أرشيف

تفاصيل إعدام وزير الحربية الذي منح «الرئيس» صالح  رتبة رقيب

هذه المواد ننقلها عن صحيفة «المستقلة» كتبادل إعلامي بينها وبين الموقع وبعيدا عن اتفاقنا أو اختلافنا مع ما تحويه فإن هدفنا في الأساس هو إفساح المجال لشهادات عن تاريخ الثورة اليمنية لتظهر ولمنح فسحة لنقاشها..«يمنات»

………………….

 ما زال اسم هادي عيسى حاضراً إلى اليوم. في روايات روج لها أثناء محاكمته التي استمرت أيام ومن ثم تم إعدامه. من تلك الروايات (قد اسمه جاء) أنه كان يملك بئراً وسيافاً يدعى العميسي فكان يقتل الثوار ويقذف بهم إلى البئر وأنه تم استدعاء أحد عن طريق الغلط ولم يكن الشخص المستهدف كان أيضاً يكون مصيره القتل بأمر من هادي عيسى حيث يقول لسيافه قد اسمه جاء ولكن لم يكشف حتى الآن عن اسم ضحية واحدة من ضحايا هادي عيسى، فقط روايات وقصص تشبه الأساطير، بينما عرفناه من خلال الوثائق التي بين أيدينا أنه خريج الكلية الحربية وكان شغوفاً بالعلم ويجيد عدة لغات وكان له دور في إكمال تأسيس مصنع الغزل والنسيج في صنعاء وتأسيس مصنع الإسمنت في باجل من أجل دعم الممتلكات العامة الخاصة بالشعب من أجل بناء دولة قوية وكان هادي عيسى قائد العرض العسكري في أول عيد من أعياد الثورة وهذا موثق بالصورة في المتحف العسكري بصنعاء، وكان من ضمن الضباط الذين قاموا بمحاصرة دار البشائر في ليلة الثورة وكان قائد المقاتلين في خولان وذي ناعم وهو من منح الجندي علي عبد الله صالح رتبة رقيب الذي أصبح اليوم رئيساً للجمهورية .

في 8/10/1966م تم استدعاء العميد هادي عيسى وزير الحربية للجمهورية العربية اليمنية إلى ما كان يسمى مبنى القيادة العربية – وهو حالياً مبنى القيادة العامة للجيش – وعند وصول الوزير برفقة مرافقيه وهم علي محمد الجدري ومحمد زمام الجدري ومهدي أحمد المعدي والسائق محمد بن محمد المقولي طلبت منه الحراسة المصرية الدخول بمفرده وترك مرافقيه وسيارته عند بوابة القيادة.. وعند وصوله إلى سلالم القيادة أطبق اثنين من الجنود مصريين على سواعد يديه ولكنه تمكن من التخلص منهم واشتبك معهم وحصل شجار، ورغم تكالب ضباط مصريين وجنود لم يتمكنوا من السيطرة عليه فقاموا بشبك سلك طويل بتيار كهربائي وأخذوا يصعقونه به حتى سقط مغشياً عليه من جراء التيار الكهربائي ثم ألقوا القبض عليه وتم اقتياده إلى زنازن سجون الاستخبارات. مرافقوه لم يسلموا من طوفان الاعتقالات فقد تم اقتيادهم قبله إلى زنازن السجون.. هكذا قالت الروايات في تلك الأيام وقالها سعد نجل هادي الآن.. بعد أسبوع واحد من القبض عليه خرجت ثلاث دبابات عسكرية ترافقها حملة من الجنود من أجل تدمير منزله الذي كان يقع في منطقة "ماجل الدمة". قالت الروايات المنقولة عن شهود عيان ومعاصرين تلك الأحداث أن قبل الإقدام على تدمير المنزل تم تهييج القبائل للحضور إلى موقع المنزل من أجل النهب والفيد، أخرجت أسرته وأطفاله الصغار الذين لم تبلغ أعمارهم 5 سنوات من المنزل بالملابس التي على أجسادهم إلى مصير مجهول هو التشرد والضياع ثم أخذت قذائف الدبابات تندفع نحو جدران المنزل لتدمره ثم اندفع المواطنون لنهب المنزل وتفيده..: خرجت أسرته المسكينة وهي مفجوعة ومثقلة بالأحزان، الجميع يخشى تقديم المساعدة لهم أو إيواءهم.. وفي تاريخ 17/10/66 تم إعدام هادي عيسى بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم وإجهاض الثورة.

