أخبار وتقارير

الجند صار مزاراً للبيع والشراء ومضغ القات.. وزائر رأى في منامه أن رأية الخلافة تخرج من مسجده

المستقلة خاص ليمنات

جامع الجند له ارتباط وجداني وخصوصية لدى الكثير من اليمنيين الذين يؤمون هذا المسجد من مختلف المحافظات اليمنية وخاصة في شهر رجب والجمعة الأولى منه، فماذا يقول الزائرون لهذا المسجد في هذه المناسبة هذا ما سنقرأه في هذا التحقيق

الجبري: أسرتي ليس لها بيت وتربينا بالمساجد

< أحمد محسن الجبري :  أنا الأصل من خولان.. الأسرة كلها تربت بالمساجد.. الوالد مات بمكة المكرمة.. وأنا أتمنى أن أموت في بيت من بيوت الله لأنني عشت حياتي بدون بيت متنقلاً من مسجد إلى مسجد على مستوى الجمهورية طلباً للذكر..  منذ فترة أحضر إلى هنا، وليس حضورنا -كما يقولون- لنيل أجر حجة وعمرة هذا الاعتقاد غير صحيح وإنما حضرنا إلى هنا إحياءاً لذكرى رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه، نحن لم نكن نعلم أن هناك نبياً بمكة اسمه (محمد) إلا بعد أن قدم إلينا هذا الصحابي الجليل.. قدم على ناقته وكانت مأمورة من الله عز وجل وعندما وصلت الناقة إلى هنا بركت فبنى المسجد.. واجتماعنا هذا يمثل بالنسبة لنا كعيد اسلامي.. أليس هذا اليوم (جمعة رجب) عيد غالي على كل أبناء اليمن.. وإذا ما قارنا الأعياد التي تقام وتحتفل بها مثل عيد سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وفبراير وعيد الشجرة و…إلخ. لوجدنا أن هذا العيد أفضل الأعياد.. عيد لا نخسر فيه شيئاً.. نجتمع فقط لإحياء ذكرى أول يوم اعتنق فيه اليمانيون الإسلام على يد الصحابي الجليل معاذ بن جبل.. نحن نحتفل بذكر الله ولا إله إلا الله التي لو وضعت في كفة والسموات والأرض بكفة لرجحت.. نحن ندندن حول هذا.. نقرأ القرآن وسيرة الحبيب الأعظم ونعتكف بالمسجد من بعد صلاة العشاء إلى الصبح- بالصرح ونغلق المسجد لأن هناك ناساً يخزنون- أما النساء فإن لهن قسماً خاصاً بهن ونقضي هذه الليلة – رجالاً ونساء في قراءة أنواع من الموالد تردد بصوت جميل:

دع الأيام تفعل ما تشاءٌ.. وطب نفساً إذا حكم القضاء

الله يالله.. لا إله إلا الله.. الله يالله

ولا تجزع لحادثة الليالي.. فما لحوادث الدنيا بقاءٌ

الله يالله.. لا إله إلا الله.. الله يالله..

ما اجتمع قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، ومن السبعة الذين يظلهم الله رجل قلبه معلق بالمساجد فما هو البدعة في ذلك ?!

نأتي لإحياء هذا اليوم وليس للحج والعمرة

< علي محمد مهيوب- من جبل حبشي- 70 عاماً- تحدث عن جمعة رجب: “أنا احضر هنا منذ 15 سنة.. أصل يوم الخميس وننام هنا ونصلي الجمعة وبعد الصلاة نمشي على طول. نحن نحضر لإحياء ذكرى قدوم الصحابي الجليل معاذ بن جبل الذي ارسله رسول الله (ص) إلى اليمن.. لقد بنى هذا المسجد وبقي فيه سبع سنوات يعلم ويرشد وعلى يده تخرج العلماء الأفذاذ الذين نشروا العلم في كل مكان حتى خارج اليمن ، وحضورنا إلى هذا المسجد يأتي من اتصالنا الروحي بديننا الاسلامي المتمثل بإقامة الفروض والعبادة، ونجتمع على ذكر الله أما الذي يقول أننا نحج أو نعتمر هذا كلام فاضي، وكلما طال العمر ودارت الأيام وأقبلت ذكرى رجب نحس بالرغبة للحضور.. نحن لا نأخذ من أحد شيئاً ولا نعطي أحداً شيئاً نأتي فقط لإحياء هذه الذكرى الغالية في قلوبنا وبعد الصلاة كل واحد يرجع بلاده.


تشابه الاحتفال بين المسجد الأموي ومسجد الجند

< الخضر السوري أحد السوريين القادمين إلى اليمن هو وأسرته بسبب الحرب قدم من صنعاء إلى الجند للمشاركة بجمعة رجب وبيع المسابح الثمينة التي يقوم بنحتها وقد تحدث عن المناسبة بقوله: “عاداتكم مثل العادات التي عندنا بالجامع الأموي.. في تقارب.. موالد وذكر الله فقط تختلف اللهجة واللفظ.. عندنا موالد عدة مثل النقشبندية والقادرية والرفاعية وأهل الدوسة..” وأنا من ريف دمشق حي (الطيبة زينب)  بنت الرسول محمد (ص) زينت التي عندنا بنت الإمام علي بن أبي طالب، والإمام الحسين بمصر، والحسن بالمسجد الأموي.. عندنا أيضاً كثير من المساجد الأثرية في مسجد (بباب الجابية) صغير.. اقدم مسجد بأخذ 20 أو 25 واحد.. نحن في الجامع الأموي نحتفل بالمناسبات الدينية مثل المولد النبوي ويوم عاشوراء..”


الاحتفال ارتباط الحاضر بالماضي

< عبدالله صلي- من الحديدة- 25 سنة.. تحدث عن جمعة رجب قائلاً: “أنا أحضر كل عام ولكن ألاحظ أن الإقبال في العام الماضي كان أكثر.. الناس هنا من كل مكان يأتون لإحياء ذكرى قدوم الإيمان إلى اليمن على يد سيدنا معاذ بن جبل.. قال له النبي صلى الله عليه وسلم ستأتي إلى قوم أهل كتاب، فما كان منهم إلا أن آمنوا بدون السيف واستبشروا بقدوم سيدنا معاذ.. كان وصوله في رجب لذا فالناس في هذا اليوم جميعهم- الصغير والكبير- يفرحون بذكرى وصول معاذ بن جبل وبناء الجامع.. هذا الجامع- مسجد الجند- الذي له اثر تاريخي قديم وإليه يتوافد الناس لإحياء هذه المناسبة ولإحياء هذه الذكرى لربط الماضي بالحاضر والغرض من تواجد الناس هو توحيد الصف والكلمة والتعبير بالفرحة لهذه المناسبة..


لم انقطع عن زيارة الجند

< علي أحمد حسن الشرعبي من قرية (العربة) 95 عاماً.. قال: “احضر هنا منذ فترة.. بالسنة مرة.. لقد طال عمري، ماتوا أولادي كلهم، وأعيش مع أولاد أولادي، رغم ذلك لم أنقطع عن هذا اليوم من زمان، لكن العلم اندثر والدين قل في قلوب الناس في زماننا هذا.. زمان كنا نقرأ  دائماً وباستمرار متواصل رجب وشعبان ورمضان ونعمل موالد وإذا كان هناك موت يجلسوا شهرين ثلاثة خمسة والجميع ييبكون ويخشعون أما هذه الأيام فلم نعد نرى ذلك وقد تتساءل وتقول لماذا آل الحال إلى هكذا؟! قست القلوب لا حول ولا قوة إلا بالله.. هذه الأيام عندما يحضرون للعزاء يجلسون يمضغون القات ويتبادلون النكت.

كل سنة يأتي لبيع السمسمية

< علي أحمد خضر.. من طور الباحة- تحدث عن المناسبة بقوله: “أنا قدمت إلى هنا أول أمس.. كلنا هنا أصحاب السمسمية من طور الباحة من قرية واحدة.. وفي كل سنة أحسب حساباً موقوتاً لهذا اليوم عيد جمعة رجب واحضره هنا للمشاركة والبيع.. الحمد لله طلبنا الله”..

راية الخلافة تخرج من جامع الجند

< أمين محمد ناجي أبو عبدالله، أبو نصر الله أبو فتح الله رفض التصوير وقد تحدث بشكل مختصر قائلاً: “رأيت أني إمام في مسجد النور في إب ثم رأيت أني إمام بمسجد الجند ثم رأيت رؤية أخرى أني أقول خلافة خلافة لا خلاف ثم رأيت المدينة سقطت فنظرت فلم أجد خراباً ولا غباراً ولا دخاناً، ولكن وجدت الناس يخرجون من بيوتهم رجالاً ونساء، صغاراً وكباراً وهم يقولون خلافة خلافة لا خلاف.. ثم رأيت جنوداً وهم يقولون خلافة خلافة لا خلاف.. أي أنه لن تقوم لنا قائمة إلا بتوحيد الصف ويكفينا أن الداعي لأبي عبدالله المهدي انطلق من هذا المسجد بعد مائة سنة من الهجرة..


ضارب الطار

< ضارب الطار أو الدف: أحمد منصور سعيد الزمر من حبيش تحدث قائلاً: “أنا أحضر إلى هنا كل سنة.. شيخي وسيدي علي بن محمد الأهدل وأنا خدامه ومن تلاميذه.. نحب ذكر الله.. احضر هنا لإحياء ذكرى قدوم معاذ بن جبل إلى اليمن.. أشارك في قراءة الموالد ودق الطار”.


نبذة تاريخية عن الجند

جامع الجند في اليمن… حيث بركت ناقة معاذ بن جبل الجند مدينة يمنية قديمة تقع إلي الشمال الشرقي من تعز، وهي تنسب إلي جند بن شهرات بطن من المعافر ، وكانت الجند من أهم المخاليف في اليمن

وفي هذه المدينة الصغيرة جامع يعتبر من المساجد الأولى   التي بنيت في اليمن في صدر الإسلام وبالتحديد في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حيث بعث بمعاذ بن جبل إلى اليمن في العام السادس للهجرة ليعلّم أهل البلاد القرآن الكريم وأحكام الشريعة الإسلامية. وهذا المسجد العتيق شأنه في ذلك شأن مساجد اليمن الأولى لم يبق من عمارته الأصلية إلا الرقعة الصغيرة التي كان يشغلها المسجد وقد أدخلت في مساحته الحالية. قد أعيد بناءه على يد القائد الحسين بن سلامة، ثم جدده الأمير المفضل بن أبي البركات بن الوليد سنة 408 هـ أي في عهد الدولة الصليحية التي كانت على صلات وثيقة مع الدولة الفاطمية  لعلة الانحياز المشترك لمنصب الشيعة الإسماعيلية، وقد تناولت تجديدات الأمير الصليحي البناء بالحجر المنقوش واللبن المربع. ولكن هذا الجامع

تعرض لحريق هائل في عام 543هـ عندما هاجم الجند وحاصرها المهدي بن علي صاحب زبيد الذي قتل العديد من أهل المدينة رمياً في بئر المسجد. وتصدى لعمارته فيما بعد السلطان  سيف الإسلام طغتكين بن أيوب في سنة 603 هـ (1206م)  وشملت أعماله زخرفة الجامع بالجص وتزيين السقف  باللازورد وماء الذهب وتجديد الأروقة في الأضلاع الشرقية والغربية  والجنوبية.

وفي عام 626هـ (1228م) أمر الملك المسعود آخر ملوك بني أيوب في اليمن بهدم أعمال طغتكين السابقة وإعادة تجديد الجامع، على الرغم من مرور البلاد في عهده بضائقة اقتصادية.

وواصل سلاطين بني رسول عناية حكام الجند بهذا المسجد القديم وكانت أهم الأعمال المعمارية في دولتهم تلك التي أمر بها السلطان الأشرف بن إسماعيل في عام 793هـ (1390م) وذلك في إطار عمارة كبيرة شملت سور المدينة.

ونتيجة لتتابع أعمال الترميم والتجديد، فإن هيئة جامع الجند تبدو مختلفة كلياً  عن الأصل القديم، حيث يشغل الجامع اليوم مساحة مستطيلة (حوالي 4365 مترا مربعا).

زر الذهاب إلى الأعلى