أرشيف

سيناريوهات مريبة! عبدالكريم الخياطي

بروتكولات صفقات التسلح.. هل هي الدافع لدخول السعوديين فـي حرب الحوثي وعودة بريطانيا لملف القاعدة؟
نقل مروان الغفوري عن المفكر الأمريكي ناعوم تشومسكي أنه ذكر في كتابه «الدول الفاشلة» عن أميركا التي يعرف رجال استخباراتها الكثير من أسرار «قصة القاعدة». ومع ذلك فإن سلوكهم المستهتر تجاه القاعدة أصبح يثير الريبة والشك في فكرة وجود القاعدة كحقيقة نهائية. وهكذا ففي مكتب خاص في السي آي إيه يوجد 19 موظفاً، اثنان منهم فقط يتتبعون نشاط ما يعرف بتنظيم القاعدة فيما يتفرّغ 17 موظفاً لمراقبة كوبا!

تتابعت الأحداث خلال الأسابيع الماضية بشكل متسارع وغير منطقي، وبطريقة تذكرنا بما حدث من ترتيبات غير عادية قبل أحداث 11سبتمبر وما بعدها للتمهيد لغزو أفغانستان وانتقال القوات الدولية إليها.
وهنا لا يمكن أبدا تناسي الحملة الإعلامية الكبيرة قبل تلك الفترة عن خطر وجود أسامة بن لادن والمجاهدين العرب في أفغانستان. فقبل تولي بوش الابن الرئاسة كان كلينتون قد بدأ المشروع بضربات جوية ضد القاعدة وطالبان وضد مصنع الشفاء بالسودان وقيل وقتها أنها استباقية، كما اعتبرت انتقاما لتفجيرات نيروبي ضد السفارة الأمريكية بكينيا والتي اتضح بسنين بعدها أن جزء كبير من المتهمين بالتنفيذ لهم صلات بشخصيات سعودية. ولا نزال نتذكر اغتيال أحد أنساب بن لادن وهو من تجار الألماس بطريقة غامضة في كينيا. بعد غزو أفغانستان والطريقة الدراماتيكية لانتقال أسامة بن لادن من السودان إلى أفغانستان وبعدها تم تنفيذ ما سمي بغزوة مانهاتن في 11 سبتمبر.
لو رجعنا للوراء قليلا لتنبهنا كيف أن أفغانستان قد تناساها الممسكون بخيوط اللعبة السياسية في هذا البلد الفقير لمدة أحد عشر عاما وأعني هنا المخابرات السعودية والتابع الدائم لسياسة الحكومة السعودية وأقصد الحكومة الباكستانية، وهؤلاء يعرف الجميع أنهم من كان يحرك كل خيوط اللعبة السياسية في أفغانستان وبالوكالة عن أمريكا.
والمتابع لما يحدث في اليمن اليوم سيدرك مدى التشابه الكبير بين ما حدث من ضجيج إعلامي حول الإرهاب قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر وبين موجة الإرهاب الدولي التي اجتاحت العالم اليوم وكل الأصابع تشير لليمن.
لقد سمح الأمريكان وحلفاؤهم السعوديين بعد انتهاء الحرب الأهلية في أفغانستان، بتولي طالبان القليلة الخبرة والغائبة عن الواقع مقاليد ذلك البلد. وظلوا يراقبون من بعيد عملية انهيار الدولة وتدمير البنية الاجتماعية هناك وأحدثوا شروخا اجتماعية وقبلية بين البشتون والأزبك. وهذه الظروف هي التي يحتاجها بالضبط الإرهاب المزعوم وقائده بن لادن.
يحاول البعض اليوم للتلميح إلى أن انتقال التنظيم من العراق إلى اليمن، كان وفق سيناريو لتهيئة اليمن ليصبح جاهزا لتقبل القاعدة رغم الصعوبة في ذلك لوجود جزء من استقرار سياسي واجتماعي فكان لابد من تهويل وتضخيم خطر الإرهاب القادم من اليمن البلد غير المستقر.
ولعلم هذه الأطراف بظروف اليمن ربما أكثر من قيادته كونها تحرك المشائخ وكبار الساسة ورجال الدين عن طريق لجان خاصة منذ أكثر من أربعين عاما.

