فضاء حر

ثقافة هدم البيوت

يمنات
التي لا يريد الحوثيون الكف عنها لكأنها تقع في صميم العقيدة، هي تعبير صارخ عن النزعة الإقصائية الإلغائية (الجاهلية القبائلية) للجماعة، تغذيها طقوس الهدم (بالتفجير) كإعلان عن “سيد” جديد للمكان، فهي سلوك حربي إحلالي أكثر مما هي سلوك بدائي تطهيري (تحريري).
هي _ في رأيي_ فعل احتلال لا قعل تحرير كما يصور منظرو الجماعة.
وهي ثقافة تجد أحد تبريراتها في استحكام النزعة الاصطفائية لدى اصحابها، وصورة الآخر (الوطني _ المحلي) في خطابها ومنهجها، بما هو دخيل وطارئ يتوجب تجريدة من أية صلات بالمكان. ومن هذه الزاوية تأخذ غزوات الحوثيين في المناطق الشمالية (ذات الإرث والاغبية السكانية الزيديين) طابع الحروب الاستردادية. يمارس القادة والمقاتلون الهدم _ بخاصة هدم دور الحديث التابعة للسلفيين_ بروحية طائفية تستعذب اجتثاث الخصوم وأي معلم يذكر بوجودهم.
وهي، أيضا وأساسا، كما يقول هنا الاستاذ القدير حسن الدولة، استنادا إلى كتاب المؤرخ الكبير يوسف محمد عبدالله “نصوص حميرية”، سلوك اعتمده سكان المناطق الجبلية في شمال اليمن منذ الدولة الحميرية.
***
ثقافة هدم البيوت هي برهان أكيد على أن جماعة الحوثيين، كما أي جماعة دينية عصبوية، لديها في ذروة فتوتها وعنفوانها، ميل حاد إلى احتكار تمثيل مناطق بعينها، وفئات سكانية من اليمنيين وتعميم نموذجها وفرضه بقوة السلاح حيثما تواجدت.
***
يحدث أن تجنح الجماعة _أي جماعة_ إلى العنف بتعميم ثقافتها. ومن الثابت ان الحوثيين لا يوفرون فرصة من أجل توكيد أنهم مجرد جماعة منغلقة عند احتكاكها بالجمهور المحلي بعيدا عن العاصمة. ومن المفيد تسليط الضوء على هذه الثقافة ونقدها الآن قبل أن تأخذ حكم العادة، خصوصا وأن الجماعة تواصل حملاتها باتجاه السهول والسواحل بكل ما يترتب على هذه الحملات من استحياء للماضي القريب لدى قطاعات من اليمنيين تختزن ذاكرتهم حملات عسكرية اعتبرها مؤرخو الأئمة فتوحات اسلامية!
مطلوب، بالفعل، كنس هذه الثقافة والاتعاظ من تجارب الماضي عوض التبرير السطحي لها، والتهوين من تأثيرها.
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى