أرشيف

تعز تضرّج بدماء أبنائها وزوجة الأستاذ حمود تُبكي سكان الحالمة

ما إن كادت تلتئم  جروح الحالمة باستشهاد الثائرة عزيزة  المهاجري- عزيزة التي لها من اسمها نصيب.. عزيزة العز.. عزيزة تعز.. حتى تفاجأت الحالمة بما هو أكبر من ذلك.. إنها مجزرة يومي الإثنين والثلاثاء 24-25 أكتوبر 2011م حيث تعرضت بعض أحياء المدينة مثل حي الروضة وزيد الموشكي وحي المسبح ووادي القاضي وساحة الحرية لإطلاق نار كثيف من أسلحة متوسطة وخفيفة “قذائف هاون ودبابات ومضادات طيران ومدفعية” من أماكن متفرقة.. استمر القصف من عصر يوم الاثنين إلى عصر يوم الثلاثاء، وكان نتيجة تلك المجزرة غير المبررة “38” جريحا و”10″ شهداء وأضرار مادية تقدر بالملايين.. معظم الجرحى والشهداء طالتهم القذائف إلى منازلهم.

 

أمين  عبد الله راجح

 

أثناء القصف – المستقلة- زارت بعض تلك الأماكن ثم اتجهت إلى المستشفى الميداني لتوثيق المجزرة الجديدة فكانت الفاجعة أكبر مما يتصوره عقل بشر.. كنا من أوائل الواصلين إلى المستشفى الميداني.. وكانت الدماء على الأسرة والكراسي والبطانيات والبلاط والملابس المنزوعة.. كان الجرحى على الأرض وفي الزاوية البعيدة كانت تنام جثث الشهداء نومة الخلود.. كانت جميعها مجهولة الاسم كنت أتحرى أسماء الجرحى لأدون البطاقات على صدور الشهداء وإذا بأحدهم يصرخ بجواري ويقول: “الأستاذ حمود”- جاري- سلمت عليه الصباح.. أخرجت ورقة بيضاء ودونت عليها اسم الشهيد الأول دقائق ثم الثاني والثالث وتوالى الباقون.

 

 

بدأت الاتصالات  مع أهالي وأقارب الجرحى والشهداء وما  هي إلى دقائق حتى امتلأت المستشفى بالنساء والرجال.. كان أول الواصلين ابن عم الشهيد حمود.. حين وصل وشاهد جثة حمود صرخ بأعلى صوته “الله يرحمك يا حموووووووووود” كان يرتعد بشدة ويبكي ويقبل ابن عمه بكل حرقة أبعدناه من على الجثة فظل يصرخ ويردد “الله يرحمك يا حمود.. وبااااااااه.. الله يلعن القصر الجمهوري.. أنا موظف بالقصر.. الله يقتلك يا علي عبد الله صالح.. أعطوك حصانة يا علي عبد الله صالح تقتلنا.. قاتلك الله.. إلى متى ستظل تقتلنا..؟ هذا ابن عمي استاذ والله ما عمل حاجة.. هذا أستاذ والله.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. حسبنا الله ونعم الوكيل..

 

 

وبينما أنا أحاول  أهدي من روعه أقبلت زوجة الشهيد “حمود” يمسكها شخصان من أقاربها.. بدأت تفقد أعصابها شيئا فشيئا وبمجرد رؤية جثة زوجها حمود صرخت بأعلى صوتها ووقعت على الأرض.. كنا نحاول نصبرها فلم نستطع.. أفاقت سريعا.. عاودت البكاء فأبكت جميع الحاضرين.. كانت تتطلع إلى وجه زوجها.. تقبله وكأنها تتوسل إليه ألا يرحل.. غسلته بالدموع.. فلم يستطع أحد أقاربها أن يبعدها من على الجثة.. وفجأة كأنه أصيب بهبوط فوقع على الأرض مغشيا عليه.. أقتلب المستشفى رأسا على عقب.. حاولت أرفع قدميه كي يفيق وبينما أنا كذلك حضرت إمرأة مسنة بدأت تصرخ من بعيد فملأت جنبات المستشفى بالبكاء وخرج الموقف عن السيطرة.

 

 

رحل الأستاذ حمود عبد الله الجماعي مدرس في مدرسة  عمار بن ياسر – تاركا جميع الأهل والجيران والمحبين عن عمر لا يتجاوز الأربعين مخلفا وراءه زوجة مكلومة وثلاثة أطفال “ولد وبنتان” بعد أن أصيب بشظايا متفرقة اخترقت جسمه وقلبه إثر وقوع إحدى قذائف المدفعية بالقرب منه بينما كان ماشيا بجوار جامع التقوى.

 

ومن الشهداء أيضا:

 

الشاب زيد طه أحمد عثمان القدسي “25” عاما أصيب بطلقة معدل اخترقت قلبه بينما كان ماشيا في الشارع.

 

لم تستثنِ أيادي الأجرام شيئاً حتى الأطفال والأمهات كالطفل أصيل مراد الزرقة “13”عاما أصيب بطلقة نزعت مؤخرة  رأسه.

 

واستشهدت جميلة علي أحمد “40”عاما أم لـ”8″ أطفال وقعت قذيفة مدفعية في منزلها بحي الروضة على إثرها فارقت الحياة.

 

كما استشهدت إيمان طه ثابت “55”عاما أم لـ”7″ أطفال إذ حاولت سحب طفلها من باب المنزل لإدخاله فأصابتها شظية لتفارق الحياة بالقرب من فندق سنان.

 

وممن استشهدوا محمد عبد الحكيم عبد الله المقطري “18”عاما أصيب بطلقة اخترقت فمه وخرجت من مؤخرة رأسه بالقرب من ساحة الحرية.

 

وعارف ناجي صالح ، وكان هناك العديد من الشهداء في مستشفى اليمن الدولي.

زر الذهاب إلى الأعلى