أرشيف

موقع (يمنات) يرصد صراع القوى التقليدية للانقضاض على الحكم في اليمن

يمنات خاص

مما لا شك فيه هو أن الرئيس اليمني على عبدالله صالح أستطاع أن يثبت حكمه بالنار والحديد وزراعة الخوف، و بهذا كان له أن يعود إلى القواعد التي تخلى عنها سابقه الرئيس إبراهيم الحمدي والذي قتل على يد هذه القواعد.
 ومنها على سبيل الذكر التحالفات القبيلة والتي أعادت صياغة نفسها كقوى تقليدية بأقنعة عدة للانقضاض على السلطة والتشبث بها.
 اليوم وبعد أكثر من شهر مما جرى في تونس ومصر، و استشعار القوى القبلية التقليدية لمتغيرات اللعبة السياسية في المنطقة بعد استيلاء نشطاء شباب على مراكز التغيير في كل من مصر وتونس، وجدت هذه القوى مصالحها على مرمى الثورة فكان عليها أن تعيد تحالفاتها في محاولة منها لانقضاض جديد على مراكز القرار باستغلال الأصوات المنادية بالتغيير و تجييرها لصالحها من جهة، ومن جهة أخرى تحاول القوى الموجودة في السلطة دفع القوى المضادة بأساليب ترهيبية و ترغيبية أحيانا.
 في 3 فبراير 2011 أعلنت أحزاب اللقاء المشترك المعارض عن يوم غضب بعد يوم واحد من خطاب الرئيس صالح عن إصلاحات ينوي أن يقوم بها، و المتابع لسير المظاهرات يجد أن كثير من اللافتات التي تم رفعها كتب عليها مجلس التضامن الوطني، وتضمنت هذه اللافتات عبارات صارخة تشكك ضمنيا بما ورد في الخطاب الرئاسي من وعود، و تنادي بالتغيير الفوري.
والمعروف أن مجلس التضامن الوطني تم إنشاءه عام 2007 من قبل الشيخ حسين الأحمر للمناورة السياسية بعد أن تم إقصاءه من الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام وبعد أن كان يطمح بالرئاسة الدورية للمؤتمر العام السابع المنعقد بمدينة عدن، وكانت أطراف نافذة في المؤتمر قد اتهمت حسين الأحمر بالعمل مع النظام الليبي لقلب نظام الحكم كما اتهمته بتلقي أموال طائلة من النظام الليبي للغرض ذاته.
 ويضم مجلس التضامن الوطني خليط من تشكيلات قبلية في السلطة والمعارضة، ويرى المحللون أن دور المجلس تكتيكي وليس استراتيجي، ويسعى القائمون عليه الحصول على مكاسب آنية إن لم يكن تشكيل أداة ضغط على النظام لبقاء القيادات النافذة فيه قريبة من مراكز القرار، وما يؤكد صدقية هذا القول المواقف الملتبسة التي تصدر عن المجلس بشأن القضايا الوطنية والإقليمية.
 البروز المفاجئ لحسين الأحمر في 3فبراير له ما يبرره، فالرجل الذي وضع نفسه قبل خروج الشعب للشوارع وسيط بين السلطة والمعارضة يرى اليوم في دور الوساطة كلاما فارغا بعد أن قلبت الطاولة على الطرف القوي، ولهذا يجد حسين في تحالفه مع المعارضة إن لم يكن الشارع أسهل الطرق للوصول إلى السلطة التي لم يصل لها من بوابة النظام الحالي.
 وكانت السلطة قد فوضت في جناحها القبلي ناجي عبدالعزيز الشائف-المعرف بشيخ مشائخ بكيل- في عام2005 لتكوين مجلس قبلي مناوئ لمجلس التضامن الوطني، الأخير مني بإنتكاسة كبيرة نهاية العام2010عندما تم تعيين أمين العكيمي شيخاٌ لمشائخ بكيل بدلا عنه.
في الطرف الآخر يبرز دور الشيخ حميد الأحمر، وهذا الأخير محسوب على جناح قبلي معارض للنظام ومنتم إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي كان يرأسه والده الراحل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، و يمتلك هذا الشيخ ثروة كبيرة تحصل عليها من شركاته التجارية المعروفة لدى الكثيرين، كما يمتلك قناة سهيل الفضائية.
 و دائما ما يضع حميد الأحمر نفسه في المقدمة عند الحديث عن التوريث و الرئاسة بشكل عام، مما يؤكد مقدرته على إدارة الصراع بينه وبين الرئيس على عبدالله صالح وبنفس آلية التفكير و لذا يظهر الصراع بينهما وكأنه صراع على تركة شخصية بين الرجلين، وبالرغم من أن حميد الأحمر يحاول الاتكاء على النخبة والمثقفين من خلال ترأسه للجنة التحضيرية للحوار الوطني إلا أنه عندما سئل في برنامج بلاحدود على قناة الجزيرة عن الظهر الذي يحميه ويتمترس عليه من بطش النظام أشار إلى أخيه الأكبر صادق وقبيلته في تناقض واضح وصريح بين توجهات الرجل ومرجعياته.
و لو قرئنا مجمل النشاط و ما يعتمل في كواليس الرجل (حميد الاحمر) في الفترة من الثورة التونسية حتى اليوم فسنرى أن هناك نشاط يجري في الظل بالتوازي مع المسيرات الطلابية والحزبية القائمة من نفس التاريخ.
 فخلال هذه الفترة استضافته قناة سهيل الفضائية وحظيت المقابلة بدعاية إعلامية واسعة من نشطاء يتم توظيفهم على صفحات الموقع الاجتماعي الفيس بوك والمواقع الإعلامية التابعة للإصلاح والمستقلة ذات التوجه الإسلامي الراديكالي مثل موقع مأرب برس على سبيل المثل لا الحصر.
6فبراير 2011 نشرت قناة الجزيرة خبراً حول مقتل شخص في العاصمة صنعاء أتهم بها جماعة من أنصار الشيخ حميد الأحمر، أثناء مهاجمتهم لشيخ قبيلي آخر وهو نعمان دويد، وينتمي هذا الأخير لقبيلة خولان بينما ينتمي الأحمر لقبيلة حاشد، وفي الأثناء تضامن البعض من أنصار الشيخ حميد معه أمام منزله للتنديد بما أسموه اعتداء الشيخ نعمان دويد عليه في رواية قالت بأن دويد أرسل بعد مهاجمته أناس لأخذ الثأر و لم يصبوا أحدا من أنصار الأحمر.
 المثير في خبر الجزيرة أنه قدم الشيخ حميد الأحمر كبديل محتمل للرئيس صالح ولم ندر إلى ماذا استندت القناة في خبر كهذا.
الجدير بالذكر أنه قبل يومين من الهجوم كان حميد الأحمر قد عقد لقاءا للجنة التحضيرية للحوار الوطني شدد فيه على ضرورة التغيير ودعا المثقفين والنشطاء إلى الخروج بالنيابة ملمحا إلى أمكانية دعمهم ماليا.
و أعتبر المحللون أن الشيخ الاحمر يحاول من خلال النخب المثقفة التسلق على انجازات الشباب والطلاب المطالبين بالتغيير، وكمحاولة منه للظهور في وسط الأحداث لركب الموجة و إعادة الخطاب القبلي إلى السلطة التي توشك على الانهيار.
وبين هذا الزخم المتسارع للأحداث ألقت الثورة المصرية بظلالها على أبن الرئيس والذي كان من المحتمل أن يتم توريثه للرئاسة قبل أحداث الـ25 من يناير بتونس.
 و يبدو أن أمكانية التوريث قائمة بعد أن ظهر الرئيس اليمني مع نجله أثناء زيارة له لأحد معسكرات الجيش في 7 فبراير وكتحد واضح لإرادة ما يقارب من ربع مليون يمني خروجوا في محافظات عدة للتنديد بالتوريث وبعد ثلاثة أيام من وعوده بعدم التوريث.
 وحتى هذه اللحظة لا يزال أحمد علي عبدالله صالح ممسكاُ بزمام القوات الخاصة والحرس الجمهوري، وكانت المعارضة قد رأت أن إمساك العائلة الحاكمة بمفاصل الدولة من شأنه ان لا يغير في الأمر شيء حتى وأن كان خطاب الرئيس معسولا.
 بالمناسبة لن يفوتني الحديث عن يحيى محمد عبدالله صالح قائد قوات الأمن المركزي، وعند الحديث عن يحيى محمد لا يمكن أن نغفل أن شخصية هذا الرجل تتسم بدبلوماسية عالية في التعاطي مع النخب السياسية والثقافية.
فالرجل الذي أزعجه إيقاف الحرب السادسة في صعدة يذكره الكثيرون على أنه ليس لبقا ولكن بإمكانه الدخول إلى بوابة الشهرة من خلال عدسات الصحفيين وأقلامهم والتي طالما لم يستطع أن يشتريها بدروع مؤسسة الرقي والتقدم ولم يسلم من سهامها.
ولا يزال الرجل الذي قيل أنه يعشق جيفارا وجمال عبدالناصر يناضل للوصول إلى مكاسب سياسية من الظهور على أنه قومي، وتعطيه مؤسسة كعنان من أجل فلسطين مثل هذا المجد الزائف.
ولهذا كان للمؤسسة شرف استضافة العديد من الشخصيات الاعتبارية من ضمنها مرسيل خليفة و أبنة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر و رغد صدام حسين.
ويعتبره الكثيرون الوزير الفعلي لوزارة السياحة، ولكن خفت نجم هذا السياسي مع ضجة الأحداث ولا أظن بأن حظوظه كبيرة بالصراع بعد الذي حدث.

وفي الأيام الأخيرة كانت قد تداولت وسائل الإعلام خبرا عن تولي خالد علي عبدالله صالح قوات تابعة للجيش بالرغم من تخرجه الحديث من كلية عسكرية في لندن ويرى المحللون أن الغرض من هذه القوات هو تطويق العاصمة وتأمين الطرق المؤدية إلى القصر الرئاسي في حال نشوب أي ثورة شعبية، وبالرغم من ان وزارة الدفاع نفت هذا الخبر إلا أن هؤلاء يرون أن خظوة وزارة الدفاع إستباقية لإيقاف أي حركة شعبية قد تندلع بمثل هكذا أخبار.

زر الذهاب إلى الأعلى