فضاء حر

الثورة قادمة فلا تحتفلوا كثيراً بالانقلاب

يمنات
الانقلاب بالنسبة لي ليس على مؤسسات الدولة فقد تم الانقلاب عليها وعلى دورها منذ زمن طويل ومن مختلف التيارات التي حكمت وجيرتها لمصالحها الحزبية والشخصية، والانقلاب الأهم هو ما تم على التوافق السياسي الذي كان قاب قوسين أو أدنى في الموفمبيك، وكانت اغلب القوى قد وافقت على ما يشبه الإعلان الدستوري لكن بإخراج وطني.
ولا أخفيكم أني أتمنى من سلطة الأمر الواقع الجديدة أن تنجح في تطبيق الشعارات التي نادت بها، وعلى رأسها تطبيق مخرجات الحوار واتفاق السلم والشراكة بما يحقق الحد الأدنى من الاجماع الوطني اللازم لإعطاء شرعية للسلطة الجديدة والمضي قدماً في الإصلاحات الاقتصادية وحفظ السلم والأمن الاجتماعي، لكني شبه متأكد من أنها ستفشل فشلاً ذريعاً في ذلك والكتاب يعرف من عنوانه.
ارى الثورة قادمة على السلطة الجديدة – اذا لم تستوعب ضرورة وأهمية الشراكة الوطنية – وفقاً للسيناريو أدنى هذا، وأنا هنا أكشف للأنصار خُطتنا، وأنبههم الى أخطائهم وتجاوزاتهم التي ستقنع الكثيرين للإنضمام لنا كمعارضة للانقلاب الذي حدث على الشراكة الوطنية، وأتحداهم – وأتمنى أن أخسر الرهان- أن يتجنبوا تلك الأخطاء:
1- سيناريو متوقع خلال الأيام القادمة:
– لا تراهنوا كثيراً على صمود محافظة تعز فمصالح نخبها السياسية ووجاهاتها الاجتماعية وتجارها ومستثمريها ستدفعهم للاعتراف بالانقلاب – ضداً على رغبة الغالبية العظمى من مواطني المحافظة – والتراجع عن الشعارات التي رفعوها خلال الفترة الماضية، وسيكونون أكثر تطبيلاً وتمجيداً للانقلاب من أقرانهم في صنعاء.
– سيدخل أغلب أعضاء مجلس النواب الى المجلس الوطني طمعاً في استمرار مكانتهم وحظهم من السلطة.
– ستسارع اغلب القيادات في أجهزة الدولة المدنية والأمنية والعسكرية في المحافظات الشمالية – عدى محافظة مأرب – للإعلان عن اعترافهم بالسلطة الجديدة وسيتعاونون معها.
– ستعلن أغلب القوى السياسية مواقف مراوغة وغير واضحة وستنتظر ما ستسفر عنه الاحداث والتقلبات إضافة الى انتظار الموقف الدولي والاقليمي.
– الموقف الدولي لن يكون مُديناً للانقلاب بشكل حاد ما لم يجد أطرافاً محلية قوية ولها شعبية على الأرض تعلن رفضها له.
– سيتصدى للمعارضة تيار من الكتاب والمثقفين والشخصيات الوطنية المخلصة غير المتخمة بالفساد وتشوهات السلطة.
– الجنوب سيبقى رافضاً للانقلاب ولن يتم الاعتراف بشرعيته في أي محافظة، مع أن بعض الشخصيات الجنوبية ستنظم لسلطة الانقلاب مثلهم مثل الكثير من الشخصيات الشمالية لكن ستبقى الغالبية العظمى من أبناء الجنوب رافضة للانقلاب، وقد تكون غير معنية به على اعتباره قضية شمالية.
– سيضغط المركز على الأطراف مستخدماً الخزينة العامة والمرتبات بهدف اعتراف الاطراف ولو بشكل غير علني بالانقلابيين كسلطة أمر واقع جديدة.
2- سيناريو متوسط وبعيد المدى:
– ستتكاثر أخطاء الانقلابيين وسيتكاثر فسادهم وظلمهم وقمعهم للآخرين.
– سيتم تضييق الحريات العامة والشخصية والسياسية بالتدريج وستخضع أغلب قيادات أحزاب المعارضة وتهادن بما فيها الأحزاب الكبيرة والعريقة، مع أن قواعد تلك الأحزاب سيكون لها موقفاُ مغاير لمواقف قيادتها.
– سيشعر كل من اشترك مع الانقلابيين في السلطة – من خارج دائرتهم التنظيمية العقدية – أنه مجرد “أرجوز” أو “دمية” وأن طفل صغير يتبع الجناح الأمني للحوثيين سيكون صاحب القرار في مقر عمله.
– سيكون هناك فشل اقتصادي وارتفاع في اسعار العملة وبالتالي الأسعار بشكل عام.
– سيكون هناك فشل ذريع وتخبط وارتجالية في ادارة الدولة ومؤسساتها.
– سيكتشف الكثيرين أن التعيينات لم تستوعبهم وأنها اقتصرت بغالبها على المقربين والأحباب والأنساب والأكثر تطبيلاً وتمجيداً للصرخة، وعندما لا يجدون لهم موقعاً سيعيدون تموضعهم.
– ستقتصر المواقع الحساسة والمهمة والشؤون المالية على أصحاب الثقة من العقائديين أو الأنساب والأصهار وعيال العم ورابطة الدم حتى ولو كانوا علمانيين.
– سيستمر الفساد وسيتغول أكثر لكن سيكون مُتدارياً أكثر وستقلل فعالية الاجهزة الرقابية والموانع القانونية حتى يتم تمرير الفساد دون ادانات واضحة.
– سينظم الكثيرين لمعارضة الانقلاب فور يأسهم من الشعارات التي رفعها، ويأسهم من استيعابهم في السلطة الجديدة، وبسبب الممارسات والأخطاء المتوقع ارتكابها.
– سيزداد المتذمرون من السلطة الجديدة لمختلف الأسباب وستنطلق الحركة الاحتجاجية والمظاهرات المنظمة وسيبدأ سيناريو الثورة، وستنظم الأحزاب عند ذلك وتشارك في الثورة، وسنقول حينها “اهلاً بالجميع”، لكن ليس على قاعدة “حيا بهم حيا بهم”، انما على قاعدة تأسيس دولة المواطنة المتساوية، الدولة العادلة التي تكفل حقوق جميع المواطنين بما فيهم الخصوم السياسيين.
احفظوا هذا المقال جيداً.
من: مدونة الكاتب على الانترنت

زر الذهاب إلى الأعلى