أرشيف

وزير الخارجية الأسبق .. عبدالله الأصنج لـ” اليقين”: العنصر الجنوبي هو الخيار المناسب لإدارة البلاد في المرحلة الراهنة

  • بداية كيف تقرؤون مستوى التغيرات السياسية الراهنة في اليمن، التي انتجت قيادة جنوبية لتولي إدارة السلطة والحكومة، وهو ما وصفه البعض بأنه رد اعتبارللجنوب؟

 

  • – اتمنى ان يكون ماتشير اليه صحيحا وحقيقة، كون ان المشهد السياسي الراهن في اليمن قد استطاع ان ينتج قيادة جنوبية تدير السلطة والحكومة، وان يكون هذا بمثابة رد إعتبار للجنوب وأهله، بعد طول اقصاء وابعاد وحرمان وتجاهل.

فالصراع الدائر على السلطة بين الأطراف الشمالية، صاحبة الأمر والنهي والقرار، يقضي منها بأن تتركالواجهة وتأتي بالجنوبي الطيب الذي تطمئن اليه، وأعرف طيبة الكثيرين من الوزراء في الحكومة الجديدة، وسمعت الكثير عن الرئيس الجديد، وأدعو لهم جميعا بالتوفيق.

فالموقف في منتهى الصعوبة والخطورة والتعقيد، وعليه من الصعب أن يتفق الطرفان ألأساسيان في صراع السلطة، على تشكيلة مجلس وزراء ورئيس من لون واحد، والعنصر الجنوبي هو الإختيار امقبول والمناسب للفترة الراهنة.

  • وماذا عن رأيكم حول المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وتوقيع احزاب المشترك عليها؟

  • – لست في موقف يسنح لي بالتعليق على ” أحزاب اللقاء المشترك” وما ذهبت اليه من توقيع على مبادرة خليجية” قيد التنفيذ” : فالمبادرة لم تنل رضا واستحسان شباب الساحات، وهم من صنعوا معجزة العهد الجديد، وحققوا نهاية لنظام يلفظ آخر أنفاسه.

فالمبادرة الخليجية ليست بالضرورة الأفضل وألأمثل والأنجح، ولكنها كما يراها الكثيرون، خطوة لمنع تدهور متعدد الأحتمالات، كاد ان يشعل فتيل انفجار حرب أهلية وانهيارات أمنية واقتصادية وجهوية.

  • لماذا تأخرت الثورة الشعبية لإسقاط النظام، ولم تتزامن مع احتجاجات الحراك الجنوبي الذي كان يطالب منذ سنوات بإصلاح مسار الوحدة، قبل ان يرتفع سقف مطالبة الآن الى فك الارتباط؟

  • – الحراك السلمي الجنوبي لعب دورا ملحوظا في تحريك جمود سياسي في المحافظات الجنوبية بداية والشمالية بعد ذلك، وأذكر ان حوارا ساخنا تكرر بين سياسيين من الشطرين حول الدفاع عن الوحدة، وتصحيح مساوئ سياسية افرزها نظام الرئيس المخلوع، وكانت هناك حوارات تتكررفي دار الشيخ ” حميد الأحمر” في بلد شقيق، بعد أشهر من الأعتصامات والمسيرات الإحتجاجية للحراك السلمي الجنوبي في المحافظات الجنوبية.

وتكرر الحوار في لقاءات شاركت فيها الى جانب الإخوة: ابو بكر العطاس وسليمان ناصر مسعود ومحمد عجرومة وعلوي الباشا وآخرون، مع الشيخ حميد الأحمر في دار العطاس.. وقلت حينها ان اصلاح النظام وتصحيح أخطائه وخطاياه يبدأ بالاصطفاف وراء الدعوة لإسقاط النظام بالطرق السلمية، وان على احزاب اللقاء المشترك وكافة الفعاليات الشعبية في الشمال، ان تتحرك اسوة بالحراك السلمي الجنوبي حتى يتحقق الهدف المشترك لجماهير الشطرين ويسقط النظام وأركانه، وعندئذ يتم البحث والتشاور بشأن بقاء او تعديل اسس الوحدة، أو اعلان الإنفصال تحت شعار” لا صوت يعلو على صوت الشعب”.

