فضاء حر

الثورة اليمنية بين الارتهان والمحاصصة..!!

يمنات
تعرف الثورة بانها اجتثاث نظام وإقامة نظام آخر بأي شكل من الأشكال وبغض النظر عن أن ذاك النظام كان فاسدا أو صالحا ولكن الثورات عادة لا تقوم إلا ضد أنظمة فاسدة، وعليه بعد قيام الثورة وإسقاط النظام تقوم الثورة وبشكل جدي بتصحيح أوضاع خاطئة ووضع منظومة جديدة لنظام جديد اكثر عادلا والبدء بتأسيس دولة حقيقة أخرى.
والمتأمل في طبيعة ما يجري في بلادنا وللأسف الشديد يجد انه عبارة عن صراع مستمر ومستميت على كراسي الحكم الملعونة ومتاجرة بدماء البسطاء لأجل تحقيق مصالح شخصية وسياسية لا تمت للثورات بأي صلة ولا علاقة لها بالتغيير والتجديد.
في ال(11) فبراير قامت ثورة وتم تفريغها من محتواها بحماية مسلحة ومتاجرة بالدماء للوصول إلى اتفاقات وتسويات ومحاصصة ومشاركة ودارت أحداثها إلى أن وصلت القوى السياسة الفاعلة في ذالك الوقت إلى ما ترنو إليه من مكاسب سلطوية .. والآن يتم تفريغ الثورة بنفس الطريقة حيث تحول الفاعل غير الرسمي في اليمن وهي الحركة الحوثية آن ذاك إلى فاعل رسمي وقوي اليوم بعد دخول مسلحيه صنعاء والسيطرة عليها من خلال مسلحين باسم اللجان الشعبية وإسقاط خصومهم السياسيين بقوة السلاح وموافقة الدولة والتعاون مع عناصر من النظام السابق للتخلص من علي محسن وحميد الأحمر بطريقة مهينة لهم وكسر شوكة أسرة سيطرت على حكم اليمن على مدار الخمسة العقود السابقة وتم الاتفاق والتوقيع على ما سمي باتفاق السلم والشراكة بعد نهب مسلحي الحركة معسكرات الدولة وسلاحها الذي هو أساساً ملك للشعب وليس لعلي محسن أو حميد الأحمر أو غيرهم باعتبار إن ذاك السلاح غنائم حرب.
وهكذا لا تم إسقاط نظام ولا محاسبة فاسدين فأي ثورة تلك التي تتاجر بدماء البسطاء وتوقع اتفاقات سلم وشراكة ؟؟!!
والان وبعد التوقيع نجد ان النتائج لم تكن بالشكل المطلوب والتي طمحت إليه جماعة الحوثي من تعيين رئيس للحكومة يسير على هواها فما كان منها إلا إخراج الناس من جديد إلى الشوارع وسفك دماء يمنية جديدة للوصول إلى ما يريدون غير مبالين بالتبعات الكارثية التي لحقت بأباء وأمهات تألموا لفقد أطفال لا ناقة لهم ولا جمل في حروب الكراسي الدائرة في بلدي أطفال يتموا ونساء ترملت.
كان الأجدر بالجماعة المدعية أنها ثورية أن تسقط النظام وتشكل مجلس رئاسي ومجلس عسكري لإدارة البلاد وتأمينها بدل خطابات لا معنى لها على شاشات التلفاز .. كان الأجدر بعبد الملك الحوثي أن يظهر على شاشات التلفاز ليقول للناس انه تم إسقاط النظام ووضع رئيس الجمهورية قيد الإقامة الجبرية وتعطيل العمل بالدستور وحل مجلسي النواب والشورى وتشكيل مجلس رئاسي يقوم هو بتشكيلة ومجلس عسكري أيضا وإعلان دستوري مؤقت وإعلان الفترة الانتقالية الجديدة بمدة محددة وجدول زمني محدد لصياغة دستور جديد واستفتاء شعبي عليه والدعوة إلى انتخابات رئاسية ونيابية وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية حقيقة ويطالب جميع القوى الموجودة على الساحة بتنفيذ أوامر اللجنة العسكرية لحفظ امن وأمان البلاد وتسليم اللجنة كل الأسلحة المنهوبة من قبل جماعته.
أما تلك الخطابات التحريضية وتأجيج الوضع وسفك المزيد من الدماء لا يذكرني إلا بما كان يفعل أسلافه خلال الأعوام الأربعة الماضية ..انه لم يأت من اجل الشعب المتحدث باسمهم، وانما من اجل الكراسي والكراسي فقط، وتستمر حكاية الثورة والكراسي جميعهم عملاء ومرتهنون للخارج الكل ينفذ أجندة خارجية والمأساة ان كل طرف يتهم الأخر ويتهم الخارج .. يريدون تحقيق أهداف على حساب البسطاء والجلوس على الكراسي لممارسة الفساد وتحقيق مصالح خاصة والنيل من الخصوم، وكل ذلك تحت مظلة النظام الفاسد والسابق وبذريعة إن كل شيء يأتي بالتدريج.
وعليه اقول: الثورات لا تنتظر الحلول من الخارج، الثورات لا تنتهي بتوقيعات ومبادرات ومحاصصات وشراكة الثورة دائما تنتصر للشعوب وتحقق احلام البسطاء ولا تسفك دمائهم.

زر الذهاب إلى الأعلى