حوارات

البرلماني عبدالسلام الدهبلي : هيكلة العلماء قبل هيكلة الجيش.. وتغذية الاعتصامات الأخيرة في تعز جاءت من «الحصبة» و«الستين»

 

 

للبرلماني عبدالسلام الدهبلي طريقته الخاصة في التعبير عما يعتمل في خلده من نقد للعديد من القضايا، بالسخرية أحياناً، وبكلمات تنضح بالمرارة أحياناً أخرى.

بعيداً عن دائرته الانتخابية وعن حزبه “المؤتمر الشعبي العام” التقته (حديث المدينة) وأجرت معه هذا الحوار حول عدد من القضايا التي تشهدها تعز وعن عديد من المفارقات في المشهد السياسي برمته.

حاوره: عز الدين عبدالحق


   بداية كيف تقرأ ما حدث في محطة رجل الأعمال توفيق عبدالرحيم؟
– ما يحدث في تعز عموماً هو أننا كنا نعيش مواطنة منتقصة فيما مضى من الوقت، ولكن اليوم هناك نكران للمواطن من الأساس، ليس هذا فحسب ولقد كنا نعيش اختلالات أمنية فأصبحنا اليوم نعيش في ظل انعدام الأمن.. ( من المفترض أن الثورة تأتي بأحسن).. وبالنسبة لما حدث في محطة توفيق عبدالرحيم فأرى ما حدث أنه انتهاك لمدنية تعز وانتهاك للقوانين والأعراف بكل ما تعنيه الكلمة.


  من أي جهة كان هذا الانتهاك؟
– بعد ذهاب الأمن إلى القرى المجاورة لمحطة توفيق عبدالرحيم للبحث عن مطلوبين هناك، فإذا بالأمر خرج عن المألوف، حيث جرت اشتباكات بين المطلوبين وقوات الأمن أسفرت عن مقتل أحد المطلوبين أمنياً وجرح أحد جنود الأمن، ما جعل أصحاب القرية يتجهون على محطة توفيق عبدالرحيم وصاروا يعبثون بكل مقدرات المحطة وما تحويه ولازالوا حتى مساء  الخميس يحاصرون المنطقة. 


   الأنباء تناقلت عدم وجود اشتباكات وأن المواطنين لم يتجهوا للمحطة إلا عقب مقتل المطلوب/ طه الحاج أمام أولاده وأهالي القرية؟

– أولاً: مقتل طه الحاج لا يرضى به أحد، فما بالك أمام أولاده فهذا أمر ينكره أي إنسان.
– ثانياً: يفترض البحث في من قتله ومن قام بسحبه لتتم معاقبته ويكون الجزاء من جنس العمل “ولا تزر وازرة وزر أخرى”.


   أهالي المنطقة يحملون توفيق عبدالرحيم مسئولية مقتل المواطن طه الحاج؟
– يجب أن نضع فهماً للقوانين والواقع فهذا يتهم وهذا يتهم، ولكن ما هي الحقيقة.. أنا شخصياً في رمضان الماضي كنت في محطة توفيق ومعي الأخوان عبدالجليل جازم وعبدالوهاب عامر – عضو مجلس النواب – وبينما نحن في المقيل إذا بالرصاص تنهال نحونا على مكتب توفيق عبدالرحيم ما أدى إلى خروجنا من الاستراحة وترك المقيل.


  من قبل من كان إطلاق الرصاص؟

– من قبل أناس مجهولين من المنطقة نفسها، وتكرر الأمر ثانية بعد أشهر من الحادثة حيث كنت هناك وفي نفس الاستراحة فإذا بإطلاق النار صوب الاستراحة ومن المنطقة نفسها أيضاً حتى إنه جرى تغير وفك زجاجات الاستراحة وهكذا.


   إلى ماذا يرجع كل هذا العداء بين أهالي القرية والأخ/ توفيق عبدالرحيم؟

– سببه التهيؤات (كل حزب بما لديهم فرحون) كل يدافع عن حزبه وأعضاء حزبه ومن ينتمي إليه دون النظر إلى الأخطاء ومعالجتها أينما كانت.


   هل تعيد العداء إلى السياسة؟ إلى جانب سياسي؟ 

– لا ليس كذلك. ولكن عندما تدافع عن المخطئ؛ لأنه من أصحابك وتدافع عنه مهما حصل.. فيكون الدفاع سياسياً والواقعة ليست سياسية.


   هل لديك فكرة عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك؟

– سبب الصراعات كلها هي الأزمة، وكذا الديزل وأزمة الديزل، حيث كانت تقف مئات السيارات أمام المحطات، وهذا يريد وهذا يريد كما تعرف.


   أمر القبض القهري على القتيل كان قديماً .. ما هي القدرة التي جعلت الأمن يستنفر فجأة لملاحقته بُغية القبض عليه؟ وهل يبرر هذا صحة ما يتوارد عن بعض الأهالي من أن توجيهات فتحي توفيق هي التي تسير تحركات مديرية أمن التعزية؟

– نحن مع القانون عموماً فإن كان الأمر قانونياً فيتحمله القضاء بعلاته، وإذا كان غير قانوني فيتحمله الأمن أيضاً بكل علاته، فكل يتحمل خطأه، أما عن أن فتحي توفيق يسير الأمن فأنا لا أؤمن بهذا وبمثل هذا الكلام. 

وأريد أن أنبه إلى أن البعض تداول وجود قبائل من ماوية في القضية بينما لا وجود لأبناء ماوية ولم يتدخلوا في القضية لا من قريب ولا من بعيد.


   هناك من يردد أن أطرافاً تجارية ومشيخية من تعز هي من غذت أحداث الاعتصامات الأخيرة ضد قرارات المحافظ ما صحة ذلك؟ ولماذا يتردد هذا الأمر؟

– يتردد هذا الأمر اليوم لتغذية ما هو قائم، فمن يقول بأنه هناك بيوت تجارية من تعز تغذي تلك الاعتصامات وكأنهم يريدون القول بأن من يدعم تلك الاعتصامات هو توفيق عبدالرحيم وكذلك للتشويش على بيت هائل لأجل يقال اليوم بأن هذا رد فعل لما تم.

 يا أخي نحن في تعز شيوخنا على بعض.. نحن في تعز منتقصو المشيخ. تخيل 13  ملياراً للمشائخ.. نحن معنا من 900 ريال إلى ألفي ريال كمشائخ تعز.. فشيوخنا منتقصون.. أعضاؤنا منتقصون.. مواطنتنا منتقصة.. تجارنا أيضاً منتقصون ومنتهكون.. وفي الأخير حتى المتهمين حقنا والذين تطالب الاعتصامات بعزلهم من هنا أو هناك منتقصون.

 إذا كانت الحصانة والضمانات التي صدرت بموجب المبادرة الخليجية منحت للجميع إلا المتهمين حق تعز.. يا أخي ابدأوا بمحاكمة المتهمين من صنعاء منزل، ثم تعالوا حاكموا المتهمين في تعز.

 يا أخي شيوخنا على بعض وتوجهاتنا ضد بعض وشغلنا على بعض، ونحارب بعضاً، والضحية تعز، يجب أن نقول لهؤلاء: كل يخلع ثوبه وتبعيته.. أنا أخلع ثوبي التابع لعلي عبدالله صالح، وكذلك الآخرين نحن أضعنا حقوقنا.. وجالسين نجري وراء سراب. 
نحن في تعز بعضنا يعارض البعض الآخر.. بعضنا معارضة الستين، بعضنا معارضة السبعين، بعضنا معارضة الحوثي، بعضنا معارضة الحصبة وليس لنا أوراق.. مزايدة ليس إلا.


    برأيك إذاً من الذي غذى أحداث الاعتصامات الأخيرة في تعز؟

– أنا أرى أن تغذية الاعتصامات الأخيرة لم تأت من تعز، التغذية جاءت من فوق ، جاءت من الحصبة ومن الستين.. وإلا من يغذي وعلى من؟.. فكلنا مقتنعون بأن المحافظ شوقي هائل هو الحل الوحيد لتعز.

 فإن كنا أبقينا على المحافظ السابق فذلك ليس حلاً، وإن أتينا بآخر مؤتمري ستكون كارثة، أو أتينا بإصلاحي بديل كارثة كذلك.. إذاً كان شوقي هائل هو الحل الوحيد والمخرج (والله). حتى إن الأمن الذي تحقق في تعز لم يكن نتيجة قوة أمن ولا قوة جيش، ولكن لأن شوقي رجل ثقة أحببناه جميعاً ووثقنا به جميعاً وبأنه رجل سيخرج تعز من هذه الأزمة.


   لكن من المستفيد من محاولة إفشال شوقي أحمد هائل؟

– المستفيد هم الناس الذين لديهم فواتير تعز، والذين خيب رغباتهم الرجل، حيث جاء للعمل لتعز لا بهذه الجهة أو لغيرها يعني صرف أكثر من 400 مليون ريال ليعمل دراسات من أجل تعز والنظافة في تعز.. ورغم ذلك يعترض هذا على تغيير مدير المدرسة الفلاني والآخر يعترض على تغيير مدير الأمن العلاني.
 الرجل مثلاً غيّر مدير مؤسسة المياه (مؤتمري) غيّر مدير الأوقاف، غيّر مدير التحسين، غيّر مدير التدريب والتأهيل (مؤتمري)، نحن لم نقل شيئاً في ذلك؛ لأن مصلحة تعز أولاً. 


وأنا على ثقة بأن هذا الرجل لن يغير إلا لما فيه مصلحة تعز.. ربما لو كان غير شوقي قد نقول غيّر ابن منطقته أو لمصلحة معينة أو لحزب معين ولو طلب مني شخصياً ترك مجلس النواب من أجل تعز سأتركه.. بدون تعصب يا أخي.

 لكن الآن يقوم بتغيير مديرة مدرسة وقلبوا لك الدنيا وكأن تعز مربوطة بمديرة مدرسة، أو بمدير أمن أو غيره، تعز مربوطة بأهلها، يجب أن نعطي هذا الرجل فرصة، لكن أن نقول له: لا تغير وانجح.. لا تغير واعمل، يا أخي إذا استمررنا بهذه الكيفية سنكون مثل بني إسرائيل، وربك سيغضب علينا من السماء.


   إذاً ما هي مشكلة تعز بالضبط؟ ولماذا يصر كباراتها من تجار ومشائخ وشخصيات اجتماعية وبرلمانية أن يظلوا أشتاتاً يمارسون مهمة “الأذية” على بعضهم البعض؟ هل هذا صراع مصالح أم ماذا يمكن أن نسميه؟ 

–  مشكلة تعز أن هناك متحزبين يتمتعون بالذكاء الخارق، بمعنى أن نسبة الذكاء لديهم 90 % والإخلاص إن وجد 10% ، هؤلاء هم المتحزبون الذين قادوا المحافظة لما هي فيه، وهناك من الشباب من يمتلك نسبة ضئيلة من الذكاء لكن إخلاصهم 90% ، فالذكي استغل المخلص والمخلص أوهم الذكي بأن الأمور سابرة.. الآن يتضح أن الأذكياء أخذوا مصلحتهم، فيما المخلصون انصدموا ولم تتحقق مصلحتهم وطموحاتهم (شيخرجوا من الساحة مجانين).

أنا الآن أطمح بحياة أفضل مما كان في عهد علي عبدالله صالح، ولو حقق الإصلاحيون أو الاشتراكيون أو الناصريون الأمن والعدل أفضل مما كان عليه والله إني سأكون معهم لا مع علي عبدالله صالح (من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) يحققوا لنا الأفضل ونحن معهم، لكن لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.


