أخبار وتقارير

شغادرة حجة .. أشواق تتراقص على وقع زغاريد القمارى وأنغام العذارى

المستقلة خاص ليمنات

مديرية الشغادرة احدى  مديريات محافظة حجة ويبلغ عدد سكانها 48746 نسمة (في سنة 2004)  تضم عشر عزل ، وتتمتع المديرية بسحر جمال طبيعتها وصفاء سريرة أهلها وتعج بالمعالم التاريخية  فضلا عما تمتلكه من موروث غزير من  التقاليد والعادات التي تناقلها أبناؤنا جيلاً بعد جيل وفي هذا الاستطلاع نقف  عند عادات وتقاليد الزواج في هذه المديرية, التي بالطبع لها ما يميزها من سمات تختلف عن غيرها من مناطق اليمن من حيث الاجراءات والإعداد والتجهيز ليوم خالد في حياة أي شاب أو شابة.. المستقلة حرصت أن يتحدث أبناء المنطقة عن عاداتهم وتقاليدهم وبلغتهم البسيطة ونعرضها كما وردت.

إعداد  عبد الله الشاوش

الخطبة  بـــــــ 150000ريال

عن مراسيم الخطبة واختيار شريكة الحياة تحدث الأخ ياسر الصغير حيث قال:  الشاب في منطقتنا له الحرية الكاملة في اختيار زوجة المستقبل فهو وحده من يحدد ويقرر وبالمثل لا أحد يجبر الفتاة في منطقتنا على الزواج من شاب لا ترغب فيه،  فلا تتم الخطبة إلا بأخذ موافقتها وسؤالها عن رأيها ولا يكون دور الأهل إلا في اتمام مراسم الخطوبة من خلال ذهاب والد الشاب الى عند والد الفتاة أو عبر وسيط آخر من أبناء المنطقة وطلب يد الفتاة، وبعد أن يتم أخذ رأي البنت والحصول على موافقتها على الخطبة يعطي والدها الموافقة للواسطة ووالد الشاب فيقوم الأخير بإعطاء والد البنت ما يسمى حق الخطبة وهو مبلغ مالي يقدر بـ “150000” ومن ثم تقوم أسرة الشاب من النساء بزيارة بيت المخطوبة ومن أجل اشهار خطوبتها كما تقوم الفتاة بتنظيم حفلة تشاركها فيها جميع قريباتها وصديقاتها ويكون هذا الاحتفال بمثابة اعلان الخطوبة رسمياً عند أهالي القرية، ويعلم الجميع أن البنت صارت مخطوبة فلا يتقدم لها شخص آخر..

ادفع ثمانمائة ألف ريال وحدد الموعد

في مديرية الشغادرة لا يتم تحديد موعد العرس في الخطبة بل يترك للظروف فمتى ما رأى أهل الشاب الوقت مناسباً لزواج ابنهم والظروف مواتية يقوم والد الشاب بالذهاب إلى الواسطة  في الخطبة ويخبره برغبتهم عندها يذهبان إلى والد البنت لتحديد موعد العرس والاتفاق على الشرط والمهر وطلبات العروسة التي تصل إلى ما يقارب الثمانمائة الألف ، ومن حينها تبدأ الاستعدادات للافراح والليالي الملاح.

البــــــــــــــــدأ ..

مديرية الشغادرة كغيرها من  مناطق اليمن تعرضت لهزة اقتصادية عنيفة في السنوات الأخيرة وتعرض السكان فيها لمعاناة وظروف قاسية جعلتهم يتخلون عن الكثير من العادات والتقاليد التي كانت تزيد من الفرحة وتجلب السعادة واضطر الناس هناك الى اختصار مراسيم الزفاف وأيام الفرح  نظراً للظروف المادية الصعبة التي يعيشها الكثيرون من أهالي هذه المنطقة التي لا تتحمل تكاليف هذه الاحتفالات المكلفة فأصبح التوسع في العرس مقصوراً على ميسوري الحال أما البسطاء فتقتصر احتفالاتهم على قدر ظروفهم : لأن أهل هذه المنطقة بالكاد  يجمعون حق الشرط والمهر وطلبات أهل العروسة أما من أراد التوسع في العرس فيبدأ العرس من يوم الاثنين الذي يسمى يوم “البدأ” وفي هذا اليوم يتم إحضار المزينة التي تقوم بوضع الحناء على يدي وقدمي العروسة ونقشها وتجهيزها حتى تبدو كفلقة من القمر وتنتهي عملية تزيين العروسة في فترة ما بعد الغداء وهي الفترة التي يبدأ فيها توافد النساء إلى بيت العروسة وبعد اكتمال وصولهن تقوم المزينة بوضع اللمسات الأخيرة للعروسة وإخراجها بزفة من غرفتها حتى تصل إلى مكان الاحتفال المعد سلفاً فيما يقوم أهلها بإطلاق النار وإشعال الألعاب النارية وتزغرد النساء  وبعد وصول العروسة إلى مكان الاحتفال يبدأ الاحتفال بغناء المزينة  والضرب على الطبل وتتناوب الحاضرات على الرقص ويخصص في هذا اليوم وقت معين يكون “للرفد” أي إعطاء العروسة هبات مالية أو هدايا عينية من أهلها وأقاربها وصديقاتها وجميع نساء القرية كلاً حسب ظروفه وتستمر مظاهر الاحتفال في هذا اليوم إلى منتصف الليل حين يمتزج الرقص مع الغناء والزغاريد ثم  تغادر كل واحدة إلى منزلها معلنات انتهاء يوم “البدأ”.. أما العريس فلا يكون له أي نصيب من مظاهر الاحتفال لهذا اليوم.

 بـــــــــــــــُدأ

(بُدأ) هو ثاني أيام العرس للعروسة ويختلف هذا اليوم عن سابقه ببدء مظاهر الاحتفال منذ الصباح الباكر وليس من بعد الغداء كما هو حاصل في اليوم الأول وتمارس النساء نفس مظاهر الاحتفال والبهجة  في اليوم الأول وتنتهي الفترة الصباحية قبل الظهر وتبدأ الفترة الثانية من قبل العصر ويستمررن في احتفالهن حتى المغرب وليس إلى منتصف الليل كما هو حادث في اليوم الأول حيث تغادر كل واحدة إلى بيتها ولا يتبقى إلاّ أقرباء العروسة.

أما العريس فلا يكون له أيضاً  أي نصيب من مظاهر الاحتفال في هذا اليوم.

سمرة حتى الصباح

يوم التجهيز هو ثالث أيام الاحتفال لدى العروسة ويبدأ من فترة ما قبل العصر حيث  تتوافد نساء القرية إلى بيت العروسة من جميع المناطق وتقوم المزينة بالغناء والحاضرات يتناوبن الرقص ..

أما العريس فيبدأ العرس من بعد الغداء حيث يتوافد جميع أهل المنطقة إلى بيته ويجتمعون في مقيل واسع ويحضر هذا المقيل فنان يدندن على العود ويطرب الحاضرين ويستمر هذا المقيل إلى أول الليل حيث تبدأ السمرة ويتم تغيير الفنان واستبداله بالمزمار الذي يجمع الكل حوله مبتهجين فرحين ويؤدون الرقصات اليمانية المختلفة وتستمر هذه السمرة إلى طلوع الفجر حيث يغادر الجميع بما فيهم العريس لأخذ قسط من الراحة والاستعداد ليوم العرس الكبير.

الزفة

يبدأ هذا اليوم عند العريس  مبكراً حيث يستعد ويتجهز لهذه الزفة التي يشاركه فيها جميع الزملاء والأصدقاء فتحضر السيارة ويركب عليها هو وأصدقاؤه ويطوفون به في جميع شوارع القرية والجميع وراءه بالبرع والزوامل وإطلاق النار حتى الظهر حيث يتوجه الجميع للمسجد لأداء الصلاة وبعد الفراغ منها يتجه الجميع إلى منزل العريس لتناول طعام الغداء والاجتماع في مقيل كبير يزينه فنان يحضر مع عوده والنشاد وكلاهما يطربان المجلس بأغاني الزفاف الجميلة.

أما العروسة فتبدأ الاحتفال بعد الغداء عندما تحضر جميع نساء المنطقة وتبدأ الزغاريد وتتمايل الأجساد على صوت المزينة ويستمررن في احتفالهن  المترع بالأنس والفرح والرقص حتى أول الليل حيث يقمن بعدها بتجهيز العروسة لوصول موكب العريس الذي سيصطحبها إلى منزلها الجديد. أما العريس وضيوفه فيستمر مقيلهم إلى أول الليل حيث يقوم العريس بتجهيز نفسه لعمل زفة متنوعة تتردد فيها الأناشيد المعبرة عن الفرحة الكبرى بهذا الزواج السعيد، وهكذا تستمر هذه الأناشيد بأصواتها المتناغمة حتى يحين تجهيز موكب الذهاب إلى منزل العروسة لاصطحابها إلى عريسها حيث يكون منتظراً قدومها.

الفتشة بعشرة

بعد وصول موكب العروسة يتم إدخالها إلى غرفتها وتدخل معها قريباتها ويستدعى العريس للفتش عنها ولكن قبل ذلك عليه أن يعطيها مبلغاً مالياً يصل إلى عشرة آلاف ريال ثم يعود العريس إلى ضيوفه ومواصلة السمرة معهم حتى منتصف الليل بعدها يترك السمرة ويتوجه إلى عروسته المنتظرة..

الخامس

بعد خمسة أيام من زفة العروسة تحيي أسرة العريس حفلاً ختامياً تجري فيه مظاهر احتفالية كيوم العرس احتفاءاً بقدوم أهل العروسة إلى منزل العريس في زيارة يباركون فيها للعريس والعروسة وفي هذا اليوم تحضر جميع قريباتها مع أهلها.. وأيضاً قريبات العريس وتجدد في هذا اليوم البهجة والسعادة ولكن الوقت يبرق خاطفاً آخر لحظات الفرح وسرعان ما تنتهي هذه اللحظات الجميلة بأفول شمس النهار ويسدل الليل الذي يفرض على اسرتها وجميع الحاضرات المغادرة كلاً إلى منزلها وبهذه المغادرة  تنتهي  جميع مراسيم العرس وتبدأ حياة الزوجية السعيدة .

زر الذهاب إلى الأعلى