حوارات

الرئيس الحمدي التقى بسالمين سراً في الحديدة.. وهدد بهدم الجسر على الكرشمي ووبخ المحافظ بسبب امرأة

 

 

يمنات – المستقلة خاص

 

 حارس الحمدي يواصل سرد ذكرياته للمستقلة ..

أوقف موكبه ليصافح الطلبة تحت الشجرة ..

 وتم انجاز المدرسة والوحدة الصحية في  6 أ شهراً

قال الحمدي لم نعط الجيش سلاحاً ليقتلوا من أرادوا وطلب القصاص من الجندي القاتل

الشيخ عبد الله الأحمر  أمر باسقاط عسكرياً وأمر بضرب أي طائرة تقلع من مطار صنعاء وهدد بمهاجمة العاصمة

نواصل في هذا العدد نشر ذكريات أحد الحرس الخاص للرئيس الحمدي الذي رافقه منذ توليه السلطة في 13 يونيو 1974م وبعد أن تحدث للمستقلة في العدد الماضي الضابط علي محمد الحكيمي عن ليلة صعود الحمدي إلى الحكم يواصل في هذا العدد الحديث عن ذكرياته مع الرئيس ابراهيم الحمدي وعلاقة الحمدي مع المواطنين..

>  حاوره/ إبراهيم السروري  >

> كم كانت الحراسة الخاصة بالرئيس الحمدي؟!

كنا حوالي 21 فرداً (جندياً وضابطاً من قوات المظلات)  وعدد آخرين من بقية الوحدات العسكرية أما السيارات أو الأطقم العسكرية المرافقة له عددها 3 أطقم فقط.

> هل كان يمشي أو يحضر مكتب القيادة بمفرده؟!

كانت تأتي الحراسة معه وتخرج معه وأحياناً كان يخرج بمفرده من  دون حراسة أو مرافقين.

> هل تعرفت إليه شخصياً؟!

نعم تعرفت إليه شخصياً.

> وهل كان يتحدث ويمزح معكم؟!

نعم كان متواضعاً جداً معنا وكان يمزح معنا ويسألنا  عن أحوالنا وعن ظروفنا وكان يتفقدنا رغم مشاغله.

> ماذا تتذكر من مواقف وقصص عنه؟!

في إحدى المرات رافقناه في زيارة إلى الحديدة وعندما وصلنا إلى منطقة القدم شاهدنا مواطناً في منتصف العمر فأمرنا بالتوقف وكان ذلك الرجل يقوم بتدريس أطفال تحت شجرة وقال لنا في الطقم العسكري الأول لموكبه إتجهوا نحوهم فانبهر المدرس من حضور وزيارة الرئيس إبراهيم الحمدي إليهم ونزل الحمدي وسلم على المدرس وكان يلاعب الأطفال(الطلاب) ويضحك معهم ويحتضنهم ولأننا كنا في زيارة للمحافظة قال لنا: أتمنى لو أحضرت معي هدايا لهؤلاء الأطفال وحزن كثيراً على  ذلك. ثم سأل المدرس: كم عدد الطلاب عندك فأجاب المدرس: عندنا 150 طالباً غير الطلاب المتواجدين في بيوتهم وقراهم ثم قال للمدرس: أعاهدك وأعاهد الطلاب بإذن الله تعالى لن تمر ستة أشهر إلا ولديكم مدرسة تتكون من  ستة فصول ووحدة صحية.

01 06 12 636757880

ولم تمر لحظات إلا والمواطنون كالسيل نحونا عندما عرفوا واستشعروا أن الزائر هو الرئيس إبراهيم الحمدي ولم  نتمكن كحراسة خاصة للرئيس من منعهم في الاقتراب منه، فأمرنا الرئيس الحمدي ألاَّ نعترضهم أبداً وقاموا بمصافحته ولم يتضايق منهم أو عاملهم بأنفة وكبر وعاملهم بكل تواضع وبساطة وأخلاق رفيعة ثم تقدموا له بمطالب خاصة.. فقال لهم بأخلاق وذوق هناك جهات حكومية تقدم لكم هذه الخدمات الخاصة بكم ولا فرق عندي بين كبير وصغير الكل سواسية.. وبعد أن وصلنا الحديدة أمسكَ المحافظ بيده وقال له تأخذ المقاولين وتذهب إلى منطقة القدم وتبني لهم مدرسة من ستة فصول ووحدة صحية خلال ستة أشهر ولم تمر ستة أشهر إلا والمدرسة والوحدة الصحية جاهزتان في منطقتهم.

زيارة مفاجئة إلى الميناء..

أثناء تواجده في الحديدة توجهنا معه في ذلك اليوم  إلى ميناء الحديدة في الساعة الثامنة مساءاً تقريباً وكانت زيارة مفاجئة وقام بجولة في الميناء وقال للمدراء الذين في الميناء: السفن التي ما زالت واقفة ولم تفرغ  حمولتها عليها التوجه إلى ميناء عدن لأن المرسى كان صغيراً وضيقاً ولا يمكن استيعاب الميناء للسفن ثم وجه بضرورة توسيع الميناء وجاءت بعد ذلك شركة فرنسية لتوسيعه وبدأت الحركة التجارية في الميناء تنشط بعد ذلك.

زيارة سرية للرئيس  سالمين..

وفي الحديدة التقى بالرئيس الجنوبي سالم ربيع علي الذي قام بزيارة غير رسمية أو معلنة للرئيس الحمدي وذلك بعد عودتنا من الميناء ثم نزلنا سوياً إلى تعز.

وذات يوم خرج الرئيس إبراهيم الحمدي وحيداً من دون حراسة وتوجه إلى منطقة البركاني وعندما وصل إلى جسر طريق فوق وادي البركاني أوقف سيارته ثم نزل وسلم على المهندسين والعاملين بالمشروع وقال لهم: كم لكم تبنون هذا الجسر؟ فأجابوا: منذ شهرين، فقال لهم شهرين تبنون جسراً.. في هذين الشهرين كنتم ستشقون طريقاً طولها (1000) كيلو فقالوا له: نحن عمال ونتلقى الأوامر من المسئولين عنا وليس في أيدينا شيء.

ثم عاد إلى المحافظة وقال في لقائه بالمحافظ: سوف أضعكم تحت الجسر وأسقطه عليكم أنت والكرشمي.. ثم قال للمحافظ قوموا بشق طريق التربة أو أصلحوها للمواطنين لا تضيعوا الوقت في جسر يخدم أشخاصاً.. نريد مشاريع تخدم أكبر عدد من المواطنين لكي يستفيد منها الجميع.

 الحمدي  متنكراً

في إحدى الليالي في الأشهر الأولى من العام 1976م قام الرئيس الحمدي بزيارة لمعسكر قوات المظلات جوار مصنع الغزل والنسيح في شارع مأرب (حالياً) وكان الحمدي متنكراً في ملابسه وملثماً وترك سيارته بعيدة عن المعسكر وأقبل مشياً على الأقدامً إلى المعسكر وعندما وصل بوابة المعسكر أراد الدخول إلى المعسكر فأوقفه جندي الحراسة والذي كان من الحديدة وقال للحمدي: وين رايح؟! أنت بعقلك أو سكرانو! (والذي لم يعرف أن الزائر هو الحمدي) أجابه الزائر قائلاً: لديَّ لقاء مع قائد قوات المظلات.

فسأله العسكري (خدمة الحراسة): من أنت؟!

أجاب الحمدي: أنا مواطن يمني  أيش معك تحقق معي.. أريد أدخل ضروري.. وحاول الحمدي أن يعطي جندي الحراسة مبلغاً (رشوة) فرفض عسكري الحراسة أن يأخذ (الرشوة) ثم قال للمواطن أو الزائر المتنكر (الحمدي): أعطني بطاقتك حتى أعرف وأتأكد من اسمك..

ورفض الزائر إعطاءه البطاقة وقال له سوف أدخل المعسكر شئت أم أبيت وهمَّ بالدخول ثم تراجع العسكري قليلاً للوراء ووجه سلاحه نحو الزائر فقال الزائر: أريد أن أتفاهم معك.. هل قائد المظلات في المعسكر؟! أجاب العسكري: موجود أو غير موجود في المعسكر ما دخلكَ أنت؟!

قال الزائر: أريده في أمر ضروري.

فقال العسكري: نعم موجود.

فخلع الزائر الشال عن وجهه  فإذا هو الرئيس الحمدي..

فقال الحمدي للعسكري: هل عرفتني الآن؟

أجاب العسكري: نعم عرفتك ولكن عندي أوامر بعدم إدخال أي شخص.

فقال الحمدي: ممن تريد الأمر.. أنا القائد العام: آمرك؟!

فأجاب العسكري: أنا أتلقى أوامري من المسئول المباشر عني وأعتذر منك يا فندم..

فقال الحمدي: سوف أعطيك مكافئة.. أتركني أدخل؟!

