أرشيف

عقد يمني مثخن بالحروب والمواجهات والاحتجاجات

 استهل اليمن العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بتحديات حقيقية مع العالم ضد تنظيم القاعدة ، ففي العام 2001 هز العالم حدث الهجوم على الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان لهذا الحدث انعكاس سيئ على اليمن الذي وجد نفسه في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي رأت فيه البلد الثاني بعد أفغانستان الذي يشكل تهديداً جدياً ضدها، ولولا التحركات التي قام بها الرئيس علي عبدالله صالح لاحتواء هذا الغضب لبقي اليمن على رأس أولويات واشنطن في مجال مكافحة الإرهاب .
 

شهد العقد الأول من القرن الحالي تطورات مهمة أخرى على الصعيد اليمني، أبرزها حروب ست خاضتها الدولة ضد جماعة المتمردين الحوثيين في الشمال، بالإضافة إلى بروز نزعة التمرد في الجنوب، حيث تزايد المطالبون بالانفصال عن دولة الوحدة، كما شهدت السنوات العشر الأولى من القرن الحالي مواجهات شاملة مع تنظيم القاعدة، الذي وسع من نفوذه في العديد من المناطق .

وفي السنوات العشر الأولى من القرن الحالي شهد اليمن منعطفات سياسية مهمة تمثلت في الانتخابات التشريعية التي جرت لانتخاب مجلس النواب الذي تنتهي ولايته بعد أشهر وانتخابات رئاسية خاضها الرئيس صالح للمرة الأولى خلال العام 2006 ضد مرشح منافس من المعارضة هو المهندس فيصل بن شملان، الذي توفي مطلع العام الماضي .
 
وتميزت السنوات العشر الأولى من القرن الحالي بعدم استقرار المناخات السياسية في البلاد، حيث أدت الخلافات السياسية بين الأحزاب المختلفة، بخاصة بين السلطة والمعارضة إلى تأزيم الوضع في المشهد السياسي العام، وكان اغتيال القيادي المعارض جارالله عمر أحد أبرز شواهد ذلك المشهد، كما شهد اليمن خلال تلك الفترة كوارث طبيعية، كان من أبرزها كوارث السيول في عدد من مناطق البلاد وكارثة انهيار قرية الظفير، بالإضافة إلى ظهور وباء “حمى الضنك” في بعض مناطق الحديدة، غربي البلاد، ما أسفر عن وفاة العشرات من أبناء تلك المناطق وبعض المناطق الساحلية الأخرى مثل عدن وحضرموت .
 
وفي الشأن الاقتصادي تعرض اليمن إلى هزة اقتصادية كبيرة، بعد تقلص إنتاج النفط، ما أجبر الحكومة على اتباع ما صار يعرف ب “سياسة الجرع”، التي أخرجت الناس إلى الشوارع في بعض السنوات للتعبير عن عدم رضاهم عن تطبيق الجرعات السعرية .

وبالإجمال فقد تغيرت صورة اليمن خلال السنوات العشر الأولى من القرن الحادي والعشرين، فاليمن الذي كانت تحكمه ثلاثة أحزاب صار حزب المؤتمر وحده هو الذي يحكمه، واليمن الذي كان مستقراً في أوضاعه الداخلية إلى حد ما حتى مع اندلاع الحرب الأهلية العام 1994 صارت تتنازعه مشاريع التقسيم والتجزئة والخلافات السياسية .

أزمات متعددة

لم يهنأ اليمن باستقرار تام منذ خروجه من الحرب الأهلية التي اندلعت فيه في شهر مايو/ أيار من العام ،1994 إذ دخلت البلاد في أزمات عديدة، كانت أبرزها العام 1998 عندما كانت على وشك الانهيار بسبب الوضع الاقتصادي الناتج عن تكلفة الحرب التي كلفت خزينة الدولة ما يقرب من 11 مليار ريال، ما دفع صنعاء إلى الاستنجاد ببعض شركائها وأصدقائها في المحيط الإقليمي والدولي لتجاوز آثار هذه الأزمات، إلا أن السنوات التي أعقبت ذلك بدأ فيها النظام يتعافى تدريجياً بعد اتخاذ إجراءات تقشفية صارمة، نفذت من خلالها حكومة عبدالعزيز عبدالغني ومن بعده الدكتور عبدالكريم الإرياني والدكتور فرج بن غانم العديد من الإجراءات الاقتصادية التي تمثلت في رفع الدعم عن المشتقات النفطية، التي كانت تشكل مشكلة كبيرة في ميزانية الدولة، إلا أن حكومتي الدكتور الإرياني، كما هو حال الدكتور فرج بن غانم لم تصمدا أمام الأوضاع التي كانت تتسارع بين وقت لآخر منذرة بما هو أسوأ .
 
وفي العام 2002 أسندت مهمة رئاسة الحكومة إلى عبدالقادر باجمال، الذي أوكلت إليه العديد من المهام الصعبة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية، والذي عمل خلال السنوات التي بقي فيها رئيساً للوزراء على إبعاد الاقتصاد من دائرة الخطر، إلا أن ذلك لم يحل دون استمرار تردي الأوضاع، رغم التوقيع على اتفاقية لتصدير الغاز المسال مع كوريا الجنوبية بمليارات الدولارات، إلا أنه رافق ذلك الكثير من التجاوزات، وهي التجاوزات التي طرحت قبل أشهر على مجلس النواب بعدما اعتبرت الاتفاقية مجحفة بحق اليمن .

وجاءت قضية “الجرع السعرية” لتضيف أزمة جديدة إلى الاقتصاد المتهالك أصلاً، حيث عمدت الحكومة إلى اتخاذ سلسلة من الضوابط الإجرائية لحماية الاقتصاد من الانهيار عبر رفع الدعم عن بعض المواد الغذائية والمشتقات النفطية، وهو ما أثر في قطاع كبير من المواطنين، الذين خرجوا إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم من الإجراءات الجديدة التي مست حياتهم بشكل كبير، وكانت أكثر التظاهرات التي خرجت في العاصمة صنعاء، والتي وقعت خلالها مواجهات بين المواطنين وقوات الجيش، الأمر الذي كادت القيادة السياسية تعلن فيه حالة الطوارئ لاحتواء هذه التظاهرات .
 
وأجبرت هذه التطورات الحكومية على اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، حيث قامت الحكومة بالتدقيق في الوظائف الوهمية، التي كانت تعرف ب “الازدواج الوظيفي”، والتي كانت تستنزف الكثير من الأموال وطبقت سياسة صارمة في هذه القضية، حيث تم تجريد عشرات الآلاف من الموظفين من عدد من الوظائف التي كانوا يشغلونها، وهو ما وفر مليارات الريالات لخزينة الدولة . وعقب الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم تطلب من اليمن البحث في طرق جديدة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وبدأ التحرك تجاه أشقائه وأصدقائه من جديد، فتكونت ما صار يعرف ب “مجموعة أصدقاء اليمن”، التي عقدت العام الماضي سلسلة من المؤتمرات أهمها مؤتمر لندن للبحث عن السبل الكفيلة بدعم اليمن اقتصادياً، حيث تعهد العديد من الدول بتقديم دعم كبير لليمن، كان من أبرزها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة .
 
نزعات تمرد وتوجهات انفصالية
 
لم يسلم اليمن من الأزمات الاقتصادية ، فدخل في أزمات سياسية قادت إلى نزعات تمرد في شمالي البلاد وتوجهات انفصالية في الجنوب، فبعد سنوات من الحرب التي شهدها اليمن خلال العام ،1994 وهي الحرب التي أرهقت البلد اقتصادياً، بدأ أول التحديات الجدية التي وقفت أمام الدولة الموحدة، وتمثل في حركة تمرد الحوثي، التي خرج قادتها على الدولة وبدأوا بخوض حرب عقيدية هذه المرة في محافظة صعدة، إذ كانت الحجة من اندلاع الحرب بين المتمردين الحوثيين والحكومة تهميش أتباع المذهب الزيدي لصالح الاتجاه السلفي وعدم تمكينهم من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية .
 
أولى الحروب بين الدولة والحوثيين كانت في شهر يونيو/ حزيران من العام ،2004 والتي بدأت بشكل محدود في منطقة حيدان، مسقط زعيم الحركة حسين بدر الدين الحوثي، لكنها طالت لتمتد إلى ثلاثة أشهر، حيث أعلن في شهر سبتمبر/ أيلول عن مصرع الحوثي حسين، واعتقدت صنعاء أن هذه الحرب ستكون الأولى والأخيرة، وأنها أسكتت أول خروج لجماعة دينية على الدولة، لكن الحركة أعادت تجميع صفوفها من جديد، وهذه المرة بواسطة الأب بدرالدين الحوثي، حيث اندلعت حرب ثانية استمرت أشهراً أقل من الحرب الأولى، لكنها تكررت في العام الثالث على شكل حرب شاملة اتسعت فيها ساحة المواجهات في إطار محافظة صعدة نفسها .

وفي الحروب الرابعة والخامسة والسادسة كانت المعارك قد أخذت بعداً أكبر، وتأكد لصنعاء أن القضية أكبر مما كانت تتوقع، خاصة مع بدء الحديث عن دعم إيراني للحركة الحوثية، حيث أعلن ذلك أكثر من مسؤول يمني، بمن فيهم الرئيس علي عبدالله صالح الذي قال في إحدى مقابلاته الصحافية إن الحوثيين يتسلمون دعماً من بعض المرجعيات الدينية في إيران، كما أنهم بدأوا بالأخذ بتجربة حزب الله في لبنان، وأنه تم العثور في المقار التي كانت تقع تحت سيطرة الحوثيين على العديد من الأشرطة التي تؤكد وجود تجربة حزب الله لدى حركة الحوثي، كما أعلنت صنعاء أنها عثرت على أدلة تؤكد تورط عدد من القيادات الإيرانية بتقديم الدعم المالي والسلاح لحركة الحوثي، وقدمت صنعاء إلى المحاكم العديد من المتهمين بالتعاون والتخابر لصالح إيران، وأصدرت ضدهم أحكاماً بالإعدام والسجن .
 
وشكلت الحروب الست إحراجاً للسلطات اليمنية التي كانت تعلن عند نهاية كل حرب أنها ستكون آخر الحروب، إلا أن شوكة الحوثيين كانت تقوى أكثر وأكثر، والدليل على ذلك أنهم باتوا يسيطرون اليوم على نسبة كبيرة من مساحة محافظة صعدة، بالإضافة إلى تمددهم في أجزاء كبيرة من محافظتي عمران والجوف، وبدأوا بفرض مشاريعهم في هذه المحافظات .

وكانت الحروب الثلاث الأخيرة تنتهي بتوقيع اتفاقيات بين الدولة والمتمردين الحوثيين، إلا أنها لم تكن تصمد كثيراً، حيث كان كل طرف يلقي باللائمة على الطرف الآخر في خرق الاتفاق، الأمر الذي دفع الحكومة إلى قبول وساطة قطرية لوضع حد لتجدد الحروب .

ورغم أن قطر توسطت في الحرب الخامسة، إلا أن هذه الوساطة لم تكن قادرة على منع اندلاع الحرب السادسة التي كانت أكثر الحروب شراسة ودماراً، فقد حصدت الآلاف من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين وكبّدت خزينة الدولة ما يقرب من ثلاثة مليارات دولار أمريكي، وهو ما اعترف به نائب الرئيس عبدربه منصور هادي الذي قال إن عدد القتلى في صفوف الجيش خلال هذه الحروب بلغ ثلاثة آلاف شخص، بالإضافة إلى 14 ألف جريح، كما أثرت الحرب الأخيرة بشكل أكبر في أوضاع أهالي صعدة وحرف سفيان بمحافظة عمران والجوف، والذين دمرت منازلهم ومزارعهم .
 
