أرشيف

اليمن: مخاوف من تنامي ظاهرة (الاغتصاب) في ظل خلل تشريعي لمعاقبة مرتكبيها

أعرب العديد من المحامين والناشطين اليمنيين في مجال حقوق الإنسان أمس عن  مخاوفهم من تنامي ظاهرة الاغتصاب في اليمن، التي أصبحت تلقي بظلالها  السلبية على المجتمع وتؤثر على العديد من الجوانب الحياتية وتصعد المخاوف  الأمنية على الضعفاء وصغار السن من الذكور والإناث.

وكشفت رئيسة منتدى الشقائق لحقوق الإنسان في اليمن أمل الباشا أن قضية  الاغتصاب في اليمن تنامت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة لدرجة أنها أصبحت  (ظاهرة) وليست مجرد قضايا عابرة.

وقالت (إن معدل حالات الاغتصاب  المرصودة في اليمن وصل إلى 8 حالات في الشهر)، مؤكدة أن هذا المعدل لا يعبر  عن الحجم الحقيقي لهذه المشكلة المتنامية في المجتمع اليمني.

موضحة ان  (الأرقام التي تم رصدها من حالات الاغتصاب بمثابة رأس الجليد فقط لحجم  المشكلة الحقيقي ولا تعبر عن الواقع الحقيقي لعدد حالات الاغتصاب في  البلاد).

وذكرت أن (أغلب قضايا الاغتصاب لا يتم الإبلاغ عنها، أو لا  يتم رصدها، بسبب الخوف من العار والفضيحة للضحية، كما أن الكثير من قضايا  الاغتصاب ضاعت في أروقة المحاكم بسبب انعدام الأدلة لإكمال إجراء المحاكمة  للجناة).

وأشارت إلى أن عدد حالات الاغتصاب للنساء البالغات أكثر بكثير  من عدد حالات الاغتصاب للأطفال من الجنسين، غير أن النساء يفتقدن الجرأة  وبالتالي يضطررن إلى كتم سرّهن حفاظا على شرف العائلة وخشية الفضيحة والعار  المجتمعي وخشية من ردة الفعل بتحميلهن المسؤولية بدلا من الوقوف إلى  جانبهن كضحايا.

وأشارت إلى أن مشكلة الاغتصاب من قبل الأجانب اختلطت  بقضية الاغتصاب من قبل المحارم (أقارب المغتصبة) وهو ما سبب إشكالية  قانونية في عملية التعامل مع مثل هذه القضايا، كما أن هناك إشكالية في  عملية تعريف الاغتصاب وتضاربا كبيرا في القوانين اليمنية حول حجم العقوبة  القانونية ضد مقترفي جريمة الاغتصاب.

وذكرت أن القانون اليمني أغفل  قضية اغتصاب المحارم، بينما عمليات الرصد لحالات الاغتصاب تكشف أن العديد  من الحالات ارتكبت من قبل المحارم ومن بينها ما ارتكب من قبل آباء الفتيات  المغتصبات.

وكان منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان بصنعاء أعلن أمس  نتائج رصده لحالات الاغتصاب في اليمن خلال السنة والنصف الماضية، حيث كشف  أن عدد ضحايا الاغتصاب من الجنسين التي تم رصدها عبر المنتدى وصل إلى 81  حالة، في جميع المحافظات اليمنية، وجاءت محافظة إب وصنعاء والحديدة وتعز في  مقدمة المحافظات التي حصلت فيها حالات اغتصاب، وتنوعت أماكن ارتكاب هذه  الجرائم بين الريف والحضر وأغلبها ارتكبت في أماكن الخلاء فيما جاء الشارع  وبيوت الجيران في المرتبة الثانية من هذه الأماكن.

وذكرت إحصائية  المنتدى أن برنامج الحماية القانونية في منتدى الشقائق رصد عبر وحدة  الاستماع والإعلام وقوع 133 حالة اغتصاب خلال الفترة من آذار (مارس) 2009  إلى تشرين الثاني (نوفمبر) 2010.

إلى ذلك كشف عضو مجلس النواب شوقي  القاضي أن الأرقام التي أعلنها منتدى الشقائق العربي (تافهة جدا جدا جدا)،  مقارنة بما هو حاصل على أرض الواقع، ولا تعبر مطلقا عن الواقع الحقيقي لحجم  هذه المشكلة.

وذكر أن قانون العيب والعار يسهم بشكل كبير في إخفاء  حالات الاغتصاب والتستر عليها، وأن قضية التمييز المجتمعي ضد المرأة  المغتصبة تظل مشكلة تحمّل المرأة المغتصبة المسؤولية المجتمعية جراء وقوع  ذلك، حيث يرجع المجتمع أسباب وقوع جريمة الاغتصاب إلى المرأة الضحية التي  خرجت للدراسة أو العمل أو للتسوق.

من جانبه قال عضو مجلس النواب سنان  العجي ان قضية الاغتصاب أصبحت ظاهرة فعلا في اليمن، وأصبح من الضرورة بمكان  إصدار قوانين بعقوبات واضحة ومشددة ضد مرتكبي جريمة الاغتصاب، حتى تكون  رادعة لمرتكبي هذه الجريمة.

وأشارت الناشطة الحقوقية بلقيس اللهبي إلى  إشكالية أن جرائم الاغتصاب تزداد ارتفاعا في اليمن خلال فترة الدراسة فيما  تنخفض خلال فترة الإجازات المدرسية، وهو ما يوحي بأن الذهاب للدراسة يتسبب  في وقوع هذه الجرائم، وأن عملية التعليم لم تحافظ على الأطفال من الوقوع  ضحايا لعمليات الاغتصاب.

من جهته كشف المحامي عبد السلام أحمد راشد أن  مشكلة الاغتصاب تعاظمت من خلال ارتكاب بعضها من قبل المحارم وفي مقدمتهم  الآباء. وذكر مثالا على ذلك، قيام أحد الآباء في محافظة إب باغتصاب ابنته  لمدة أربع سنوات منذ العام 2007 وحتى العام 2010 منذ أن كان عمرها 12 سنة  فقط، وأن ابنته تحرّجت من الإبلاغ عن والدها الذي يغتصبها باستمرار.

مشيرا  إلى أن الكثير من هذه المواقف لا يتم اكتشافها إلا عن طريق الصدفة، كما  حدث لاكتشاف هذه الحالة، الذي تم عندما بدأت حالات الغثيان تظهر على الطفلة  المغتصبة في طابور الصباح بالمدرسة، وأن الاخصائية الاجتماعية قامت بعمل  جلسات خاصة مع الطالبة لمعرفة أسباب ظهور حالات الغثيان عليها، فأكدت  الطفلة أن أباها كان يغتصبها منذ 4 سنوات.

أمل الباشا، كانت أيضا كشفت  أن العديد من قضايا الاغتصاب يتم التلاعب بها قانونيا بسبب الاختلال  القانوني حيال العقوبات ضد مقترفي جرائم الاغتصاب. وذكرت أن هناك مشكلة  اجتماعية في حضرموت حيال اغتصاب الأطفال الذكور، حيث جرت العادة أن  الانتقام في الخلافات بين الأسر في المحافظات الشمالية والقبلية يتم عبر  القتل للخصوم، بينما يتم في محافظة حضرموت عبر اغتصاب أطفال الخصوم انتقاما  من أسرهم.

زر الذهاب إلى الأعلى