التشابه بين ما حدث لأفغانستان
وما يحدث فـي اليمن..
لاحظوا معي أن الطيران الأمريكي بدأ تنفيذ ضربات جوية في اليمن بداية بأبو علي الحارثي وهي العملية التي أطلقت يد القاعدة في مأرب كما حدث في عهد كلينتون لأفغانستان ما تسبب بعملية 11سبتمبر ولكن الغريب أن هذه الضربات لا تصيب العولقي القادم من أمريكا كما لم تصب بن لادن يومها.
لعب الأمريكان عن طريق المخابرتين السعودية والباكستانية بعنصر القبيلة في أفغانستان بين البشتون والأزبك والطاجيك وتحالف الشمال، فضلا عن الدور المشبوه في الدعم المالي للسلفيين طلاب العلم «طالبان» بنفس السيناريو ونفس المخرجين والمنتجين وإن اختلف الممثلون حسب ظروف البلد تدور نفس اللعبة والمسرحية في اليمن، فمن دعم للحرب مع الحوثي ولا يستبعد تواطؤ إيراني مع المسألة، إلى تحريك لبعض القيادات الجنوبية، ثم الدعم غير المحدود لاستمرار الحاكم والحيلولة دون سقوطه رغم إيصاله البلد إلى مرحلة الدولة الفاشلة وانهيار المؤسسات. كان آخره المليار السعودي لإنقاذ العملة اليمنية من الانهيار، وكذلك الدعم اللامحدود لمشائخ وتحالفات قبلية ودينية وجماعات سلفية كل ذلك جزء من سيناريو إعدادي حسب سياسيين يمنيين لما قبل انهيار الدولة والتمهيد لتقسيم البلد لكوتونات مختلفة. الحكومة اليمنية والحاكم كانا قد استمرءا اللعب بالورقة الأمنية وملف القاعدة والحوثيين للحصول على مكاسب آنية وابتزاز الغرب والجيران، وما لم يخطر في بال السلطة أنه كما يقال في المثل «نهاية المحنش للحنش» فقد كبر هذان الحنشان إن استعرنا التسمية وكبر خطر الحراك الذي لا يجهل الكثيرون دور السلطة في تغذيته في مراحله الأولى لتقسيم الحزب الاشتراكي واستخدامه من قبل بعض الأطراف في السلطة ضد البعض الآخر حتى لا يتم إقصاؤهم من الملعب السياسي. المهم أن الأمريكان وحلفائهم لم تكن لتغيب عنهم أو تنطلي عليهم حذاقة السلطة اليمنية، فكان أن استخدموها كلها لإكمال مشروعهم الأهم في السيطرة على الوضع في اليمن والتمهيد لوصوله لمرحلة الدولة الفاشلة المأزومة بالحروب والنزاعات وانتشار أهم الإرهابيين على أرضه ويصبح بعدها من الواجب ملاحقتهم والانتشار ولو على منافذ البلد المهمة لمنع التسلل وحماية منابع النفط.

كيف دخلت اليمن ضمن أجندة فرنسا وبريطانيا؟
قبل أيام قليلة ومع قضية الطرود البريدية حاولت بريطانيا وفرنسا التخلي عن حساسيتهما التاريخية تجاه البعض، وتم اللقاء بين رئيس الوزراء البريطاني كاميرون والرئيس الفرنسي ساركوزي للتباحث حول قضايا أمنية ودفاعية على أعلى مستوى للبلدين حسب ما أعلن، لكن ما لم يعلن وتحدث عنه خبراء يعرفون أن الدولتين لا تحتاجا هذا اللقاء وفق دورهما في الناتو، إلا إذا كان هناك ترتيبات مشتركة لمنع محاولة إبعادهما عن الكعكة المراد الحصول على قطع منها، يقول حسين اللسواس في مقال سابق: «فرنسا قبل فترة مُنحت تسهيلات عسكرية كبيرة في الجزر اليمنية المطلة على البحر الأحمر والمجاورة لمضيق باب المندب (قواعد عسكرية غير تكتيكية)، كما جرى تعزيز نفوذها الاقتصادي عبر شركة توتال للغاز والنفط، وحظيت أيضاً بتنازلات كانت كفيلة بإغلاق ملف الطائرة اليمنية المنكوبة التي نقلت أنباء حينها أنها أُسقطت بصاروخ عسكري فرنسي..» اليوم فرنسا لديها بعض الغضب الذي يدفعها للاتجاه ناحية الابتزاز السياسي، فالتحرك الجماهيري ومنظمات المجتمع المدني باتجاه المطالبة لرفع أسعار بيع الغاز لتوتال وكذلك قضية مقتل المهندس الفرنسي أوراق تدفع باتجاه الضغط على اليمن.
هنا يجب أن لا نغفل ما حدث قبل شهر حين زار الرئيس اليمني فرنسا والغريب أن ساركوزي لم يلتقه إلا بعد ثلاثة أيام، وكان أول مسئول ألتقاه هو رئيس المخابرات الفرنسية. وكان وزير الداخلية الفرنسي ابريس اورتوفو قد تحدث الأسبوع الماضي عن التحذيرات التي صدرت عن الاستخبارات السعودية حول إمكانية حصول هجمات. وقال: «يمكنني أن أخبركم على سبيل المثال أن أحد هذين الطردين قد أبطل مفعوله قبل 17 دقيقة فقط من الموعد المخطط لانفجاره. كما رفض رئيس الأركان البريطاني الجديد الجنرال دافيد ريتشاردز استبعاد التدخل العسكري في اليمن للقضاء على ما أسماه بـ «التهديد المتزايد لإرهابيي القاعدة المتمركزين هناك».
ونقلت صحيفة «ديلي تلجراف» البريطانية في عددها الصادر الثلاثاء الماضي عن ريتشاردز قوله: «لا رغبة هناك في «فتح جبهة ثانية هناك»، إلا أن ذلك «قد يكون» ضروريا في المستقبل.

لماذا كانت بريطانيا متأخرة
دوما فـي اليمن؟
قبل سنوات كانت اللعبة تدور في سيناريوهات بعيدة المدى ويبدو أن البريطان لم يكن يهمهم من الأمر سوى مراقبة ميناء عدن من بعيد وبدؤوا بتقديم الوعود لبعض الفصائل الجنوبية، ولولا ما قيل حينها عن وعود لدور مهم لهم في عدن وسقطرى من قبل الحكومة اليمنية لكانوا قالوا كلمتهم في مؤتمر لندن الذي كان لمناقشة فشل اليمن ومن ثم تحول لدعم الحكومة اليمنية حينها. البريطانيون كانوا يتحركون في إطار مصالحهم، ويبدوا أن حماسهم لمحاربة تنظيم القاعدة كان قد فتر بعد المشاكل التي أثيرت في مجلس العموم البريطاني بسبب الاشتراك في حرب العراق مع الأمريكان، ما أدى لسقوط حكومة بلير ومن بعده حزب العمال. فتراجع دورهم في الحرب المشتركة مع الأمريكان ضد الإرهاب وظهر ذلك عبر تخفيف المهام العسكرية في جنوب العراق في السنوات الأخيرة، وترك المهام الأمنية باكرا للأمن العراقي، وتخفيف القوات البريطانية في أفغانستان إلى (10) آلاف مقاتل ويعرف الجميع أن كاميرون لم يكن متحمسا لدوافع الإدارة الأمريكية كما كان بلير موافقا لبوش.

صفقات السلاح وحلم العودة
لعدن تعيدان بريطانيا
قبل شهور كان مفاجئاً قيام نائب رئيس أركان الجيش البريطاني بزيارة غير معدة سلفاً إلى صنعاء برفقه وفد عسكري بريطاني رفيع المستوى.. الوفد البريطاني الذي ضم نائب رئيس الأركان للشؤون العسكرية ونائب رئيس الأركان للشؤون السياسية، لم يُجر مباحثاته مع رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش اليمني أو نوابه.. إذ التقى الوفد بوزير الدفاع بضع دقائق قبل ذهابه مباشرة للقاء العميد أحمد علي عبدالله صالح قائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة..!
ملابسات الزيارة، وتوقيتها، والمستوى القيادي الرفيع للوفد، كل ذلك يجعلنا لا نستبعد ارتباط الزيارة بصفقة الأسلحة التي أبرمها الرئيس مع روسيا، تماماً مثلما لا نستبعد أيضاً اقتناع البريطانيين بأن اتجاه الرئيس نحو الشرق لا يعبر عن قناعات نجله وباقي الأولاد باعتبارهم حلفاء استراتيجيين للغرب.. المستوى القيادي الرفيع للوفد أوعز لكثير من مراقبي الشأن الداخلي بانطباع مفاده أن مهمة الوفد الأساسية تتلخص في الإعداد لإبرام صفقة أسلحة بديلة إذا ما نجح نجل الرئيس في إقناع والده بالعدول عن صفقة تحديث الحرس الجمهوري المبرمة مع روسيا.. والرأي السابق للزميل اللسواس» وهو الذي يبدو أنه لم يحدث وهذا جزء مما سبب امتعاض للبريطان تجاه السلطة في اليمن.
ومنذ فضيحة اليمامة وتحول السعوديين من السوق البريطانية لشراء السلاح من الأمريكان ومنذ بداية الحديث بصوت مرتفع عن الصفقة الجديدة للسعوديين لشراء السلاح من الأمريكان وبمبلغ خيالي أحس البريطانيون بمدى الخسائر الفادحة التي أصابتهم جراء إهمالهم منطقة كانوا هم اللاعب الرئيس فيها. وبدا للمراقبين أن المكتب الخامس «المخابرات البريطانية» في صراع مع حكومة المحافظين حول وجوب الاهتمام بملف القاعدة في اليمن وكان أكثر ما استطاع الحصول عليه هو وعد بجلب السفير المخضرم «تيم تورلوت لليمن منذ يوليو عام 2007، خاصة وأنه في نفس الفترة التي قررت فيها بريطانيا دخول الملعب السياسي اليمني ودفعها بالسفير الجديد تيم تورلوت القادم من العراق. بعد أن صدرت تصريحات أمريكية رسمية في نهاية يوليو ( 2007)، قبل زيارة كونداليزا رايس وروبرت جيتس إلى المنطقة مباشرة، بأن تلك الصفقات تهدف إلى تقوية حلفاء واشنطن الأساسيين، وتدعيم القدرات الدفاعية لدول الخليج «. وجلب (تورلوت) إلى اليمن دليل بداية لتغيير القناعة لدى الحكومة البريطانية للتعامل مع هذا الملف. فتورلوت معتاد على التهديدات في المنطقة حيث كان سابقا يشغل موقع الرجل الثاني في السفارة البريطانية في بغداد. كما أن ملف اليمامة كان فشلا ذريعا للبريطانيين في الحفاظ على أسواقهم في الخليج كل هذا وغيره دفع البريطانيين للتحرك.

هل تم حشر بريطانيا فـي المربع القاعدي؟
الأمريكان بدوا جادين في تحريك ملف القاعدة ونقله من العراق وأفغانستان إلى اليمن، والبدء الجاد في تنفيذ المرحلة الجديدة التي يعتبرها بعض المسكونين بنظرية المؤامرة وقد يكون لهم بعض الحق في ظنونهم بأنها للوصاية على اليمن. والأمريكان لا يمكن أن يقدموا على أي مغامرة عسكرية إلا في ظل تغطية دولية لأي عمل عسكري وليس أفضل من الحليف التقليدي في الناتو «بريطانيا» لمساعدتهم على ذلك. وكان لا بد من تقديم نوع من الحوافز على طريقة الأكشن في هوليود. ففي يوم الاثنين 26 ابريل 2010م قام عثمان علي نعمان الصلوي «22 عاما» من مواليد محافظة تعز وهو طالب في الثانوية العامة «بتفجير نفسه بحزام ناسف هز شرق العاصمة صنعاء في الثامنة صباحا واستهدف موكب السفير البريطاني (تيم تورلوت). والملاحظ اليوم هي القدرة التي يمتلكها السفير الأمريكي للتنقل إلى محافظات مختلفة مع أن نظيره البريطاني لا يمكنه الخروج لشوارع صنعاء. فقد فضل السفير الأمريكي جيرالد فاير ستاين الذي لم يمض على قدومه سوى عدة أسابيع أن يكون أول ظهور عام له من نقابة الصحفيين اليمنيين حيث عقد فيها مؤتمراً صحفياً في 11 أكتوبر، وهو نفس اليوم الذي احتفل فيه بالذكرى العاشرة لتفجير المدمرة الأميركية العملاقة يو إس إس كول في ميناء عدن.. يوم الأحد الماضي، كان فايرستاين داخل قاعة المتحف الوطني بصنعاء، يشترك في ندوة للتعريف بمشروع لترميم الأعواد الخشبية لنصوص الزبور وتوثيقها. وقبلها بيومين، التقى فاير ستاين قادة سياسيين في اللقاء المشترك ووجهاء اجتماعيين ودبلوماسيين عرباً وأجانب خلال مأدبة غداء أقامها الشيخ حميد الأحمر في منزله بالعاصمة.
وبتتبع تنازلي باتجاه بداية نشاط فايرستاين، سيزور الأخير محافظة عمران يوم 26 أكتوبر ويقابل مسؤولين حكوميين ومعلمين وصحفيين في عاصمة المحافظة متعهداً برفع المساعدات الأميركية المخصصة لعمران. كما زار مواقع لمشاريع تنموية ومرافق حكومية قبل أن يختم زيارته بمؤتمر صحفي في جامعة عمران.

