أرشيف

مولعي قات يتسوّل بابنته

(أشواق. م) فتاة قاصر بيضاء البشرة وعلى قدر من الجمال شاء لها القدر أن تولد في أسرة عائلها الوحيد يعمل موظفاً بسيطاً ولكون راتبه لا يغطي تكاليف القات والسجائر اللذين أصبحا كل همه ناهيك عن متطلبات العيش الضرورية وإيجار المنزل أجبر زوجته وأبناءه على التسول لتحقيق رغباته.. (أشواق) والتي هي أكبر إخوتها سناً تخرج يومياً لتمد يدها أما الأم فلا تملك من أمرها شيئا سوى الصمت والخوف منه.. إخوة الفتاة عاشوا جميعا مرارة التشرد في الطرقات والأسواق والأزقة يسألون الناس فيعطونهم رحمة بصغر سنهم أما هي عندما كبرت ووصلت سن البلوغ وبدأ الحياء يورد وجنتيها خجلاً وعلامات الأنوثة باشرت رسم خطوطها الأولى على صدرها النامي ورأت أن العيون بدأت تترصد براعم مفاتنها النابتة قررت ترك التسول فأجبرها والدها بالقوة وكان يشجعها تارة بالترغيب لتحصيل الأموال وتارة بالترهيب والضرب إن امتنعت توسلت إليه بكت فلم يرحم دموعها.

وكغيرها من الفتيات ممن هن في سنها كانت أمنية (أشواق) الوحيدة أن تكمل دراستها واستمر معها هذا الحلم يرافقها حتى ودعت كل أحلامها في آخر المطاف ورضخت لواقعها الأليم فاعتادت الخروج إلى الشوارع وحدها للتسول والطواف بالأسواق والمحلات والأماكن المزدحمة والجلوس على أبواب المساجد فمنذ الصباح تخرج ولا تعود إلا بعد أن تميل الشمس إلى الغروب وحتى عودتها للمنزل لم تكن للراحة أولمعانقة أمها أو أبيها إنما لترمي لهما بعض ما حصلت عليه وتعود أدراجها خارجة مرة أخرى للشوارع بعد سدول الظلام وهي تعلم بأنها عرضة للذئاب البشرية ولكنها كانت قد كرهت نفسها أمام تمادي والدها (المولعي) فبدأت تتجاوب مع نداء غريزتها خصوصاً وأنها مراهقة في عز الطيش وهكذا خطت الخطوة الأولى عندما أغراها أحد الشباب بعد أن قدم لها مبلغا هو في الأصل تافه ولكنه قد يبدو كبيرا بالنسبة لفتاة في عمرها ودعاها إلى العشاء في أحد المطاعم الفاخرة فلم تصدق ما سمعت وفي المطعم بدأ معها الكلام في العميق ومباشرةً وافقت لتلبية رغباته بمجرد مفاتحتها في الموضوع وبدأت رحلة جديدة في حياتها وفي الغرفة التي يستأجرها بإحدى العمارات سلبها  أغلى ما تملكه الفتاة في لحظة ضعف عابرة لكنها وعلى غير العادة لم تعر أي اهتمام لما فقدت بل على العكس كانت فرحتها غامرة لأنها عثرت على طريقة اكثر سهولة وأقل إحراجاً من التسول واسترحام الناس فلم تطل التفكير وبحسبة واحدة رأت أن ما ستجنيه من فلوس بهذه الطريقة ستغنيها وإلى الأبد عن التسول والتسكع في الشوارع من أجل ريالات قليلة لا تساوي الإحراجات والتعب الذي تتعرض له ومن اليوم التالي بدأت تنفذ فكرة ذلك الشاب الذي اشترط عليها النسبة في المحصول اليومي.

أشهر قليلة مرت حتى تغير حال (أشواق) التي طورت من شكلها وبدأت ترتدي الملابس المثيرة والعبايات الضيقة التي تبرز تفاصيل بدنها وتخرج الشارع بالماكياج وروائح العطور تفوح من جسدها المؤنق بإبراز ما خفي من المفاتن..  لاحظ ابوها هذا التغير المفاجئ وأخذ يتعجب من تصرفاتها وطريقة لبسها ومن المبالغ الكبيرة التي صارت تجلبها له بشكل يومي  ومن نوعيات القات عالي الجودة فأدرك بإحساسه الأبوي أن التسول لا يجني كل تلك الفلوس وساوره الشك بأن ابنته تدفع نفسها إلى الهاوية في سبيل الحصول على المال الذي كان يدفعها لجنيه وأكدت شكوكه ملامح النعيم التي بدأت ترتسم عليها ومن ساعتها بدأ الندم والحسرة يعتصرانه ليلا ونهارا ومع كل تخزينة قات على ما جنت يده بابنته وبينما هو قاعد يراجع حساباته هالته الصدمة فأفاق وعاد إلى رشده وعقد العزم على عتقها من رق التسول فلم يستطع وحاول مرارا وتكرارا بأن يقنعها بفكرة الزواج ولومن شخص غريب لينقذها من هذا الوحل ولكنها صرخت في وجهه قائلة (أيش يفيد الكلام لقد فات الأوان وبعدين لا تنسى إنك أنت الذي أوصلتني إلى ما أنا عليه الآن).. نزلت كلماتها تلك كالصاعقة عليه فزلزلت شرايين قلبه ولم يستطع تحملها فمرض مرضاً شديداً وتدهورت حالته الصحية ليموت بعد فترة قصيرة موصياً إياها بأن تبتعد عن هذا السوق لكن هيهات فقد فات الأوان.

زر الذهاب إلى الأعلى