أرشيف

السعودية تصر على بقاء النظام والمبادرة الخليجية نكهة جديدة بتفاصيل سعودي

وضع الداخل الذي صار أكثر تعقيداً, ومحاولة أطراف الساحة السياسية الداخلية الماورة غير المجدية في هذا التوقيت, والنظر بتلهف صوب الخارج الذي قد يمد يد النجاة وقد لا يمدها.. يبرز صورة المشهد وعناصره في حالة من الضعف التي تدعو للرأفة والاستغراب في آن واحد.. فإلى وقت قريب ما قبل إعلان قبول المبادرة الخليجية, والسير في فصولها الأربعة كان المشهد يشير إلى حالة تشابه ما بين الثورات العربية بما فيها ثورة اليمن, إلا أن وضع التأرجح والتململ الذي صاحب الحدث الثوري واللجوء لخيارات الخطوة خطوة البطيئة وتغيير القرارات من وقت لآخر أعطى مجالا لفعل آخر يبقى جيداً رغم ما فيه طالما وأنه سعى لتجنيب البلاد فوضى وعنفاً غير محسوبة تداعياته


أمريكا والسعودية  الإقصاء وإعادة تشكيل


· ما بعد الرئيس صالح وتوصلت إليه نتائج التحقيقات التي تتحفنا من يوم لآخر بالجديد في الأسرار الغامضة لاستهداف الرئيس في مسجد النهدين, أكان بعبوة زرعت داخل المسجد, وهذا ما لا يمكن القبول به ضمن معطيات السلامة الأمنية الشديدة التي يتعبها النظام الحاكم في حماية نفسه وتحصينها حتى من أقرب المقربين, ما يجعل من قصة الصاروخ الأمريكي “فوجاز” المتطور جداً أو غير المتداول إلا على نطاق عالمي ضيق جداً كأمريكا وروسيا هو الأقرب لتفسير ما حدث في دار الرئاسة.


خرج الرئيس صالح من البلاد في رحله علاج قد تطول حسب التصريحات المتداولة على نطاق إعلامي واسع, لكن ذلك الخروج ما بعد الاستهداف لم يكن هو نهاية المشوار كما كان يردد أنه برحيل صالح سينتهي نظام حكمه, الأمر حسب مشاهد تتابع يقود إلى نظرة إقليمية دولية معقدة, هدفها الأول إظهار البلاد ما بعد مرحلة الرئيس صالح في حالة فراغ سياسي وأمني وانهيار اقتصادي متهالك, وإظهار الفاعلين السياسيين من قوى المعارضة والشارع الثوري في موقف أقرب للعاجز ثم العودة بقوة لمبادرة الخليج التي هي في الأصل لم تعد محل إجماع خليجي بعد ما صرحت قطر قبل ما يقارب الشهر عن انسحابها والتأكيد على أنها “أي المبادرة” لم تعد تمثل إلا بعض روئ الدول الخليجية والمقصود بكل سهولة المملكة السعودية والإمارات..على الرغم من التحفظات التي عليها لكن شروطاً لم تتحقق للحديث عن إمكانية المضي بها والتأكد على نسبة نجاح عالية في جانبها.


الكل وراء المبادرة الخليجية


· بيان وزراء خارجية الاتحاد الأوربي بعد اجتماع لهم في لوكسمبورج الاثنين الفائت طالب بسرعة إجراء انتقال منظم وشامل للسلطة في اليمن على تنحي الرئيس صالح وتشكيل حكومة تقودها المعارضة.. مع التشديد على محاسبة من يقف بوجه تحقيق السلام في اليمن, ومحاكمة كل المسئولين عن أعمال العنف ضد المتظاهرين السلميين.. مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية فيلتمان يؤكد على الموقف الأمريكي الداعم لنقل السلطة عبر مبادرة الخليج بعد ما ظهر أقرب للتفويض للمملكة, كما كان مع مؤتمرات المانحين, بالتصرف في الملف اليمني بتحفظ وهكذا يظهر الموقف من ثورة اليمن وإن تمت الإشارة إلى شباب الثورة بنوع من الخجل, إلا أن ثمة إصرار على إخراج ما يحدث من إطار الثورة إلى التظاهرات السلمي والسعي نحو التغيير عبر الاتفاقيات والمبادرات, وعلى الرغم من التطمينات التي تقدمها قوى الشارع لدول الجوار من أن مسألة انتقال الثورة من الجنوب صوب الشمال ليست بالأمر الوارد, كما جاء بذلك حديث الشيخ /صادق الأحمر مع قناة “الجزيرة” الذي أكد أن شعب المملكة ليس في حاجة لأن يثور على ما يعيشه من نعمة, وأن لا مقارنة بين ما تعيشة اليمن وما ينعم به الأشقاء السعوديون.. نفس الشئ تحدث به الدكتور/ياسين سعيد نعمان أن من حق دول الخليج وخاصة جيران اليمن أن يطمئنوا للحل السياسي الذي يخلق يمناً مستقراً, إلا أن مسألة التغيير ستكون يمنية خالصة بمساعدة إقليمية ودولية, وما يظهرفي المشهد أن المملكة تسعى لإجراء عملية تغيير عبر مبادراتها لكن دون أن تلقي بأقارب الرئيس خارج الحلبة, ولهذا يأتي إصرار الأبناء على الاحتفاظ بمواقعهم القيادية, ما معناه السعي نحو مشاركة فاعلة في تشكيلة الحكم القادمة والتي سيسمح فيها بشئ من التنافس ومن الحضور القوي لنفس العناصر القديمة أو المتطلعة بما فيهم أقارب الرئيس, وهو ما يبقى محل خلاف لدى القوى المناهضة لحكم الرئيس وسلطته..إلا أن التهديد بالتصعيد الثوري والإصرار على أن رقم الثورة لم يتم تجاوزه, بل أنه الحاضر الأقوى في المشهد العام يشكل تحديداً لقوى الخارج الضاغطة, فعلى الرغم من الخوف من وصول الأوضاع إلى مرحلة الانهيار الفعلي والسريع, وإن كان هناك من يشير بتحفظ إلى سيطرة الجناح الإصلاحي على مفاصل وتحركات الثورة في الميدان.. وهو ذاته الجناح الذي يقارب أو لدية تفاهمات من نوع خاص مع بعض دول الجوار, مما سيجعل من تحرك الثورة محصوراً في جماعات أو تيارات محدودة حتى وإن كانت من نفس عناصر القوة حضوراً.. المشهد أخيراً وفي وضعه الحالي الذي برز فيه التقدم السعودي إلى الأمام مدعوماً أمريكياً أوروبيا لحل الوضع المتعقد في اليمن والسعي الدؤوب لإعمال المبادرة لنقل الصلاحيات ومن ثم نقل السلطة بما يتناسب ومصالح وتطلعات المملكة السعودية, وأهداف ومصالح المجتمع الدولي جعلت الأمر أكثر تعقيداً, أذ أصبح الشارع الثوري ينظر الى الجوار كدول تنتهك سيادة البلاد وتتدخل في تفاصيله الدقيقة على غير خجل أو أخراج من أصحاب الشأن استدعاء لمشهد تشكيل النظام نفسه العام 78م, ما يجعل لدى بعض المراقبين المشهد يأخذ منحيين اثنين, المنحى الأول القبول بضرورة اشراك عناصر الحكم السابقة باستثناء الرئيس صالح, والحديث هنا ليس عن عناصر الحكومات والمسئولين, بل المقربين مع إبقاء جملة من المعطيات التي أفرزها النظام على حالها ضماناً لعدم العمل من جديد لصنع تحالفات وولاءات في الداخل اليمني, بما سيخلفه أي عمل آخر من انهيار شبكة العمل الخاصة بالآخر, ومثل هذه الأحاديث يمكن النظر إليها أنها غير مقبولة, خاصة وان مسألة نقل السلطة لنائب الرئيس لم تتم وأن هناك ما قد يكون أمراً متوقعاً من أن يخرج نائب الرئيس مع ما يواجهه من تحد وضغط يقضي به إلى حالة من الضعف لا يريد الوصول إليها تجعله أكثر إسراعا لتقديم استقالته بعيداً عن أن يصبح كبش فداء في وجود الرئيس صالح, أو في غيابه, فالأمر,كما يذكره, ليس بالسهولة التي يظنها البعض.


المد الثوري وشعلة القادم


والمنحى الآخر أن يكمل المد الثوري فعله الذي لا يقبل القسمة على الطرفين, ويدرك إن الإفراط في البحث عن السلمية الخالصة للخروج بالبلاد من الوضع الراهن ليس إلا عملية مشوهة, لها من المترتبات والتداعيات ما يصنع صورة مشوهة تعيد أنتاج أزمات الحاضر طالما وأن معطيات التفاعل مع الآخر في الداخل وفي الخارج مازالت كما هي, ومثل هذا القرار سيقضي الى معاناة قد تطول في وضع بدأ الناس يتندرون منه على نحو غير مسبوق, بل أن الكثير لم يعد لديه الاستعداد للاستمرار في هذا الوضع أكثر,ما يحمل معه إما مزيداً من المخاطر على النسيج الاجتماعي, وحدوث حالة من الفوضى والعنف بمقدار الأشهر التي تركت له لذلك, أو يقضي إلى حالة انفراج تدفع نحوها القوى الدولية التي بالتأكيد ليس لديها أي استعداد للتضحية باستقرار لمصالحها براً وبحراً, وهذا الأمر يحتاج لمجازفة قد تفوق ما كان يحتاج له المشهد في الأيام الأولى لقيام الثورة….بالأمس أعلنت الأمم المتحدة عن إرسالها لبعثة تقصي حقائق أو تحقق حول حقوق الإنسان في اليمن, وهكذا جرى الحديث ليس كما المرة السابقة التي أعلنت فيها مفوضية حقوق الإنسان إرسالها بعثة لتقصي حقائق “أعمال القتل” ضد المتظاهرين..وما يظهر من هذا التحرك الأممي أن هدف هذه اللجنة سياسي بحت, خاصة وأنه سبق رفض طلب السلطة في إبريل- مايو تأجيل الزيارة للفريق إلى يونيو..الهدف حسب بعض التحليلات – خلق مزيداً من الضغط السياسي بما قد تخرج به اللجنة الدولية من نتائج في تحقيقاتها وإن لم تظهر جدية قياسياً بحجم طاقمها المكون من ثلاثة عناصر فقط, إلا أن المسألة بالتأكيد تتعلق بالضغط على عناصر السلطة المتهمة بأعمال قتل وانتهاك لحقوق الإنسان والمتظاهرين في الساحات وميادين الاعتصامات إلى جانب أوضاع النازحين مؤخراً من أبين ….إلخ

نقلا عن صحيفة البلاغ


إبراهيم أحمد


[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى