إجتماعية

في بني مطر .. يحظر على العريس حلق لحيته والاخضر والساري ثلاثة أيام لا تنسى

 

المستقلة خاص ليمنات

تبعد بني مطر 30 كم جنوب غرب أمانة العاصمة وتبلغ مساحتها 1800 كم 2 ويبلغ عدد سكانها 110000 نسمة تقريباً وتتمتع المنطقة بمناظر سياحية جذابة وبقاع خضراء ويزيد من سحر جمالها هضابها وجبالها المتناثرة هنا وهناك وشلالها الغزير الذي يشكل نهراً جميلاً ينتهي بصب مياهه في السد وقد أضفى هذا الشلال على جمالها جمالاً آخر يتموسق على ضفاف أشجاره غناء البلابل وهديل الحمام وزقزقة العصافير فتبدو هذه المنطقة بعناصر جمالها المتكاملة لوحةً ربانية الإبداع إلهية القدرة التي رسمتها بهذه المناظر الأخاذة ولذا يقصدها السواح من كل مكان ويأتيها الزائرون من كل حدب وصوب ليتمتعوا بمشاهدة تلك المناظر الجميلة التي تمسح بالنظر إليها جفاف المدنية وتشذيك بنسماتها العابقة والمترعة بروائح الطبيعة الفواحة ومن بني مطر ومن قرية حمل ننقل تقاليد أعراس أهلها ودليلنا في ذلك الأخت الكريمة أمل الحملي..

إعداد/ عبد الله الشاوش

الخطبة.. على طريقتين

 

كانت الخطبة في بني مطر تترك فيها الحرية للأبناء في اختيار شركاء حياتهم، فهم من يقومون باختيار الشريك بأنفسهم، أما تبعات هذه الخطبة من تكاليف وغيرها فأخبرتنا عنها دليلتنا الأخت أمل الحملي التي تحدثت قائلة : نحن قديماً كان من المتعود لدينا أن أفراد الأسرة وخاصة الأم والأخت والعمة هم من يقومون بالاختيار وتحديد البنت المناسبة لولدهم ولا يكون للأبناء أي دور في الاختيار وإنما الموافقة على هذا الاختيار أيّاً كان صحيحاً أم غير صحيح لكن هذا الوضع لم يستمر طويلاً ففي هذه الأيام كسر الأبناء هذه القاعدة وأصبح الأبناء هم من يحددون مصيرهم بأنفسهم دون تدخل الآباء أو أي ضغوطات من الأسرة وأصبحت هناك حرية مطلقة للأبناء في اختيار شريكه بنفسه وبالتالي يتحمل عواقب اختياره هذا…

 

وبعد اختيار الشاب للبنت المناسبة يتم طلب يدها رسمياً من أهلها وهناك طريقتان الأولى: إن كانت البنت التي تم اختيارها من نفس أسرة الشاب أي قريبته يذهب والد الشاب مباشرة دون أي رسميات لطلب يد البنت من والدها، والثانية: إن كانت البنت من أسرة من القرية لكنها ليست قريبة للشاب ففي هذه الحالة يقوم والد الشاب بالاستعانة بشخص يكون ذا وجاهة في المجتمع للذهاب إلى والد البنت لطلب يدها ويسمى “الواسطة” فيتم أخذ رأي البنت فإذا كانت موافقة على قبول هذا الشخص عريساً لها وافق بعدها أهلها مباشرة ويتم تحديد يوم معين يأتي في هذا اليوم جميع أفراد أسرة الشاب لزيارة أهل العروسة ودفع ما يسمى “حق الخطبة” ويختلف المبلغ من قرية إلى أخرى ومتوسط “حق الخطبة” في بني مطر لا يقل عن مائة ألف ريال ولا تزيد عن مائتي ألف ريال وبعض القرى تفرض على الشاب دفع ذهب وملابس للبنات وأمها بدلاً من دفع المال بعدها يقوم والد البنت بعمل مقيل للرجال وحفلة للبنت وذلك لإشهار الخطبة ويترك تحديد موعد الزفاف لظروف الشاب إلا ما ندر فيحدده والد البنت حسب الاتفاق.


في بني مطر .. يحظر على العريس حلق لحيته والاخضر والساري ثلاثة أيام لا تنسى

الحجبة والغسلة البخارية المتكررة

 

وعن كيفية دفع المهر والشرط وتحديد العرس وماذا يعمل الطرفان وكيف يستعدان خلال هذه الفترة لأيام العرس تواصل المتحدثة حديثها قائلة: بعد استعداد الشاب للعرس ورغبته في الزواج يجب عليه تحديد العرس مع أهل العروسة من قبل شهرين من تاريخ العرس في هذه المدة يقوم والد الشاب بتسليم ما عليهم للعروسة وأهلها من مهر وشرط وبقية تكاليف العرس ويختلف المبلغ في بني مطر من قرية إلى أخرى لكنه بمتوسط 600000 ريال وبعد تسليم هذا المبلغ تقوم أسرة العروسة بشراء الذهب والملابس وبقية متطلبات العروسة الضرورية ويسمى هذا “الكسوة” ومن العادات الموجودة في بني مطر أنه عندما يتم تحديد موعد الزفاف فإن العروسة لا تخرج من بيت أهلها ويسمى “التحجبة” ولا تظهر على الناس إلا في أيام العرس وقبل العرس بأسبوعين يتكرر ذهاب العروسة إلى الحمام البخاري لتسعتد لأيام العرس…..


أما الطرف الثاني (العريس وأهله) فيستعدون بطريقتهم فمثلاً يبدأ العريس بتجهيز غرفة النوم الخاصة وشراء ما يلزمه من ثياب وأكوات وغيرها من الملابس ويقوم بحجز المتطلبات اللازمة لأيام العرس التي يصعب شراؤها مثل (السيف- القميص- العطاوة وغيرها) وتجهيز كثير من الأشياء الضرورية للعريس أثناء العرس أما أهله فيستعدون في هذه الأيام بطريقتهم الخاصة حيث يقومون بشراء “المصروف” وهي عبارة عن جميع المواد الغذائية اللازمة لإكرام الضيوف وعمل الولائم أثناء أيام العرس كذلك حجز من يحيي العرس “المزمرين- النشاد – الطاسة- الفنان- الخيام…الخ”.

 

أيضاً لا أنسى أذكر من عاداتنا أنه في هذه الفترة يحضر ويمنع على العريس حلق أو إزالة لحيته ولا يتم إزالتها إلا يوم الأربعاء من أيام العرس أي قبل يوم الزفة بيوم كي يظهر في أيام عرسه بشكل مختلف عن الأيام السابقة..

 

يوم النقش والرفد

 

تواصل الأخت أمل الحديث عن أيام العرس وتنتقل للحديث عن اليوم الثاني من أيام العرس وهو يوم النقش وهو خاص بالعروسة والحناء وهو الاسم المخصص لهذا اليوم للعريس فتقول: يبدأ يوم النقش وهو يوم الأربعاء عند أهل العروسة منذ الصباح الباكر حيث تقوم والدة العروسة بتجهيز وليمة غداء ضخمة يحضرها جميع أهل القرية بما فيهم العريس.

 

أما العروسة فيبدأ هذا اليوم لديها من بعد الظهر حيث يتم تجهيزها بالمكياج والملابس الرائعة وتلبيسها الذهب وزفها إلى الديوان المخصص للاحتفال الذي أقامت احتفالها فيه في اليوم السابق حيث يتم إخراجها من بيت أهلها وإدخالها إلى الديوان بزفة تؤديها المغنية وتشارك فيها جميع الحاضرات وبعد إدخال العروسة إلى الديوان يبدأ “الرفد” وهو عبارة عن هبات مالية تقدم من نساء القرية إلى العروسة يتم الإعلان عن قيمة هذه الهبات المالية من قبل المزينة وبعد الانتهاء من الرفد يبدأ الاحتفال وبنفس الطريقة لليوم الأول على غناء المغنية حتى المغرب حيث تعود العروسة إلى بيت أهلها لمواصلة السمرة هناك.

 

الفتشة..

 

بعد وصول العروسة إلى بيت عريسها يتم إدخالها إلى غرفتها فيما يقوم أهل العريس باستقبال الضيوف وإدخالهم إلى خيمة العرس بعدها يتم استدعاء العريس بمقولة “مفسوح” حيث ينطلق العريس إلى عروسته وفي هذه الأثناء يجب دفع ما يلزم وما تفرضه تقاليدنا من حق الفتشة وهي إما جنيهان أو مائة ألف ريال وفي اليوم التالي وهو يوم الجمعة يذهب العريس أولاً للسلام على عمته ويدفع لها حق السلام وتقدر بخمسة ألف ريال غالباً ثم بعد ذلك وبعد مغادرة العريس بيت عمته يذهب أهل العروسة إلى العروسة للسلام عليها ويباركون لها ويصبحون عليها ويعودون إلى بيوتهم.


زفة الحناء

 

أما يوم الحناء للعريس فيبدأ من بعد الظهر ومن بعد الانتهاء من تناول طعام الغداء في بيت العروسة حيث يجتمع في هذا اليوم جميع أبناء القرية في مقيل يستمر إلى المغرب وبعد المغرب يقوم الحاضرون بعمل زفة تخرج العريس من غرفته وتسمى “زفة الحناء” ويتم إيصاله إلى المخيم المنصوب بجوار البيت وهذه الزفة تكون على المزمار وبعد الانتهاء من وصول العريس إلى المخيم تبدأ سمرة على المزمار ويتناوب الرجال في الرقص على المزمار إلى وقت متأخر من الليل.


أما العريس فلا يبقى إلا قليلاً حيث يغادر الخيمة برفقة مجموعة من أصحابه إلى المدينة (صنعاء) يقوم العريس خلالها بالدخول إلى الحمام البخاري والحلاقة وتجهيز نفسه ليعود في الصباح إلى القرية حيث يكون الجميع في إنتظاره…

 

يوم الفرحة الكبرى أو الدخلة..

 

انتقلت الأخت أمل للحديث عن يوم الزفة أو الدخلة وهو يوم الخميس فتقول: يوم الزفة أو الدخلة هو يوم الخميس وثالث أيام العرس فيبدأ هذا اليوم لدى العريس بوصوله في الصباح من صنعاء حيث يكون الجميع في انتظاره وفور وصول العريس يتم استقباله من قبل أهل القرية والحاضرين جميعاً ويكون هذا الاستقبال مصحوباً بالطاسة والمزمار والأناشيد المختلفة لإظهار شدة فرحهم بالعريس وعرسه فينزل من السيارة ويجلس في مكان تم تجهيزه مسبقاً بجانب البيت حيث تدق الطاسة ويبترع عليها الحاضرون أيضاً يتم استقبال “الرفادة” وهم ضيوف من خارج القرية وأقارب يحضرون في هذا اليوم لمشاركة العريس وأسرته فرحتهم ويحضرون معهم كراتين ماء ودقيق ورز وكلٌ حسب إمكانيته..

 

ويستمر الجميع في البرع واستقبال الرفادة إلى أذان الظهر حيث يتوجه الجميع بزامل إلى المسجد لأداء صلاة الظهر وبعد الانتهاء من الصلاة يتوجه الجميع إلى بيت العريس لتناول طعام الغداء وبعد الانتهاء من الغداء يذهبون جميعاً إلى الديوان للمقيل الذي يطيبه حضور النشاد أو فنان يطرب باغانيه السامعين ويستمر هذا المقيل إلى المغرب..


أما العروسة فيبدأ هذا اليوم لديها بذهابها في الصباح إلى الكوافير وتستمر فيه إلى ما بعد الظهر حين يتم الانتهاء من الكوفرة فتعود إلى الديوان المخصص للاحتفال مباشرة ويتم إدخالها أيضاً بزفة وتمارس فيه نفس مظاهر الاحتفالات للأيام السابقة ويستمر إلى المغرب بعدها تعود العروسة إلى بيت أهلها حيث يتم تجهيزها لزفها إلى بيت عريسها…

 

اليوم الأخضر.. في ديوان الشيخ

 

