أخبار وتقارير

القاعدة تحقق انتصاراً سياسياً في يوم الشفاعة وتتوعد بأسر آخرين

يمنات / جهاد محسن 

بعد فترة احتجاز استمرت 56 يومياً، أطلقت جماعة «أنصار الشريعة» سراح 73 جندياً، أسرتهم خلال معارك مع الجيش في منطقة «وادي دوفس» بأبين يوم 4 مارس الماضي، إثر وساطة مستقلة تقدم بها أهالي وعائلات الأسرى، لدى شيوخ قبليين ورجال دين، بالإضافة إلى عدد من الحقوقيين والإعلاميين ونشطاء مجتمع المدني، توافدوا إلى مدينة «جعار» لمناشدة أنصار الشريعة إطلاق سراح الجنود المعتقلين، بعد أن هددت الجماعة بإعدامهم نهاية إبريل الماضي، إذا لم توافق السلطات اليمنية على مبادلتهم بمعتقلين من أعضائها.

ويأتي الإفراج عن الجنود، دون فدية بعد جولة مفاوضات التزمت خلالها عائلات الجنود بمعية رجال القبائل ومنظمات المجتمع المدني بالضغط على الحكومة لإطلاق سراح معتقلي «القاعـدة» في سجون الأمن السياسي، منذ سنوات دون أي إجراءات قانونية أو محاكمة، ووقف العمليات التي تنفذها الطائرات الأميركية دون طيار في بعض مناطق محافظة أبين التي يسيطر عليها المسلحين.

يوم الشفاعة

وسط إجراءات أمنية مشددة نفذها مسلحو «أنصار الشريعة» معززة بالدبابات وقاذفات الطيران، تقاطر العشرات من الوفود القبلية والدينية والحقوقية والإعلامية وأهالي الأسر وممثلون عن شباب الثورة، منذ صباح السبت الماضي إلى مدينة جعار التي تعرضت في صباح ذات اليوم لغارة جوية تردد أنها هدفت إلى ترويع الوفود الذين قدموا شفاعتهم ومناشدتهم أمام حشد شعبي في جامع مدينة «جعار» حيث تلى عدد من ممثلي القبائل وعلماء الدين والمنظمات الحقوقية، خطابات الشفاعة والمناشدة، مخاطبين فيها قادة وجماعة «أنصار الشريعة».. لقد جئنا إليكم شافعين من بلاد الإسلام والإيمان باعتبارنا مسلمين ونجتمع تحت راية التوحيد، نناشدكم أمام الله والناس الإفراج عن هؤلاء الجنود، ونريد أن يفهم الناس بأنكم لستم من تقتلون الإنسان المسلم والأسير الأعزل بعد أن سلمه نفسه إليكم، ونعرف أن الدولة لم تحرك ساكناً ولم تبال بحياة هؤلاء الجنود، ولو كان المحتجز جندياً أمريكياً لكانت أقامت الدنيا ولم تقعدها، لقد سمعنا الرئيس المخلوع يتحدث «الجندي بدل الجندي والدبابة بدلها دبابة» وكأن المسألة سهلة عنده في قتل الجنود وإراقة دمائهم».

وفي كلمة ألقاها الناشط الحقوقي «محمد الأحمدي» نيابة عن المنظمات الحقوقية قال» إن دافعنا للمجيء إليكم هي الإنسانية، وجميع اليمنيين يتابعون الآن الأوضاع في أبين, والتهديدات التي أطلقتها جماعة «أنصار الشريعة» بإعدام الجنود الأسرى، لذلك فإننا نشدد ونطالبكم بضرورة الإفراج عن كل الأسرى وعدم المساس بحياتهم، والإفراج إن كان لديكم جنود أخرون لا نعلم عنهم.

وقال «عمر العمقي» المنسق التنفيذي لقافلة الحرية في كلمة باسم شباب الثورة «إننا جئنا لأجل إنقاذ تلك الأنفس التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم «لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم».

انقلوا صورتنا الحقيقية

المتحدث باسم «أنصار الشريعة» خاطب المشائخ والأعيان من رجال الدين والقبائل ، بقوله تأكدوا بأننا سوف نرفع شفاعتكم ومطالبكم، أمام أمرائنا ليقرروا مصير هؤلاء الجنود، ونعدكم بأننا لن نرد هذه الوجوه الطيبة والوضاءة خائبة، لكننا نريدها أن ترجع إلى أهاليها وبيوتها، وتتحدث بما رأته من صفات الكرم والحفاوة والتسامح التي يتسم بها «أنصار الشريعة»، متسائلا هل رأيتمونا في «جعار» نقتل الناس، ونذبح الجنود، وقال: يا قبائل اليمن ويا علماء الأمة، نحنُ إن شاء الله سنفرج عن الأسرى، ونعلم بأن لديهم عائلات كما نحن أيضاً لدينا عائلات، ولكن عليكم أن تتذكروا بأن لديكم إخوة آخرين يقبعون في سجون الأمن السياسي والقومي، أليسوا هم أيضاً إخوانكم المسلمين الذين داهمت عساكر الطاغوت بيوتهم وحرماتهم وقبضت عليهم أمام أعين أهاليهم وزوجاتهم وذرياتهم، وسمحوا للطائرات الأمريكية بأن تقصف أرضنا وبيوتنا وديارنا، وأضاف إنكم يا علماء ويا مشايخ اليمن مساءلون أمام الله عن إخوتكم الأسرى القابعين في سجون صنعاء، أما نحنُ فمعركتنا مستمرة وأمامنا المزيد من الأسرى المغرر بهم الذين تزج بهم الحكومة في أتون المعارك.


«أذهبوا فأنتم الطلقاء».

بعد ساعات من النقاشات حول الطلبات والشفاعات التي تقدمت بها الوفود القبلية، وتم رفعها إلى اللجنة القضائية واللجنة العسكرية ومجلس الشورى، قالت جماعة «أنصار الشريعة» إن أميرهم الشيخ أبو بصير ناصر الوحيشي، وجه بإطلاق سراح الأسرى المحتجزين دون ضغوط أو فدية، استجابة لشفاعة بعض العلماء وجمع من أعيان القبائل وعدد من الحقوقيين ومن أهالي الجنود الأسرى، تحت شعار «اذهبوا فأنتم الطلقاء» وذلك إكراما للوفود الزائرة.

وقالت الجماعة في بيان لها إن الإفراج عن الجنود جاء بعد أن أعلنوا توبتهم مما كانوا عليه من مناصرة لأعداء الشريعة، وتكريماً للوفد وإثباتاً لحسن النية برغم عدم مبالاة حكومة صنعاء بهم وإهمال ملفهم طوال الفترة الماضية، مضيفاً، لقد تم أسر هؤلاء الجنود وأياديهم على الزناد بعد أن دمروا زنجبار بوابل قذائف مدافعهم وصواريخهم ورغم ذلك عفونا عنهم بينما أولئك المظلومون في سجون الأمن السياسي والقومي لم يؤسر أحد منهم في ساحة معركة بل أخذوا عنوة من بين أطفالهم وأمهاتهم وأهليهم بدون ذنب، ليقضوا بعدها سنوات طويلة في معتقلات سياسية رهيبة.

وأضافت الجماعة في بيانها، إننا نعلن ونكرر أننا لن نتخلى عن قضية الأسرى المظلومين في سجون الأمن السياسي والأمن القومي الذين يقضون في السجون دون أي ذنب ولا تهمة, مؤكداً عن عزم «أنصار الشريعة» بعدم التوقف عن السعي في فكاك أسرهم، وبذل الغالي والنفيس لإطلاق سراحهم.

 

الجنود: لن نعود للعمل مع الجيش.

أقيمت مراسيم حفل تسليم جميع الجنود المأسورين لدى جماعة «أنصار» الشريعة» إلى ذويهم صباح الأحد الماضي، في جامع «جعار»، وسط حالة من الفرح والدموع التي انهمرت من أعين الجنود وعائلاتهم وبعض الحاضرين.

وتم الإفراج عن الجنود، بحضور قادة الجماعة وفي مقدمتهم جلال بلعيدي الملقب بأبو حمزة المرقشي، ونصبته الجماعة باسم أمير ولاية أبين التي تسطير عليها منذ مايو 2011م، إلى جانب المسؤول العسكري لـتنظيم القاعدة في بلاد جزيرة العرب «قاسم الريمي»، وطارق الفضلي الذي حضر إلى مدينة جعار عصر السبت الماضي، وألقى كلمة أمام الناس ذكر فيها «بأن الحضور لهذا الحدث المهم واجب على الجميع، مضيفاً بان «أنصار الشريعة» سوف يطلقون أيضاً سراح 8 أسرى من المواطنين، تم اعتقلهم سابقاً بعد أن ثبت بأنهم مجندون لصالح الجيش والأمن السياسي»!!

وخلال الحفل قدم أحد الجنود قصيدة مؤثرة عبر فيها عن فرحته بالإفراج، وممتدحاً «الجماعة المسلحة» كما ألقى أحد الجنود كلمة باسم بقية زملائه، عبر فيها عن شكرهم وتقديرهم لكل العلماء والوجهاء والأعيان من رجال الدين والقبائل ولكل الحقوقيين ووسائل الإعلام المستقلة التي حضرت مراسيم حفل الإفراج عنهم، شكروا «أنصار الشريعة» التي قالوا بأنهم لم يعرضوهم للإساءة والتعذيب.

وأضاف الجنود في كلمتهم، إن «أنصار الشريعة» أطلقوا سراحهم دون فدية أو مقابل، بعد أن تخلى عنهم الجيش الذي كانوا يقاتلون معه، وتجاهلت الحكومة قضيتهم ولم تعرهم أدنى اهتمام وأهمية، وقالوا «إننا نعلن تأييدنا لجماعة «أنصار الشريعة» ونعاهدها أننا سوف نعود إلى أهالينا وديارنا، ولن نرجع للعمل مع الجيش مرة أخرى».

وحملت كلمة أهالي الأسرة، تعبيراً عن فرحتهم بإطلاق سراح أبنائهم، شاكرين كل جهود وساطة العلماء وشيوخ القبائل وجماعة «أنصار الشريعة»، مؤكدين بأن كل عائلات الجنود سوف تبذل جهودها مع كل قبائل اليمن والمنظمات الحقوقية والإنسانية، للضغط على الحكومة من أجل الإفراج عن المعتقلين التابعين لأنصار الشريعة في سجون الأمن السياسي والقومي، ردا على قبول جماعة «أنصار الشريعة» وساطتهم ومناشدتهم بالإفراج عن أبنائهم.

وقال الشيخ «فضل بانجار» أحد مشائخ حضرموت في كلمة له، نحنُ اليوم في هذا الحدث الهام، نحني إجلالاً وإكباراً أمام جماعة «أنصار الشريعة» ليس تعبداً فيهم وإنما لموقفهم الإنساني العظيم بإطلاق سراح أخوانهم المسلمين من أفراد الجيش الذين نسأل الله لهم الهداية.

وجاء في بيان للشيوخ والأعيان القبلية:» استبشر الشارع اليمني بأكمله بالخبر باعتبار أن هذه الروح المتآخية هي الميزة التي تميز بها اليمنيون, ونتمنى على أبناء اليمن أن يتركوا اللجوء إلى السلاح والقبول بالحوار حول مائدة الوطن للوصول إلى نقاط التوافق».

واختتم «جلال بلعيد» أمير جماعة «أنصار الشريعة» في أبين الحفل بكلمة مختصرة شكر فيها، كل العلماء والمشائخ والحقوقيين والإعلاميين وشباب الثورة، وأهالي «جعار»، مضيفاً بأنهم لم يكونوا سيقدمون على هذه الخطوة الجريئة بالإفراج عن الجنود الأسرى، لولا الطلبات التي قدمها المشائخ على مراحل وعرضت أمام المجلس القضائي والعسكري والشورى لدى «أنصار الشريعة» والتي توجها قرار «ناصر الوحيشي» بالإفراج عنهم وإعادتهم لذويهم.


علي محسن حاول إيهام الجنود بأنه توسط للإفراج عنهم.

قال المتحدث لأنصار الشريعة إن الحكومة في صنعاء حاولت إفشال اللقاء واتصلت بالوسطاء وحاولت إقناعهم بعدم الذهاب إلى «أنصار الشريعة» وتقديم شفاعتهم، لأن الحكومة بحسب قوله، تريد أن يقتل هؤلاء الجنود لتبرر عدوانها علينا، ولكننا بإنجاح هذه الوساطة قلنا لها فاتكم الأوان.

وأوضح أن النظام كان لديه نية لقتل جنوده المأسورين لدينا، وذلك حين أبلغ مسئولوه عائلات الأسرى، أن أبناءهم خانوا الوطن وسلموا أنفسهم وأسلحتهم لأنصار الشريعة، وما أعقب ذلك من تكرار القصف لجبل خنفرفي جعار، الذي كان يتم فيه احتجاز الجنود في البداية قبل أن يتم نقلهم والاحتفاظ بهم في موقع سري لحماية أرواحهم.

وأضاف إنه بعد إعلان «أنصار الشريعة» الإفراج عن الجنود الأسرى، سارع اللواء «علي محسن الأحمر» بإبلاغ لجنة الوساطة بأن يخبروا الجنود المطلق سراحهم أنه هو من توسط لهم لدى «أنصار الشريعة» بغية كسب تأيدهم بأكذوبة حاول فيها إظهار شهامته في خطوة منه لضمهم ضمن صفوفه.

ويؤكد»أنصار الشرعية» أنه لو كان «علي محسن الأحمر» من توسط ما كانوا قبلوا وساطته، أو قاموا بالإفراج عن الجنود، سيما بعد تردد أنباء عن عزم أحد ألويته المرابطة حديثاً في معسكر «العند» بمحافظة لحج، دخول مدينتي زنجبار وجعار وتصفيتهما من العناصر المسلحة.

زر الذهاب إلى الأعلى