أرشيف

الغموض يكتنف مقتل القائد العسكري للمعارضة الليبية

(رويترز) – قال المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل المعارضة الليبية ان قائد الحملة العسكرية للمعارضة ضد الزعيم الليبي معمر القذافي قتل برصاص مهاجمين في حادث يغلفه الغموض ووجه ضربة للقوات المدعومة من الغرب التي تسعى للاطاحة بالقذافي.

وقالت المعارضة ان مهاجمين قتلوا عبد الفتاح يونس باالرصاص في ساعة متأخرة يوم الخميس بعد أن استدعي من الجبهة لمحادثات مع زعماء اخرين من المعارضة.

وقتل شخصية كبير كيونس يمثل احراجا ونكسة للمعارضة بغض النظر عن المسؤول – ضباط مخابرات موالين للقذافي قادرين على ما يبدو على الضرب في عمق الدوائر الداخلية للمعارضة أو أناس من معسكر يونس نفسه. ومن المعروف أن هناك انقسامات شديدة بين المعارضين الذين انشقوا على القذافي وبين المعارضين الذين لم يعملوا لحسابه ابدا.

ولم تقل المعارضة من قتل يونس أو أين. وتزامن مقتله مع هجوم جديد للمعارضة في الغرب وحصولها على مزيد من الاعتراف الدولي يأملون ان يترجم الى حصولهم على مليارات الدولارات المجمدة من الاصول الليبية.

وحمل مشيعون من أقارب يونس وأنصاره نعشه يوم الجمعة الى الساحة الرئيسية في بنغازي لتشييعه.

وقال عبد الحكيم أبن أخيه وهو يسير خلف النعش في الساحة “تسلمنا الجثة أمس هنا في بنغازي. لقد اطلق عليه الرصاص وأحرق.”

وأضاف “لقد اتصل بنا الساعة العاشرة (صباح الخميس) ليقول انه في الطريق الى هنا.”

ولم يقدم مسؤولون تفاصيل عن سبب استدعاء يونس الى بنغازي من الجبهة القتال قرب ميناء البريقة النفطي للتحقيق معه.

وترددت شائعات في بنغازي بأنه أجرى محادثات سرية مع حكومة القذافي

وقال ألان فريزر وهو محلل لدى شركة ايه كي اي لاستشارات المخاطر ومقرها لندن “اذا كانت هناك شائعات بأن اللواء يونس كان يزود القذافي بمعلومات سيكون من المنطقي اذا أن بعض العناصر المارقة قد سعت لاغتياله.”

وقال عمر الحريري وزير الدفاع في المعارضة الليبية لرويترز ان مقتل يونس لا يزال موضع تحقيقات وانه سيكون خسارة كبيرة.

وفي بنغازي تعهد أقارب يونس بالولاء للزعيم السياسي للمعارضة.

وقال ابن اخيه محمد يونس لحشد من المشيعين في الساحة الرئيسية ببنغازي انه يوجه رسالة لرئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل مفادها أن عائلة يونس ستمشي معه الى اخر الطريق.

ولكن مشيعين في الجنازة عبروا في وقت لاحق عن قلقهم من أنه ربما لقى حتفه على يد معارضين اخرين.

وقال سراج وهو جندي وصف نفسه بأنه قريب ليونس انه سمع أن يونس واثنين اخرين من المسؤولين العسكريين قتلا معه ذهبوا دون مقاومة مع رجال استدعوهم الى بنغازي. وقال “سمعنا فيما بعد أنهم قتلوا.”

وقال حكيم ابن أخي يونس ان حشدا من الرجال بعضهم كان يرتدي زيا عسكريا وبعضهم كان يحمل بنادق أحضروا الى الساحة نعشا اخر كان يحمل جثمان أحد اللذين قتلا مع عمه.

وقال شميس عاشور وهو ناشط ليبي مقيم في لندن “انها عملية اغتيال على ما يبدو دبرها رجال القذافي.” وتابع “من المؤكد أن هناك خيانة.. خلية ساكنة بين المعارضين.”

وقال المحلل شاشانك جوشي “البديل الاخر المحتمل أيضا أن يكون هذا اعدام دون محاكمة على أيدي معارضين.. عمل داخلي لقطع الرأس على أيدي المعارضين أنفسهم.”

وقال جوشي وهو محلل في المعهد الملكي لدراسات الدفاع والامن في لندن ان هذا التفسير سيسلط الضوء على انقسامات في صفوف المعارضة من المعروف أنها قائمة بالفعل وسيضع علامة استفهام على امكانية الثقة في المعارضة كشركاء من قبل الدول الغربية.

وأضاف “كل هذه الاشياء قد تهين الحكومات التي أيدت المعارضة. لاسيما بريطانيا التي نزلت الى الحلبة مؤخرا.”

وقال قائد عسكري في المعارضة ان المسؤولية قد تقع على الاسلاميين.

وذكر التلفزيون الليبي اسم معارض قال انه قاتل يونس.

وكان يونس وهو من شرق ليبيا حيث المعارضة للقذافي أشد بأسا وزيرا للداخلية في حكومة القذافي ولكنه انشق عليه ليصبح القائد العسكري في المجلس الوطني الانتقالي الذي أعلن عبد الجليل زعيمه السياسي مقتل يونس.

وقال عبد الجليل أن القتلة لم يلق القبض عليهم بعد.

لكنه أضاف أن رئيس الخلية المسلحة التي تشير أصابع الاتهام اليها والتي ارتكب أحد أفرادها هذه الجريمة الفردية البشعة اعتقل. ولكنه لم يدل بتفاصيل.

ولم يكن يونس الذي كان ضمن مجموعة شاركت في انقلاب 1969 الذي جاء بالقذافي الى السلطة يحظى بثقة كل زعماء المعارضة بسبب دوره السابق في قمع المعارضين.

وقد يوجه مقتل يونس ضربة قوية لحركة حظيت بمساندة نحو 30 دولة كان اخرها بريطانيا والبرتغال لكنها تجاهد لتحقيق تقدم على أرض المعركة.   

وزار الحريري وزير الدفاع في المعارضة الجبهة في غرب ليبيا يوم الجمعة. وقال في مقابلة مع رويترز عند نقطة تفتيش قريبة ان مقتل يونس لا يزال موضع تحقيق. ووصف مقتله بأنه خسارة لزعيم كبير. وتابع أن مقتله سيكون له تأثير بالطبع على المعارضة لكنها ستتعافى وسيكون هناك زعماء اخرون.

وقال المحلل ديفيد هرتويل من اي اتش اس في لندن ان يونس “كان واحدا من عدد قليل من القادة العسكريين الكبار في المعارضة يحظون بالثقة وكان شخصية رئيسية في المساعدة في تحقيق الاستقرار واعادة تنظيم مقاتلي المعارضة.”

وقالت شخصيات على الجبهة قرب مصراتة انهم يرون يونس شهيدا وتعهدوا بالثأر لمقتله.

وسيطر مقاتلو المعارضة على مساحات من الاراضي الليبية منذ بدء انتفاضتهم ضد حكم القذافي الممتد منذ 41 عاما لكنهم حققوا تقدما محدودا في الاونة الاخيرة رغم الضربات الجوية التي يقوم بها حلف شمال الاطلسي .

وقالت المعارضة انها سيطرتها على بلدات عديدة في الجبل الغربي بعد ان شنت هجوما جديدا على قوات القذافي يوم الخميس لكن عليها ان تحقق انفراجة ملموسة.

وقال زعيم من المعارضة بالقرب من بلدة الغزايا لرويترز يوم الجمعة ان حوالي 100 مقاتل سيطروا على البلدة التي كانت قوات القذافي تتحكم من خلالها في منطقة واسعة من السهول أسفل الجبال.

ولم يتسن لرويترز الذهاب الى الغزايا للتحقق من التقرير لان المعارضين قالوا ان المنطقة المحيطة بالبلدة قد تكون ملغومة. لكن من خلال النظر باستخدام نظارات مقربة من قمة جبل قرب نالوت لم يشاهد الصحفيون أي علامة على وجود قوات القذافي في البلدة.

وقال قائد عسكري اخر من المعارضة انهم سيطروا أيضا على بلدتي تاكوت وأم الفار.

ومع تراجع الامال في التوصل الى تسوية من خلال التفاوض بعد نشاط دبلوماسي محموم في الاسابيع الاخيرة أذعن طرفا الحرب الدائرة منذ خمسة أشهر للامر الواقع وأدركا ان الصراع سيتواصل في شهر رمضان في اغسطس اب.   

قال نيك ويتني المحلل بالمجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية في باريس ان الغرب كان يتطلع الى “حرب بسيطة ولطيفة” ينتصر فيها الحق لكن هذا تجاهل السياسة الليبية المستندة الى قاعدة عشائرية.

(شارك في التغطية مايكل جورجي قرب غزايا ومصعب الخيرالله في مصراتة وألكسندريا ساج في باريس. وسامية نخول وأفريل أومسبي وكلير كين في لندن وميسي ريان في طرابلس)

زر الذهاب إلى الأعلى