أرشيف

حوار مع الدكتورة ابتسام المتوكل :على الشباب حماية ثورتهم من أن تتحول إلى كعكة تقسم بعيداً عن أهدافها

 

قالت الناشطة الدكتورة ابتسام إن ما ينقصنا على مستوى وعي النساء في ساحات الحرية والتغيير هو تحول مشاركتهن بهذه الضخامة العددية إلى شراكة تؤثر في صياغة الحدث الثوري وتوجيهه.

وفي حوار مع صحيفة “الثوري” قالت الشاعرة ابتسام أتمنى على النساء أن ينظرن لمشاركتهن بصورة أكثر تقديراً لأنها كذلك بالفعل وأن يشتغلن بوعي الشريكات الشقائق وليس بأقل من ذلك وفي ظني أن ذلك سيغير حتى من وعي الرجل ونظرته, وسيجعل حدث الثورة فعلاً زمنياً فارقاً بين نساء قبله, ونساء في ظل ومعه ولعده.

 

حوار: سام أبو إصبع

                       

 

كل شعر يحمل قيماً جمالية وفنية مغايرة, وينشد الحب والخبر هو شعر مساند للثورة

نبدأ الحديث عن رؤيتك للمشهد اليوم في اليمن في شقيه السياسي والثقافي؟  

  • – لا ريب أن اليمن في تاريخه الحديث لم يشهد زخماً على مستوى السياسية والثقافة كما يشهد اليوم, المشهد مترع بالكثير من الدلالات والمعاني فيض بما يثقل الكلمات ولكن الصورة التي يجسدها اليمنيون اليوم صورة ليمن مختلف أكثر ايجابية ووعياً وأكثر تصميماً على الحصول ليمن جديد.

في اليمن اليوم صور لم نكن نتوقعها – نحن اليمنيين- عن أنفسنا صورة أخرى عن القبلية ورجالاتها, صورة أخرى عن الشباب وجديته, صورة أخرى للمرأة تبدو مكتظة بمعان جديدة لو أحسنا الاشتغال عليها لخرجنا في اليمن القادم بوعي يليق بـأحلام الثائرين, ويرقى لمستوى ما تستحقه النساء وما يستطعنه أيضاً.

  • § ما هو تقييمك لدور المرأة اليمنية.. هل استطاعت أن تفرض نفسها في الفعل الثوري اليوم؟
  • – وربما تكون المرأة الأولى التي تقتسم فيها اليمنيات مع أشقائهن الصورة والفعل, مشهد لم نعتد عليه في اليمن, مشهد أعطى لكثافة حضور النساء أبعاداً متميزة.

نعم.. المرأة اليمنية موجودة في قلب الحدث الثوري, المشاركة, حاضرة, تقدّم العون, وتسهم في الواجب الوطني لكن!

يبدو أنه لابد من استدراك حتى لا نمضي في قراءة الصورة إلى أبعد مما تحتمل وإن كانت الصورة حاملة لمعان جديدة وجميلة كذلك, أقول ما زال حضور النساء اليوم في قلب ساحة التغيير – سأتحدث عن صنعاء – حضوراً متعدد الإحالات: حضور نساء بوعي مغاير, حضور نساء بوعي تقليدي, حضور نساء دون وعي ولكن بدافع ذكوري, وأظن أن الأغلبية تقتصر مشاركتها على ما هو مسموح به من خارجها, ثمة نساء داخل الساحة يحضرن في إطار المسموح به بانتهاء المشاركة فلن نجدهن في الساحة, وعلى مستوى الوعي كثيرات منهن سيعدن وفقاً لدور نمطي لن تؤثر في تغييره أو تحسينه مشاركتهن الهامة في فعل الثورة, ولكن القليل أو النادر من النساء الشريكات في فعل الثورة, وربما هذا هو ما ينقصنا على مستوى وعي النساء في الساحة لتتحول مشاركتهن بهذه الضخامة العددية إلى شراكة تؤثر في صياغة الحدث الثوري وتوجيه.

  • § هل تستطيع المرأة الحفاظ على ما اكتسبته في ظل هذه الثورة؟
  • – الحفاظ على مكتسبات النساء في هذه الثورة واستمرار حقهن في المشاركة في الشأن العام مرهون بتعديل بسيط في وعي النساء المشاركة اللواتي بوسعهن أن يفرضن وجودهن بصفتهن شريكات, والشراكة تقضي اقتساماً للحدث ولما يعقبه.

أتمنى على النساء أن ينظرن لمشاركتهن بصورة أكثر تقديراً لأنها كذلك بالفعل وأن يشتغلن بوعي الشريكات الشقائق وليس بأقل من ذلك وفي ظني أن ذلك سيغير حتى من وعي الرجل ونظرته, وسيجعل حدث الثورة فعلاً زمنياً فارقاً بين نساء قبله, ونساء في ظله ومعه وبعده.

  • § على الصعيد الاجتماعي.. ما الذي أنجزته الثورة حتى الآن؟
  • – الثورة أنجزت وتنجز في كل لحظة معاني مذهله, على الصعيد الاجتماعي مثلاً: بفضل الثورة نعيد اكتشاف هويتنا اليمنية ونعيد قراءة مفردة القبلية في سياق ايجابي جديد, نندمج مع هذا المكون الذي كنا نخشاه ونتجنبه لنحلم معاً بدولة مدنية وسيادة للقانون, ونظام برلماني والكثير من مفردات حياة يمن جديد اجتماعياً وثقافياً وسياسياً ولولا أن بساط الثورة حملنا على أجنحة هذه المفاهيم ما صدقنا أن بعضناً ن نسيج اليمن الاجتماعي يمكن أن يقتسم معنا وبنفس اللهفة والاحتياج كل هذا الظمأ الآدمي لحياة مدنية ديمقراطية تقوم على حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.

 

  • § أين يقف الأدب وخصوصاً الشعر من الثورة, بصفتك تجيدين هذا اللون من الأدب؟
  • – كل شعر يحمل قيماً جمالية وفنية مغايرة, وينشد الحب والخير هو دائماً شعر ومساند للثورة ومؤسس لها في نفس الآن, شعر الثورة ظهر جلياً في الأيام الأولى حتى أن أحد الشعراء الشباب شرع في جمع ديوان للثورة, واكتشف أن هذا الديوان ضخم الحجم مما سيجعل إصداره في جزأين على الأقل, والجزء الأول منه ناجز, وجل قصائده خرجت من رحم هذه الثورة المباركة واللافت للانتباه مشاركة لشاعرات يمشين بثقة صوت القصيدة من بوابة الثورة, أليست القصيدة ثورة دائمة على القديم والبليد من الصور والعبارات سعياً وراء نص مغاير, وجمله مخلوقة للتو من بين أنامل شاهرها أو شاعرتها.

 

في ظل عدد كبير من المشاركات الشعرية بالفصحى والعامية تتغنى بالثورة سعنا أصوتاً مبدعة لأول مرة, ووقفنا عند صور تضج بالشعر وبالثورة معاً, شخصياً سمعت يحيى الحمادي هذا الصوت الشعري الذي يعرف كيف يقود المفردة والموسيقى ليصعد سلم الشعر ثائراً ومبدعاً, وقرأت لأميرة شائف صوتاً على رقته يخلق ثورته ولغته, وسمعت أحمد اللقاحي في قصائد عامية وأخرى فضيحة كلها مغروس في ماء الثورة, وسمعت أحمد أبكر الشحري في مطولته المتفردة التي تتناص مع (مصطفى) البردوني وسمعت حسن المرتضى في جمل قصيرة مموسقة تثور وترفض وتتجاوز صاحبها لتعبر عن سامعيه ولا يسعني المقام لحصر كل الأسماء الشاعرة ولكن فقط اكتفيت بأمثلة لا تروم حصراً.

 

 

  • § د. ابتسام كلمة أخيرة توجهينها عبر الصحيفة للثورة في ساحات الحرية والتغيير على امتداد وطننا الحبيب؟
  • – لا أملك كلمة أولى ولا كلمة أخيرة, كل ما أملك قوله ها هنا هو تمنيات على الثوار ولهم أن لا تخرج الثورة ثورتنا جميعاً عن مبدأ السلمية. السلمية أن تسير في السلاح الأقوى الذي أحرج من توقع من ثورتنا أن تسير نحو عنف وهمجية, فلنحافظ جميعاً عليها سلمية.. سلمية.
  • – أيضاً أن يبقى الشباب في الصدارة ويكون من حق الثورة عليهم حمايتها من أي خطر وأهمها أن لا تتحول إلى كعكة يتم تقاسمها باعتبارات لا تمت إلى روح الثورة وأهداف شبابها؛ لابد من أن يظل الشباب هم الملاك الحارس لهذه الثورة التي يتربص بها كثيرون.
  • – أتمنى على الثوار في كل الساحات أن تتوحد كلمتهم في الأهداف الكبرى ويبقون على حق الجميع في الاختلاف والتنوع في الجزئيات والتفاصيل, لا نريد أن نقع في نسخة واحدة تعمم على الجميع مقصية الخصوصيات, ولا نريد أن نضفي طابع الخصوصيات على العام والمشترك من الأهداف والرؤى. هنا لابد من حصانة الثورة في إدارة الوحدة التي ينبثق منها التنوع ولا تأتي على حسابه مطلقاً.

 

المصدر : صحيفة الثوري – العدد 2162

زر الذهاب إلى الأعلى