المقدم سعد: قرار الرئيس لم ينفذ منذ 26 سنة

  قال المقدم سعد هادي عيسى لصحيفة "المستقلة": "أنه يذكر تماماً ذلك اليوم المشئوم الذي جاءت فيه الدبابات لتدمير منزلهم رغم أنه كان حينها في الخامسة من العمر لكن الحدث كان جليلاً فترسخ في أعماق نفسه، ما زال يتذكر والدته وهي تذرف الدموع وتحتضنهم من شدة الخوف عليهم.. استأذنت قائد الحملة أن يسمح لها بأخذ بعض الأطمار البالية حتى تقي الأسرة حاجة اللبس، كانت ترتعش من جراء جبروت وقسوة قلوب فضلوا مصالحهم الشخصية على الثورة ولم تتمكن حتى من إخراج تلك الأطمار البالية لأن المواطنين المدفوعين للفيد يحيطون بالمنزل ورجال الدبابات المصرية متعجلون للتدمير وتنفيذ المهمة، خرجنا من منزلنا معدمين فقراء نتقبل الصدقات".

وأضاف سعد عيسى أن فخامة الرئيس منح 13 شهيداً منهم والدي مرتب وزير يصرف لأسرهم في عام 82 ولم يطبق هذا القرار حتى اليوم، فالرئيس اعترف بدور هؤلاء الشهداء الذين أعدموا في إحدى خطاباته في قاعة فلسطين بأنهم ثوار ولكن لم يصاحب هذا الاعتراف قرار جمهوري برد الاعتبار لهم حسب المتعارف عليها عالمياً".. 

 وقال نجل عيسى أن ممتلكاتهم ما زالت منهوبة حتى اليوم، فلهم عدة أسهم في شركة التبغ والكبريت فقد كان والده أحد المساهمين فيها ووكيلهم البهلولي استحوذ على تلك الأسهم وهو قد توفى وما زال ابنه موجوداً والسبب يعود إلى أن كل أوراقنا نهبت وعبث بها حيث لنا مزرعة في المخاء والشخص الذي أستولى عليها رفض تسليمنا إياها مطالباً منا أن نثبت له أننا أبناء هادي عيسى وأننا لن نبيع لأحد ورغم مرور كل هذه السنوات ما زال يتمسك بها تحت مبرر واهٍ ولم نعرف لمن نلجأ من أجل إعادة حقوقنا المنهوبة".. وتذمر سعد عيسى من تلك الروايات التي تقال عن أبيه وقال "كان والدي ثائراً يقارع الظلم وليس من المعقول أن يكون ظالماً بتلك الصورة.. وأين هم ضحاياه؟ بل كان هو ضحية نضاله وتمسكه بكرامة الأمة اليمنية ونحن أسرته دفعنا الثمن بعد إعدامه ظلماً وعدواناً جراء التشرد الذي لقيناه وقول بعض الناس في توجيه الكلام لنا بأن والدنا كان ظالماً، إنما الحقيقة كان مظلوماً ولم ينج من الظلم أسرته وحتى مرافقيه، فقد تعرض سائقه لتعذيب حتى فقد فحولته فقد كان يتم نفخه بالكمبريشن من دبره وحوكم بالسجن خمس سنوات عاش عمره دون أن يتزوج وقد توفى في السنة الماضية رحمة الله عليه"..

وأثناء حديثنا تدخل المقدم رعين نجل نائب الرئيس الأسبق الرعيني وقال تلك البئر اللعينة التي يتحدثون عنها كانت تحت يد المصريين ومعاونيهم وما زال عفن الجثث يفوح منها رغم ردمها.. إنها لعنة التاريخ على ثوار احتالوا على الثورة تلك البئر تقع في داخل مركز الأمومة والطفولة في قاع العلفي كان يتم فيها إحراق الأدوية المنتهية من أجل إزالة رائحة عفن الجثث التي تم التخلص منها، وقبل ثمانية أشهر تم ردمها. تلك البئر اللعينة جزء من وثائقيات الثورة فقد ابتلعت الكثير ممن نسميهم مفقودين قسراً اليوم ومن قيادات الثورة والمخلصين.."..

 وأضاف سعد عيسى قائلاً "ما يجب فعله اليوم هو رد الاعتبار لهؤلاء الشهداء الذين زورت في حقهم الحقائق وتم إعدامهم بصورة بشعة وتم تشريد أسرهم ونهب أموالهم وحقوقهم وممتلكاتهم بدون وجه حق، فقد تم التنكيل بجثثهم ورميهم في حفرة عند باب اليمن فتسلل مجموعة من زملائهم ليلاً وأخذوا جثثهم وقبروهم في مقبرة "ماجل الدمة"، نعرف مكان قبورهم وقالوا لنا أن فك فم والدي هادي عيسى كان مكسوراً من جراء التعذيب، إنني أناشد فخامة الرئيس برد الاعتبار وتفعيل قراراته احتراماً للثورة فالثورة لا تعني الاحتفالات وإنما تعني الوفاء للثوار ورد حقوقنا المنهوبة وأموالنا..

زر الذهاب إلى الأعلى