(أراد بذلك أن يختبر وطنية وذكاء الجنود في أداء واجباتهم الوطنية)

قال العسكري: آسف يا فندم لا يمكنك الدخول

وبعد ذلك في اليوم التالي طلبه الرئيس الحمدي إلى مكتبه وقام بترقيته ومكافأته.

الحمدي يأمر بالقصاص من عسكري

في احد الأيام وأنا في قوات المظلات كان أحد زملائنا العسكر المظليون من منطقة القفر- إب لديه قضية ومشكلة مع أحد مشائخ منطقته وإسم زميلنا عبد الملك أو عبد المغني ولم أعد أتذكر اسمه وقد قادت الصدفة هذا العسكري أن يشاهد غريمه (الشيخ) في إحدى اللوكندات بمنطقة شعوب وكان زميلنا العسكري مرتدياً البزة أو البدلة العسكرية وسلاحه الشخصي وعندما شاهد غريمه أطلق عليه الرصاص وسقط الرجل قتيلاً على إثر ذلك، ثم عاد على الفور إلى معسكر المظلات وألتقى قائد المعسكر الرائد عبد الله عبد العالم وقال له: يا فندم أنا قتلت..

01 06 12 405187547

فقال له  القائد/ عبد الله عبد العالم: سلم سلاحك وأدخل السجن وسوف ننظر في أمرك..

ثم جاء الرئيس الحمدي إلى المعسكر وجمعوا القوة ووجه لنا كلمة ذكر فيها قصة العسكري وقال لنا: عسكري يرتدي الزي الرسمي ويحمل سلاحه ليحمي الوطن والشعب وليحمي المواطن ولم نعط أفراد الجيش سلاحاً ليقتلوا من أرادوا. وقال الحمدي: النظام والقانون هما الحل وإذا كان هذا العسكري لديه قضية ثأر أو أي قضية أخرى لماذا لم يبلغ الدولة والجهات المختصة ويحل مشكلته بالنظام والقانون وطلب الرئيس الحمدي بالقصاص للمواطن وأن يتم إعدام العسكري القاتل في نفس المكان الذي قتل فيه غريمه وحاول عضو مجلس القيادة قائد قوات المظلات الرائد عبد الله عبد العالم أن يتدخل وأبدى استعداد قوات المظلات: أفراداً (جنوداً وضباطاً) لدفع الدية التي يطلبها أولياء الدم إلا أن الرئيس إبراهيم الحمدي رفض ذلك وتم إعدام زميلنا في نفس المكان الذي قتل فيه غريمه (الشيخ).

الغشاش ليس منا

عندما كنا في حراسة معه في الحديدة أثناء قيامه بزيارة الميناء وكانت قد جاءت الى الميناء باخرةٌ محملةٌ بالبر (القمح) الذي أفرغته على متن القاطرات وكان قد أمرنا بإيقاف إحدى هذه (القاطرات) للنقل الطويل وقال أنزلوا كيس بر.. نريد أن نعرف كم وزنه؟! وتم وزن كيس البر فوجدناه ناقص كيلو جرام أو 2 كيلو جرام على ما أذكر.. فأمرنا بإنزال أكثر من كيس وتم وزنها على كيس كيس لكي يتأكد من عدم وجود أخطاء عند التعبئة.. إلا أن النقص كان موجوداً في كل كيس من أكياس البر.

فقال الرئيس الحمدي: من غشنا فليس منا وعاقب التاجر ثم أمر بإعادة النظر في هذه المسائل التجارية سواءً من قبل التجار اليمنيين أو الشركات الخارجية التي يتم التعامل معها.

الرئيس يوبخ محافظ الحديدة

– عندما كنت ضمن الحراسة الخاصة لمكتب القيادة العامة وكنت في حراسة البوابة الرئيسية جاءت امرأة في العقد الخامس من عمرها من لواء الحديدة (محافظة الحديدة حالياً) وطلبت منا الدخول إلى الرئيس الحمدي في مكتبه..

وكانت لدينا أوامر من الرئيس الحمدي بعدم طرد أي مواطن أو مواطنة يطلبون مقابلته وقال لنا مهما قالوا لنا أو شتمونا أو شتموه هو  وكنا نرد عليهم بكلام طيب ونعاملهم بأخلاق عالية..

قالت لنا المرأة  يا أولادي أريد مقابلة الرئيس الحمدي.

فقلنا لها: يا أماه الرئيس مشغول جداً ولكن انتظري لما يخرج من عمله.

المرأة صاحبة الحديدة جاءت حوالي الساعة الحادية عشرة ظهراً وأنتظرت حتى الساعة الثانية والربع بعد الظهر..

ولما خرج الرئيس الحمدي قلنا له يا فندم توجد حرمة من الحديدة قالت لديها مشكلة وتريد مقابلتك..

قال لنا: أين هي؟!

قلنا له: خارج البوابة. وعندما وصل بسيارته إلى البوابة وقف وقال لها: ماذا تريدين أن أخدمك يا والدة؟!

قالت له: أخذوا أرضي وحبسوا أبني وأريدك أن تنصفني؟!

فقال لنا: خذوها معكم في السيارة إلى بيتي.

 ثم أتصل بمحافظ الحديدة ووبخه وهزأه وحذره من تكرار ذلك وقال له: أعيدوا لها أرضها وأخرجوا أبنها واحبسوا مدير الأمن مكان أبنها..

وأعطى المرأة أمراً بإطلاق سراح أبنها المسجون وإرجاع أرضها المنهوبة وأعطاها (فلوس) مصروفاً منه شخصياً.. فخرجت هذه المرأة من بيت الرئيس الحمدي وهي تبكي وتدعو ربنا يحفظ إبراهيم الحمدي وأن يحفظنا نحن العسكر وكانت أيضاً تدعو وتقول ربنا ينصرك يا إبراهيم الحمدي.


> من هي الشخصيات التي كانت مقربة من الرئيس الحمدي؟!

كثيرون كانوا مقربين من الرئيس الحمدي ومنهم عبد الله الحمدي وعبد الله عبد العالم ومجاهد القهالي وعلي قناف زهرة وعبد العزيز عبد الغني ومحمد سالم باسندوة وعبد الله خادم الوجيه وحسن محمد مكي وعبد الله الحجري والنعمان وأحمد دهمش وعبد اللطيف ضيف الله ومنصر وعبد الله سلام الحكيمي وسلطان القرشي وأمين عبد الواسع نعمان وعبد الله عبد الوهاب نعمان وأحمد محسن غالب الشرجبي وعبد الله الشمسي وعيسى محمد سيف وعبد السلام مقبل وعلي الشيبة وكثيرون جداً لا أتذكرهم.. لأنهم كانوا يأخذوننا حراسة خاصة ثم يبدلوننا بآخرين وكان عملنا محدداً ولا علاقة لنا بأمور الآخرين.

> كيف كانت علاقة الرئيس الحمدي بأحمد الغشمي؟!

كانت علاقة الحمدي جيدة مع كل الناس وكان يحب شعبه ولا يفرق بين كبير وصغير أما عبد الله الحمدي وأحمد الغشمي لم يكونوا منسجمين مع بعضهما.

> هل كانت هناك محاولات لاغتيال الرئيس الحمدي؟!

لا.. ولكن البعض قاموا بإبلاغه أن الغشمي يسعى إلى اغتياله.

> ماذا عن الخلافات والصراعات أو المواقف الحادة  بين الحمدي وبين شخصيات كبيرة سياسية أو اجتماعية؟!

حدثت اختلافات بينه وبين المشائخ والجميع يعرفها.

> هل شاركت في معركة الصمع؟! وماذا تعرف عنها؟!

نعم.. شاركت ضمن قوات المظلات بالاشتراك مع قوات العمالقة بقيادة كل من:  عبد الله عبد العالم وعبد الله الحمدي.. وأعرف عن هذه المعركة أنه عندما أشتدت الصراعات بين الدولة والقبائل التي تزعمها الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر قام هو وقبائله بالتمركز على جبل الصمع بهدف ضرب أي طائرة تقلع من المطار وكان في نيته مهاجمة العاصمة في أي وقت وقد قامت القبائل بزعامة الشيخ الأحمر بقتل أحد القادة العسكريين في الجيش في منطقة أرحب قبل هذه المعركة.

> ماذا تذكر عن أحداث المعركة؟!

أتذكر أننا تبادلنا إطلاق النار في بداية الأمر ثم اقتحمنا الجبل وتم استسلامهم واستمرت المعركة لساعات قليلة.. وقد هطلت الأمطار علينا مساء ذلك اليوم.

> هل بقيتم في الجبل؟!

نعم بقينا في الجبل وتم التأسيس لمعسكر الصمع من قوات المظلات، وبقيت فيه الوحدة الأولى مظلات  بهدف صد أي هجوم مفاجئ للقبائل وبهدف حماية المطار.

زر الذهاب إلى الأعلى