  • نحن الآن امام تحولات وطنية وتاريخية هامة، وامام حكومة الوفاق تحديات كبيرة وكثيرة، ابرزها القضية الجنوبية، غير ان ذلك لم يمنع من وجود تحركات سياسية لا زالت متمسكة بتطبيق قرارات أممية صادرة بشأن الجنوب عام1994م، كيف ستتم المعالجة في ظل ما يحدث الآن؟

  • – يؤسفني القول بأن السياسيين الذين هرولوا في 1990م لإعلان الوحدة الاندماجية بين الشطرين، او من كانوا سببا في تفجير حروب أهلية وتصفيات جسدية لرفاق لهم في ياناير1986م، أو من تورطوا في حرب 1994م، قد انصرفوا عن مسؤولياتهم لمتابعة قراري مجلس الأمن الصادرين عام 1994م بشأن القضية الجنوبية، وفضلوا ان يلهثوا وراء مصادر تمويلات مجزية من تجار مغتربين وأجهزة استخباراتية عربية واجنبية وشركات في اليمن والخارج، لينفقوا القليل منها على كرنفالات سياسية ولقاءات موسمية متنقلة بين القاهرة وبروكسل وأنقرة وبرلين وأخيرا في بيروت.

فما كان الجدير بهذه القيادات ان تبادر إلى التخلي عن مواقعها التي تتمسك بها لتمثيل القضية الجنوبية، في ضوء فشلها وتعثرها على مدى عقود من الزمن، وتترك فرصة ليتحمل شباب الحراك السلمي وشباب الساحات مسئولية إنقاذ الوطن والمواطن من مسلسل الكوارث المتلاحقة والجاثمة على صدورهم.

  • وما هي الخيارات المفضلة لحل القضية الجنوبية،في ظل الإنقسام الدائر في الجنوب، بين مطالب بفك الأرتباط، وبين مناد بالفيدرالية؟

  • – الانقسام في اوساط الجنوبيين هو ظاهرة مواكبة للحياة السياسية في الجنوب؛ فمنذ بداية الحركة السياسية في ظل الأستعمار، كانت هناك الجمعية العدنية والجمعية الإسلامية، ورابطة ابناء الجنوب وحزب الشعب، والنوادي الثقافية والإصلاح، والجمعيات المناطقية المتعددة في الجنوب والشمال وغيرها.

واليوم نشهد علامات انقسامات في الحراك السلمي والساحات الشبابية، ومكونات القبائل اليمنية؛فـ”حاشد” تعاني من محولات” علي عبد الله صالح” لأستقطاب عناصر مؤثرة فيها، و”بكيل” ليست متماسك، وبالمثل يصح القول عن “خولان”، كما تعاني قبائل في شبوة وأبين من نفس داء الأنقسامات.

وامام الأوضاع الراهنة فإن الضرورة والحاجة تدعوان للأنتقال من حالات المراوحة والمهرجانات والكلام في الإعلام الداخلي والخارجي،الى تكريس الجهود تحت سقف المصارحة والمصالحة، وان يقف الجميع وراء قيادة شبابية واعدة وقادرة على قيادة وإدارة المرحلة الراهنة، وهي مرحلة في غاية التعقيد، ولم تعد بحاجة لوجوه قيادية تخصصت في صناعة الأزمات والفشل.

  • وما هو الخيار الأنسب من وجهة نظرك، في معالجة القضية الجنوبية؟

 

  • – المعالجة الناجمة متروكة للشعب في المحافظات الجنوبية، ليقرر في استفتاء عام بين انفصال او اتحاد دولتين، وفق دستور يرضي عنه الشعب في الدولتين.
  • دعنا ننتقل في سياقك الشخصي، كيف وجدتم الدور الذي قدمتموه قبل قيام الوحدة، في انهاء فترة الصراع بين الشطرين؟

  • – أجده دورا ايجابيا يخدم كثير من الظروف التي عاشتها التهدئة وإسقاط خيار الحرب والمواجهات. وما يؤكد هذه الحقيقة هو اللقاء الذي تم في مدينة الراهدة الحدودية بين الشمال والجنوب قبل الوحدة، حيث التقى حينها وفد من الشمال يضم العقيد”محمد عبد الله الأرياني” القائد العام، ونائبه المقدم ” ابراهيم محمد الحمدي” وآخرين عن الشمال، و” سالم ربيع علي” وآخرين معه عن الجنوب.

وشكا الجانب الجنوبي من نشاط” عبد الله الأصنج” التحريضي ضدهم وانه – أي الأصنج – هو مصدر اثارة للمتاعب بين الشطرين.. وهنا تدخل العقيد محمد الأرياني والمقدم ابراهيم الحمدي قائلين” هذه معلومات غير صحيحة، فالأستاذ الأصنج كثيرا ما عارض أي توجه نحو التصعيد او المواجهة والحرب، وكثيرا ما كان ينصح بالتهدئة والحوار، فأرحموا الأصنج فهو الأكثر حرصا على اسقاط خيار الحرب بين الشطرين”.

  • ولكن ما سبب تغير موقف نظام “صالح” اتجاهك، بعد كنت أحد الداعمين له في تولي رئاسة الجمهورية عام 1978م؟

  • – انتم تعلمون ان الجيش والأمن والقبيلة منذ قيام ثورة 26 سبتمبر، كانوا هم من يختارون ويقرون اختيار كل الرؤساء للدولة ” السبتمبرية”، وكان كبار المشائخ وعلى رأسهم المغفور له بإذن الله الشيخ” عبدالله بن حسين الأحمر” والشيخ ” مجاهد ابو شوارب” والشيخ” سنان ابو لحوم” والشيخ ” احمد علي المعطري” والشيخ ” نعمان بن راجح”، وآخرون من كبار ظباط الجيش والأمن يشكلون المطبخ السياسي غير المعلن الذي يتولى مسؤولية إقرار الرئيس والوزراء، هؤلاء كانوا هم من يتحملون مسئولية اختيار وتسمية رؤساء صنعاء واليمن بكله.

 وقد كان مع الداعمين لتولي ” صالح ” علما بأن دعمي لم يكن على حساب مرشح رئاسة آخر، كما ان تأثيري في حسم المرشح كان متواضعا جدا، ومن باب مشاركة ادبية لجنوبي في شأن شمالي، في ظروف استثنائية اعقبت اغتيال الرئيس” أحمد الغشمي” بعبوة ناسفة نقلها اليه مبعوث جنوبي وصل على طائرة “اليمدا” من عدن. وعلاقة تلك الجريمة مرتبطة كرد فعل لتورط “الغشمي ” بتمويل جريمة لتنفيذ عملية انقلابية في عدن، كان الطرفان المتفقان على تنفيذها الغشمي وسالمين، وقد تم لفريق ثالث في عدن التربص بهما والتخلص منهما، الغشمي في صنعاء، وسالم ربيع علي في عدن.

وما تعرضت له من هجمة شرسه وملاحقات من نظام” علي عبد الله صالح” فيعود الى مكر وغدر وحقد وكراهية الرئيس المخلوع،لموهبة التفوق والإصرار من جانبي على رفض التعامل في قضايا مصيرية وإبرام عقود مشبوهة في ظل اجواء الفساد والأفساد. ولقد افشلت عدة صفقات مشبوهة تورط فيها أخوة وأقارب الرئيس المخلوع، من وسطاء وسماسرة لمصدري اسلحة ومركبات في بريطانيا وايطاليا.. والتفاصيل ستجد طريقها في كتاب سيرى النور ان شاء الله.

  • ختاما ماذا تقول عن الثورة الشبابية ؟ ومتى تنوون العودة الى ارض الوطن؟

  • – الثورة الشبابية صنعت المعجزة، وتكاد ان تخلص البلاد والعباد من راس سلطة جثمت على انفاس المواطنين لثلاثة وثلاثين عاما.

  فالنائب ” عبد ربه منصور” يتولى اليوم تصريف الأمور اليومية،والرئيس المخلوع يقاوم التنحي ويراهن عبثا على ضمانات لا يستحقها،وحكومة وفاق بـ”المناصفة” لن تقدم في الحالة السائدة ولن تؤخر شيئا.. ولكني اتمنى للنائب وللحكومة السلامة والتوفيق. وعودتي وشيكة انشاءالله.

زر الذهاب إلى الأعلى