فضاء حر

وطني لذة في القيود

الخوض في تصنيف وتفنيد الحالة اليمنية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا يحتاج إلى استحضار كُل الأوجاع الوطنية وكل الشهداء الذين قضوا نحبهم بحد سيف الجلاد دون أن يتحقق الحد الأدنى لحلمهم وكرامتهم التي فقدوها في بلد تأكل أبناءها ليلا وتطعن في كرامتهم في عز النهار .

الحديث هنا يطول عندما نتحدث عن سياسة البيع والشراء للكائنات الإنسانية والكيل السياسي المصحوب باللعنات والشتيمة والاحتقار بمجرد أن تكون خارج قطيعهم الديني والسياسي والحزبي .

أن تكون يمني يتطلب ذلك جُهد ووقت كبير حتى تقنع من يقع في دائرة فلكك أنك على أيمانهم وعلى عهدهم المقيت .

ولأننا صرنا نعرف كيف نتحاور في الظلام وكيف نجيد ألعاب الخداع كخيانة لحق الغد صرنا لا نكترث إلا لقراءة المصالح الانتهازية كطُهر وحالة نقاء وحس إنساني ووطني كي نستأصل أي رُوح وطنية تنادي بتغيير قوانين اللعبة السياسية والوطنية كند بين طرفين متصارعين ينادي كلاهما بإعادة التكوينات البيولوجية للقبيلة وتوظيفها سياسيا للقضاء على أي بوح مُمكن من الحرية والديمقراطية وذلك كي يستمر مُسلسل الهزائم والضربات وجُرعات الألم وتتكاثر هذه الكائنات على مُستوى كُل الأصعدة الوطنية لإعادة إنتاج وطن أو حزب أو قبيلة لا تتسع أو تتكاثر إلا على ضوء ضرب من القوة والجلد لتأسيس إمبراطورية تفوز وتنتصر لحُلمهم القبيح .

هذا التحرير من الشمال للجنوب ومن أقصى اليمن إلى أدناه لتقوية مراكز القوى من جديد مصحوبة بهيلمان سياسي وديني ولتحويل الوظيفة العامة إلى بؤرة فاسدة تنطلق من مفهوم التصنيف الضيق على حساب الحزب والطرف الأقوى في الحُكم لإعادة المستنقع الآسن والبركة المسمومة بما فيها من طُفيليات وحشرات ضارة وربما نافعة إلى المُقدمة والواجهة السياسية كما يُصورون لنا كي ينتجوا الدولة المدنية ويصنعوا من أنفسهم ثوريين عظام ينتمون إلى جيل جيفارا الجديد .

كدُروس أخيرة في قاموس الحُكم النبيل نأمل أن يتحول إنجاز التحول الذاتي إلى إنجاز وطني يُشعشع في سماوات أكثر حُرية تتسع لكل اليمنيين بمُختلف توجهاتهم كي تختصر حُلم ما فتى ينضب للمطالبة بدولة مدنية حقيقية خارجة عن لعص احذي القبيلة وحُكم مدني ينتصر للإنسان .

وذلك كي تنهار الأصفاد والقيود وتتحرر اللغة من سجانيها والوطن من جلاديه فلا يوجد أفضل وألذ من قُيود الوطن في حضرة الحُكم والحاكم العادل والقانون المجيد .

أخيرا أُذكركم بما قاله الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش :
((وطني لذة في القيود)) .

زر الذهاب إلى الأعلى