العرض في الرئيسةفضاء حر

إلى أين أوصلتنا الحرب..؟

يمنات

لطف الصراري

سنتان وأقل من نصف سنة والقتال يتصاعد في مهد العروبة، بينما لا تزال الخصومة بين العرب والمسلمين تزدهر بصورة انشطارية.

فيما مضى كنا عندما نقول: «العرب والمسلمين»، نشير بذلك إلى مجتمع واحد ذي هوية موحدة باللغة والدين. وفي المدارس تعلمنا أن هذين العاملين هما أقوى عوامل الوحدة العربية والإسلامية. الزعماء والرؤساء العرب كثيراً ما كانوا يتحدثون باسم هذه الوحدة الاندماجية بين العربي المسلم والعربي غير المسلم، وبين المسلم سواء كان عربياً أو من قومية أخرى. لكن ذلك في حقيقة الأمر لم يكن سوى أمنيات سياسية بعيدة عن واقع الشعوب المعنية بهذا القفز الوحدوي المتحمس. واقع لا أحد يكترث لاستجابته شبه المنعدمة لأي نوع من الوحدة على أساس الدين أو اللغة أو كليهما.

طالما أعطت الدول والشعوب الناطقة بالعربية لنفسها حق الشعور بالأفضلية على الشعوب التي تدين بالإسلام ولا تتحدث اللغة ذاتها. بينما الذي يحدث في المقابل، أن هذه الدول وشعوبها لا يرون العرب نموذجاً يحتذى لكي يفوضوهم بقيادة الدفة. لا يريدون أن يتحدث باسمهم أحد لمجرد اعتداده بأن لغته هي لغة القرآن الكريم. ولننظر فقط، إلى طبيعة العلاقة بين إيران والسعودية وتركيا.

قبل الحرب العالمية الأولى، كانت تركيا مركز الخلافة الإسلامية، وفرضت سيطرتها على البلدان العربية باسم الإسلام، وباسم الإسلام أيضاً، توجهت الجيوش العثمانية نحو أوروبا وحكمت عدداً من بلدانها.

غير أن العام 1918 كان نقطة تحول أفضى إلى انهيار الدولة التي كانت تحتكر تمثيل المسلمين في العالم. بعد ذلك صعد نجم المملكة العربية السعودية؛ الدولة السعودية الثالثة التي وسعها الملك عبدالعزيز بمساعدة بريطانيا. حينها كان جذر الصراع في المنطقة العربية متمحوراً في فلسطين، حيث تم تقسيم تركة دولة الخلافة الإسلامية المنهارة بين الوطن الجديد لليهود وبين بعض العرب.

و قبل ذلك الوقت بقليل أعلنت بريطانيا أنه «لا توجد أمة بين الأمم الإسلامية تستطيع الحفاظ على الخلافة الإسلامية سوى الأمة العربية، وليس هناك أي بلد أكثر جدارة بمكانتها من البلدان العربية». كان لديها أولاً الشريف حسين الذي أعلن نفسه ملكاً على العرب، ثم استحوذ الملك عبدالعزيز على ثقة التاج البريطاني، وصارت السعودية المتحدث الرسمي دولياً باسم الإسلام والمسلمين.

تدريجياً، مُنحت الدول العربية استقلالها من الاحتلال التركي والبريطاني والفرنسي والإيطالي، وتم تعزيز الدور الجديد للمملكة الجديدة.

في زمن تشرشل، كان أحد أبعاد اهتمام بريطانيا بالهند أنه بلد يقطنه أكبر عدد من المسلمين يعيشون تحت حكومة واحدة. غير أن ضم مكة والمدينة تحت حكم المملكة العربية السعودية رجّح كفة التمثيل العربي للأمة الإسلامية، وتم حصر هذا التمثيل في الرياض رغم الحضور المصري الكثيف والقوي في الساحة السياسية والعسكرية.

لم يعد لدى العرب الآن سوى أمنيات ضئيلة بتوقف الحرب التي تسحق حياتهم منذ أربعة عشرة سنة في العراق، وست سنوات في سوريا وليبيا، وسنتين ونصف في اليمن. حروب تأكل الأخضر واليابس ولا يلوح لنهايتها أفق، لمجرد أن الدولة العربية التي عُهد إليها بتمثيل المسلمين، تريد الحفاظ على هذه المكانة كحق أزلي مكتسب، وسوف تفعل كل ما بوسعها لسحب البساط من تحت أقدام أكبر دولتين إسلاميتين تنافسانها على هذا التمثيل؛ تركيا وإيران. والحال هذه، لن تتوقف الحرب قريباً؛ ليس فقط في اليمن، الذي تم حشره في هذا الصراع لمجرد شعار معادي لأمريكا واليهود، بل في المنطقة العربية المشتعلة حالياً بأسوأ سبب يمكن أن تندلع حرب لأجله؛ الطائفية. هذا الوباء الذي تغذيه نظرية «نهاية العالم» وسياسات الهيمنة والهيمنة المضادة بين الدول الكبرى.

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى