أرشيف

ميردوك في لندن لاحتواء ازمة التنصت التي ادت الى اغلاق “نيوز اوف ذا وورلد”

(ا ف ب) – نشرت الصحيفة البريطانية “نيوز اوف ذا وورلد” طبعتها الاخيرة الاحد بعد ان امر الملياردير المالك لها روبرت ميردوك بإغلاقها على خلفية فضائح تتعلق بتنصتها على الهواتف، حيث وصل لندن ساعيا لاحتواء الازمة. وبعد 168 عاما من التحقيقات الصحافية والفضائح طبعت الصحيفة، التي تعد الاكثر مبيعا بين الصحف الاسبوعية في بريطانيا، للمرة الاخيرة حيث عنونت طبعتها بالقول “شكرا ووداعا”. وخصصت اغلب صفحات الطبعة الاخيرة للاحتفاء بمنجزاتها الصحافية والحملات التي تتبعتها، كما شملت في مقالها الافتتاحي اعتذارا للقراء جاء فيه: “لقد ضللنا طريقنا”. ومن غير المرجح ان ينتهي الجدل بمجرد غلق الصحيفة، فقد وصل قطب الاعلام ميردوك الى لندن بينما تجددت المطالبات بارجاء البت في مسعى مؤسسته الاعلامية نيوز كورب الضخمة للسيطرة كلية على مؤسسة بي سكاي بي التلفزيونية الخاصة. وطالب ايد ميليباند زعيم حزب العمال المعارض ارجاء الصفقة، حيث قال ان الرأي العام لن يقبل السماح بشراء مجموعة انخرطت في “ممارسات بشعة” لبي سكاي بي قبل استكمال تحقيق تباشره الشرطة. وفي وقت متأخر السبت قاد رئيس تحرير نيوز اوف ذا وورلد، كولين مايلر، طاقم العمل بها في طريق الخروج بمنطقة ووبينغ بشرق لندن بعد يوم حافل شهد الاعداد للطبعة الاخيرة. وقال مايلر للصحافيين خارج الصحيفة “اود الاشادة بهذا الفريق الرائع الذي انتج بعد يوم شاق جريدة رائعة حقا بحرفية ممتازة”. وفقد اكثر من 200 من العاملين بالصحيفة وظائفهم بعد قرار ميردوك المفاجئ الخميس باغلاق الصحيفة، وبينما هتف البعض لقول ميلر بدت الدموع في عيون اخرين. وحمل رئيس التحرير الطبعة الاخيرة التي جمعت ما اعتبرته الصحيفة افضل تحقيقاتها على صفحتها الاولى، فضلا عن رسالة جاء فيها: “بعد 168 عاما اخيرا قلنا وداعا بأسى وفخر لقرائنا الاوفياء الذين ناهز عددهم 7,5 مليونا”. وفي الصفحات الداخلية تم تتبع تحقيقات رئيسية للصحيفة تحت عنوان “اعظم جريدة في العالم — 1843-2011″، كان بينها تحقيقات “الشيخ الزائف” وحملات مثيرة للجدل استهدفت المتحرشين بالاطفال. واعترف المقال الافتتاحي للصحيفة انه “لسنوات قليلة حتى عام 2006” سقط بعض موظفيها بشكل مخز دون المعايير التي كان ينبغي ان يحافظوا عليها. وقالت الصحيفة “تم التنصت على هواتف، والصحيفة تأسف لذلك حقا”. ورغم الغضب الشعبي ازاء تنصت الصحيفة ليس على شخصيات عامة ومشاهير فحسب بل ايضا على اقارب ضحايا جرائم وعمليات ارهابية وجنود قضوا في الحروب استقاء للموضوعات المثيرة، الا ان النسخة النهائية منها نفدت بسرعة من الاسواق. وتمت مضاعفة النسخ المنشورة الى خمسة ملايين نسخة حيث بيعت الطبعات الاولى بسرعة، وقال احد باعة الصحف في وسط لندن لفرانس برس “بعت 50 نسخة في خمس دقائق”. وقد اشتهرت نيوز اوف ذا وورلد بالفضائح الجنسية والجرائم والمشاهير. ولاحقتها اخيرا اتهامات التنصت على الهواتف المحمولة وكان اخرها هذا الاسبوع استهداف فتاة كانت ضحية لجريمة قتل وعائلات الجنود الذين قضوا في الحروب، ما دفع بالجدل الى المستوى السياسي. وتوجه ميردوك من الولايات المتحدة الاحد ووصل الى مقر نيوز انترناشونال، الجهة الناشرة للصحيفة حيث قرأ الطبعة الاخيرة قبل وصوله. وكان ميردوك قد وصل العاصمة البريطانية ليتابع بنفسه جهود احتواء الفضيحة واغلاق الصحيفة التي كان شراؤه لها محطة اساسية في امبراطوريته الاعلامية. والقت الفضيحة بظلالها على مسعى مجموعته الاعلامية نيوز كورب للسيطرة الكاملة على مؤسسة بي سكاي بي التلفزيونية الخاصة العملاقة، واعتبر البعض انه تمت التضحية بنيوز اوف ذا وورلد لانقاذ صفقة بي سكاي بي المربحة. وتردد ان الحكومة قررت ارجاء قرارها بشأن سيطرة ميردوك على بي سكاي بي حتى ايلول/سبتمبر، وهو القرار الذي كان منتظرا خلال الايام المقبلة. وصعد ميليباند الضغوط على رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الاحد لارجاء البت في مسعى السيطرة على الشركة، بشراء ميردوك نسبة ال 61 بالمائة الباقية التي لا يملكها من بي سكاي بي. وقال زعيم المعارضة انه يتعين ارجاء الصفقة في اعقاب “ما تكشف من امور تثير الاشمئزاز” حول “الممارسات البشعة” لنيوز اوف ذا وورلد. ونقل تلفزيون بي بي سي عن ميليباند قوله ان الرأي العام البريطاني لن يقبل سيطرة نيوز كورب “على 100 بالمائة من اسهم سكاي قبل استكمال التحقيق الجنائي”. وكان الضغط قد تصاعد على كاميرون عقب اعتقال نائبه للشؤون الاعلامية، اندي كولسون، الجمعة. فقد اعتقل كولسون، الذي تولى قبلا رئاسة تحرير نيوز اوف ذا وورلد، للاشتباه في تورطه في التنصت على الهواتف ودفع مبالغ مالية للشرطة بشكل غير قانوني. وكان كاميرون قد عين كولسون في منصب مدير اتصالاته بعد تركه نيوز اوف ذا وورلد عام 2007 في اعقاب سجن احد صحافيي الجريدة ومحقق خاص على خلفية التنصت. وينفي كولسون ارتكاب اي مخالفات، ولكنه اجبر على الاستقالة من منصب مدير الاتصالات لرئاسة الوزراء في كانون الثاني/يناير هذا العام بسبب انكشاف المزيد من فضائح التنصت. واخلي سبيل كولسون بكفالة حتى مثوله للمحاكمة في تشرين الاول/اكتوبر.

زر الذهاب إلى الأعلى