أخبار وتقارير

تقرير: القاعدة تموّل نشاطاتها من خلال عمليات إختطاف الأجانب في اليمن

 

يمنات – يو بي آي

 تمكّن تنظيم القاعدة في اليمن من خلال إفراجه عن الدبلوماسي السعودي عبد الله الخالدي، اليوم الأحد، بموجب فدية مالية قدّرت بـ10 مليون دولار، من الحصول على تمويل لنشاطه للفترة المقبلة، فيما غدت عمليات إختطاف الأجانب الوسيلة الأنجع لحصول التنظيم على المال.


وقال الخبير في الجماعات المسلّحة عبد الرزاق الحميدي ليونايتد برس إنترناشونال، إنه "من شأن تلك الفدية التي قيل إنها وصلت إلى أكثر من 10 مليون دولار دفعتها الحكومة السعودية للوسيط اليمني، أن تمد التنظيم المتطرّف بمصادر تمويل تساعد على إستمرار أعماله ونشاطاته".

وأشار إلى أن تنظيم القاعدة طالب بمبلغ إضافي يضاف الى الفدية التي قدّرت بـ10 ملايين دولار لتسليمه لوسطاء سابقين تواصلوا مع التنظيم وبحثوا مصير الدبلوماسي السعودي.

يذكر أن الشيخ طارق الفضلي، أحد وجهاء محافظة أبين جنوب اليمن، قال في تصريح في وقت سابق اليوم، إنه تم الإفراج عن نائب القنصل السعودي عبد الله الخالدي الذي خطفه تنظيم القاعدة منذ 4 أشهر، في ساعة مبكرة من صباح اليوم، وتم تسليمه للسلطات اليمنية، وذلك بعد دفع فدية مالية وإطلاق معتقلين من التنظيم.

وذكر مصدر يمني مطلع أن عملية الإفراج تمّت بموجب صفقة أُجريت مع التنظيم من خلال تقديم فدية مالية تقدر بـ10 ملايين دولار، وإطلاق سراح معتقلين تابعين لتنظيم القاعدة يوم الأربعاء الماضي من سجون المخابرات في صنعاء ويقدر عددهم بـ 15 سجيناً بينهم قياديين.

وقال الحميدي إن "الهدف الرئيس للقاعدة من عملية الإختطاف هو الحصول على الأموال، لتمويل أنشطتها وإرهاق السلطات اليمنية بمزيد من إجراءات الحماية على المقار والبعثات الدبلوماسية، وهو ما يكلف اليمن أموالاً كثيرة، لغرض حماية هذه المنشآت".

وأشار إلى أن "القاعدة إستطاعت تأليب المشاعر في عملية خطف الدبلوماسي السعودي من خلال بثها لأكثر من مرة مقاطع فيديو عبر الشبكة العنكبوتية، تظهر الخالدي وهو يناشد الملك السعودي عبد الله بن عبد الله العزيز لتحريره من قبضتها، وكذلك فعلت مع المدرّسة السويسرية المختطفة (سيلفيا إبراهرات)".

وكشف مسؤول يمني أن "تنظيم القاعدة تمكّن من تجنيد رجال القبائل لتنفيذ عملية خطف رعايا أجانب ونقلهم إلى مراكز التنظيم في جنوب البلاد مقابل مبالغ مالية كبيرة تدفع لهم" .

وأوضح المسؤول اليمني أن "حوادث خطف الدبلوماسي السعودي وطبيب فرنسي والمدرّسة السويسرية، أظهرت أن عناصر قبلية تعمل على تنفيذ عملية الخطف، ونقل الضحايا إلى مناطق نفوذ القاعدة مقابل الحصول على مبالغ مالية مجزية، في حين يقوم التنظيم بمقايضة المختطفين بمبالغ مالية كبيرة جداً كما حدث مع الطبيب الفرنسي الذي أطلق سراحه سابقاً".

وكان تنظيم القاعدة قد نفّذ عمليات سطو مسلّح على أموال مرافق عامة، من خلال التقطّع لها أثناء نقلها من وإلى تلك المرافق على مدار العام الماضي، في ظل أزمة تمويل يعيشها، ومن ثم لجأ إلى عمليات إختطاف الأجانب كمصدر قوي للدخل.

وظلت القاعدة تطالب بفدية مالية لقاء إطلاق الدبلوماسي السعودي الخالدي، والمدرّسة السويسرية سيلفيا إبراهرات، منذ آذار/مارس الماضي بعد أن اختطفت الرهينتين من محافظتين متباعدتين جغرافياً، عدن جنوباً حيث اختطف الخالدي، والحديدة غرباً حيث اختطفت فيه المدرّسة السويسرية.

ولم يخفِ التنظيم حاجته إلى المال من خلال تصريحات متكررة لما كان يسمي أمير تنظيم القاعدة في "إمارة أبين الإسلامية" جلال بلعيدي، بالإضافة إلى مطالب التنظيم بإطلاق سراح سجينات تابعات للقاعدة في سجون المباحث السعودية.

وسبق للتنظيم في اليمن أن حصل على 6 مليون يورو عند إطلاقه سراح 3 من الرهائن الفرنسيين العام الماضي، إثر وساطة رعاها الملياردير العُماني صالح بن صريمة، وتم الإفراج عنهم بصورة سريعة عقب الحصول على الفدية.

ورأى الخبير في الجماعات المسلّحة عبد الرزاق الحميدي، أن "أعمال التنظيم تجاوزت القيام بعمليات إنتحارية تستهدف مسوؤلين عسكريين ورجال مخابرات يقوم بها الشباب المغرر بهم، إلى تنفيذ عمليات إختطاف الأجانب، وتحديداً الدول القادرة على الدفع بسخاء من أجل إطلاق مواطنيها كالدبلوماسي السعودي والمدرسة السويسرية".

وتكرّرت عمليات إختطاف الأجانب في اليمن منذ مطلع العام الجاري، ونجح التنظيم في حالتي إختطاف الدبلوماسي السعودي والمدرّسة السويسرية، لكنه فشل في إختطاف السفير البلغاري بوريس بوريسوف بعد إن أبدي مقاومة شديدة لإفشال عملية إختطافه من أمام المركز الليبي التجاري في صنعاء.

ودفعت حوادث الإختطاف عدداً من الدول الى تحذير رعاياها من السفر إلى اليمن، أبرزها السعودية والولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوربية.

وعزت تلك الدول تحذير مواطنيها من السفر، الى عدم إستقرار الأوضاع الأمنية، والتريث لحين إستقرار الأوضاع في اليمن.

وأشار الحميدي إلى أن مطالب تنظيم القاعدة من السلطات السعودية كانت تقتصر على الإفراج عن نساء سجينات في السعودية من المحسوبات على التنظيم.

وقال إن "القاعدة حاولت عبر الوسطاء القبليين الإيحاء بأن عملية الفدية ليست مهمة، لكن تغيّر الوضع بعد عملية الإفراج عن تلك السجينات وأصبح المال هو الأساس في التفاوض للإفراج عن الدبلوماسي السعودي".

وكان الشيخ طارق الفضلي، أحد أمراء الجهاد سابقاً، والمقرّب من التنظيم، أبلغ يونايتد برس إنترناشونال خلال عمليات التفاوض، بأن "شباب القاعدة لم يعودوا يهتموا بالفدية بعد أن أطلقت السلطات السعودية سراح السجينات من سجونها".

واعتبر أن "القاعدة وأنصار الشريعة وجهان لعملة واحدة مع فروق ضئيلة"، وأشار الى أن "إختطاف الدبلوماسيين والأجانب يسيء لليمن واليمنيين"، واصفاً إختطاف النساء، في إشارة الى المدرّسة السويسرية، بأنه "عيب وأمر مخز".

لكن الأمر اختلف بعد أسبوع من تصريحات الفضلي، وبدأت مطالب التنظيم تؤكد على حقها في الحصول على فدى مقابل الإفراج عن المختطفين بواقع 10 مليون دولار عن الدبلوماسي السعودي، و5 أخرى مقابل الإفراج عن المدرّسة السويسرية.

وساهم التدهور الأمني القائم في اليمن منذ الإحتجاجات التي اندلعت قبل نحو 16 شهراً في نشاط تنظيم القاعدة، وخاصة مع الإنقسام القائم بين قوات الأمن والجيش اليمنيين، وهو ما يجعل حياة الأجانب في خطر.

وتعلن وزارة الداخلية اليمنية بين الفترة والأخرى، ومنذ بدء عمليات الإختطاف التي تطال أجانب، عن قيامها بمزيد من الإجراءات الأمنية على البعثات والمقار الدبلوماسية في البلاد، داعية جميع الدبلوماسيين الأجانب إلى عدم التحرك إلا في إطار المناطق المؤمّنة لمنع حدوث أي خرق أمني.

ولفت الحميدي إلى أن "الوسيلة الأنجع التي يعتمدها تنظيم القاعدة في عمليات التمويل هي إختطاف السياح الأجانب وطلب فدية لإطلاق سراحهم"، وأشار الى أن "تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي حصل على ما يقارب من 14 مليون دولار أميركي كفدى مقابل مختطفين بالمنطقة، و هو ذات الأمر الذي يتبعه تنظيم القاعدة في اليمن، وأشار إليه عدد من قادة هذا التنظيم في خطاباتهم الأخيرة".

ورغم التعهّدات الحكومية بمقارعة التنظيم والحد من سطوته في اليمن، إلا أنه وجد في عمليات إختطاف الأجانب الحل الأنجع لاستمرار نشاطه عقب حصوله على ملايين الدولارات بعد كل عملية خطف ينفذها تنظيم القاعدة في اليمن الذي ينظر إليه مسؤولون أميركيون على أنه أخطر فروع تنظيم القاعدة في العالم. 

زر الذهاب إلى الأعلى