أرشيف

فن اللعب بالمسرح اليمني!!

( 1)

 

حالة تخبط و تيه يعيشها المسرحيون في بلادنا والقائمين عليه، والوزارة المعنية بتطويره والعمل على الرقي بمستواه المخزي، كلنا لاحظنا هذا الشئ في حفل افتتاح مهرجان اليوم العالمي للمسرح، وكلنا شاهدنا وزير الثقافة وهو غير قادر على مواجهة وضع المسرح اليمني.. غير قادر أن يقول أننا كدولة للأسف ( بلا مسرح) داعياً بعد ذلك رجال المال والأعمال والخيرين من أبناء هذه البلدة الطيبة العمل مع الدولة للإسهام في إنعاش المسرح اليمني.

(2)

 

من غير المعقول على وزير الثقافة إطلاق هذه الدعوات لرجال الأعمال في ظل عدم وجود مسرح حقيقي في البلد يستطيع من خلالها تقديمه لرجال الأعمال كمشاريع فنية وتنموية مع التأكيد على جودة هذه الدعوات بما يمكن مستقبلا من خلالها التأسيس معهم جنبا إلى جنب من اجل انتشال المسرح اليمني من حالته المزرية إلى حال أفضل، وبالتالي خلق مسرح يمني حقيقي يرتقي إلى مصافي الكبار.

 

(3)

 

من خلال عدة تصريحات وممارسات تؤكد الدولة حقيقة أنها لا تريد مسرحا و علينا أن نعترف بهذا جميعاً..

هل الدولة فقيرة إلى حد أنها لا تستطيع بناء عدد من صالات العرض، وتفعيل دور المسرح بشكل أسبوعي؟!

  لا يبدو الأمرهكذا مطلقا، لأنه في حين أن ميزانية الفن التشكيلي من وزارة الثقافة وصلت إلى 40مليون تقريباً، كانت ميزانية الأعمال ليوم المسرح العالمي 5 مليون، وهنا نكتشف مدى استخفاف الدولة بالمسرح.

 

(4)

 

 انطلاقاً من المقولة " أعطني خبزاً ومسرحا أعطيك شعباً مثقفاً" الرئيس أطلق نداءه المشهور هذه الأيام :" أين دور المسرح"!  وكأنه في كوكب والمسرحيين في كوكب آخر تماماً.. الرئيس يعرف جيداً أن المسرح لا يكون إلا إذا أرادت الدولة ذلك، وطالما والدولة متحمسة هكذا للمسرح فعليه هو أن يجيب عن السؤال الذي أطلقه، أين دور المسرح، وما الذي قامت به الدولة لبناء مسرح يمني حقيقي، أم أن كل ما نستطيعه هو تلقي  " الشعارات" 

 

(5)

 

شاهدنا يوم الافتتاح مسرحية مضحكة للغاية، أوضحت لنا كم نحن ساذجين..وكم نبدو أغبياء، كانت هناك لوحة تم تعليقها كوسام للمسرحيين في صالة المركز الثقافي..

في البداية يأتي فخامة رئيس الجمهورية ليقول:" أين دور المسرح؟!" سؤال يحمل في جعبته الحرقة والألم، والتحسر على المسرح، ومن الوهلة الأولى نشعر جميعاً أن الدولة صراحة تريد مسرحا، وإلا لما كان الرئيس قال ذلك.. الدولة تريد، وتشجع المسرحيين، وتعمل من اجلهم( إذا من الذي لا يريد، ومن وراء تغييب دور المسرح بهذا الشكل( شكله الشيطان عليه اللعنة)!

بعد ذلك مباشرة في الإعلان تأتي عبارة جميلة ورائعة صراحة لوزير الثقافة، وهو بالمناسبة شخص طيب للغاية، وأنا احترمه كثيراً، يقول:" نحو مسرح يمني مستمر" هذا طبعاً هي إجابة للتساؤل السابق..الرئيس يسأل والوزير يرد، السؤال الأول طبعاً يدل على انه لا مسرح أصلا، ليجيب الوزير:" نحو مسرح مستمر" وهذه مفارقة كبيرة، الرئيس يمثل الدولة، والدولة تسأل عن المسرح ودوره في مناقشة الثقافات المجتمعية..والوزير يجيب بعبارة في وادٍ آخر ويتحدث عن الاستمرارية، لتأتي بعد ذلك عبارة هي في وادٍ بعيد عن" الواديين الماضيين" تماماً.