وكشف الوضع الإنساني المتدهور عن حجم الدمار الذي لحق بأهالي وسكان مناطق الحروب، حيث تشرد عشرات الآلاف من مناطقهم ومنازلهم، وبنيت مخيمات للاجئين في محافظة حجة القريبة لاستيعابهم، ما أظهر مساوئ الوضع بعد أن بدأت منظمات إنسانية عربية ودولية بالتدخل لإنقاذهم، وبعد أن عجزت الحكومة عن احتواء الوضع .

وتعتبر الاتفاقية التي وقعت في العاصمة القطرية الدوحة مؤخراً محاولة أخيرة للجم اندلاع حرب سابعة تبدو مؤشراتها واضحة للعيان، فعلى الرغم من التزام الطرفين ببنود الاتفاقية، إلا أن الوضع ليس مستتباً بشكل مطمئن، إذ تشكو الدولة عدم التزام الحوثيين بتمكين الدولة من إعادة إعمار المناطق المدمرة، بالقول إن المتمردين مازالوا يشكلون عقبة حقيقية أمام تطبيق اتفاقية السلام، فيما يشكو الحوثيون عدم التزام الدولة بالوعود التي قطعهتا لجهة الإفراج عن مؤيدي الحركة، الذين يتواجدون في سجون صعدة والعاصمة صنعاء .
 
وترجمة لهذا الوضع وجدت السلطة اليمنية نفسها غير قادرة على احتواء المواجهات التي اندلعت مؤخراً بين الحوثيين ورجال القبائل الموالين لها، إذ لم تتمكن من دعم رجال القبائل الذين وجدوا أنفسهم وجهاً لوجه مع المتمردين الحوثيين، والذين تمكنوا من كسب مناطق نفوذ جديدة غير تلك التي كسبوها خلال الحروب الست مع الدولة .
 

ودخل تنظيم القاعدة في لعبة الحرب ضد الحوثيين، حيث استهدف التنظيم مواكب للحوثيين أثناء احتفالاتهم بيوم “الغديد”، وهي مناسبة دينية يحييها الحوثيون كل عام، بسيارات مفخخة أدت إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح، وهي حوادث أعادت إلى الأذهان الحرب الطائفية في العراق، وطوى العام الماضي 2010 صفحاته برحيل الأب الروحي لحركة تمرد الحوثي بدرالدين الحوثي، وهو ما أفسح المجال لتربع زعيم الحركة الحالي عبدالملك الحوثي على شؤون الحركة .

وبينما كانت صنعاء منشغلة في الشمال بمواجهة مد الحركة الحوثية كانت الأوضاع تتفاعل في الجنوب بشكل أسوأ، فقد بدأ يتنامى الشعور بالانفصال عند شريحة كبيرة من أبناء المناطق الجنوبية، بخاصة في ثلاث مناطق هي أبين ولحج والضالع، حيث بدأت حركة الاحتجاجات تأخذ طابعاً حقوقياً خلال العام 2007 عبر احتجاجات للمئات من العسكريين الذين استبعدوا من وظائفهم في المؤسسة العسكرية وأحيلوا إلى التقاعد بمبالغ زهيدة، سرعان ما انضم إليهم الشباب العاطلون عن العمل والمتقاعدون الدبلوماسيون .

وبعد أن تأخرت المعالجات من قبل السلطة لاحتواء الأمر، وجدت صنعاء نفسها أمام سيل من الاحتجاجات التي طالت الشارع الجنوبي كله، ودخلت القوة مكان المعالجات السلمية، الأمر الذي أدخل الجنوب في مواجهة مع السلطة، فتكوّن العديد من الفصائل السياسية للمطالبة بحقوق قانونية ثم تطورت إلى مطالب سياسية، وانتقلت المواجهات بعدها إلى الشارع، حيث قتل المئات من أنصار الحراك الجنوبي والجيش في مواجهات متعددة كانت ساحاتها أبين، لحج، الضالع وعدن .
 
وبدأ الحراك الجنوبي يتبلور أكثر وأكثر بعد دخول أطراف في الخارج لتغذية الشارع الجنوبي للانتفاضة ضد السلطة، ومن أبرز اللاعبين في هذا المجال نائب الرئيس السابق علي سالم البيض، الذي خرج من سلطنة عمان، حيث كان يقيم منذ انتهاء الحرب خلال العام 1994 إلى ألمانيا وإعلانه مطلب “فك الارتباط بين الشمال والجنوب” وعودة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية .

وبعد أن وجد الحراك صدى في الشارع الجنوبي خلال السنوات الثلاث الماضية، بدأت الخلافات تدب بين قادته خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي، ما وضع الحراك في مأزق حقيقي، كما أن انحسار الحراك في مناطق معينة، مثل الضالع ولحج وأبين وتراجعه في بقية المحافظات التي كان نشطاً فيها، مثل عدن وحضرموت أضعفا من زخم الحراك، وبدأت أصوات مطالبة بتغيير خطابه وجعله قادراً على استقطاب الشارع الجنوبي .
 
حروب “القاعدة”

شكلت المواجهات بين السلطات اليمنية وتنظيم القاعدة أحد أكبر وأكثر التحديات التي واجهت اليمن خلال السنوات العشر الماضية، فهذه السنوات كانت حافلة بالمواجهات بين صنعاء والتنظيم، فصنعاء كانت مطالبة بتنفيذ مطالب المجتمع الدولي بحزم أكبر ضد التنظيم الذي أعاد ترتيب صفوفه في اليمن من جديد، خاصة مع الأنباء التي كانت تشير إلى انتقال المئات من عناصره من أفغانستان إلى الأراضي اليمنية .

بدأت أولى المواجهات بين السلطات اليمنية وتنظيم القاعدة في أواخر القرن الماضي عند استهداف المدمرة الأمريكية “كول” التي كانت ترسو حينها بمدينة عدن، حيث هوجمت في الثاني عشر من شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام ،2000 وقتل فيه 17 بحاراً أمريكياً، وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 بأشهر قليلة تعرضت الناقلة النفطية “ليمبورغ” إلى هجوم في حضرموت أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، ولم تخل السنوات اللاحقة من مواجهات شاملة مع عناصر تنظيم القاعدة، حيث نفذ التنظيم أكثر من 40 عملية استهدفت سفارات أجنبية ومنشآت نفطية ومعسكرات تابعة للجيش ومقرات استخبارات ومهاجمة قوافل سياح، ومصالح يمنية عدة .
 
وامتدت المواجهات بين صنعاء و”القاعدة” لتشمل عدداً من المناطق اليمنية، لكن أبرز الساحات التي وقعت فيها المواجهات تمثلت في مأرب، صنعاء، أبين، شبوة، وحضرموت وبشكل أقل مدينة عدن، حيث تمكن تنظيم القاعدة من اختراق الإجراءات الأمنية التي اتخذتها صنعاء لملاحقة عناصر التنظيم، وازدادت ضرباته بعد أعلن عن توحيد فرعي تنظيم القاعدة في كل من اليمن والمملكة العربية السعودية مطلع شهر يناير/ كانون الثاني ،2009 حيث طالت بعض ضرباته الأراضي السعودية من خلال محاولة اغتيال بعض المسؤولين الأمنيين فيها، وسبب التنظيم صداعاً لليمن والمجتمع الدولي بتبنيه عملية الطرود الناسفة التي كانت في طريقها إلى الولايات المتحدة في شهر أكتوبر من العام المنصرم، بالإضافة إلى تبنيه تجهيز الشاب النيجيري عمر الفاروق لتفجير طائرة أمريكية أثناء أعياد الميلاد العام 2009 .
 
حراك سياسي مثقل بالأزمات

شهد العقد الأول من القرن الحالي حراكاً سياسياً غير عادي في اليمن، فالسلطة والمعارضة أبقتا أبواب الأزمات مشرعة بينهما، فخلال هذا العقد شهدت البلاد انتخابات تشريعية في العام 2003 أفرزت برلماناً غير متوازن بحصول حزب المؤتمر الشعبي العام على غالبية مقاعده ومجيء حزب التجمع اليمني للإصلاح في المرتبة الثانية والحزب الاشتراكي في المرتبة الثالثة بعدد أقل من المقاعد، وهي المرة التي يشارك فيها هذا الحزب في الانتخابات بعد إعلانه مقاطعة انتخابات العام 1997 بسبب الموقف من الحرب الأهلية الأخيرة .
 
وكانت المحطة الثانية هي محطة الانتخابات الرئاسية التي خاضتها المعارضة للمرة الأولى في تاريخها حيث نافست المعارضة الرئيس علي عبدالله صالح بالمهندس فيصل بن شملان، الذي حصل على ما نسبته 22 % من أصوات الناخبين، وكانت الانتخابات شرسة بما يدل على حدة الأزمة بين الجانبين وعلى الرغم من هذه المشاركة، إلا أن العلاقة بين السلطة وأحزاب المعارضة اتسمت بالتوتر، ولم تنفع الاتفاقيات التي وقعت بين الطرفين للدخول في انتخابات العام السابق في الحد من هذا التوتر، فقد وجدت السلطة نفسها مجبرة على توقيع اتفاقية مع أحزاب المعارضة في شهر فبراير/ شباط من العام قبل الماضي لتأجيل الانتخابات لمدة عامين بهدف السماح بإجراء اصلاحات انتخابية وإصلاح النظام السياسي، إلا أن الطرفين لم يتمكنا من ترجمة هذا الاتفاق بشكل عملي فاستمرت الخلافات بينهما حتى شهر يوليو/ تموز عندما وقعا اتفاقاً حول آلية تطبيق اتفاق فبراير، على أن يسمح ذلك بإجراء حوار وطني شامل، وهو ما حدث بعد أشهر قليلة، إلا أن ذلك لم يصمد أيضاً، حيث قرر حزب المؤتمر الشعبي العام الذهاب إلى الانتخابات من دون الاتفاق مع المعارضة على مشروع التعديلات الخاصة على قانون الانتخابات، ما اعتبرته المعارضة “انقلاباً على الديمقراطية وعلى التوافق السياسي” بينها والحزب الحاكم، وأدى ذلك إلى مقاطعة المعارضة جلسات البرلمان والبدء باعتصام شامل خارج قاعته للتعبير عن رفضها للإجراءات التي اتخذها الحزب الحاكم .

سياسياً أيضاً شهدت السنوات العشر الأولى من القرن الحالي عودة الكثير من قادة الحزب الاشتراكي اليمني في الخارج بعد أن أجبرتهم حرب العام 1994 على الخروج من اليمن، كان من أبرزهم مستشار الرئيس الحالي سالم صالح محمد، والأمين العام الحالي للحزب الاشتراكي الدكتور ياسين سعيد نعمان وأنيس حسن يحيى وأبوبكر باذيب وهيثم قاسم طاهر وعبدالعزيز الدالي ومجاهد القهالي، والأخير أعلن انضمامه إلى حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم .

وكان العام 2002 كارثياً على الحياة السياسية في اليمن باغتيال القيادي البارز في الحزب الاشتراكي جارالله عمر أثناء إلقائه كلمة في مؤتمر لحزب التجمع اليمني للإصلاح في الثامن والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول ،2002 كما فقد اليمن العديد من رموزه التاريخية من أمثال القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام يحيى المتوكل العام ،2003 والشيخ القبلي البارز ورئيس مجلس النواب الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر العام ،2008 والرمز القبلي المعروف الشيخ مجاهد أبو شوارب، ورئيس الوزراء الدكتور فرج بن غانم، والمهندس فيصل بن شملان، الذي نافس الرئيس صالح في انتخابات 2006 .
 
ومن المحطات المهمة التي شهدها اليمن إقامة بطولة “خليجي 20” في مناطق الجنوب، وهو تحد نجح فيه الرئيس علي عبدالله صالح، بعد أن كانت البطولة تتأرجح بين التأجيل والإلغاء، وكان ذلك ثمرة من ثمار التعاون بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث شهدت هذه المسيرة العديد من المحطات المهمة خلال السنوات الأخيرة من خلال انضمام اليمن إلى العديد من مؤسسات المجلس .

زر الذهاب إلى الأعلى