فضاء حر

حصاد التنشئة الغبية…!!

استجمع الأب نباهته الحمقاء وقال لابنه: اشتي أقول لك على مفاجأة وسر خطير.. أنا مش أبوك… أنا أمك.
ولعله كان يريد تعوض ابنه عن كونه يتيم الأمّ.. ولكنه بالغباء.
هذا العجز الجاهل بقواعد التعاطي الذكي مع مشاعر الصغار وأسئلتهم يشبه جموح آباء آخرين يجلبون في التربية أساليب غريبة طمعاً في ابن طويل التيلة.. فيما لن يكون بهذه التربية إلا طويل «السبلة».
مثل هؤلاء الآباء يجهلون أن ثقافتنا تحتاج- فقط- للتصويب والتشذيب وليس الانسلاخ أو المسخ والعودة إلى القيم التربوية الأصيلة.
عبث أن يقفز أحدنا على موروثه الإيجابي متجاهلاً الظروف الموضوعية بما فيهاه الجين الوراثي.. حيث الذي انكتب على «الجين» لازم تشوفه العين.. حسب كبار علماء الوراثة.
وإذا ما انتقلنا من طريقة معالجة هذا الأب لإحساس ابنه اليتيم إلى أمور الإدارة والسياسة والدين.. سنجد أنفسنا في بئر من «الحلبة».. فمن المسؤول الذي يدير الأمور وكأنه مجرد عاهة نفسية تمشي على قدمين إلى انقسام بين معارضين وموالين ومواقف أقرب إلى الألغاز والطلاسم دونما خوف من مخاطر التشظي.

سياسياً نلاحظ كيف أن عجائز السياسة يفاجئون الشباب المنتظرين لخلاصة وقار الكبار وحكمتهم بكل ما هو طائش ومنفعل ومراهق.. والنتيجة هذا التفكير السريالي وهذه الحروب الخفية والمعلنة على حساب استقرار اليمن وسلامه الاجتماعي والمعيشي والإنساني..
حيث لا استفادة أو نزعة إلى التعلّم من الأخطاء والسقطات.. وكأن ما يفعلونه مجرد اجترار للعلاقة بين المزمر وأصابعه وبين الحلاق ورؤوس زبائنه.
وهذا السلوك سجال بين الكبار وبين المثقفين وحتى العامة والدهماء.. فالمواطنون هذه الأيام يشكون الغذاء وغياب الرقابة وتوحش السوق.. لكنهم يدفعون بالمرتب والمدخر وفلوس الديون لشراء السلع التافهة والحقيرة حتى صار التسوق فيروساً يستعصي على العلاج ودون أن يحصلوا على أية مساعدات لتجاوز تلك المفاجأة التي فجرها الأب في وجه ابنه اليتيم.
وفي المسافة الممتدة من شارع المعاناة المعيشية إلى شارع السياسة، ومن مقايل القات إلى إطلالات الإعلام القديم والجديد يحتار دليلك وينغلب حمارك في الهروب إلى فضاء الطمأنينة والأمل وسط حيرة السؤال ووجع الخيال وارتباك التعريفات للفروق بين الثورة وبين الأزمة وبين الفتنة.
ولقد حاولت أن أهرب من أخبار المقيل وزحام الأسواق فاندلق على رأسي وعاء الماء البارد.. حيث أعلن أوباما وصول الأمريكيين أخيراً إلى المريخ.. فيما اختلفت هيئة العلماء وجمعية العلماء وما يزالون.. وواصل علماء المسلمين تحليقهم معيدين إنتاج مشهد التحكيم بين علي ومعاوية!!

 

المصدر: اليمن اليوم 

زر الذهاب إلى الأعلى