تنتهي أيام الاستعداد ويبدأ العرس وايامه الجميلة التي لا تنسى ولا يمكن محوها من ذاكرة العريسين وبني مطر كغيرها من مناطق اليمن لديها طقوس معينة واسماء مخصصة لأيام العرس واحتفال معين .. يبدأ العرس في بني مطر من يوم الثلاثاء ويسمى “اليوم الأخضر” وهو أول أيام العرس ويعتبر اليوم الخاص بالعروسة حيث يبدأ هذا اليوم بذهاب العروسة في الصباح الباكر إلى الكوافير فيقومون بإخراجها من هناك وإيصالها إلى ديوان واسع محدد مسبقاً لإقامة العرس فيه بطبيعة منطقتنا ولأنه لا يوجد مع بعض الأسر ديوان واسع غالباً فيذهبون إلى ديوان الشيخ الواسع ويستخدمه الجميع في أعراسهم وفي جميع مناسباتهم فعند خروج العروسة من الكوافير تتجه مباشرة إلى هذا الديوان وترافقها جميع الحاضرات حتى يتم إدخالها ذلك الديوان حيث تبدأ بعد ذلك المغنية بالغناء وبعض الناس يشترط على المغنية الغناء على العود والبعض على الطبل لكن الطبل هو الغالب فيما تقوم الحاضرات بالتناوب في الرقص ويسمى هذا الرقص “الساري” ويستمر هذا الاحتفال إلى المغرب حيث تغادر العروسة الديوان وتعود إلى بيت أهلها لتواصل الاحتفال والسمرة فيه إلى وقت متأخر من الليل. . أما العريس فلم يبدأ العرس لديه بعد ويعتبر هذا اليوم عادياً ولا يحتفل فيه بشيء.

 

وقت الزفة..

 

بعد المغرب وقبل زفة العروسة إلى بيت عروسها يتهيَّأ العريس لزفة خاصة به تبدأ من خروجه من غرفته وتستمر حتى وصوله إلى المكان المخصص للجلوس عليه في المخيم وتكون زفة منوعة فتبدأ منذ خروجه من غرفته وتستمر إلى منتصف الطريق إلى المخيم حيث يقوم النشاد باستقباله ويواصل الزفة حتى يصل إلى بوابة المخيم حيث يكون الفنان في استقباله ويواصل الزفة حتى يوصله إلى مكان جلوسه في المخيم وبعد الانتهاء من الزفة تبدأ سمرة طويلة للرجال وفي هذه الأثناء يجهز أهل العروسة أشخاصاً يسمون “الحراوة” وأهل العريس يجهزون أشخاصاً يسمون “مخرجين” تكون مهمة الحراوة استقبال المخرجين وبعدها يختلط الجميع ويشكلون موكباً واحداً يصطحبون فيه العروسة من بيت أهلها إلى بيت عريسها

يوم التاج

 

هو ثالث أيام العرس وهو يوم الأحد حيث يتم إلباس العروسة في هذا اليوم “التاج اليمني” ويأتي أهلها ويتم إحضار المزينة فتبدأ المزينة بعمل زفة بسيطة وحفل بسيط يستمر إلى المغرب بعدها تعود العروسة إلى غرفتها.


اليوم السابع..

 

هو اليوم السابع من العرس حيث تُعمل حفلة بسيطة للعروسة تحييها جميع قريباتها كانتهاء لمراسيم العرس وأيامه الجميلة ولكن لم يتم إلى الآن الإذن بخروجها ومازالت حبيسة البيت ولا تخرج من البيت إلا بعد يوم الشكمة.


يوم الشكمة..

 

هو يوم يتبع اليوم السابع ولا يتم تحديده وأهل العروسة هم من يحددونه فبعض الأسر تقرر أن يكون بعد مرور الثلاثين يوماً من العرس وبعض الأسر أقل كل على رغبته في هذا اليوم يقوم أهل العروسة بعزومة العريس والعروسة لتناول طعام الغداء في بيتهم ويظلون ضيوفاً هناك إلى المغرب حيث تعود العروسة مع عريسها إلى عش الزوجية ويبدآن يمارسان حياتهما الطبيعية..

 

 

 


زر الذهاب إلى الأعلى