قضية اسمها اليمن

جرحى الثورة.. الدود تغزو أجسادهم والجوع يطحن أسرهم

المستقلة خاص ليمنات

حملوا أرواحهم على أيديهم ومضوا لا يبالون إن كانوا شهداء أو سالمين أو جرحى.. فكتب لهم القدر الثالثة.. إنهم جرحى ثورة التغيير السلمية الذين كان لهم فضل كبير في سير الأحداث التي طغى عليها طابع الموت والقنص والاستهداف.. بهم تغيرت موازين القوى- وبشجاعتهم تم تشكيل ما يسمى بحكومة الوفاق التي صعدت على دماء الشهداء وجراح الجرحى.. وفي نهاية الأمر وجدوا أنفسهم غرباء في وطن هو وطنهم وإثر ثورة هي ثورتهم.. تركهم الجميع في ظلمة الألم والاهمال يتوسدون جروحهم وينكفئون على وجعٍ لا يبارحهم بل يلوح الموت لبعضهم وكأنه القدر الأقرب إليهم من كل شيء.. جراح البعض خطيرة، وتعرض البعض لمضاعفات أخطر تكاد تلتهم أجسادهم، وبعضهم يعاني من تآكل العضو المصاب ويخشى عليه مما هو أشد خطورة.. جاءت تقارير المستشفيات المحلية تؤكد على ضرورة السفر بهم إلى الخارج لإنقاذهم وعلاجهم.. طرقوا أبواب المكاتب المختصة ومنها مكتب توكل كرمان فضلاً عن الجهات الرسمية.. ولم يخرجوا سوى بنتيجة واحدة “المنح العلاجية تصرف وفقاً للمحسوبية والوساطة وتخضع لمعيار التمييز والمفاضلة غير العادلة، ومن ليس له وسيط أو قريب فليس عليه سوى تحمل آلامه ومكابدة وجع الجراح ومضاعفاتها إلى أجلٍ غير مسمى”.. قبل أيام خرج عدد من الجرحى الراقدين في المستشفى الميداني بصنعاء إلى ساحة الحرية أمام مجلس الوزراء عسى أن تراهم الحكومة ورئيسها عن قرب ويسمعون صوتهم بوضوح ويضعون لهم حلاً عاجلاً ينقذهم من المخاطر التي يواجهونها.. المستقلة تابعت رحلتهم من الساحة إلى الساحة، ونقلت بعض الأصوات المعبرة عن هذه المأساة الإنسانية المؤلمة:


علي: تعرضت رجلي للبتر  و عائلتي تصارع الجوع

“علي” جريح مسن أيضاً تعرض لطلقة نارية في إحدى رجليه، مما أدى إلى بترها كان العائل الوحيد لأسرته التي أصبحت تتجرع الآن ذل الفقر والجوع.. فيما الحكومة لا تقدم الدعم المفترض لجرحى الثورة يقول علي: أصبت بطلقة نارية في رجلي واستدعى الأمر إلى بترها والآن أنا لا أستطيع العمل، وحالتي سيئة جداً ولا أستطيع أدفع إيجار البيت ولا أستطيع إعالة أسرتي.. لا يحصلون إلا على وجبة واحدة في اليوم يأكلونها مع الناس وضعي سيء جداً فلماذا لا يتم الاهتمام بالجرحى ورعايتهم.. أليس هذا من حقنا كيف يتركونا في هذا الوضع البائس..

عادل: أجريت لي 5 عمليات في اليمن

وإصابتي لم تزل خطيرة

أصيب الجريح عادل سيف في 28/6/2011 في ذراعه اليسرى يشرح حالته قائلا: “أصبت بيدي وأجريت لي 5 عمليات في اليمن لكن الإصابة ما تزال خطيرة، وتستدعي سفري للخارج، كان أسمي يطلع ضمن المشمولين بمنح السفر للعلاج، غير أنهم كانوا يستبدلون اسمي بشخصٍ آخر خصوصاً عندما كنت في تعز.. وعرفت أنهم استبدلوا أسمي، أصيب بعضهم مثلاً في “مقوات” وتم علاجهم في الخارج بالوساطة، أما نحن الذين أصبنا من أجل الثورة لم نزل نطالب رئاسة الوزراء بعلاجنا والتوقف عن اهمالنا”.


يوسف: أنا أشتي علاج


يكاد الجريح الشاب يوسف محمد أن يفقد صبره الطويل على الآلام والجراح التي جعلته مقعداً عاجزاً عن السير على قدميه.. يجلس على كرسي متحرك أمام بوابة مجلس الوزراء متأهباً لإسماع صوته بقوة.. كان يبدو أنه ساخطاً جداً حيث رفض الحديث قبل أن يعلم أنني من المستقلة، معتبراً أن وسائل إعلام محسوبة لأحزاب تزايد بقضية الجرحى وتتعامل بازدواجية معهم، قال عبارة مختصرة لكنها تفي بالغرض: “أنا أشتي علاج”.. كلمات قليلة لكنها تجسد معاناة الجرحى الذين يتعرضون للإهمال ولا يجدون العلاج أسوة ببعض المحسوبين على أحزاب سياسية وشخصيات نافذة.. والذين حصلوا على منح علاجية رغم أن بعضهم حالاتهم لا تستدعي ذلك..


المالكي: العملية الأولى فشلت ووعود  العلاج بالخارج لم تتحقق


الجريح محمد أحمد المالكي تعرضت ساقه اليمنى لطلقة نارية في 5/9/2011م، واجريت له عملية بعد إصابة العظم بتهشم وبالتالي أصبح ناقصاً.. وبعد أن تم خلع المسامير تأكد أن العملية كانت غير ناجحة وأجريت له عملية أخرى حيث أكد الأطباء حاجة الجريح لزيادة العظم الناقص.. وعدوه في البداية بالوفد الطبي التركي.. ثم وعدوه بالسفر إلى الخارج حيث تم تسجيل اسمه في الدفعة الأولى غير أن جرحى هذه الدفعة سافروا ولم يتم استدعاؤه.. وعدوه في الدفعة الثانية، ثم الثالثة.. وحتى الآن بعد مرور سنة لم يحصل على المنحة العلاجية.. ناشد الجريح المنظمات الإنسانية والدولية، ورئيس ما يسمى بحكومة الوفاق العمل بسرعة من أجل علاجه وعلاج بقية جرحى الثورة الذين يعانون من الاهمال ومضاعفات خطيرة قد تعرض حياتهم كلها للخطر..


فارع:  الألم يقتلني ولا أحصل على المهدئات إلا بشق الأنفس


يبدو الجريح المسن “عبده فارع” من أخطر الحالات بين الجرحى، بعد تعرضه لشلل غير تام مصحوب بآلام لا تحتمل حتى تعرض ظهره للتآكل بسبب عدم قدرته على الحركة.. يروي قصته قائلاً:

“أنا جريح من جرحى الثورة الشبابية السلمية مر على إصابتي سنة وأسبوع، حيث أصبت بتاريخ 18/9/2011م.. بمجزرة جولة النصر (كنتاكي سابقاً)، بطلقات نارية.. وأنا الآن أعاني من الشلل شبه التام.. توجد حركة خفيفة مما جعلني أشعر بالألم والوجع ليل نهار حتى هذه اللحظة.. لا أستطيع الحصول على العلاج المطلوب.. حتى المهدئات الخاصة بالألم لا أجدها إلا بشق الأنفس، بعد أن أطلع وأنزل (15) مرة وأكثر، لا أستطيع الجلوس ولا التوازن، حتى أن ظهري أصبح كله جراحاً متقيحة وفي حالة سيئة بسبب النوم المستمر عليه.. وما أوصلني إلى هذا الحال هو الاهمال”..

وأضاف الجريح المسن بنبرة مؤلمة تثير الأسى والحزن: “احنا خرجنا في ثورة سلمية وبعد مرور سنة وأكثر على خروجنا مازلت أكابد آلامي وجراحي.. عندي تقارير من مستشفى الثورة ومستشفى العلوم.. ولا يوجد لي هنا أي علاج.. حيث تؤكد التقارير ضرورة علاجي بالخارج” ويؤكد “فارع” هناك تميز بين الجرحى، بعضهم تم تسفيرهم للخارج.. هناك وساطة وشخصنة.. أما المسكين فإنهم يهملونه أو يتركونه ليموت وحيداً.. أنا أرقد في المستشفى الميداني.. ورغم المواعيد المتواصلة بتسفيرنا ليس هناك فائدة..” ويطرح تساؤلاً بنبرة ألم وبؤس: “هل 

زر الذهاب إلى الأعلى