العرض في الرئيسةفضاء حر

اربع نقاط رئيسية تلخص “جديد” مؤتمر الآستانة واسراره

يمنات

عبد الباري عطوان

 انتهى مؤتمر الآستانة بلقاء مباشر، وللمرة الاولى بين وفد الحكومة السورية من جهة، ووفد المعارضة المسلحة من جهة أخرى، صحيح انه كان لقاء صامتا، انتهى ببيان ختامي غير موقع الا من الدول الثلاث الضامنة لاتفاق وقف اطلاق النار، أي روسيا وتركيا وايران، لكنه كسر الجليد، واسس لمرحلة جديدة تقف على اعتابها الازمة السورية.

النقاط الأهم والابرز التي يمكن استخلاصها من وقائع المؤتمر، وتصريحات المسؤولين المشاركين فيه، وتحتم على كل مراقب او محلل ضرورة التوقف عندها، يمكن تلخيصها كالتالي:

  • أولا: بدأ المؤتمر فكرة ثنائية، وتطبيقا لاتفاق روسي تركي، وانتهى ثلاثيا، يضم ايران كضامن رئيسي لتطبيق بنوده المتعلقة بوقف اطلاق النار، بينما جرى استبعاد كل الأطراف العربية الأخرى، الى جانب أوروبا وامريكا، ونحن نتحدث هنا عن دولتين لعبا دورا رئيسيا في دعم المعارضة السورية المسلحة ماليا وتسليحيا.. كيف تم هذا الاستبعاد ولماذا، هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.

  • ثانيا: حدث فصل كامل، ارادته موسكو دائما، وعملت من اجله، بين فصائل المعارضة المسلحة وبين نظيرتها الموضوعة على قائمة الإرهاب أولا، وبين هذه الفصائل وهيئات المعارضة السياسية المشكلة في معظمها من شخصيات تقيم في المنفى، وتعهد هذه الفصائل المسلحة بالانخراط في الحرب الرامية الى تصفية تلك المصنفة إرهابية، ونحن نتحدث هنا عن “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة”، وربما “احرار الشام” لاحقا.

  • ثالثا: انتقلت روسيا من دولة احتلال لسورية وداعم أساسي للحكومة السورية الى “وسيط محايد” ضامن لوقف اطلاق النار والحل السياسي، حتى ان السيد محمد علوش رئيس الوفد المعارض المفاوض، وقائد “جيش الاسلام” تحدث بــ”حميمية” عن روسيا، وأشاد بلقاءاته مع وفدها، واعرب عن ثقته بهم.

  • رابعا: اعلان الكسندر لافرنتييف، رئيس الوفد الروسي في مؤتمر استانا، عن تسليم موسكو مشروع الدستور الجديد لسورية الى وفد المعارضة المسلحة، وهو الدستور الذي قال ان مجموعة من الخبراء الروس اشرفوا على اعداده، ولا نعرف ما اذا كان الوفد الرسمي السوري قد تسلم نسخة منه أيضا ام لا، ثم ما هو رد فعله تجاهه، وما هي ابرز المواد الواردة فيه؟

 ***

بالنظر الى النقاط الأربع السابقة يمكن القول ان المؤتمر المذكور (الآستانة) حقق “اختراقات” كبيرة، ورسمت صورة جديدة للمشهد السوري، وبتحديد هوية اللاعبين الأساسيين في الجانب السوري من ناحية (الحكومة والمعارضة المسلحة)، وفي الجانب الإقليمي (تركيا وايران)، وروسيا كقوة عظمى، مثلما وحد جميع الأطراف الضامنة والمشاركة في جبهة واحدة، رغم الخلافات بينها، في مواجهة “عدو مشترك” هو الجماعات الاسلامية المتشددة.

الحرب بين الفصائل المسلحة المصنفة كمعتدلة، والمنضوية تحت الخيمة التركية، وبين الحكومة السورية، قد تكون تقترب من نهاياتها، لتبدأ حرب أخرى، ربما تكون اكثر شراسة بين هذه المنظمات، و”الدولة الإسلامية” وجبهة “النصرة” او “فتح الشام”.

من غير المستبعد ان تقوم الأطراف العربية والدولية التي جرى تهميشها واقصاؤها من “طبخة” الآستانة، ببذل محاولات لافشالها، من خلال تقديم دعم مباشر او غير مباشر للفصائل الأخرى المستهدفة، او غيرها التي ينضوي آلاف المقاتلين تحت لوائها، كردية كانت او إسلامية، كرد على محاولات الاقصاء والتهميش، وتبني اجندات تتعارض مع اجنداتها الاصلية، في تعزيز الدور الإيراني، وارتكاز أي حل سياسي للازمة على بقاء الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته.

 ***

 عبارة على درجة كبيرة من الأهمية وردت في المؤتمر الصحافي للسيد بشار الجعفري، رئيس الوفد السوري في ختام اعمال المؤتمر وهي “ننتظر من المعارضة المسلحة الانضمام الى الجيش العربي السوري في قتال النصرة وداعش”، لا بد من التوقف عندها لانها تلخص الهدف الحقيقي من مؤتمر الآستانة، وترسم خريطة التحرك المستقبلي، في رأينا على الأقل.

هناك مثل شامي شهير ربما يعبر عن الانقلاب الذي حدث ويتطور في مواقف جميع الأطراف ابتداء من الحكومة ومرورا بالاتراك وانتهاء بالمعارضة المسلحة ويقول “اول الرقص حنجلة”، فعندما يجلس السيد الجعفري وجها لوجه مع السيد علوش، على مائدة واحدة، وتحت سقف واحد، فإنه من الحكمة عدم استبعاد أي شيء في الأيام والاسابيع المقبلة، بما في ذلك قتال قوات المعارضة المسلحة تحت جناح الجيش السوري ضد الفصائل المصنفة إرهابيا.

الملاسنات الحادة بين السيد الجعفري والسيد علوش يمكن تصنيفها في خانة “المشهيات” او “المفتحات” التي تسبق الطبق الرئيسي، وهي أمور معتادة في قواميس المفاوضات عموما.

المفاوضات عادت الى “المربع الأول”، أي التفاوض بين النظام ومعارضة الداخل، سلمية كانت او عسكرية، اما معارضة المنافي فهناك اتفاق فيما يبدو على خروجها من المشهد التفاوضي تدريجيا، او جعل دورها استشاريا هي والدول الداعمة لها، ولافروف اعلم.

المصدر: رأي اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى