أرشيف

هل كان نجيب محفوظ عقبة أمام تطور الرواية العربية؟

نجيب محفوظ (1911 – 2006) العربي الوحيد الحاصل على جائزة نوبل في الأدب
بدأت القاهرة احتفالها بمئوية نجيب محفوظ بندوة ناقشت ما إذا كان محفوظ بإنجازاته الضخمة قد أعاق تطور الرواية العربية. دويتشه فيله طرحت السؤال على نخبة من المبدعين، منهم إدوار الخراط وعباس بيضون ويوسف القعيد.

هل كان عميد الرواية نجيب محفوظ عقبة أمام تطور الرواية العربية؟ هذا ما سأله الناقد رجاء النقاش في الستينات. آنذاك كان إنجاز الروائي لصاحب “زقاق المدق” و”الثلاثية” و”أولاد حارتنا” طاغياً على غيره من الكتاب بحيث بدا السؤال مشروعاً. ولكن كيف هو الحال اليوم بعد رحيل حامل نوبل العربي؟ وماذا يتبقى من أدب نجيب محفوظ؟ وكيف ينظر الجيل الشاب إلى أعمال عملاق الرواية العربية؟

يقول شيخ الروائيين المصريين إدوار الخراط (84 عاماً) لـدويتشه فيله: “لا أعتقد أن هذا سؤال حتى من الممكن أن يُطرح”، ويضيف صاحب “ترابها زعفران”: “تطور الرواية العربية لا يتوقف على شخص مهما كانت مكانته وقدره وإسهامه في العمل الثقافي.” (للاستماع إلى ما قاله الخراط اضغط على الرابط أسفل المقالة.)

إدوار الخراط: تطور الرواية العربية لا يتوقف على شخص
ويتفق الشاعر والناقد اللبناني عباس بيضون مع الخراط، ويضيف في حديثه مع دويتشه فيله أن نجيب محفوظ هو “إلى حد كبير مؤسس الرواية المصرية … فالتجارب التي سبقته لم تكن أكثر من تقليد أو مجاراة للأدب العالمي، مثل رواية “زينب” لمحمد حسين هيكل.”

ويضيف مؤلف رواية “تحليل دم”: “محفوظ هو باني الواقعية المصرية، وهي واقعية مصرية بكل معنى الكلمة، لا يمكن نسبتها إلى بلزاك أو تشيخوف مثلاً، رغم أننا نجد تأثيرات لهما في أدب نجيب محفوظ”. نجيب محفوظ، يقول بيضون، “روائي من العيار العالمي”، سواء فيما يتعلق بغزارة أعماله أو بمحوريتها أو فيما يتعلق بروحها النقدية والساخرة وجرأتها. ويرى بيضون أن الرواية المصرية بعد نجيب محفوظ مدينة بالكثير إليه، وأن “أفضل الروائيين المصريين الذين أتوا بعد نجيب محفوظ هم بطبيعة الحال مدينون لنجيب محفوظ”.

أما الروائي الأردني إلياس فركوح فيرى أن مقولة النقاش تصح من زاوية معينة، فليس من السهولة “أن نجترح كتابة جديدة للرواية العربية في وجود نجيب محفوظ بكل ثقله الروائي”. ويضيف صاحب “أرض اليمبوس” لدويتشه فيله: “من ناحية أخرى فإن معظم الكتابات العربية حتى الستينات كانت حقيقة لا تزال في ركب نجيب محفوظ. في آواخر الستينات بات الخروج والتمرد على محفوظ واضحاً، ولكن بمفهوم التجاور وليس بمفهوم التجاوز.”

أما القاص سعيد الكفراوي الذي أدار الندوة التي عُقدت حول محفوظ في القاهرة فيقول إن محفوظ “هو الرجل الذي أضاف للوجود الإبداعي والروائي خلودَ مدينة، محفوظ عرف القاهرة وأساطيرها وناسها وحواريها، بل حتى لون الظلال على جدرانها”.

ويقول صاحب “حكايات عن ناس طيبين” إنه التقى “بعم نجيب” في منتصف الستينات وأوائل السبعينات. ويتذكر قائلاً لدويتشه فيله: “كنا نتحلق حوله في مقهى ريش، وكان محفوظ يأتي في الصيف كل يوم إلى المقهى، أما في الشتاء فيأتي مرة واحدة في الأسبوع. وكنا نكتب نصوصنا بخط اليد ونعطيها له فيقرأها ثم يأتي في اليوم التالي ليخبرنا برأيه”. ويذكر الكفراوي أنه بعد اعتقاله والإفراج عنه استقبله محفوظ في المقهى وطلب منه أن يحكي له تفاصيل اعتقاله. بعد ذلك كتب رواية “الكرنك” وقال له محفوظ: يا سعيد أنت أحد شخصيات هذه الرواية.

غير أن الروائي المصري يوسف القعيد يرى أن سؤال الناقد رجاء النقاش “صحيح ومشروع، بل إن نجيب محفوظ نفسه آنذاك قال إن الكاتب قد يكون عقبة أمام زملائه من نفس الجيل، ولكنه لن يمثل عقبة للكتاب من الأجيال اللاحقة”. ويوضح القعيد في حديثه إلى دويتشه فيله ما قصده النقاش بمقولته الشهيرة بأن فترةً من الجفاف والتراجع تعقب كل كاتب كبير، وضرب أمثلة بالرواية الروسية بعد تولستوي ودستويفسكي، والرواية الانكليزية بعد ديكنز الفرنسية بعد بلزاك، وهذا ما تخوفه النقاش بعد أن أصدر محفوظ أعماله الكبيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى