أرشيف

ثورة اليمن التي ولّدت ثورات

يرى كثيرون أن إعلان الرئيس اليمني المنتهية ولايته علي عبدالله صالح السفر إلى واشنطن لم يستهدف سوى إحراج واشنطن التي يعتقد صالح وأنصاره أنها تقف وراء ثورات الربيع العربي، في ما يعدونه “الفوضى الخلاقة”، ويرى آخرون أن قرار مغادرته اليمن لم يأت إلا نتيجة ضيق الخيارات لديه، فإما الرحيل والمضي بالمبادرة الخليجية، أو التورط في حرب لن تكون في صالحه وخصوصاً بعدما أدى استجابة رجال القبائل المنخرطين في قوات الجيش نداء قبائلهم بالتخلي عن نظام صالح إلى إضعاف قواته فضلاً عن عدم ثقته بالصمود أمام شارع غاضب  .

برأي كثيرين لم تكن الاحتجاجات التي عصفت بمؤسسات الدولة المدنية والعسكرية سوى تعبير صادق عن موقف الأغلبية الصامتة في هذه المؤسسات التي كانت تنتظر أن يؤدي توقيع صالح على المبادرة الخليجية إلى مغادرته وحزبه الحياة السياسية وفاجأهم كثيراً أنها أتاحت لصالح ونظامه البقاء والمشاركة في الحكم كما أتاحت لهم حصانة قانونية كاملة  .

بعد 11 شهراً من الاحتجاجات أنتجت الثورة الشبابية ثورات في المؤسسات المدنية والعسكرية وأطاحت العديد من رموز النظام المتهمين بالفساد في تحول خلط أوراق التسوية السياسية التي تمضي قدماً لإصدار قانون للحصانة سيمنح علي صالح وسائر من عملوا معه خلال سني حكمه الحصانة القانونية الكاملة قبل تنظيم الانتخابات الرئاسية المبكرة  .

هذا الأمر عبّر عنه الرئيس صالح الذي أبدى غضباً غير اعتيادي حيال هذه الاحتجاجات برز إلى الواجهة في قراره إلغاء ترتيبات سفره إلى واشنطن للعلاج، وخصوصاً بعدما كان وجه دعوة إلى المواطنين دعاهم فيها إلى “التمسك بروح الأمل وعدم التأثر بما اعتبره” أعمال فوضى همجية فشلت في إضعاف بنية الدولة والإضرار بمؤسساتها ومرافقها المركزية والمحلية “إلى اعتباره الاحتجاجات التي داهمت مؤسسات الدولية للمطالبة بإقالة مسؤوليها من الموالين لنظامه” .

ويؤكد كثير من شبان الثورة أن “مسيرة الحياة” التي نظمها الثوار في محافظة تعز بعد أسابيع من توقيع صالح المبادرة الخليجية مثلت علامة فارقة في تاريخ الثورة الشبابية اليمنية وخصوصاً أنها نقلت شرعية التغيير من السياسيين إلى شبان الثورة وفتحت الطريق لخط ثوري جديد ما كان متوقعاً لدى الوسطاء الدوليين ولا لنظام صالح الذي راوغ كثيراً وانتهى إلى تسوية لم تكن مقبولة من الثوار الشباب بعدما ضمنت له البقاء شريكاً في معادلة التغيير ووفرت له الحصانة الكاملة  .

لم تأت “مسيرة الحياة” من رحم المفاجأة إذ سبقتها حملة “لا حصانة للقتلة” التي دشنها شبان الثورة في تعز لحشد التأييد الشعبي الرافض المبادرة الخليجية وترتيبات إصدار قانون الحصانة ومشاركة نظام صالح في الحكومة الانتقالية وقيادة عملية التغيير وشملت كذلك الدعوات الشبابية لتصعيد الاحتجاجات أمام مجلس النواب لإرغام أعضاء المجلس النيابي عدم المصادقة على قانون الحصانة الذي يتوقع أن يخلي ساحة المسؤولية عن مطلوبين تسببوا في مقتل ألف شهيد و25 ألف جريح وأكثر من 1500 معاق  .

والمسيرة التي قطع منظموها مسافة 260 كليومتراً من تعز إلى صنعاء سيراً ووصلت إلى العاصمة مليونية أظهرت مطالب شبان الثورة إلى العلن في رفض المبادرة الخليجية أو منح صالح الحصانة، كما أكدت إصرار شبان الثورة على المضي قدماً لتحقيق أهداف ثورتهم في إطاحة النظام وعدم القبول بصيغة الشراكة التي أنتجها اتفاق التسوية تماماً، كما جعل من إمكان محاكمة صالح وأركان نظامه قضية ممكنة الحدوث  .

وعلى أن علي صالح الذي نجح في فرض شروطه على اتفاق التسوية ظل يتحدث مع مقربيه عن النجاح الذي حققه في كسر عنق الربيع العربي، فإن حديثه للخارج لم يبتعد كثيراً عن نبرة الإنجاز إذ اعتبر أن تنحيه سلمياً باتفاق تسوية نص على نقل السلطة بالانتخابات أسس لخط ديمقراطي جديد في مسيرة الربيع العربي خلافاً للتجارب التي شهدتها تونس ومصر وليبيا وربما دول أخرى لاحقة .

لكن شبان الثورة لم يقفوا عند حدود اتفاق التسوية الذي اعتبر السياسيون محصلته إيجابية لجهة أنه أفضى إلى تنحي صالح عن الحكم بل شرعوا في التخطيط لابتكار وسائل ثورية جديدة نجحت كثيراً في تجاوز التسويات التي رأوا أنها أجهضت الثورة وأفرغتها من محتواها .

ولم تكن الاحتجاجات الفئوية التي اجتاحت مرافق ومؤسسات الدولة المدنية والعسكرية كطوفان وأطاحت العديد من رموز نظام صالح سوى نموذج لفعل ثوري جديد بعدما أعلن شبان الثورة أن نظام صالح، وإن كان انتصر باتفاق التسوية الخليجي على أحزاب المعارضة، إلا أنه لم ينتصر قط على الثورة التي وجدت طريقها إلى الناس بعدما عبرت الساحات إلى المؤسسات على شكل انتفاضات لإسقاط رموز النظام السابق في أكثر الحالات الثورية عنفواناً وتجدداً .

ثورة لإنقاذ الثورة

كان من أكثر المفاجآت التي برزت إلى واجهة المشهد السياسي رفع شبان الثورة شعار “ثورة لإنقاذ الثورة” وشروعهم بلملمة صفوفهم التي اهتزت كثيراً نتيجة توقيع الحكم وأحزاب المعارضة اتفاق التسوية الخليجي فيما اعتبره البعض مؤامرة على الثورة  .

وبدا ذلك واضحاً في إعلان شبان الثورة عن تأليف كيان ثوري جديد تحت مسمى “اللجنة التحضيرية لجبهة إنقاذ الثورة”  لمواجهة ما عدوه مخاطر كارثية تحدق بالثورة وأهدافها  .

الثوار الشباب بدوا أكثر يقظة هذه المرة إذ تحدثوا عن “استحالة حصول التغيير نحو الأفضل بالنظام القديم وأدواته المتآكلة، كون المبادرة وآليتها التنفيذية مفخخة ولا تخدم الديمقراطية وقيم الحرية والعدالة ولا تلبي الحد الأدنى من متطلبات المستقبل، ولأنها تخدم النظام ومنظوماته الفاسدة وقيمه الاستبدادية وتعيد إنتاجه على نحو أكثر قبحاً وخداعاً وتعمد إلى إفراغ الثورة من محتواها وحرفها عن مسارها وأهدافها الحقيقية فضلاً عن استحالة بناء دولة مدنية حديثة وديمقراطية بالنظام السابق” .

ويرى المؤسسون أن المبادرة الخليجية “أعطت صك الغفران لعلي صالح حيال كل ما اقترفه في الماضي من جرائم وفساد ونهب لثروات البلاد، كما منحته ورموز نظامه حصانة وضمانة من المساءلة والمسؤولية الجنائية في المذابح والجرائم التي اقترفها منذ انطلاق شرارة الثورة الشبابية وليس أولها مذبحة جمعة الكرامة في صنعاء، ثم عملية الاقتلاع الدموي لساحة الحرية في تعز ليس نهايتها أعمال القتل اليومي والاعتداء على مسيرة الحياة الذي جاء بعد شهر من توقيع المبادرة الخليجية وتأليف الحكومة الانتقالية التي صارت شريكاً للنظام في هذه الجرائم” .

ويشير هؤلاء إلى أن الآلية التنفيذية للمبادرة جاءت لتعطي صالح  بعد التنحي الصوري  مزيداً من الحصانة الإضافية ليمارس القتل من دون أي مسؤولية حال كونه لم يعد رئيساً وهو في الحقيقة ما زال يمارس التوجيهات ويأمر وينهى ويعبث بكل الوطن ومقدراته في حين أن المعارضة تلتزم أمام العالم بإصدار قانون للحصانة عبر البرلمان يعفيه من كل مسؤولية جنائية عن المذابح التي ارتكبها خلال فترة حكمه والجرائم التي ارتكبها بحق شباب الثورة .

ويشير شبان الثورة إلى أن “قادة أحزاب المعارضة في تكتل اللقاء المشترك لم يصلوا إلى هذا الحال وحسب بل قبلوا بإعادة ترتيب القسمة والمشاركة بحكومة توافقية وتوليها وزارات نهبها الشريك في الأمس القريب نهاراً جهاراً بما فيها قاعدة بياناتها وكثيراً من أموالها وأصولها ولتعيد إنتاج حال مملوء بعاهات الماضي الذي دام أكثر من 33 عاماً خلت” .

واستناداً إلى ذلك يرى الثوار أن قادة المعارضة أضاعوا فرصاً كثيرة كان بإمكانها نقل الثورة نقلات مهمة نحو انتصار حاسم وسريع على النظام المتسلط كان أولها يوم جمعة الكرامة وآخرها “مسيرة الحياة كما أنهم أفسدوا ما كان يمكن أن تحققه في” مسيرة الحياة “القادمة من تعز التي وصلت إلى ضواحي صنعاء بعشرات الآلاف مفعمين بروح الثورة والفعل الثوري” .

مناورات صالح

يسود اعتقاد لدى شبان الثورة أن نظام صالح انتصر في توقيع اتفاق التسوية الخليجي على المعارضة، لكنه لم ينتصر على الثورة الشبابية ويشير هؤلاء إلى خطاباته التي كان دائماً ما يكرر فيها النتيجة التي خلص إليها اتفاق التسوية الخليجي بعد شهور من الاضطرابات الاحتجاجات وسقوط وضحايا في تشكيل حكومة ائتلافية من الحكم والمعارضة والترتيب لانتخابات رئاسية مبكرة وأكثر من ذلك مشاركة النظام السابق في قيادة عملية التغيير وهي النتائج التي رفضها شبان الثورة كلياً من اليوم الأول  .

ويرى الثوار ومعهم بعض الناشطين أن صالح سعى طوال الفترة الماضية إلى مواجهة الثورة بمحاولة طرق إسفين الخلاف بين المعتصمين في ساحات الثورة وأحزاب المعارضة التي التحمت في صفوف الشباب ويعتقدون لذلك أن توقيع صالح المبادرة الخليجية لم يكن سعياً منه لحل المشكلة قدر ما استهدف إشعال الخلاف بين الجانبين كأفضل وسيلة للهروب إلى الأمام من جهة، ولخلط أوراق المعادلة السياسية لمصلحته من جهة ثانية  .

في مقابل التحولات التي اكتنفت مسار الثورة الشبابية والاحتجاجات الفئوية التي داهمت مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية بدا نظام صالح أكثر إدراكاً لمعطياتها ونتائجها، وهو ما فسر إعلان صالح في مؤتمر صحفي بعد الهجوم الذي تعرضت له “مسيرة الحياة” عزمه مغادرة اليمن إلى الولايات المتحدة ليتوارى عن الأنظار خلال الفترة المقبلة التي ستشهد تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة لانتخاب الفريق عبد ربه منصور هادي رئيساً توافقياً لمرحلة انتقالية مدتها سنتان  .

أكد ذلك إعلانه في المؤتمر الصحفي نفسه بالعزم على العودة بعد الانتخابات وممارسة النشاط السياسي كمعارض، ما اعتبره شبان الثورة مناورة لامتصاص التفاعلات الجديدة للثورة الشبابية والتي خشي صالح أن تؤدي إلى إرباك الترتيبات الخاصة بإصدار قانون الحصانة وتنظيم الانتخابات الرئاسية المبكرة  .

هذا الأمر عبّر عنه حزب المؤتمر الذي اعتبر أن الاحتجاجات في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية كانت سياسية من تخطيط أحزاب المعارضة في تكتل اللقاء المشترك في خرق فاضح للمبادرة الخليجية، خصوصاً أنها انطوت على ممارسات استفزازية استهدفت إيجاد الفوضى الهمجية وتعطيل الأعمال والإضرار بالمصلحة العامة ومصالح المواطنين في عملية مكشوفة وبخطة فوضوية تستهدف في جوهرها ضرب الأركان الأساسية التي تقوم عليها مرحلة الوفاق الوطني وعرقلة الخطوات المطلوبة لمواصلة السير قدماً في تنفيذ “المبادرة الخليجية” .

الاحتجاجات الفئوية

فتح نجاح تجربة الاحتجاجات التي قادتها نقابات شركة الخطوط الجوية اليمنية لإطاحة رئيس مجلس إدارتها الكابتن عبدالخالق القاضي وهو صهر الرئيس صالح من منصبه الطريق لثورة احتجاجات مؤسسية في بعض المؤسسات العسكرية ومنها دائرة التوجيه السياسي والمعنوي التابع لوزارة الدفاع التي شهدت احتجاجات طالبت بإقالة العميد علي حسن الشاطر وهو من أكثر الشخصيات العسكرية المقربة من الرئيس صالح ولسانه الإعلامي، كما أنه من أكثر الشخصيات العسكرية في نظام صالح الذين يطالب شبان الثورة بمحاكمتهم  .

وعلى أن الاحتجاجات في دائرة التوجيه السياسي والمعنوي انتهت بتلبية بعض مطالب المحتجين في إقالة العميد الشاطر وتأليف لجنة لإدارة هذا المرفق الحيوي برئاسة نائب مدير دائرة التوجيه يحيى بن يحيى جعدار إلا أن الاحتجاجات امتدت إلى منطقة العرضي بعد فعاليات مشابهة نظمها الجنود والضباط العاملون للمطالبة بإقالة العميد قائد العنسي مدير شؤون الضباط في وزارة الدفاع .

سريعاً توسع التصدع في بنية نظام صالح وامتدت حركة الاحتجاجات في المؤسسة العسكرية إلى قوات الحرس الجمهوري التي يقودها نجل الرئيس صالح وكذلك قوات الأمن المركزي، وسرعان ما توسعت إلى الكلية البحرية في محافظة الحديدة الساحلية بعد تنظيم المئات من طلاب الكلية وضباطها احتجاجات للمطالبة برحيل عميد الكلية العميد ركن طاهر المقالح على خلفية قضايا فساد تتمثل بالاستحواذ على مستحقاتهم وحقوقهم، وكذلك في اللواء 35 مدرع في محافظة الضالع بعد احتجاجات أفراد وضباط الموقع العسكري الذين أخرجوا آليات عسكرية ثقيلة إلى الشارع للمطالبة بإقالة اللواء محمد عبدالله حيدر، وتلاه صدور قرار من وزير الدفاع بتعيين العميد عامر أبو ذيبة خلفاً له .

وعلى أن مؤسسات الجيش كانت السباقة في الانشقاق عن نظام صالح والانضمام للثورة الشبابية بعد أسابيع من اندلاع الثورة، إلا أن معاودة حركة الاحتجاجات الفئوية في المؤسسات العسكرية أشاع قلقاً واسعاً لدى نظام صالح من قرب نهايته، كما أشاع حال ارتياح كبير لدى العاملين في هذه المؤسسات من العسكريين الذين أبدوا ارتياحاً كبيراً لهذه الانتفاضات التي أعلنت انتهاء زمن الخوف والإرهاب والاستبداد الذي ظل لصيقاً بهذه القيادات خلال سني حكم الرئيس صالح  .

ثورات لا ثورة

يقول ناشطون إن أفضل ما في الثورة اليمنية السلمية التي حاولت كل القوى من الداخل والخارج إجهاضها أنها أنتجت ثورات سلمية في المؤسسات الحكومية التي شهدت تحركات شعبية سلمية لإطاحة القيادات العتيقة والشروع بتغييرات جذرية لرموز النظام السابق من دون الانتظار لما ستجود به اتفاقات التسوية السياسية  .

ويؤكد هؤلاء أن التحولات في المؤسسات قدمت دليلاً حياً على حاجة اليمن للتغيير، كما أكدت سأم الشارع اليمني من نظام شاخ كثيراً وأسرف في فساده وغيه وجبروته وكشفت تطلع اليمنيين للتغيير بما في ذلك مؤسسة الجيش التي كانت حتى وقت قريب من أكثر المؤسسات تحصيناً .

كان اللافت في كثير من الاحتجاجات الفئوية المطالبة بالتغيير التي شهدتها مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية أنها انطلقت من شعارات على صلة بالفساد  . ولم تقتصر الاحتجاجات على المؤسسات العسكرية والمدنية الخدمية والسياسية، بل امتدت إلى الجامعات اليمنية التي نظم طلابها احتجاجات تطالب بإقالة رئاستها وأعضاء في هيئة التدريس يعدهم طلاب الجامعات جزءاً من منظومة الفساد في التعليم الجامعي وسبباً في تدهور التعليم في الجامعات الحكومية  .

يفسر الناشط الشبابي عبدالكريم سعيد ثورة الاحتجاجات الفئوية في مؤسسات الدولة بالرغبة العارمة لدى الشارع اليمني في تطهير البلاد من نظام الفساد ورموزه الذين أعاقوا حركة تقدمه، ويشير إلى أن الشعب الذي أسقط رأس النظام سلمياً أشاع لدى هؤلاء الأمل بالتغيير فشرعوا في تقليم أظفاره .

ويلفت عبدالكريم إلى سبب آخر في الاحتجاجات الفئوية على صلة بمخاوف الشارع من مخططات لإثارة الفوضى ونهب مقدرات الدولة من قبل رموز النظام السابق، ويشير في ذلك إلى عمليات النهب التي شرع فيها رموز نظام صالح مجرد توقيعه المبادرة الخليجية والتي أثارت حالة من السخط لدى كثير من اليمنيين العاملين في المؤسسات الحكومية ونقلت الثورة من الشارع إلى المؤسسات .

زر الذهاب إلى الأعلى