أرشيف

دلالة إنتقاد المختصون لسياسة الحكومة حول تدهور العملة الوطنية

فقدت العملة الوطنية (11-12) ريالاً من قوتها الشرائية نتيجة إرتفاع الدولار مقابل الريال إلى 225 ريالاً و 226 ريالاً في تعاملات سوق الصرف مارس الماضي.

وعن أسباب هذا التراجع رد وزير المالية على سؤال النائبين البرلمانيين نبيل صادق باشا وعبد الرزاق الهجري أثناء استدعائه من قبل المجلس بأن السلطة النقدية منفصلة عن السلطة المالية وبأن إجمالي الواردات من السلع والخدمات بلغ 2009م، تسعة مليارات و 300 مليون دولار وهذا ما يدعوا إلى الاحتياج من النقد الأجنبي، مشيراً إلى أن العجز في الموازنة وصل 491 مليار ريال أجبر الحكومة على تغطيته من موارد شحيحة، فيما قال محافظ البنك المركزي أحمد السماوي لأعضاء المجلس أن من أسباب تدهور سعر الصرف انخفاض عائدات السياحة وتحويلات المغتربين اليمنيين وكذلك انخفاض أسعار النفط، مؤكداَ بأن الاحتياطي النقدي تراجع خلال الربع الأول من العام الجاري إلى سبعة مليارات ريال مقارنة بثمانية مليارات ريال في العام الماضي من جانبه أكد الدكتور/ ياسين الحمادي أستاذ العلوم المالية والمصرفية بجامعة صنعاء السبب الرئيسي في هبوط قيمة العملة الوطنية انخفاض العائدات من العملات الأجنبية التي تأثرت بهبوط اسعار النفط في الأسواق  العالمية مع عدم وجود سلع تصديرية اخرى تعوض النقص من العملات الأجنبية وكذا انخفاض حجم الحوالات المالية من جانب اليمنيين المغتربين وتدني المساعدات المالية من الدول المانحة خاصة بعد الأزمة المالية العالمية التي انطلقت نهاية 2007م من الولايات المتحدة الأمريكية جراء أزمة الرهن العقاري، إلى ذلك يرى محللين اقتصاديين أن أرتباط العملة الوطنية بالدولار يجعلها في أي وقت عرضة للضغوطات الاقتصادية ولموجات الصعود والهبوط ويتطلب الأمر من وجهة نظرهم إنتهاج سياسة مالية ونقدية تستوعب المتغيرات والمستجدات على الساحة المالية العالمية خصوصاً في عالم تكنولوجيا المؤسسات المالية والمصرفية.

تبريرات

يقول عدد من المصرفيين ان ارتباط عملتنا بالدولار سيضاعف الأعباء على الموازنة نظراً لزيادة ومضاعفة فاتورة الاستيراد وعدم الاستفادة من صادراتنا وتقلص القوة الشرائية لاحتياجنا النقدي من العملة الصعبة داعيين إلى اعتماد نظام سعر صرف حر خاضع لعوامل العرض والطلب في السوق، وفي هذا الاتجاه يبدو أن الأسباب التي أورداها المحافظ ووزير المالية عن تدهور سعر صرف العملة الوطنية لم يقتنع بها برلمانيين حيث قال النائب علي العنسي أن المبررات غير واقعية وبأن الطلب على الدولار كان في (2007-2008-2009) أكبر من الطلب عليه هذا العام.

