أرشيف

صيف يمني ساخن.. جداً

تواجه اليمن.. اسخن صيف هذا العام.. إبتداء من إرتفاع درجة السخونة السياسية، ومروراً بالمناخ الذي وصلت فيه درجة الحرارة 44درجة.. إلى انقطاع الكهرباء لمرات يومياً ومن ساعتين.. حتى غدت الحياة أكثر قساوة وسخونة وتوتراً للأعصاب.

ففي الحياة السياسية ننام ونصحو على خطابات سياسية مكررة مملة.. ينقلها التلفزيون لساعات طوال، وتمتد نشرة اخبار التاسعة حتى الحادية عشر ليلاً لتبدأ بعدها النشرة الانجليزية..

خطابات في خطابات..

وكلمات في كلمات..

وتوجيهات لتوجيهات غير مجدية

وكلها تصب في خانة واحدة.. هي التسبيح والمدح والتعظيم والتقديس لشخص الحاكم، وللتجربة الديمقراطية التي ما أنزل بها من مثيل على كوكبنا.. فيما هناك حرارة تذيبُ العقول والأجساد..

حرارة الصيف.. قاتلة..

وحرارة الخطابات.. ساخنة..

وحرارة الكذب .. مزيفة للعقل..

وحرارات في حرارات تجرًنا إلى لغة خطاب يفقد فيها المنطق والعقل معناهما ووظيفتهما، ليغدو فيها الكذب وسيلة السلطة، التي تهاجم معارضيها بأقذع الأوصاف والعبارات، حتى يعاب المناضل بكبر سنه، وسنين تجربته الثرية.. وهو منطق العاجز عن تقديم جديد يسهم في حل قضايا الوطن التي تتراكم يوما عن  يوم وتكبر ككرة الثلج، فيما السلطة تكابر على ما تريدها هي فقط وليذهب الوطن إلى الجحيم.

إن الصيف الأكثر حرارة وقتلاً لأحاسيس المطالبين برفع الظلم عنهم سواء في المحافظات الجنوبية أو غيرهم في الوطن عموماً، ومعاناتهم من الفقر والمرض ، وتسلط النافذين على ثروات الوطن، يدعو إلى مزيد من القلق على مستقبل اليمن.

فحين ترفض السلطة الحوار مع القوى الأخرى على الساحة وفي مقدمتها أحزاب اللقاء المشترك وتستعرض قواتها المسلحة لمواجهة الحراك الجنوبي وتشكل لجان خارجه عن الدستور والقانون بمسميات الدفاع عن الوحدة، فأنها لا تساعد على حل القضايا وإنما تزيد من تعقيدها ، وكأنها تريد ضرب الحراك بنفس أبناء مناطقهم لتتفرج هي على ما سيجري من برج عالٍ، على طريقة (فرق تسد) التي تعتمد عليها السلطة في أكثر من مكان وزمان.

إن أخطر ما يجري هو التعبئة الرسمية ضد كل دعوة للاصلاح في الوطن، وإيقاف الصحف المستقلة يأتي في نفس إطار ما وصفه الصحافيون بأعدام الشهود قبل المحاكمة لجرائم الفساد والتسلط.

وإذا كان الدكتور عبد الكريم الإرياني مستشار الرئيس يحذر من مجاعة للشعب نتيجة الجفاف فأن ينسى أن السلطة تستورد بمئات الملايين اسحلة حديثة ، فيما هي بحاجة إلى توفير الغذاء والدواء والماء والكهرباء، بدلاً عن الاسلحة الحديثة التي يتساءل المواطن ببراءة هنا:

لمن كل هذا السلاح .. لمن؟!

وبنظره اشمل للواقع اليمني وتعنت سلطته أمام كل المخاطر، وعدم اكتراثها بما يعتمل في الواقع وبين أوساط المواطنين ، والمعارك التي تديرها سواء في صعدة أو ضد الحراك الجنوبي، فأنه مالم يتم الاعتراف بفشلها في قيادة البلاد وإشراك الآخرين في السلطة والثروة، وتقييم تجربة الوحدة خلال 19عاماً وما أفرزته حرب 1994م، فأن اليمن ستدخل في نفق مظلم لا يمكن التكهن بنتائجه ومخارجة، مهما كانت درجة الخطاب السياسي وحرارة التصفيقفي الاحتفالات الرسمية، فيما يضيق الخناق على كل محاور صادق للوطن.

 

زر الذهاب إلى الأعلى