فضاء حر

لولا عبد الحبيب سالم لما كنت اشتراكيا !!

يمنات
“لا يمكن الفصل بين الموقف والنظرية فالموقف في أي امر أو رأي أو اتجاه ليس شيئا يستحق الاهتمام ان لم يكن له سند من فكر نظري أو قاعدة مبدئية ينطلق منها… ويقال في الجانب الاخر، الاخذ بنظرية معينة في مسالة ما هو بذاته موقف”.
أي ان بين الموقف والنظرية علاقة جدلية، وهذه العلاقة تؤكد عدم امكان الفصل بينهما. اذ لا يمكن الفصل بين موقف فقيد الصحافة اليمنية عبد الحبيب سالم مقبل وبين النظرية الاشتراكية التحررية التي ترفض مبدأ الاستسلام والخضوع.
هذه النظرية الاشتراكية لم تكن ناتج عن افرازات الحرب الباردة في القرن الماضي كما قد يظن قارئ هذه السطور، لكن هذا الموقف وهذه النظرية كانت نابعة طبيعية شكلتها تضاريس وجداول وقلاع تعز في تسعينات القرن الماضي، و خطها ورسم معالم طريقها القلم الذهبي للفقيد عبد الحبيب سالم..
كان عبد الحبيب بالنسبة لشباب التسعينات مدرسة فكرية قائمة بذاتها تجسدت بالفكر الاشتراكي الاجتماعي الخالي من التعقيدات الايدلوجية.. وقد شكلت مقالات عبد الحبيب حالة تحول داخل الحزب الاشتراكي في ذلك الحين وتحويله من حزب ايدلوجي الى حزب جماهيري..
كما خلقت مقالاته التفاف شعبي وجماهيري للحزب الاشتراكي في المحافظات الشمالية التي كانت محكومة من قبل القوى التقليدية.. قال لي أحد الاصدقاء بأن بداية التسعينات كانت اهم مرحلة من مراحل حياته لما اتسمت به من حراك فكري وثقافي، و يعتبر هذا الصديق مرحلة التسعينات هي من رسمت له معالم الطريق، مرجعا هذا الفضل ل”عبد الحبيب سالم”، و يقول (لولا عبد الحبيب لما كنت اشتراكيا)..
يبدو أن هناك وجه تقارب وتشابه بين الصحفي عبد الحبيب سالم والصحفي عبدالله باذيب باعتبارهم اعظم رجلان في تاريخ الصحافة اليمنية، حيث استطاعا ان يجسدا رؤيتهما بمواقف شجاعة ودافعا عن مصالح الملايين من الفقراء والمضطهدين وانحازا الى صفوف البسطاء من الناس وقارعوا الطغاة والمستبدين.
و تعتبر فترة الستينات اهم مراحل حركة التحول في تاريخ الحركة الوطنية اليمنية، كما يعتبر باذيب ابرز رواد الحركة التقدمية الذين نشروا الفكر الاشتراكي العلمي.
كما يعد عبد الحبيب سالم ابرز من اسهموا في نشر الاشتراكية الاجتماعية، و كان من دعاءة الديمقراطية الاجتماعية وهي ضمن الاصلاحات التي اتخذتها العديد من الدول الاشتراكية في تسعينات القرن الماضي.
و كان عبد الحبيب ينطلق من شعار (الديمقراطية كلمة مرة) كما كان باذيب ينطلق من شعار (يمن حر ديمقراطي موحد) وكليهما كانا يسعيان الى تأسيس دولة ديمقراطية قائمة على التعدد الحزبي والتداول السلمي للسلطة، ودولة النظام والقانون والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية بحيث لا تهيمن على هذه الدولة الزعامات القبلية والدينية والقيادات العسكرية، دولة تقرر جماهير الشعب اليمني مسارها ومستقبلها ومصيرها..
رحم الله صاحب الكلمة المرة الذي هز عرش الطاغية.

زر الذهاب إلى الأعلى