أسرار دخول السعودية الحرب السابعة ضد الحوثيين..
قبل يومين اختارت مجلة فورين بوليسي الأمريكية العاهل السعودي الشخصية الثالثة الأكثر تأثيرا في العالم وذلك له دلالاته التي لا تخفى على أحد.
مع بداية التدخل السعودي في شمال اليمن تسرّبت أنباء حينذاك عن أن الحرب مع الحوثيين كانت تخفي هدفاً آخر ناجم عن الخلاف المعروف داخل الأسرة السعودية وهي سيطرة آل سلطان بن عبدالعزيز على منطقة الجنوب المحاذية لليمن، وجني المليارات من صفقات التسلح، وإخلاء ما يربو عن 400 قرية، وبناء منشآت عسكرية ومراكز مراقبة دائمة على الحدود، الأمر الذي يؤدي إلى انتزاع منطقة نفوذ حيوية من يد آل نايف بن عبدالعزيز. كما دار لغط كثير حول الصفقة العسكرية لشراء السلاح «مقابل 60 مليار دولار» وفي صفقة تصل مدتها إلى عشر سنوات هي الأكبر من نوعها تقوم بموجبها الولايات المتحدة بتزويد السعودية بـ84 طائرة من نوع إف 15، وتطوير سبعين طائرة أخرى من نفس النوع بالإضافة إلى 178 مروحية مقاتلة وأسلحة أخرى. وبما أن الأزمة المالية العالمية قد أحدثت المزيد من الضغوط على الميزانية الأمريكية، وعلى وجه الخصوص على ميزانية الدفاع الأمريكية، وذلك بسبب توجهات الإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي الرامية إلى تقليل ميزانية البنتاغون. فقد سعت وزارة الدفاع الأمريكية إلى حث الإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي باتجاه تنشيط عمليات بيع الأسلحة الأمريكية الغالية الثمن إلى حلفاء أمريكا، بما يتيح توفير المزيد من الموارد المالية اللازمة لسد عجز ميزانية الدفاع الأمريكي.
ومن المعلوم لدى أغلب المتابعين لكواليس السياسة الأمريكية أنها تمضي وفق رؤى متشابكة المصالح وتتجاذبها عدة لوبيات -الكوبي، الصهيوني، الصيني، رجال المال، المؤسسة العسكرية المحافظة.. وغيرها-. ولا يخفى على أحد مدى تأثير المال على السياسة والسياسيين في أمريكا والعالم الغربي، لاعتماد السياسة على الآلة الدعائية والتي بدورها تحتاج إلى المال الكثير. وليس أدل على ذلك أن الانتخابات الأمريكية قبل أسبوع والتي خسرها الديمقراطيين قد كلفت الدعاية فيها أكثر من خمسة مليار دولار.
وأسر مثل عائلة بوش وديك تشيني وراميس فيلد وو.. قيادات في البنتاغون والكونجرس هم في الأصل تجار سلاح وأصحاب شركات لصناعته وهم تجار النفط ونعلم إن شركات التسلح ملك لهذه الأسر ولا مجال لتمويلها من خارج إطار دعم الحكومة الأمريكية، فأصبح من المحتم إيجاد أسواق وحروب باردة وتسابق تسلح وخلق أعداء افتراضيين، وهذا معروف منذ الحرب الباردة، فهكذا تسير الأمور في أمريكا.
على الجانب الآخر أطراف في الأسرة المالكة السعودية كانت بحاجة لمبررات تعيد لهم القدرة وإطلاق اليد في عقد أي صفقات للتسلح كما كان يحدث في السابق، بعد أن تسببت فضيحة اليمامة وهي الصفقة الكبرى مع بريطانيا في تقييد مهندسي مثل هذه الصفقات داخل الأسرة السعودية، وتسببت في خلاف قوي داخل العائلة لأنها شوهت العائلة المالكة أمام شعبها وإظهارها بمظهر المبذر لأموال النفط، وهو ما أحدث تململ كبير من الشعب السعودي والنخبة المثقفة. ولذلك كل ما كان يحتاجه الأمريكان والسعوديين هو أعداء يخاف منهم الشعبين السعودي والأمريكي وهو ما وفره الحوثيون حين هاجموا جنوب السعودية أهم حليف اقتصادي وسياسي لأمريكا في المنطقة بعد إسرائيل. وقد اتضح بعد الإعلان عن الصفقة مدى فخر الشعب السعودي ونخبه بالصفقة.
لقد روج الإعلام الأمريكي وإعلام حلفائه كثيرا لأنباء حول صفقات تسليح روسية لإيران، تتعلق بأنظمة دفاع جوى متطورة، أو صفقات -نفت موسكو إبرامها- تجرى عبر إعادة تصدير أنظمة تسلح سورية روسية المنشأ إلى إيران، إضافة إلى ما يثار دائما حول التفاهمات التسليحية السورية – الروسية، الممولة إيرانيا، وكل تلك الأنباء، إضافة إلى العامل النووى، كانت موجودة دائما، دون أن يوجد ما يثبت أو ينفى حدوثها بشكل قاطع.. أيضا تكثيف مبيعات الأسلحة الأمريكية المتطورة والغالية الثمن إلى المملكة العربية السعودية وبلدان الخليج، سوف يتيح لأمريكا فرض تمركزها العسكري في هذه البلدان، خاصةً وأن تزايد العتاد العسكري الأمريكي بهذه الكميات سوف يتيح لواشنطن الإشراف على جيوش هذه البلدان بما يتيح جعل هذه الجيوش تقوم بدور الحارس الإقليمي للمصالح الأمريكية في منطقة الخليج والسعودية. إلا أن خبيرا في شؤون الدفاع السعودي قال إن الصفقة تأتي أيضا في سياق رفع القدرات العسكرية السعودية تحسبا لأي تصعيد في الأوضاع على الحدود اليمنية مع الحوثيين.

خاتمة..
يحاول البعض أن يربط بين انتشار الفوضى وعمليات القاعدة في الدول التي للمخابرات السعودية والأمريكية تواجد كبير وتأثير شديد على وجهاء هذه الدول (أفغانستان -باكستان -ما حدث في نهر البارد بلبنان -العراق- وأخيرا اليمن) ونحن نقول أنه تبقى هذه وجهات نظر قابلة للنقاش فأدوار السعودية في دعم الدول العربية والإسلامية واضحة ولا يمكن تجاهلها.

زر الذهاب إلى الأعلى