للشهداء “كرامة”
يمنات
مذبحة "جمعة الكرامة" لا يمكن نسيانها.. حين أطلق المتوحشون النار على المصلين في ذلك اليوم كانت اليمن تهتز لهذا الفعل الاجرامي العنيف.. شهداءنا سقطوا في لحظة انتفاضة ثورية قوية كانت تصرخ ضد الظلم والطغيان وتنادي ببناء الدولة المدنية الحديثة.
كانت الثورة في بدايتها تؤسس لمرحلة جديدة وكان الثوار يتطلعون فيها إلى بناء يمن ليس فيه نافذين ولا فاسدين ولا متسلطين، وكانت ساحة التغيير بصنعاء هي المكان الذي احتشد فيه الأحرار من كل صوب وحدب.
المتوحشون وحدهم من حاولوا إسكات تلك الأصوات الطاهرة.. حاولوا إسكات الضمير الحي الذي كان يزلزل عرش الحاكم الطاغي.
اليوم وبعد مرور عامين على هذه المذبحة.. يتسكع المجرمون بكل حرية في أزقة وشوارع العاصمة بدون حياء دون محاكمة أو محاسبة، فيما تواصل أسر الشهداء البكاء والعويل، ليس لسقوط أبناءهم شهداء، ولكن لضياع قضيتهم التي خرجوا من أجلها.
إنها بالفعل "مذبحة بلا عقاب" كما وصفها تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش، إذ كيف لهذا الحدث الإجرامي الكبير أن يمر مرور الكرام دون القبض على كبار المسؤولين المتورطين في تلك الجريمة؟
من حق أسر الشهداء أن يعرفوا من قتل أبناءهم.. لم يكونوا في معركة مسلحة أو اشتباكات قبلية أو قتلوا في حادث سير مروع أو برصاص طائش، بل أصابتهم رصاصات الغدر والخيانة وهم يبتهلون إلى الله بخالص الدعاء أن يخلصهم من حاكم جبار جثم على صدورهم طيلة33 سنة.
من حق أسر الشهداء أن يعرفوا من الذي خطط لهذه الجريمة ومن الذي نفذ، ومن الذي اعتقل، ومن الذي أفرج عن المتوحشين؟
الجرم الكبير الذي ارتكبته حكومة الوفاق أنه وبعد مرور عامين من تلك الجريمة لم تكلف نفسها عناء فتح تحقيق حول هذا الحادث- طبعاً تحقيق عادل ونزيه- وكأن هذا الجريمة أريد لها أن تظل من ضمن الملفات المنسية التي لا يمكن الحديث عنها!
رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي هو الآخر لم يكلف نفسه عناء كتابة خطاب صغير يواسي أسر الشهداء ويعدهم بعدم نسيان قضيتهم، ربما كان عليه أن يستحضر هذه المذبحة في خطاباته القادمة بمناسبة تدشين جلسات الحوار الوطني.
صحيح أن هناك معتقلين على ذمة هذه القضية لكن الجناة الحقيقيين مايزالوا فارين من وجه العدالة، و مع ذلك لم يتم استجواب القادة الأمنيين الكبار المتورطين في هذه الجريمة.
سيظل القاتل تطارده لعناتنا في كل يوم.. وسنظل ندعو الله باستمرار أن يتقبل الشهداء في جنات الخلد.. التحية لشهداء جمعة الكرامة.. اللعنة على القتلة.