   ما هو دور الكتلة البرلمانية لتعز؟ ومن يسيرها بالضبط؟

– بالنسبة للكتلة البرلمانية لتعز فالبعض منها تابعون للإصلاح والبعض تابعون للاشتراكي والبعض تابعون للحوثي والبعض تابعون للمؤتمر، وأصبح من هم تابعون للمؤتمر ضعاف؛ لأن أحدهم لو قال كلمة أصبح متهماً، أصبح من القتلة، أصبح من البلاطجة.

 يا أخي على أي طرف يمتلك بضاعة أفضل من شوقي أحمد هائل أن يأتي ليعرض بضاعته ويقع محافظاً.


   ذكرت بأن هناك بعضاً من البرلمانيين في تعز من يتبع الحوثي بالرغم من أن الحوثيين ليسوا حزباً سياسياً حتى الآن، ما الذي قصدته بالضبط؟ وهل هناك من البرلمانيين من يتبع الحوثي فعلاً؟

– أقصد أننا كبرلمانيين في تعز ننقسم إلى ثلاثة أقسام؛ هناك مثلاً سلطان السامعي والذي هو مع جبهة إنقاذ الثورة، والتي هي على تنسيق مع الحوثي، وشوقي القاضي الذي دعانا في صحيفة (الجمهورية) إلى صناعة تمثال لعلي محسن، وسلطان البركاني الذي قال عن صاحبه إنه الصادق الأمين..


  ما الذي تحتاجه إذاً تعز في هذه المرحلة؟

– كنا في تعز الحكام.. كان مجلس الوزراء في الشمال تعز وفي الجنوب تعز، أما الآن فقد تقزمنا حتى صرنا نتبع الأطفال.. لم يعد لنا كبير.. حتى إننا احتفلنا بموت عبدالعزيز عبدالغني، والآن شوقي الذي كان حلماً بالنسبة لنا يحاول البعض إفشاله ودون أي مبرر، رغم كل ما قدمه.

هل تعلم أن باسندوة عندما نزل إلى تعز ذهب إليه الشباب في الفندق وطلبوا منه صلاة الجمعة في الساحة، وبعد أن صلى معهم في الساحة خرجوا يهتفون له: “سير سير نحن بعدك بالمسير” وبذلك تحقق بنظرهم أهم أهداف الثورة وطموحات تعز.

بينما كان من المفترض بهم أن يشدوا على يده ويقولوا له بأن هناك مطالب تقدم بها المحافظ لمجلس الوزراء الذي انعقد في تعز، ويجب أن تكون هذه القرارات تاريخية وصادقة.. بمعنى أن يرفعوا من المعنويات بحيث يتحقق لتعز بعض مما تصبو إليه، لكنهم اكتفوا بالصلاة في الساحة.

وقبل هيكلة الجيش الذي يطلقون عليه اليوم الجيش العائلي لدرجة أن الروح المعنوية لديه أصبحت مهزوزة، وروح المقاومة أصبحت ضعيفة.

 نحن بحاجة قبل هيكلة الجيش إلى هيكلة العلماء أولاً.. معنا جمعية علماء اليمن تابعة للمؤتمر، وهيئة علماء اليمن تابعة للإصلاح.. وصولاً إلى هيكلة مشائخ تعز؛ كونهم بحاجة إلى ذلك، فبعضهم مع تكتل أعيان تعز، والبعض الآخر مع شيخ مشائخ تعز.. إلخ.. نحن بحاجة لفرز كل ذلك.
شوقي هائل هو المخرج والحل الوحيد لتعز

تعز ليست مربوطة بمديرة مدرسة أو بمدير أمن أو غيره.. بل مربوطة بأهلها.


سلطان السامعي على تنسيق مع الحوثي، وشوقي القاضي يدعونا لصناعة تمثال لعلي محسن، والبركاني قال عن صاحبه إنه الصادق الأمين؟!
جمعية علماء اليمن تابعة للمؤتمر، وهيئة علماء اليمن تابعة للإصلاح، نحن بحاجة إلى هيكلة العلماء أولاً قبل هيكلة الجيش.
– شكراً جزيلاً..
 
 
المصدر : حديث المدينة
زر الذهاب إلى الأعلى