أرشيف

ثورة الشباب في اليمن تستقطب كبار السن من الجنسين

 يسابق عجوز يمني الشباب في حجز مساحة صغيرة أمام منصة التغيير في صنعاء ليطلق صيحاته بصحة الشباب «الشعب يريد إسقاط النظام». ولم تعد ساحات الثورة اليمنية مقتصرة على الشباب والفتيات فقط، فجميع الفئات العمرية موجودة فيها، والكثير من الأسر اليمنية تأتي بجميع أفرادها من أجل هدف واحد وهو رحيل النظام، كما يقولون.
لقد أصبحت ثورة الشباب ثورة شعبية يشارك فيها معظم مكونات المجتمع اليمني سواء في صنعاء أو أي مدينة أخرى، وتكتسب مشاركة كبار السن من الجنسين خصوصية يمنية استقطبت إليها عدسات مصوري وكالات الأنباء والصحافيين.
 ويتذكر الشاب محمد غالب عبارة العجوز التونسي أحمد الحفناوي الذي قال عبارته المشهورة «لقد هرمنا.. هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية».
ويؤكد لـ«الشرق الأوسط»: «عندما أشاهد كبار السن هنا، أشعر بالسعادة وبقوة ثورتنا التي أخرجت هؤلاء لدعمنا ومشاركتنا ثورتنا، هم جعلوا من الشباب قادتهم ولن نخذلهم في ذلك».
 الكثير من كبار السن تجدهم في كل مساحة من ميدان التغيير، جنبا إلى جنب مع الشباب، فالحاج سالم التهامي (70 سنة) تحدث إلى المعتصمين عن مشكلاته وسبب خروجه إلى الساحة، بعد أن أتاحت إذاعة المنصة للجميع التعبير عن همومهم، وأخبرهم أنه جاء من إحدى مديريات تهامة الفقيرة واشتكي من نهب أرضه من قبل شخصيات قيادية في الدولة، وقال: «لقد خرجت إليكم، لأطالب بسقوط من سرق أرضي واحتمى بقوة نفوذه وسلطة الدولة التي لم تعد لي أرضي».
أما كبار السن من النساء فالكثيرات منهن يرفضن باستحياء الحديث مع الصحافيين، كما هي طبيعة المجتمع اليمني، لكن الحاجة فاطمة حاتم (50 سنة) لم تستطع كتم غضبها من النظام وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات ونحن ننتظر أن نعيش دون غلاء ولا فساد ولا ظلم، كلما تأتي انتخابات نسمع عن وعود، وبعد الانتخابات لا نجد أي تطبيق لذلك».
الحاجة فاطمة ليست وحدها هنا، فقد جاءت بصحبة بناتها وأبنائها من أجل إزالة الغلاء والظلم، كما تقول.
ويصف السفير السابق لليمن في موسكو، عبد الوهاب جحاف (75 سنة) يوم تولي الرئيس صالح الحكم بأنه «كان يوما أسود»، كما يقول، وقال جحاف، وهو معتصم في الساحة: «لقد كان يوما أسود وكابوسا، وأحاول مع أبنائي الشباب إسقاطه».
ويوضح جحاف لـ«الشرق الأوسط»: «هؤلاء الشباب الثوار يذكروننا اليوم بشبابنا وطموحنا الذي قتله وأفسده النظام». ومما يلفت الانتباه هنا أن الكثير من كبار السن الذين يأتون من الأرياف يمتلكون ثقافة سياسية، وتستغرب عندما يتحدثون مع الصحافة عن كيفية بناء الدولة المدنية الحديثة، فبحسب الحاج عبد الله الضرواني (62 سنة)، وهو من أبناء مديرية ضروان شمال العاصمة، صنعاء، فإن «النظام الحالي جعل من اليمن مملكة خاصة به وبأسرته، ولكن في صورة جمهورية، ونحن الآن نريد أن تكون هناك دولة قائمة على المساواة وتطبيق العدل والقانون على أي شخص».
ويضيف: «جئت مع أسرتي، زوجتي و7 من بناتي و5 من أولادي، من أجل دعم الشباب والوقوف معهم ضد النظام»، ويشير إلى أن «الرئيس صالح سعى طوال فترة حكمه إلى تعزيز نفوذه وتعيين أقربائه وأولاده من أجل تثبيت حكمه».
ويؤكد: «اليوم أعلنا وقوفنا ضد هذا الظلم، وإيقافه وإعادة مسار الثورة السبتمبرية التي جاءت من أجل إزالة الاستبداد والظلم والفقر».
وعلى مقربة منه كان محسن الجرموزي (64 عاما)، من بني الحارث في صنعاء يردد شعارات الرحيل، ويقول إن التغيير هو الذي جاء به إلى الساحة، لدعم الشباب، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط»: «أتذكر أنه حين تقلد الرئيس صالح الحكم كان في البداية جيدا، لكنها تغير بعد ذلك ولم نجد ما كان يطمح إليه اليمنيون».
أما صالح عبد الله (63 سنة) فيستغرب من سكوت الرئيس على جرائم القتل التي ارتكبتها الشرطة في حق شباب اليمن، «لا يمكن السكوت على ذلك».
 ويؤكد لـ«الشرق الأوسط»: «نعلم أن النظام كان لا يقدر على أن يحكم إلا عبر نشر الفرقة والأزمات والصراعات بين أبناء القبائل، وقد حانت إزالة ذلك، وهؤلاء الشباب قد أطلقوا شرارة الثورة، ونحن تحت قيادتهم». 

الشرق الأوسط- حمدان الرحبي

زر الذهاب إلى الأعلى