أرشيف

تقرير: امريكا توسع عملياتها المخابراتية ضد القاعدة في الشرق الاوسط والقرن الافريقي

ذكرت تقارير صحافية امريكية الاسبوع الماضي ان الولايات المتحدة وسعت عملياتها الاستخباراتية وعمل وحدات المهام الخاصة في عدد من دول الشرق الاوسط والقرن الافريقي اضافة لمهام ملاحقة القاعدة وقادتها في باكستان والمناطق الحدودية مع افغانستان.

ويمثل اليمن بالنسبة للولايات المتحدة اولوية قصوى من ناحية نشاط القاعدة فيه وتعقيدات الواقع السياسي والتحالفات القبلية ولكن اليمن كان منطلقا لعدد من العمليات اهمها عملية عيد الميلاد الفاشلة في مطار ديترويت العام الماضي اضافة لمحاولة اغتيال السفير البريطاني في صنعاء بداية هذا العام. ومنذ ذلك الوقت زادت القوات الامريكية الخاصة من عملياتها وملاحقة خلايا القاعدة العاملة ضمن قاعدة الجزيرة العربية وهي تحالف بين جهاديي اليمن والسعودية، كما ان التنظيم وجد دفعة واهتماما اعلاميا ببروز الشيخ انور العولقي كمنظر وصوت اعلامي قادر على مخاطبة الامريكيين والغربيين بلغتهم الاصلية كونه من مواليد نيومكسيكو وعمل اماما في امريكا قبل ان يعود الى اليمن.

ومع صحوة القاعدة الجديدة في العراق بخروج الامريكيين واستمرار نشاطاتها في الباكستان فاليمن والصومال ودول شمال افريقيا تظل من اهم بؤر نشاط القاعدة وكانت عملية الشباب الاسلامي الصومالية في كمبالا العاصمة الاوغندية تذكيرا لاوغندا وامريكا بوجود يد القاعدة الطويلة حتى في الصومال الذي ظلت فيه القاعدة شأنا داخليا. ولكن اليمن يظل من اهم مراكز الاهتمام الامريكي نظرا للدعم الذي تقدمه الادارة وعمليات القوات الخاصة التي تستهدف الصواريخ الموجهة والطائرات بدون طيار لملاحقة القاعدة وقادتها في المناطق اليمنية الوعرة.

ولاحظ تقرير لصحيفة 'الغارديان' من ابيان في جنوب اليمن، وتحديدا من بلدة جعار فيه وجودا طبيعيا للجهاديين الذين يظهرون في العلن ببنادق الكلاشينكوف والزي الافغاني ولا يثير وجودهم اية معارضة من المواطنين في هذه البلدة الفقيرة وشوارعها المغبرة.

ويزعم التقرير ان الجهاديين يدخلون مدارس الدولة ومراكز تعليم القرآن ويملأون الصفوف الفارغة في القوات الامنية. ويشير التقرير الى ان المجندين لتنظيم القاعدة الجدد يمكنهم تلقي دروسهم الايديولوجية من قادة القاعدة بمن فيهم العولقي، الذي يعتبره نواب امريكيون بانه 'الارهابي رقم واحد' ويعتقد انه قدم ارشادات لعمر فاروق عبدالمطلب الذي يعرف بمفجر 'السروال' ونضال حسن الذي نفذ هجوما على جنود في قاعدة فورت هود تكساس.

ويشير كاتب التقرير ان اليمن بطبيعته الجغرافية الوعرة، ودرجة الفقر ومستويات الامية ونظامه القبلي الذي يشبه افغانستان يمثل منطقة مكافحة جديدة للقاعدة لدرجة جعلت خبراء يطلقون عليه اسم 'افغانستان الجديدة'.

وجاء تقرير الغارديان نتاج تحقيق استمر لمدة شهرين في محافظتي ابين وشبوة، واللتين كانتا مسرحا لعدد من الغارات التي قتلت مدنيين ومقاتلين تابعين للتنظيم.

وترى الصحيفة ان نشاط القاعدة في مناطق الجنوب هو نتاج مجموعة من العوامل المتشابكة من التحالفات مع الحكومة والقبائل والرشاوى والوعود الفارغة والمحاولات الفاشلة لقمع نشاط القاعدة وهي عوامل لعبت بطريقة او باخرى لانتشار جهاديي القاعدة واتساع دائرة تأثيرهم مما جعل اليمن مركزا لنشاطاتها. وبنى التحقيق رؤيته هذه على شهادات الجهاديين اليمنيين ورجال الامن ومشايخ قبائل قابلتهم الصحيفة اثناء اعدادها التقرير.

وينقل كاتب التقرير عن محلل يمني قوله ان هناك عاملين اديا الى تزايد تأثير القاعدة وهما الوضع السياسي والاقتصادي السيئ اضافة للظروف التي يعيشها العرب والمسلمون في انحاء العالم من قمع واضطهاد واقرب مثل على هذا ما يحدث في العراق وفلسطين، فرد القاعدة على الظروف السياسية والاقتصادية يعتبر واحدا من اشكال المعارضة التي يواجهها النظام اليمني. فاضافة الى معارضة القاعدة هناك مشاكل الجنوب التي تخرج مناطقه عن سيطرة الحكومة ويتقاسم اداراتها عدد من اللاعبين وهم بالاضافة للجهاديين، رجال القبائل والحراك الجنوبي الغاضب على صنعاء وفي بعض الاحيان امراء حرب. وفي بلدة جعار التي تقول الحكومة في صنعاء انها استعادتها من ايدي الجهاديين في عملية قادها وزير الدفاع لكن سيطرة الجهاديين لا تزال بارزة فيها، وينقل عن نائب محافظ ابين قوله ان احدا من المسؤولين لا يمكنه القدوم الى المنطقة، وعن السبب الذي يمكن نائب المحافظ من الوصول لجعار انه يقوم بالتفاوض مع الجهاديين نيابة عن الحكومة.

ويرى التقرير ان عملية التجذير داخل البلدة تمت بطرق بطيئة فمن نظام اشتراكي يحكم شوارعها في سبعينات القرن الماضي الى جهاديين يتزيون بزي الافغان في الوقت الحالي. وما صعد من قوة الجهاديين هي دفعاتهم التي عادت وقاتلت الى جانب الافغان في الثمانينات ضد السوفييت وفي التسعينيات مع اسامة بن لادن ومن شارك في العراق وهناك من لم يخرج من اليمن منهم اصلا وقاتل الى جانب الحكومة في حربها ضد القوى الانفصالية الجنوبية عام 1994 حيث اعتمدت على الاسلاميين لدحرهم وبعد هزيمة الاشتراكيين فتحت الحكومة المجال للاسلاميين لممارسة نشاطهم.

ومن هنا وبدعم من اموال الحكومة والاموال التي تبرع بها محسنون من السعودية لبناء المدارس القرآنية تحولت البلدة لمركز مهم من مراكز الجهاديين. وينقل عن فيصل وهو اشتراكي سابق كيف ضربه الاسلاميون عندما انهزم الاشتراكيون عام 1994.

ومنذ ذلك الوقت تغير كل شيء في جعار فقد حصل الاسلاميون على الوظائف في المكاتب وقوى الامن حسب المسؤول السابق هذا، وزعم فيصل ان الاسلاميين منعوا الفن وفرضوا النقاب على النساء وحولوا دور السينما الى مساجد وقتلوا الشواذ. ونقل عن احد قادة الاسلاميين ممن تحالفوا مع الرئيس علي عبدالله صالح لمواجهة الاشتراكيين عام 1994 بوعد لتطبيق الشريعة وكيف قاموا بتنظيم وحدات قتالية تعمل تحت امرة الجيش ويعلق الاسلامي ان وعود الرئيس كانت فارغة 'لقد كذب علينا، ربما كان ساذجين' عندما صدقناه. لكن عملية الاسلمة لم تتوقف فقد تم بناء مساجد وافتتاح مدارس. وفي عام 1998 قام خالد عبدالنبي وهذا اسمه بانشاء جيش عدن ـ ابين الاسلامي، وهو الجيش الذي اتهمته الحكومة بالقيام بعمليات اختطاف اجانب وقتل مسؤولي امن وتم قتل قادته واعتقال اخرين منهم عبدالنبي الذي سجن ويقول انه قابل الرئيس صالح ووعده بقتال الحوثيين في الشمال والحراك الجنوبي في الجنوب، وبعد خروجه من السجن عاد الى الجنوب وبنى جماعته الموالية للقاعدة الان. لكن عبدالنبي قلق من الجيل الجهادي الجديد وهي القابلية لديه للانشقاق عندما يرى في قيادته نزوعا للاعتدال.

وقابل الصحافي ممثلا عنهم وهو جمال الذي يعتبر نفسه مجاهدا منذ ستة اعوام ويقول ان مآسي المسلمين في العراق والشيشان وفلسطين جعلت من بلدته جعار مركزا لتدريب السعوديين المتطوعين للعراق، كل هذا مع ان جمال لم يسافر الى الخارج ابدا. ويزعم جمال ان حكومة الرئيس صالح تعرف عن مراكز التدريب في الجنوب ولكنها ليست قلقة من وجودها طالما لم يقاتل افرادها في اليمن، وزعم اكثر ان علي عبدالله صالح 'طلب منا الذهاب للعراق وعدم العودة لاثارة المشاكل'. وفيما اذا كان جمال يعتبر نفسه من القاعدة ام لا اجاب ان كل الجهاديين متصلون ببعضهم البعض وان ما قدمته له القاعدة خاصة بعد وصول ناصر الوحيشي وقاسم الريمي لليمن هو التنظيم وان سبب عدم قدرة تنظيمه على ادارة جعار هو فوضى الادارة مما ادى بهم للخروج والتمترس في الجبال.

ويبرر نائب محافظ ابين الوضع قائلا ان الدولة تحاول احتواء الجهاديين والقاعدة بنفس الطريقة التي تحاول فيها احتواء رجال القبائل، مشيرا الى ان الحملات العسكرية تكلف الملايين وخسارة في المعدات والارواح ولهذا فمن الافضل دفع مليون دولار لشراء سكوتهم وعدم نشاطهم بدلا من خسارة الملايين. وينقل في نهاية تقريره عن فيصل قائلا لا تصدق الحكومة فهي تدعمهم بالمال وتتفاوض معهم وتستخدمهم لمحاربة اعدائها وبعد ذلك تقول لامريكا اعطنا مالا لقتال القاعدة.

القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى