أرشيف

عضوا اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية:ان الحل السياسي مهم شرطا الا يتعارض مع الفعل الثوري

رغم التوقيع على المبادرة الخليجية من جميع الأطراف السياسة بما فيهم علي عبد الله صالح الذي خالف كل التوقعات بتوقيعه، إلا أن مخاوف كثيرة يواجهها شباب الساحات حول تبعات تنفيذ بنود هذه المبادرة وتأثيرها على ثورتهم.. وبالنسبة للجنة التنظيمية للثورة الشبابية يقول عبدالهادي العزعزي عضو اللجنة في حوار خاص لـ”أخبار اليوم”: لحل السياسي مهم شرط ألا يتعارض مع الفعل الثوري.. ويجب ألا نلعب على خيار واحد

 

حوار/ عبدالخالق عمران

 

* المبادرة وآلياتها التنفيذية وصيرورة العملية السياسية إلى حكومة وفاق وتدشين مرحلة أولى من الآلية التنفيذية.. أين تقف الثورة من هذا كله؟.


– تقف الثورة على النتائج من كل هذا المسميات التي ذكرتها ،وتقف وفي يدها أداة قياس وحيدة هى أهداف الثورة ومطالبها، وما يتحقق منها، على أرض الواقع ،نحن فعلاً فاقدون الثقة في النظام ونعرفه تماماً ،خبرناه كثيراً، نريد من رئيس الحكومة ووزراء المعارضة وحلفائها ،استمرار التوضيح للعراقيل التي يضعها فلول النظام أمامهم وعدم التستر على أي تجاوزات ،نحن نراقب كل ما يحدث ،ولنا العديد من الخيارات المفتوحة كثورة.

 

 


* تباينت ردود الأفعال تجاه ما آلت إليه العملية السياسية.. أنت من خلال موقعك في اللجنة كيف تنظر إلى هذا التباين؟ وإلى أي مدى يمكن أن تؤثر على المسار الثوري؟.


– التباين هو القوة الحقيقية للثورة، فمكونات الثورة متعددة وهى من مختلف التوجهات الفكرية بمن فيها المنشقين عن الحزب الحاكم نفسه ،وهى ليست مكوناً فكرياً واحداً بل مكونات فكرية متعددة ومكونات سياسية متعددة أيضاً ونحن نحترم هذا التنوع والتعدد،ونعتبره مصدر قوتنا ،وعملنا توافقي والتوافق تجسيد حقيقي للتنوع ، وهذا أهم ميزات الثورات الشعبية تجعل الشعب أو أغلبه في إطار واحد جامع هو( الأهداف والمطالب الثورية ) شركاء الأمل والحلم .

 

* ما هو شرط التفاؤل برأيك الحالة الثورية وبقائها ساخنة أم العامل السياسي أم هما معاً؟.


– شروط التفاؤل العاملان معا الثوري أولاً وهو الأساس والسياسي الذي لا يكون على حساب العمل الثوري ويسانده ولا يعيقه ، وأن يكون المسار الثوري مستقلاً عن المسار.

 


* ما الذي يمكن أن يتخلق عن وضع معقد يتم فيه التوافق القسري لتأسيس مرحلة يراد أن تكون مجاوزة؟.

– الولادات القيصرية أحياناً تكون أنجع الحلول، فهي تحفظ الأم والمولود ،هنا علينا مراعاه عملية البناء التراكمي ،لدينا نماذج تم فيها إسقاط الدولة مع إسقاط السلطة وهى نماذج مؤلمة كما هو الحال في العراق والصومال وأفغانستان ،نحن كنا نسعى إلى إسقاط السلطة العائلية وما كنت أنا شخصياً أخاف منه أن تسقط الدولة مع السلطة وهنا سوف تعم الفوضى ،في مجتمع أنعشت السلطة ضمن مكوناته البنيوية ثقافة الفيد وهنا سوف تحل الكارثة، ماحدث في عام 1994م كارثة ماثلة للعيان ،وماحدث قبلها عام 1948م لصنعاء ،ذكريات مؤلمة، البلد لا يتحمل تدمير الهياكل القائمة كأبنية تحتية وإن كانت هياكل هشة، وفعلاً ما كان يجرى وما حدث في الحصبة كانت رسالة واضحة لما قد يحدث ، وما أريد أن يحدث في تعز ربما أكثر رعباً, علينا التفكير في الأبعاد والدلالات، القصف كان يجرى من المستشفى الجمهوري رمز العلاقة الصينية اليمنية أكبر منشأة حكومية خدمية في المدينة، كان الهدف جر المقاومين لتدمير هذه المنشأة ،ومن ثم مجمع المحاكم في جبل الجرة، رمز العدالة، الأمر ليس فقط مجرد الموقع المرتفع ،لكن القصف من قلعة القاهرة الرمز التاريخي للمدينة، ومعسكر خالد بن الوليد، والقصف من الجند له أبعاد إسلامية تهدف إلى الانتقام من كل رمز تاريخي له دلالة خاصة في ذاكرة المكان والذاكرة الجمعية للناس .

 


* هناك تحديات كثيرة تقف أمام حكومة الوفاق.. فهل يمكن للحالة الثورية أن تشكل عاملااً معززاً ومسانداً أم العكس؟.


– الحالة الثورية هنا تشكل عاملاً معززاً ومسانداً كبيراً، نحن في بلد تحتاج عامل ما فوق التوازن في ميزان القوة، لأن قوة الإكراه على التنفيذ هي الروح الحقيقية للتنفيذ والتقيد به، الساحات والحالة الثورية هي الضامن الحقيقي للتقدم في التنفيذ والالتزام به حسب البرنامج الزمني ،وتحقيق بقية الأهداف أعتقد أن الحالة المصرية ماثلة أمامنا تماماً ،حين تتعامل مع نهم السلطة للسيطرة والتسلط.

 


* ما الذي يتطلبه الأمر؟.

– أن نكون متمرسين جيداً في رفع أصواتنا وتسليط عيوننا لرصد حالات التحايل والالتفاف، والتسويف ،لدينا أهداف محددة ومطالب ثورية، هي من تقود حركتنا ،أهدافنا منها ما يحتاج الى وقت كافٍ لتنفيذها ونحن لسنا من سيقوم بالتنفيذ العملي لها لكن المؤسسات ،نحن نوجد أرضيتها الذهنية في رؤوس الشباب ،وعلى من يتسلم السلطة السياسية تنفيذها على الواقع، ونحن قوة معززة للحكومة وضابطة لها في نفس الوقت وقوة محاسبة أن حاولت التراجع أو التهرب من تعهداتها .

 


* وما الذي يتطلبه إحداث قدر من التناغم للدفع بمسار التغيير إلى غايته؟.


– أولاً التسلح بالوعي الكبير والترقب والحذر والاصطفاف خلف الأهداف وقدرة وثقة بين قوى الثورة ،والترفع عن الأنانية والفردانية وتعلم الاختلاف والابتعاد عن الخلاف ،وقبل ذلك قبول الآخرين ذهنياً ،واحترام إرادتهم ،ومصالحهم ،والعمل على إعادة تنظيم من هم ليسوا منظمين في أشكال نظامية تعتمد التقارب الفكري أولاً وتقارب المصالح ،واحترام الآخر المختلف قبل الموالي ،اليوم نحن أمام تحدٍ كبير علينا الارتفاع إلى مستواه ،فهذه المرحلة فاصلة في تاريخ الثورة ،نحن مخرجات ثقافة الاستبداد التي مورست علينا قرون ،خلقتنا مشوهين وفاقدي الثقة ببعضنا ومقسمين في أطر وأشكال ما قبل وطنية، أعتقد أن التربية الوطنية سوف تتعزز بعد حسم المواطنة ،لدينا احتقانات كبيرة ،يجب علينا تجاوزها ،بأمل كبير بأن الغد الذي نريده نصنعه نحن ،وقبله يجب أن تكون واضحة لدينا معالمه الأساسية على الأقل.

 


* ماهي الخيارات المطروحة أمام الثورة وإلى أي مدى ستظل ممسكة بزمام الفعل وموجهة للأحداث وهل تراها ستدخل مرحلة انتظار لما يأتي من وراء العملية السياسية؟.

 


– الثورة ما تزال ممسكة إلى الآن بزمام الفعل وسوف تظل، فهي من تقدمت بالعملية السياسية إلى هذا الموقع بعد إبعاد رأس النظام عن السلطة السياسية ،وكل هذا كان الهدف منه إرضاء الثوار ،لكن هذا لا يمثل أهداف الثورة ولا مطالبها بل بعضها ،لذلك سوف تظل الثورة ممسكة بكل الخيارات ،وعلى رأسها التصعيد الثوري السلمي ،المؤدي إلى فرض التغيير الحاسم على الجميع.

 


* ثمة من يرى أن مآلات العملية السياسية تبخس الثورة وتقزم إنجازاتها.. ماهي رؤيتكم أنتم كثوار لما أحدثته الثورة من إعادة خلخلة وبناء؟.

 

– الثورة في ذاتها عملية تغيير تحدث أولاً داخل الثوار أنفسهم ومن ثم تنتقل الى الآخرين, التغيير يحدث في أسلوب التفكير ومن ثم في السلوك اليومي للثائر نفسه، هناك إنجازات حقتتها الثورة على رأسها، الإيمان الحقيقي بمغادرة العنف أولاً وثقافته هذا البلد كان عبارة عن أمواج من العنف الدائم أعتقد أن هناك تعايشاً مدنياً أوجد في الساحات، نحن في مجتمع لديه كل الإمكانيات لإنتاج العنف وممارسته، ومع ذلك كبحت هذه الإمكانية, السلطة هددت بالحرب الأهلية وحرضت عليها ودفعت أطرافاً إليها لم تلقَ استجابة من احد، لأن الناس لديها الرغبة في الخروج من هذه الدوامة ،وهذا من أهم التجليات، وما أنجز من العملية السياسية يتبع في التقييم للعملية الثورية النموذج الثاني للثورات السلمية والذي يسمى النموذج التكيفي, تكيف القوى الثورية مع بقايا قوى النظام ،في مرحلة انتقالية تهدف إلى تأسيس أرضية لما بعد ،بحيث يتم صياغة دستور يتضمن أهداف الثورة ومطالبها الأساسية ويصون الحرية والكرامة ، بعد الحقوق الأولية في الحياة والتعليم والعمل.


وما أنجز إلى الآن أمر كبير، إنه الأساس الذي غير نظرة العالم عن بلد ارتبط بالإرهاب والدولة الفاشلة ،اليوم هناك نوع من إعادة قراءة الواقع اليمني والإنسان اليمني، فكيف تحمل هذا الشعب كل هذا الصلف وهذا العنف وهذا الحصار العام في كل شيء؟ كيف مول حركاته الاحتجاجية في ظل معدلات الفقر المريعة والبطالة المخيفة؟.. علينا متابعة ما يكتب عنا في الصحف الخارجية ،هذا ونحن أساساً في هامش اهتمام العالم, ولقلة ارتباط مصالحه بنا ورغم ذلك أكثر من جلستين في مجلس حقوق الإنسان ،وجلستين في مجلس الأمن الدولي أول قرار دولي بالإجماع يصدر عن مجلس الأمن القرار الدولي(2014) غير ذلك القلق الإقليمي الذي دفع بالإخوة في مجلس التعاون الخليجي إلى تبني المبادرة أكثر من مرة ،ودعمها من الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، والسعي لفرضها بكافة الأساليب، علينا إعادة قراءة الآلية التنفيذية بنوع من التروي ،ومعرفة التفاصيل الواردة بها، بالإضافة إلى الضغوط الكبيرة لفرضها ،إنها نتائج محسوبة للثورة.

 


* هل نستطيع القول أن العملية السياسية هي استمرار للثورة وتجلٍ لها أم أنها مسار آخر مختلف ربما يمثل في نظر البعض أداة خنق وتضييق للخيار الثوري؟.


– العملية السياسية عملية مرافقة للثورة ،وموازية لها ،ولا تتعارض معها ،هى نتاج للثورة وبالتالي هي تكميلية لها ،الحديث عن ثورة دون رأس حديث لا قيمة له ، نعم العمل الثوري فوضوي ربما في الطريقة فقط لكنه ليس فوضوياً على صعيد الهدف والتنسيق.
هناك من لا يعي ماهو العمل السياسي ولا يعدو هذا العمل عنده عن أنه بيع وشراء ،امتداد لثقافة المحلات التجارية والتسليع للأهداف والقيم والمثل العليا لا منطقي ولا عقلاني.
ودائماً علينا أن لا نلعب على خيار واحد ،بل يجب أن تظل لدينا كل الخيارات مفتوحة امامنا ،وكلما كانت الخيارات مفتوحة ومتباعدة كانت مساحة المناورات أكبر والمكاسب أكبر وأعظم.

 


* هل تستطيع القول على نحو مؤكد أن على اليمنيين أن يتعاملوا مع صالح ونظام حكمه كصفحة منطوية غبر قابلة للمعاودة؟.


– أعتقد أننا في ظل مفردة الانتقالية التي وردت في أكثر من عبارة في الآلية التنفيذية للمبادرة ،في وضع يجعلنا نقول أن النظام يحتاج إلى وقت كي ينتهي ومتى تمكنت اللجنة العسكرية من نزع مفاصل التحكم في القوة العسكرية من يد العائلة الصالحية، هنا يمكن الحديث عن انتهاء نظام صالح، أي متى ماتحررت الدولة كمؤسسة من سيطرة أفراد العائلة تماماً (الحرس الجمهورى -الأمن المركزى -القوات الجوية -والأمن القومي -والشركات المالية.


نحن الان ننتظر مرور الأيام القادمة إلى يوم 21فبراير، يوم التشييع الحقيقي لرأس النظام، ثم عامين كاملين ترضع فيهما مؤسسات الدولة أصول بناء المؤسسة، هيكلياً، بعدها يكون المجتمع الدولي قد ساعد اليمن فعلاً على التحول نحو الدولة الديمقراطية الكاملة، وهذا يحتاج إلى أن يساعد فيه اليمنيون انفسهم بالاصطفاف خلف أهدافهم والبقاء متوحدين, عليهم متابعة كل شيء يصدر عن الأطر السياسية والمحلية والدولية، ولملمة الجراح والتسامي فوق الصغائر، والنظر إلى القادم بصبر كبير وعزيمة وإيمان بأن اقدار الشعوب تصنعها الشعوب.

 


* بموجب الإجماع المحلي والإقليمي والدولي أن نظام صالح أصبح خارج حياة اليمنيين.. هل تؤيد مثل هذا الطرح؟.


– هذا أمر مفروغ منه تماماً، نظام صالح السلطاني خرج بفعل التسوية ،حيث قرار التفويض كما في الآلية (لا رجعة عنه )والتنفيذ جارٍ لكنه بطيء ومقلق جداً، خرج صالح ولم تخرج تبعات النظام، وملحقاته،لا يزال أفراد العائلة ممسكين بمفاصل القوة في الدولة، وهذا التحدي الحقيقي أمام القادمين من نائب الرئيس وحكومة الوفاق واللجنة العسكرية، ونحن ننتظر لكن ليس إلى ما لا نهاية ،لصبرنا حدود.

 


* نحن نقف أمام تحديات كبيرة ويطرح البعض أن علينا أن نبقي المعركة خارجنا وأن تصديرها نحو الداخل يحقق مراد الخصم , بما تشير كأساس للتعامل مع هذه المرحلة بهواجسها وحمولاتها والمخاوف المتعلقة بها؟.

 

– أنا اعتقد أننا في الساحات من الأفضل أن نبقي المعركة بعيداً عنا ،كي نكون القوة الضامنة للثورة من الانحراف ،والاحتواء في دائرة الفعل السياسي التفاوضي وبالتالي لن نفقد قوتنا ،ونحن لنا أهداف علينا العمل على تحقيقها، فبقاء المعركة بعيدة يجعلنا أكثر تقارباً وصلابة، والتفافاً حول أهدافنا، وعلينا قيادة حوار يتجاوز ثقافة الاستبداد بمفرداتها المخيفة، كالتخوين وفقدان الثقة ،والتشكيك ،والتمترس خلف الماضي ،لنجعل المستقبل هدفنا ،ولنكُبر بحجم الحدث ولنتمثل المجتمع الذي نهدف إلى بلوغه في سلوكنا وثقافتنا وحياتنا عموماً ،مطلوب التسامي فوق الجراح ،وإنكار الذات ،والتفكير بصالح الوطن والمجتمع ، والتخلص التدريجي أو السريع إن أمكن من ثقافة الانقلابات الثورية ،وهواجس الإقصاء والإبعاد والاستحواذ.

 

 


سيرة ذاتية


عبد الهادي ثابت العزعزي
مواليد 1970
خريج كلية التربية جامعة صنعاء قسم جغرافيا 1993م
مدرس في التربية والتعليم
دبلوم في الدراسات الإسلامية (المعهد العالي للدراسات الإسلامية القاهرة) ويحضر ماجستير في الجغرافيا معهد البحوث والدراسات العربية القاهرة
عضو قيادي في نقابة المهن التعليمة والتربوية
عضو الهيئة العليا لحزب التجمع الوحدوي اليمني

 

 

المصدر : أخبار اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى