أخبار وتقارير

هل رسب تلاميذ الزنداني أمام تلاميذ حسين بدر الدين الحوثي

يمنات – المستقلة موبايل

يُعرف عن الشيخ عبدالمجيد الزنداني أنه شخصية مخضرمة عايش الكثير من الأنظمة والرؤساء في اليمن منذ قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، حتى رئاسة هادي وسقوط صنعاء بيد الحوثيين في 21 سبتمبر 2014م.. وتميز بشخصيته المثيرة للجدل والتي جمعت الكثير من المتناقضات حيث بدأ كثائر سياسي، ثم شيخاً دينياً، ثم عسكرياً جهادياً عابر للحدود، ثم تربوياً ورئيس جامعة، وأخيراً طبيب أعشاب وباحث مخبري متخصص في انتاج أشد الفيروسات خطراً وتعقيداً..

من بين كل هذه المهام الصعبة والمتناقضة سنركز على ما يمكن اعتباره مشروعاً عملياً حقيقياً، ويتماثل بإنشاء جامعة الإيمان والتي أفرزت عشرات الآلاف من الخريجين والخريجات- غالبيتهم يمنيين وبينهم مخرجات من كل الجنسيات-.. ولم تكن جامعة الإيمان مجرد جامعة علمية أو معرفية أو حتى دينية تدرس العلوم الشرعية، بل كانت مشروعاً متكاملاً له خططه ووسائله وأهدافه الخاصة.. إحدى أهم مقاصدها إعادة رسم خارطة سياسية ذات مرجعية عقائدية محددة تعمل على توسيع رقعة فئة أو اتحاد سياسي وديني وقبلي، مقابل تقليص رقعة فئة أو اتجاه سياسي وديني وقبلي آخر.. وبتوضيح أكثر خدمة المصالح المشتركة التي تلتقي فيها تيارات الإسلام السياسي والمذهبي السني والمتمثل في مثلث (الإخوان، السلفيين، الوهابيين) بالإضافة إلى حلفائهم العسكريين والقبليين، مقابل تضييق الخناق على الطرف الآخر تيار الإسلام السياسي والمذهبي الزيدي وامتداداته الجديدة، ويتألف هذا التيار من (حزبي الحق واتحاد القوى الشعبية، وحركة الشباب المؤمن (أنصار الله) الحوثيين حالياً) ومعهم حلفائهم في الداخل والخارج..

وقبل الإشارة أو التطرق لنتائج هذا المشروع- بغض النظر عن سلبياتها وايجابياتها- لابد من تناول الشخصية الأخرى والمشروع المقابل والمقصود السيد حسين بدر الدين الحوثي ومشروعه السياسي الديني المتمثل حالياً بجماعة (أنصال الله) ومن دار في فلكها من حلفاء ومؤيدين..

تلقى حسين الحوثي علومه خارج اليمن في ثلاث دول هي لبنان والسودان وإيران.. باعتباره طالب علم شرعي، ثم ما لبث أن انخرط في العمل السياسي من خلال المساهمة في تأسيس حزب الحق ذو التوجه الديني (الزيدي)، وتحالف مع الحزب الاشتراكي بعد الوحدة وتأسيسه ما يعرف بجماعة الشباب المؤمن وعبرها مارس العمل السياسي والبرلماني من خلال ترشحه وفوزه في الانتخابات البرلمانية عام 1993 نائباً عن إحدى دوائر محافظة صعدة، واستمر في ممارسة النشاط البرلماني لمدة أربع سنوات فقط، حيث قرر عدم الترشح لانتخابات عام 1997م، وقدم استقالته من حزب الحق، وعمل على التفرغ الكامل لمشروعه الديني والسياسي الخاص (الشباب المؤمن)، فانتقل إلى محافظة صعدة وبدأ بإنشاء حلفة خاصة به حرص أن تكون مختلفة في مضمونها عن التعليم الديني الزيدي، وقريبة من أسلوب الحوزات الشيعية في إيران، التي تأثر بثورتها وقادتها تأثراً كبيراً، ثم ما لبث أن بدأ توزيع أصحابه على مناطق وقرى في محافظة صعدة وأنشأ مدارس لتعليم القرآن مختلفة عن المدارس التي ترعاها الدولة، وفي ظرف سنوات قليلة أصبحت غالبية مناطق صعدة وشبابها يدينون بالولاء الشديد للسيد، ومعهم شباب من المحافظات الزيدية الأخرى بما فيها العاصمة صنعاء.. الأمر الذي جعل الدولة ومن ورائها الزنداني واتباعه يستشعرون خطر مشروع السيد، لتبدأ الدولة بشن أولى حروبها على هذا المشروع عام 2004م، وانتهت هذه الحرب في نفس العام بمقتل قائد ومؤسس المشروع السيد حسين بدر الدين الحوثي والذي أوصى لأخيه الصغير (عبدالملك الحوثي) بإدارة الجماعة والمشروع من بعده، وهو ما حدث فعلاً حيث خاضت الجماعة بقيادة خمسة حروب أخرى من الدولة انتهت في 2010م..

نتائج مشروعين متناقضين

رغم كثافة مخرجات مشروع الشيخ الزنداني وجامعة الزنداني عددياً، وانتشارهم في أكثر من اتجاه، إلا أن انغماسهم في مشاريع أخرى حزبية وسياسية، فضلاً عن انتشار التطرف وانصراف بعضهم نحو التيارات الإرهابية مثل (أنصار الشريعة) وبعضهم انقسم بين إخوان وسلفيين، كما أن انشغال الزنداني بمشاريعه الأخرى الطبية والإعجازية، كل ذلك جعل هذا المشروع يغسل في أول اختيار حقيقي له على أرض الواقع في تنفيذ الأهداف التي وجد لأجلها وهو تقليص رقعة النفوذ الزيدي والذي تصاعد في العشر السنوات الأخيرة .. في المقابل توسع مشروع السيد حسين بدر الدين وتجاوز خسائر الحروب الستة وتوسع خارج صعدة، وفي وقت قياسي اجتاح عدد من المحافظات، وتمكن أتباع عبدالملك الحوثي من إسقاط العاصمة والسيطرة على أعلى مؤسسات الدولة وبدا أن مشروع السيد هو صاحب القوة الأولى والكلمة الحاسمة في اليمن، وتوارى المشروع الآخر، واختفى صاحبه هرباً من مصير مأساوي.. ليتضح أن تلاميذ السيد ذاكروا دروسهم جيداً واجتهدوا كثيراً فكان نصيبهم ما حدث.. فيما أخفق تلاميذ الشيخ وصار صوتهم يأتي صغيراً من خلف أصوات أخرى، وسلموا في غمضة عين مقر دراستهم (جامعة الإيمان) لتلاميذ المشروع الآخر الذي فرض نفسه واقعاً له أثره غير المحدود..

زر الذهاب إلى الأعلى