كانت العبارة للإدارة العامة للمسرح تقول:" المسرح اليمني خيمة للتضامن ووطن للإبداع" كلام كبير أكاد اجزم أن الذي كتبه لا يعي ما كتب، وماذا يعني هذا الكلام، لا يعي أننا للأسف بعد قرن منذ ظهوره في بلادنا توصلنا إلى حقيقة مفادها أننا كدولة بلا مسرح، ويبدو انه لن يكون لدينا مسرح بتاتاً طالما والعقليات التي تديره بهذا الشكل..عقليات لا يهمها مطلقاً أن يكون هناك مسرح أو عدى ذلك، القصة وما فيها " طلبة الله والسلاااااااااام".

 

(6)

 

 قرنٌ من الزمن ونحن لا نزال  نحبو في طريق " مسرح يمني حقيقي" ما زلنا غير قادرين على التعامل معه كجزئية مهمة ومؤثره في الحياة بكل مفرداتها.

أكاد اجزم إننا في نهاية المطاف، وبعد كل هذا"اللت والعجن" وطالما والقائمون عليه بهذا البرود، والمماطلة، والتهرب من الواقع لن نصل إلى طريق.. وبالتالي المسرحي اليمني العادي ليس لديه وقت لإخراج مواهبه غير هذه الأيام (الأيام المباركة)!

 أيام محدودة سيتبارى فيها الفنانين والمخرجين والمعديين، وكل من له صلة بالمسرح حد قول المخرجة إنصاف علوي..

 

 

(7)

 

 قرنٌ من الزمن وما زلنا نفتقر إلى الفنان المسرحي المتمكن القادر على انتزاع إعجاب الحاضرين بقوة..ما زلنا لا نمتلك الكاتب المسرحي القادر على التعامل مع محيطة بكل ثقة واقتدار..ما نشاهده من " السنة للسنة" وبالتحديد في اليوم العالمي للمسرح27مارس لا يعد مسرح.. ما يعرض من" اسكتشات" في ذلك اليوم  طلاب المدارس يستطيعون أن يخططون وينفذون أفضل منها بكثير، وبإمكانيات غير متخيلة تماماً، هناك أعمال من التي تقدم جيده، لكن الغالب سئ للغاية!

(8)

 

ما يقدم لا يعد مسرحاً ..ما يقدم لا يغير ثقافة..أين المسرح الذي تتحدثون عنه وانتم تزعمون أنكم الرواد فيه؟! وفي ظل كل هذه المعاناة تأتي الإدارة العامة للمسرح لتقول أن المسرح اليمني خيمة للتضامن ووطن للإبداع..( حسبي الله عليكم)!

 

(9)

 

 

ننساه طوال العام لنتذكره في يومه العالمي.. نضع الزهور على ضريحه للتذكار فقط !

نصدر  القرارات بتفعيله طوال العام، لنؤكد على انه سيكون ثمة عروض مسرحية أسبوعية، ونشدد وقتها على أهمية بناء دور للعرض، وعلى انه من الضروري انتشال المسرحي من وضعة ومن حالة السلخ التي يتعرض لها.

يجتمع وزير الثقافة بالفنانين واعداً إياهم بـ" يمن جديد مستقبل أفضل" لتعلو  وجوههم حينها ابتسامة غريق تعلق بقشايه!

لنعود بعد ذلك للنواح من جديد ناسين كل تلك القرارات محتفظين بها للأعوام القادمة، لنكررها على مسامع الجميع وللأسف الشديد يسمعها المسرحي اليمني بكل سذاجة قائلاً:" خير أن شاء الله" !

أنسى أنا بدوري المسرح والمسرحيين طوال العام لأتذكرهم في 27مارس من العام القادم بمشيئة الله.

 

 

تصبحون على خير ..

 

 [email protected] 

زر الذهاب إلى الأعلى