أدب وفن

الشاعر محمد الجبلي يذهب إلى الله خفيفا من أوزار هذا العالم – بقلم: علي أحمد جاحز

 

الجبلي الذي كان الله يغسله طوال شهور مضت و يمحصه بسخونة الألم .. هاهو يقابله ناصعا كسماء غسلها المطر من سواد الغيم ..

***

الجبلي الذي كان وحده يعرف معنى الصبر و حقيقة مذاق الألم تجاوز العقبة التي نفر منها ليصل إلى حيث نحلم أن نكون .

***

الجبلي الذي كان يتلوى ألما في إحدى خيام ساحة الثورة .. انتصر و تركنا نتلوى ألما في هزائمنا المتوالية .

***

الجبلي الذي كان يبتسم حتى و هو في فم الموت و لا يجد شفة تكافئ تبسمه المتعب انتقل إلى عالم كل ما فيه يبتسم لأجله .

***

الجبلي الذي كان السرطان ينهش جسده و يمزق روحه كل دقيقة تنفس بعمق و ترك السرطان ينهش في جسد وطن لم يستمع لأناته طوال شهور .

***

الجبلي الذي كان يشعل الحرف ليكشف سوأة الواقع يغادر واقعنا المكشوف الذي لم نعرف ماذا نفعل تجاه كل هذا العري .

***

الجبلي الذي كان واحدا من المرابطين لأجل وطن يكرم الطغاة ..  يقف الآن في مقام التكريم المطلق حيث لا حدود للتمني و لا قيود على الأحلام .

***

الجبلي الذي كان حين زرته في ساعاته الأخيرة يقول بأنين مرهق " تفضل يا علي جاحز اجلس " و لم أكن افهم دعوته الممزوجة بالأنين .. يرحل تاركا في ذاكرتي وجها يتصارع في ملامحه بسمة المحتفي و شكوى الموجوع .

***

الجبلي الذي كان يرفع سبابته إلى السماء حين أخبرته أن زوجتي التي تصارع ذات المرض تدعو له و تطلب منه الدعاء .. غادر لأبقى أنا و زوجتي نتقاسم أناته و نرفع أصابعنا إلى السماء على طريقته .

***

الجبلي محمد أصبح الآن في رحمة الله .. إنا لله و إنا إليه راجعون .

زر الذهاب إلى الأعلى