبلوماسية الأميركية نشرها موقع «ويكيليكس» هذا الأسبوع انتقادات شديدة للرئيس الأفغاني، واصفة إياه بأنه «ضعيف» وقليل الكفاءة ومتورط في نظام شديد الفساد.

إلى ذلك، يحاول موقع «ويكيليكس» البقاء على شبكة الإنترنت بعد أن أصدرت السويد مذكرة توقيف جديدة بحق مؤسسه، وكذلك مقاومة الهجمات التي يتعرض لها والمحاولات الحكومية لإسكاته.

وأعلن مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانج، الذي يعتقد أنه موجود في بريطانيا، أنه عزز التدابير الأمنية لضمان سلامته بعد أن تلقى تهديدات بالقتل إثر بدء موقعه بنشر 250 ألف برقية دبلوماسية أميركية سرية.

وفي ستوكهولم أصدر المدعون السويديون مذكرة توقيف جديدة بحق أسانج لاستجوابه على خلفية الاشتباه في تورطه في «عملية اغتصاب وتحرش جنسي» بحق امرأتين لوقائع جرت في السويد في أغسطس (آب).

وصرحت كارين روزندر، المتحدثة باسم مكتب المدعي، لـ«فرانس برس»: «طلبوا المزيد من المعلومات بشأن العقوبة القصوى لكل التهم المدرجة في الملف. عادة يتم إدراج أخطر تهمة في الملف».

وأفادت تقارير في بريطانيا بأن أسانج قد يعتقل خلال 10 أيام. واضطر موقع «ويكيليكس» إلى تغيير اسم نطاق الإنترنت ونقله إلى سويسرا بعد أن أغلقته شركة أميركية كانت تستضيفه، في حين حاولت فرنسا منع استضافة «ويكيليكس» على المواقع الإلكترونية الفرنسية.

وفي سلسلة أسئلة وأجوبة على الإنترنت مع صحيفة «ذي غارديان» وعد أسانج بمقاومة «الهجمات التي تستهدفنا من قبل الولايات المتحدة».

وقال أسانج (39 عاما) «التهديدات على حياتنا أصبحت مسألة علنية. لكننا نتخذ التدابير اللازمة لدرجة أننا أصبحنا قادرين على التعامل مع قوة عظمى».

وقال المرشح الجمهوري السابق للانتخابات الرئاسية الأميركية مايك هاكابي، إن الإعدام يجب أن يكون مصير الأشخاص الذين سربوا هذه البرقيات، حتى إن البعض دعا إلى اغتيال أسانج.

وقال مارك ستيفنز، محامي أسانج، في لندن إنه لم يتلق كما لم تتلق شرطة اسكوتلنديارد المذكرة الجديدة التي أصدرتها السويد.

وقال ستيفنز إن المذكرة تندرج في إطار الجهود الرامية إلى إسكات موقع «ويكيليكس»، موضحا أن «دولة بارزة» وراء هذه المحاولات.

وفي فرنسا، سعى الوزير الفرنسي للصناعة والطاقة والاقتصاد الرقمي أريك بيسون إلى منع استضافة «ويكيليكس» على المواقع الإلكترونية الفرنسية، معتبرا أن ذلك يعرض للخطر «أشخاصا تحميهم السرية الدبلوماسية»، على ما علم أول من أمس لدى الوزارة.

ويستضيف مزود الخدمات «أو في إش» في شمال فرنسا منذ الخميس موقع «ويكيليكس» بعدما طرده الأربعاء الموقع الأميركي العملاق أمازون.

وقد انتقل موقع «ويكيليكس» الجمعة إلى سويسرا، في حين تسعى واشنطن إلى وقف أنشطته وأنشطة مؤسسه جوليان أسانج.

وأوضحت الوزارة أنها طلبت من المجلس العام للصناعة والطاقة والتقنيات إطلاعها بأسرع ما يمكن على سبل وقف حصول «ويكيليكس» على خادم من شركة لتزويد المواقع بالخوادم في فرنسا. وعلى أثر طلب السلطات الفرنسية، أعلنت شركة الخوادم الفرنسية التي تستضيف «ويكيليكس» أنها ستقدم طلبا إلى قاض لاستيضاح مسألة «شرعية هذا الموقع على الأراضي الفرنسية».

وفي بغداد، قالت متحدثة باسم الجيش الأميركي في العراق إن الجيش يحاول إقناع الجنود بعدم قراءة الوثائق السرية التي ينشرها موقع «ويكيليكس».

وظهرت رسالة الجمعة على شبكة الإنترنت الخاصة بالقوات الأميركية لدى محاولة الوصول إلى الأخبار وغيرها من المواقع تنصح الجنود بعدم قراءة أو تنزيل أو إعادة توجيه نشرات «ويكيليكس».

ونصت الرسالة على أنه «وفقا لقواعد وزارة الدفاع، على الجميع الامتناع عن قراءة مواد متعلقة بنشرات (ويكيليكس)».

لكن السرجنت كيلي لين أكدت في رسالة بالبريد الإلكتروني لوكالة «فرانس برس» عدم حجب الإنترنت، وقالت: «لم نغلق أي موقع إخباري تتم قراءته».

وفي برلين، أعلن موقع خدمة العملة الإلكترونية «باي بال» عن التوقف عن تلقي تبرعات لدعم موقع «ويكيليكس»، وقال الموقع المملوك لموقع المزادات الشهير «إيباي» إن قرار إغلاق حساب «ويكيليكس» بشكل دائم راجع إلى «انتهاك شروط الاستفادة» من هذه الخدمة.

وأضاف الموقع أن «باي بال» يحظر الاستفادة من خدمته في حال استخدم ذلك لتشجيع «أنشطة غير شرعية»، في إشارة إلى تسريب «ويكيليكس» للملفات السرية للخارجية الأميركية.

كان جوليان أسانج، مؤسس موقع «ويكيليكس»، قد قال إن الموقع يحتاج إلى تبرعات سنوية بقيمة 200 ألف دولار على الأقل للاستمرار في عمله.

وفي سياق متصل، أفادت مجلة «فوكوس» الألمانية الصادرة غدا الاثنين بأن موقع «باي بال» أغلق اليوم أيضا حساب مؤسسة ألمانية تسمى «فاو هولاند»، بحيث لن تتمكن من تلقي تبرعات من الموقع الخدمي لـ«ويكيليكس».

يذكر أن هذه المؤسسة مسماة باسم أحد الناشطين في اتحاد قراصنة الكومبيوتر «هاكرز» والمعروف اختصارا بـ«سي سي سي» الذي توفي في عام 2001، حيث ينادي أعضاء هذا الاتحاد بإرساء حق إنساني جديد في الاتصالات المفتوحة دون حظر على مستوى العالم.

وقالت مجلة «فوكوس» إن المؤسسة كانت قد تلقت بعد وقت قصير من نشر «ويكيليكس» لـ250 ألف وثيقة سرية للخارجية الأميركية 15 ألف يورو من أشخاص متعاطفين مع «ويكيليكس» من جميع أنحاء العالم.

 لشرق الأوسط

زر الذهاب إلى الأعلى