أرشيف

المواقف الدولية تحرك المياه الراكدة لأزمة اليمن

يبدو أن المواقف الدولية الأخيرة تجاه الأوضاع في اليمن أعطت زخما جديدا للمشهد السياسي في البلاد بعد حالة من الجمود سيطرت عليه منذ تعرض الرئيس علي عبد الله صالح للاستهداف في جامع دار الرئاسة بصنعاء في الثالث من يونيو الماضي.

وعلى مدى شهور عدة اصطدمت مبادرات وتحركات دولية واقليمية وعربية لاحتواء الازمة في اليمن بصخرة شروط وصفت بالتعجيزية تمترست خلفها الأطراف اليمنية.

بيد أن المواقف الدولية عادت لتبرز من جديد خلال اليومين الماضيين وهو ما قد يدفع، بحسب أوساط سياسية في صنعاء، أطراف الأزمة للجلوس على طاولة الحوار للخروج من الأزمة الخانقة التي يعيشها اليمن.

وفى يوم الثلاثاء /9 اغسطس الحالي/، عقد مجلس الامن الدولي جلسة مشاورات مغلقة حول الوضع في اليمن استمع خلالها إلى إفادة من جمال بن عمر المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الذي زار اليمن مؤخرا.
وبعد المشاورات، أعرب المجلس عن قلقه البالغ بشأن تدهور الأوضاع في اليمن، داعيا أطراف الأزمة اليمنية الى رفض العنف وإظهار أقصى درجات ضبط النفس.

وحث المجلس جميع الأطراف في اليمن على عدم استهداف البنية الأساسية الحيوية بالبلاد، ودعا في الوقت ذاته الجميع إلى الالتزام بالقانون الدولي، معربا عن القلق البالغ بشأن تدهور الأوضاع في اليمن على الأصعدة الإنسانية والاقتصادية والأمنية، بما في ذلك التهديد الذي تمثله شبكة القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

ويشهد اليمن احتجاجات منذ بداية فبراير الماضي تطالب باسقاط نظام الرئيس علي صالح ، ما ادى الى دخول البلاد في ازمة خانقة.

ورفض الرئيس صالح ان يوقع منفردا مبادرة خليجية تقضي برحيله مقابل ضمانات بعدم ملاحقته وعائلته قضائيا، وطالب بتوقيع مشترك بالقصر الجمهوري مع المعارضة التي وقعت المبادرة بالفعل في مايو الماضي، كما وقعها حزب المؤتمر الشعبي العام (الحاكم).

ورفضت المعارضة اليمنية خلال لقاء مؤخرا مع مستشار الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر، البدء في حوار مع السلطة قبل نقل صلاحيات الرئيس اليمني الى نائبه عبد ربه منصور هادي.

وأكدت الأمم المتحدة على لسان جمال بن عمر، وجود “عراقيل” أمام حل الأزمة في اليمن، ورأت أن الأفق السياسي هناك مسدود.

وبموازاة موقف مجلس الأمن الدولي، قال السفير الأمريكي في اليمن جيرالد فايرستاين إن ما يهم واشنطن هو أن ينقل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح سلطاته لنائبه عبد ربه منصور هادي وأن يطبق المبادرة الخليجية ويتخلى عن منصبه. وقال فايرستاين في حديث لراديو ((سوا)) الامريكي ان على الرئيس اليمني إنهاء الانتقال السلمي للسلطة فورا سواء كان في اليمن أو خارج اليمن المهم أن يبدأ بإجراءات نقل السلطة فورا.

وأضاف “لا نعتقد أن بالإمكان الانتظار، وثقتنا كاملة بهادي لإتمام الانتقال، وكل ما ننتظره هو أن يوقع الرئيس صالح على المبادرة الخليجية أو أن يبدأ نقل السلطات الآن”.

وأكد السفير الامريكي بصنعاء “نحن نعتقد أن مفتاح معالجة المشاكل السياسية والاقتصادية والأمنية في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال حل مسألة انتقال السلطة في البلاد، ووصول قيادة جديدة تدير هذه الدولة”.

وتابع “نعتقد أننا لو تمكنا من تحقيق ذلك فإن الشعب اليمني والمجتمع الدولي سيكونان قادرين على معالجة بقية الصعوبات التي تواجه اليمنيين”.

وتوقعت مصادر سياسية في تصريحات لوكالة أنباء (شينخوا) ان تؤتي المواقف الدولية ثمارها ويحتكم الجميع للنقاش على مائدة واحدة.

ورأت المصادر أن حل المشكلة اليمنية لن يتم الا من خلال الضغوطات الدولية فقط وان اي حلول تقدم من الداخل اليمني لا يمكن ان يكتب لها النجاح.

وحسب المصادر، فان الوضع الحالي لليمن ومسألة الخروج من الازمة الحالية مرهون وبشكل كبير على المواقف والضغوطات الدولية.

وفيما يبدو كرد فعل على تلك المواقف الدولية، بدأت التحركات السريعة بشأن ايجاد مخرج من قبل المعارضة والحزب الحاكم في اليمن.

وقال مصدر مطلع في الحزب الحاكم في اليمن لوكالة أنباء (شينخوا) ان وفدا رفيع من المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) غادر صنعاء متجها الى الرياض فجر اليوم برئاسة عبدالكريم الارياني.

وأوضح المصدر أن الوفد قد يلتقي وفدا من المعارضة اليمنية لمناقشة آلية الخروج من الازمة السياسية التي تمر بها البلاد خاصة في ظل الضغوط الدولية تجاه الاوضاع في اليمن.

من جهته، عبر الناطق الرسمي لاحزاب اللقاء المشترك المعارض محمد قحطان عن شكره وتقديره لما اعتبره تطورا ايجابيا نسبيا للمواقف الدولية الاخيرة الصادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية ومجلس الأمن والاتحاد الأوربي والموقفين الروسي والسعودي.

ودعا قحطان “الأشقاء إلى اتخاذ مواقف أكثر ايجابية تجاه ثورة الشعب السلمية وتطلعات الشعب اليمني في التغيير”، حسبما ذكر موقع ((الصحوة نت)) الناطق باسم حزب الاصلاح المعارض.

وقبل يومين، أقرت أحزاب اللقاء المشترك يوم 17 أغسطس الجاري موعدا لانعقاد الجمعية الوطنية لتشكيل المجلس الوطني لإدارة البلاد.

وقال بيان صحفي صادر عن المشترك حصلت وكالة أنباء (شينخوا) على نسخة منه “ان يوم 17 رمضان الجاري الموافق 17 أغسطس 2011 سيكون موعدا لانعقاد الإجتماع التأسيسي للجمعية الوطنية التي ستشكل الحاضن الوطني للثورة الشعبية، وستختار من بينها مجلسا وطنيا يتولى قيادة قوى الثورة واستكمال عملية التغيير الثوري والسياسي”.

وجاء الاعلان عن موعد انعقاد الاجتماع التأسيسي للجمعية الوطنية في وقت كثر فيه الحديث في اليمن حول انتهاء شرعية الرئيس علي صالح دستوريا بالتزامن مع مرور 60 يوما عن عجزه عن القيام بمهامه الرئاسية بحسب قانونيين.
ورغم المواقف الدولية الاخيرة وما رافقها من تحركات لأطراف الأزمة الا ان هناك في ((ساحة التغيير)) بصنعاء من لا يعول على هذه المواقف كثيرا.

وقال مفيد الغيلاني أحد نشطاء ساحة التغيير ان “المواقف الدولية مخزية ونحن لم نعد نعول على موقف مجلس الامن الدولي أبدا ولا على اي موقف دولي اخر”.

وأشار الغيلاني الى انه “على الشعب اليمني ان يصنع ثورته بنفسه ثم يري الغرب ماذا سيصنع مع دولة مدنية حديثه تتبنى حقوق الانسان والتسامح مع كل الديانات”.

وحول استجابة الحزب الحاكم والمعارضة للضغوط الدولية والبدء في الحوار قال الغيلاني “انهم (الشباب) خرجوا للساحات ولم يعنيهم احدا سوى اسقاط النظام وسيظلون يعملون لاهدافهم حتى تتحقق وهي اسقاط النظام وبناء الدولة المدنية الحديثة التي يحلمون بها كشباب”.

زر الذهاب إلى الأعلى