أرشيف

الحاكم يسخر من المجلس الوطني والبعض يراه توسيعًا لـ”المشترك”

بعد مرور أكثر من ستة أشهر على خروج الناس إلى الشارع في اليمن توصلت غالبية القوى المنادية بالتغيير إلى مكوّن سياسي جديد سمّي بـ “المجلس الوطني لقوى الثورة” ويضم 143 عضوًا من معظم الأطياف الحزبية والعسكرية والقبلية والمجتمع المدني، في حين أبدى الحزب الحاكم نوعًا من الانزعاج من هذا المجلس.

غمدان اليوسفي من تعز: يقول مشروع “المجلس الوطني لقوى الثورة” إن “هذا الوضع يضع أمام قوى الثورة السياسية والاجتماعية بكل أطيافها مسؤولية جسيمة في توحيد جهدها لمواكبة حاجة الثورة في اللحظة الراهنة وخدمة أهدافها، وذلك عبر تشكيل مجلس وطني، تمثل فيه كل تكوينات قوى التغيير والثورة الشعبية السلمية، تجسيدًا للشراكة الوطنية الواسعة المتبلورة في ساحات التغيير وميادين الحرية في مختلف محافظات الجمهورية”.

ورأى أن هذه الشراكة ضرورية “لإنجاز مهام وأهداف الثورة الشبابية السلمية، والبدء بعد ذلك بإجراء حوار وطني بين أطرافه بشأن بناء الدولة ومواجهة كل التحديات الوطنية والسياسية والاقتصادية”.

وحسب المشروع، فإن تكتل أحزاب اللقاء المشترك وشركاءه في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني “يجد نفسه اليوم أمام المسؤولية الوطنية الملحة للاضطلاع بمهمة توحيد وتنسيق الجهد الوطني لكل القوى والتكوينات السياسية والاجتماعية المنخرطة في الثورة الشعبية السلمية، والتي تناضل عمليًا من أجل التغيير والانتصار لأهداف الثورة السلمية المشروعة”.

وقال مشروع المجلس إن في مقدمة الأهداف “استكمال إسقاط بقايا النظام فاقد الشرعية، والتي تقبل مبدئيًا بفكرة الوصول إلى صيغة جامعة للتوافق الوطني تتمثل في تشكيل المجلس الوطني لقوى التغيير والثورة السلمية، وتتفاعل إيجابًا مع مشروعه هذا، وتحديد من يمثلها في قوامه، الذي سيشكل الشباب والمرأة وثوار الساحات المكوّن الغالب في قوامه، وبما يضمن توحيد وتنسيق الجهد الوطني لتصعيد الفعل السياسي والثوري السلمي بهدف تسريع انجاز أهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية”.

ويتكون المجلس من “الجمعية الوطنية لقوى الثورة السلمية”، و”المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية”، و”الهيئة التنفيذية المجلس الوطني”.

الحزب الحاكم يسخر

هذا وأعرب مصدر في الحزب الحاكم عن سخريته من إعلان المجلس الوطني، وقال إن مثل هذه المسميات “الورقية” “لا تسمن ولا تغني من جوع، فكيف وقد ضمّت في صفوفها قطاع الطرق والمليشيات وأصحاب السوابق والمحكوم عليهم وبعض من يحملون جنسيات أخرى ولا ينتمون إليها”.

وأضاف المصدر: “لا نهتم لمثل هذا المجلس ولا أصحاب السوابق والمحكوم عليهم والقاعدة وطالبان وناهبي الأراضي ومهربي المشتقات النفطية ولصوص الآثار وحرامية “التعيين” المواد الغذائية العسكرية”.

من جانبه قال طارق الشامي الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر الشعبي “الحاكم” إن المعارضة “وقعت شهادة وفاة المبادرة الخليجية “بإعلانها إنشاء مجلس وطني.

وأضاف أن معدّي المشروع “يبرهنون على أنهم لا يؤيدون حلاً سلميًا، ويدعون إلى مؤامرة ضد النظام الشرعي”، مؤكدًا “لن نسمح بجرّنا إلى العنف”.

أما نائب وزير الإعلام عبده الجندي فقد رأى أن هذه الخطوة “انقلاب على الشرعية الدستورية وتغليب لإرادة هذه الأحزاب على إرادة الشعب التي عبّر عنها في صناديق الاقتراع”.

ورأى أن “هذا المجلس إما أنه سيولد ميتًا كسابقيه أو انه سيكون دعوة إلى حرب، وهذه الخطوة من قبل المشترك تعني إلغاء لثورتي سبتمبر وأكتوبر وما تحقق في 22 مايو وتمردًا على كل المؤسسات الدستورية وتطاولاً على القوانين”.

تطويرا لفكرة “اللقاء المشترك”

في سياق آخر يقرأ الباحث السياسي عبدالناصر المودع لـ”إيلاف” فكرة المجلس الوطني، معتبرًا أنها صيغة متطورة “للقاء المشترك”.

وأضاف: “أرى أن المجلس إذا جاء نتيجة توافق للأطراف التي أعلن أنه يمثلها، وهي أطراف المعارضة، وإذا لم يعلن أنه يوجد خلافات بين هذه الأطراف فهذه هي أول خطوة تعتبر في الطريق الصحيح باتجاه أن تشكل المعارضة كتلة سياسية للمعارضة”.

وقال المودع: “أعتبر تشكيل المجلس بمثابة تطوير لفكرة “أحزاب اللقاء المشترك”، وصيغة متطورة للمشترك إذا لم يحدث خلاف بين هذه المكونات”، موردا إنه “إذا لم يصدر من هذه المكونات أو بعضها رفض أو عدم قبول بهذه الصيغة، ففي هذه الحالة يكون هذا الكيان صيغة متطورة “للمشترك” ومن ثم فإن هذا المجلس يعتبر واجهة المعارضة التي بإمكانها أن تتفاوض مع السلطة باسمها وأن تطرح بأنها ممثلة للأطراف المنادية بالتغيير”.

وأشار إلى أنه “ليس المهم الأسماء التي تضمنها الإعلان عن المجلس الانتقالي بقدر ما تكون الأهمية في موافقة هذه الأطراف، والأهم أن تتصرف هذه الأطراف بعقلانية، وأن لا تعتبر ورود اسمها في المجلس هو حصتها الفعلية في السلطة وفي الدولة، وتعتبر أنها في هذه المرحلة مرحلة التغيير”.

وأضاف المودع: “كنت متخوفًا أن يتم الإعلان عن مجلس وطني للحكم ليحل بديلاً من الدولة، ولكن حسب ما فهمت فإن المجلس هو ممثل لقوى الثورة أو القوى المنادية بالتغيير، ولا تدعي أنها تمثل كل اليمن، ولا تقوم عمليًا بإقصاء الطرف الآخر، لأنه إذا تم التوافق على شيء فإن السلطة وحلفاءها يمكن أن تبادر بطرح العدد نفسه كصيغة لمجلس يشمل الجميع”.

واعتبر أنّ “المبادرة الخليجية ستظل قائمة لأنها إرادة إقليمية ودولية، ولا يمكن لأحد أن يدعي أنه يستطيع تجاوزها، ومن ثم لا يعوّل على التصريحات، سواءً من قبل السلطة والمعارضة في هذا الأمر، وقد سمعنا أن المعارضة أعلنت أن المبادرة الخليجية ماتت، ولكن في وقت الجد يكون كلام آخر، وبالمنطق نفسه السلطة أيضًا”.

ورأى أن المجلس تطور الآن، لأن المشترك كان “يمثل أحزابًا سياسية، ولم يكن يمثل أطرافًا أخرى مثل الحراك والحوثيين وكثير من التوجهات، وأهم شيء أن لا يكون هذا المجلس سببًا للخلاف بين هذه المكونات التي قد تدعي أنها لم تستشر، وهذه هي المشكلة التي يمكن أن تواجه المجلس”.

وبدأت مخاوف عبدالناصر المودع تظهر، حيث استغرب حزب رابطة أبناء اليمن “رأي”، ورود أسماء رئيس حزب رابطة أبناء اليمن، الأستاذ عبد الرحمن الجفري، ومحسن محمد بن فريد – الأمين العام للحزب، ويحيى محمد الجفري -رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية، في قائمة أعضاء ” المجلس الوطني”.

ووصف الحزب المجلس الوطني بأنه “أصبح تنظيمًا سياسيًا يراد له أن يكون قائدًا للثورة والحياة السياسية، وهو أمر لا يتواكب مع ما نصبو إليه ويصبو إليه شعبنا من ديمقراطية وتعددية”، مؤكدين أن “أمرًا كهذا كان يفترض أن لا يتم ترتيبه من جهة بعينها، بل كان يفترض أن تتحاور حوله وفيه مختلف قوى الثورة ومؤيدوها مبكرًا، وأن تكون هناك معايير واضحة لعضوية أي إطار عام”.

زر الذهاب إلى الأعلى