ضخ السيولة

التدخل في سوق النقد بضخ المزيد من السيولة وسيلة لم تعد كافية لضمان استقرار سعر الصرف أكثر من كونها مسكنات للنظام المالي ليس إلا، فمركز الدراسات والإعلام الأقتصادي توقع منتصف أكتوبر الماضي تراجع سعر صرف الريال لقيام البنك المركزي بضخ كميات كبيرة من النقود المخزنة لديه وطباعة فئات جديدة من العملة اليمنية مشيراً في بيان صادر عنه أن هذا الأداء سيترتب عليه إرتفاع التضخم وارتفاع اسعار السلع والمنتجات في السوق وبحسب البيان فالإقتصاد اليمني يعاني من اختلالات لتراجع الصادرات مقابل الواردات وهو ما يضع العملة أمام تحد صعب لا سيما مع تراجع احتياطي اليمن من النقد الأجنبي متوقعاً عدم قدرة البنك على ضبط سعر الصرف، وانتقد المركز غياب جهود البنك المركزي اليمني في نشر الوعي بأهمية الحفاظ على العملة الورقية التي يهدر منها ستة مليارات ريال سنوياً، فيما رفع نسبة الفائدة على الودائع في البنوك التجارية ليس بمقدورها السيطرة على معيار التضخم بإستثناء التدخل في سوق النقد وذلك باقتصارها على العملة الوطنية وتخفيضها على الدولار.

أذون الخزانة

تعد أذون الخزانة أداة من أدوات الاستثمار الآمن إن تم الالتزام بمعايير تزيد من قيمة العملة المحلية واللجوء إليها حال شهد سوق الصرف المحلي تدهوراً أمام العملات  الأخرى يأتي في أطار استعادة العملة عافيتها وبحسب قول السماوي عن نية الحكومة استبدال أذون الخزانة بإصدار صكوك اسلامية على أساس عملية المرابحة المعمول بها في النظام المصرفي الاسلامي صادرة عن البنك المركزي اليمني ثمة أرقام تدل على عدم نجاح هذه الأداة محلياً لأنها فاقمت تدهور أسعار الصرف من 100.08 ريال للدولار عام 96م إلى 122.66 ريال للدولار بعد أشهر من نفس العام مروراً 175.62 ريال للدولار عام 2002م، و 191.42 عام 2005م وصولاً إلى 206 نهاية العام الماضي.

الحلول

إيضاح أسباب الظاهرة تمكن المختصين إيجاد وسائل علاجية تحد من تفاقمها مجدداً وبسبب تدهور سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار قرر مجلس النواب عقب استدعائه للوزير والمحافظ تشكيل لجنة مكونة من ثمانية أعضاء للجلوس مع الحكومة وإيضاح أسباب التدهور، وعلى صعيد الحلول يرى الدكتور ياسين الحمادي أن الحلول القصيرة والمتوسطة الأجل تتمثل في الرقابة الصارمة على الريال اليمني وتخفيضها على الدولار لدى البنوك التجارية والحد من استيراد السلع الكمالية وغير الضرورية والرقابة على التجار المتلاعبين  بالأسعار فيما المعالجات طويلة الأجل حسب قوله تتطلب بديلين استراتيجيين لسلعة النفط التي تعتمد عليها الخزينة العامة للدولة أولهما الثروة السمكية والتي حال أهتم بها الحكومة ستدر الكثير من العملات الصعبة وثانيهما السياحة التي تشكل مورداً فاعلاً إن توفر الأمن الحقيقي للسياح فيما طالب مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي البنك المركزي بإعادة النظر في إدارته للسياسة النقدية بما يحد من تآكل الاحتياطي النقدي لليمن عبر تنشيط حركة الصادرات للمنتجات والسلع اليمنية وكذا إعادة النظر في نفقات الموازنة وجذب المزيد من الاستثمارات من رؤوس الأموال المهاجرة وفي مقدمتها مغتربو اليمن الذين يستثمرون أكثر من 33 بليون

دولار في الخارج و 5 بليون دولار بالداخل فضلاً عن تشجيع الاستثمار في قطاعات غير نفطية كالسياحة والأسماك ووجود حملات توعوية مستمرة باعتبار العملة المحلية جزء من الهوية الوطنية، كما يشير محلل مالي إلى أن تعويم العملة الوطنية يؤدي إلى تحرير نظام سعر الصرف بإنشاء سلة عملات متوازنة تعوضهم الفاقد من قيمة الدولار الحقيقية وترفد الاقتصاد الوطني بالعديد من المدخرات.

كتب/ مبارك الحمادي

زر الذهاب إلى الأعلى